اعملوا: أن من أبرز صفات النبل، وسماحة النفس: الإحسان إلى من في حوزة الإنسان ممن كلفه الله -تعالى- بالقيام عليهم بالمعروف، كل بحسب ما تحت يده. والإنسان مأمور شرعا بحسن عشرة زوجته، والقيام عليها، وهو المسؤول عنها، ما دامت في عصمته. كما أن الرجل مأمور بإيصال الإحسان إلى ...
الحمد لله الملك المعبود، واسع الكرم والجود، أحاط بكل شيء علما، وهو على كل شيء شهيد، أحمده لا أحصي ثناء عليه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وصحابته والتابعين.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-، واعملوا: أن من أبرز صفات النبل، وسماحة النفس: الإحسان إلى من في حوزة الإنسان ممن كلفه الله -تعالى- بالقيام عليهم بالمعروف، كل بحسب ما تحت يده.
والإنسان مأمور شرعا بحسن عشرة زوجته، والقيام عليها، وهو المسؤول عنها، ما دامت في عصمته.
كما أن الرجل مأمور بإيصال الإحسان إلى جميع من يتصرف في أمرهم، بل إلى جميع إخوانه المسلمين مهما أمكن ذلك.
فالخادم له حقوق تجب مراعاتها، وبذلها بوجه طلق.
كما أن الأقارب لهم حقوق لازمة على المرء أن يجتهد في بذلها، وخصوصا ما وجب منها بأصل الشرع؛ كحقوق الوالدين، والزوجية، وبقية الأقارب؛ فقد جاء الحديث: "أن الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله".
وأن المومن اليقظ دائما، يحرص على النفع العام، وبذل النصيحة لنفسه، وأهله، وإخوانه، وأقاربه، وجيرانه؛ ففي ذلك حفظ للحقوق، وصلاح للأمة، وضمان لحماية حق الضعفاء، والأقارب، وإبقاء على حبل الألفة والمودة.
عباد الله: إن من أهم ما يلفت النظر، ويخدش الشعور، ما يعامل به بعض الناس ما تحت أيدهم من بهائم، ونسوا أن من لا يرحم لا يرحم، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال : "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحوا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
بل نسوا أن هذه البهائم خلقت لمصالح خاصة لبني آدم، الذي كرمه الله في البر والبحر، ولم تخلق للتعذيب والضرب، وتكليفها فوق طاقتها المحدودة.
وكأن هؤلاء لم يفطنوا إلى أنهم محاسبون عما يرتكبون من مخالفات مع هذه البهائم، ومجزيون على ذلك أشد الجزاء، فقد جاء في الحديث: "أن امرأة عذبت في هرة حبستها لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرص".
وحاء أيضا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر ببعير قد لحق ظهره ببطنه -من الجوع-فقال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في هذ البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها ممالحة".
فأكرموا -أيها المسلمون-: بهائمكم من أي نوع كانت بإعلافها، وسقيها بالمعروف، ولا تجوعوها، ولا تحملوها أكثر من حملها، فإن القلب الحي ليذوب حسرة حينما يري حمارا، وقد كلف بحمل فوق طاقته، أو غنمة لصق بطنها بظهرها من الجوع، فلا تؤذوا هذه البهائم وكونوا رحيمين بها، ولا تحقروا من المعروف شيئا؛ فقد جاء: "أن امرأة بغيا غفر لها بسبب كلب سقته، وهو في حالة عطش شديد، ففي كل نفس رطبة أجر".
(فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزلزلة: 7 - 8].
أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي