إِنَّنَا نَشْهَدُ مُؤَامَرَةً مَكْشُوفَةً وَمَذْبَحَةً مُمَنْهَجَةً لِإِخْوانِنَا أَهْلِ السُّنَّةِ فِي سُورِيَا, فَأَنْواعٌ مِنَ الْقَتْلِ وَالتَّعْذِيبِ, وَأَلْوَانٌ مِنَ النَّهْبِ وَالتَّشْرِيدِ, وَصُوَرٌ حَيَّةٌ تُبَثُّ لِلْعَالَمِ فِي قَتْلِ النَّسَاءِ الضَّعِيفَاتِ, وَالأَطْفَالِ الأَبْرِيَاءِ, وَالشُّيُوخِ الْعَجَزَةِ!!! فَأَيْنَ الضَّمِيرُ الإنْسَانِيُّ كَمَا يُسَمُّونَهُ؟ وَأَيْنَ حَقُّ الإنْسَانِ كَمَا يَزْعُمُونَه؟ إِنَّها لُعْبَةٌ مَكشْوفَةٌ لِتَثْبِيتِ هَذَا النِّظَامِ الْخَاسِرِ وَهَذَا الْحِزْبِ الْجَائِرِ, وَمَا ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَّا لِأَنُّهُ يَحْمِي دَوْلَةَ الْيَهُودِ! نَعَمْ, إِنَّ حَسَنَةَ هَذَا النِّظَامِ عِنْدَ الْغَرْبِ عُمُوماً وَعِنْدَ الأمْرِيكَانِ خُصُوصاً أَنُّهُ صَارَ حِصْنَاً حَصِيناً, وَسَدَّاً مَنِيعاً لِدَوْلَةِ الْيَهُودِ الصَّهَايِنَةِ...
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَدَالَ الأَيَّامَ دُوَلاً بِعَدْلِهِ، وَجَعَلَ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ بِفَضْلِهِ, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةَ خَاضِعٍ لأَمْرِهِ, وَرَاضٍ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِه.
وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ، أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ وَالاقْتِدَاءِ بِهَدْيِهِ، فَصَلاةُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ, وَصَحَابَتِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِين, وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَضى بِحِكْمَتِهِ وُجُودَ الصِّرَاعِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ مُنْذُ خُلِقَ آدَمُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- وَنَزَلَ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللهُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا, قَالَ اللهُ -تَعَالَى- عَنْ إِبْلِيسَ اللَّعِينَ أَنَّهُ قَالَ (رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر: 39- 40].
فَكَانَ الشَّيْطَانُ وَأَعْوَانُهُ مِنَ الْكُفَّارِ بِأَنْوَاعِهِمْ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ, وَيُحَارِبُونَ الرُّسُلَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وَأَتْبَاعَهُمْ بِكُلِّ وَسِيلَةً يَقْدِرُونَ عَلَيْهَا, مِنَ الْقَتْلِ أَوِ التَّضْيِيقِ أَوِ الطَّرْدِ أَوِ التَشْرِيدِ أَوِ النَّفْيِ مِنَ الْبِلادِ!
وَمَهْمَا فَعَلَ الْمُؤْمِنُونَ لإرْضَائِهِمْ وَتَجَنُّبِ شَرِّهِمْ فَلا يُجْدِي ذَلِكَ مَعَهُمْ وَلا يَسْتَعْطِفُهُم, لأَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ! قَالَ اللهُ -تَعَالَى- (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [البروج: 8].
فَفِي أَوَائِلِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَكَّةَ, وَقَفَ الْمُشْرِكُونَ وَقْفَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ لِلتَّصَدِّي لِلإسْلامِ, فَتَارَةً يَصِفُونَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَجْنُونِ وَالصَّابِئِ, وَتَارَةً يُحَذِّرُونَ النَّاسَ مِنْ سَمَاعِ كَلامِهِ وَيُخَوِّفُونَهَمْ مِنْ ذَلِكَ, وَتَارَةً أُخْرَى يُعَذِّبُونَ مَنْ أَسْلَمَ, وَتَارَةً يَقْتُلُونَه!
بَلْ بَلَغَ شَرُّهُمْ إِلَى أَنْ تَآمَرُوا لِقَتْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, حَتَّى خَرَجَ مُهَاجِراً إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَرَكَ مَكَّةَ لَهُمْ, وَهِيَ أَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَيْهِ, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال: 30].
وَفِي الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ دَارِ الْهِجْرَةِ, قَامَ الْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ بِالدَّوْرِ خَيْرَ قِيَامٍ, فَنَقَضُوا الْعُهُودَ وَخَالَفُوا الوُعُودَ وَحَرَّضُوا الْعَرَب لِحَرْبِ الْمُسْلِمِينَ, وَأَرْجَفَ الْمُنَافِقُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ, بَلْ حَاوَلُوا تَشْوِيهَ سُمْعَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يَنْفَضَّ النَّاسُ عَنْهُ, فَقَدَحُوا فِي فِرَاشِهِ, واتَّهَمُوا الصِّدِّيقَةَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- بِالزِّنَا, حَتَّى جَاءَ الدِّفَاعُ عَنْهَا مِنَ السَّمَاءِ بِآيَاتٍ تُتْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ! وَتَعَاوَنَتْ قُرِيْشُ مَعَ كُفَّارِ الْعَرَبِ, وَاليَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ دَاخِلَ الْمَدِينَةِ فِي حُرُوبٍ مُتَكَرِّرَةٍ لِلْقَضِاءِ عَلَى الإسْلامِ وَالْمُسْلِمِينَ, وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ!
وَهكَذَا تَسْتَمِرُ الأَحْدَاثُ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ رِدَّةِ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْعَرَبِ ثُمَّ مُحَاوَلَةِ الْهُجُومِ عَلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ لِلْقَضَاءِ عَلَى الإسْلامِ, وَلَكِنَّ اللهَ رَدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ!
ثُمَّ يَسْتَمِرُّ كَيْدُ الْكُفَّارِ وَشَرُّ الأَشْرَارِ عَلَى الإِسْلامِ وَالْمُسْلِمِينَ, فَيُقْتَلُ عُمُرُ الْفَارُوقُ وُهُوَ يُصَلِّى فِي الْمِحْرَابِ, وَيُقْتَلُ عُثمَانُ ذُو النُّورَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ نَاشِرٌ مُصْحَفَهُ يَقْرَأُ كَلامَ اللهِ, وَيُقَتَلُ عَلِيٌّ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلاةِ الْفَجْرِ! فَثَلاثَةٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- قُتِلُوا ظُلْمَاً وَعُدْوَانَا!!
أُمَّةَ الإسْلامِ: وَتَمُرُّ السُّنُونُ وَالأَعْوَامُ وَلا يَزَالُ الشَّيْطَانُ وَحِزْبُهُ فِي كُلِّ عَامٍ يَرْزَؤُونَ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَصَائِبِ, فَمَنِ الذِي جَلَبَ التَّتَارَ الْمَغُولَ إِلَى بِلادِ الْمُسْلِمِينَ وَأَغْرَاهُمْ حَتَّى أَبَادُوا الأخْضَرَ وَاليَابِسَ؟ أَلَيْسَ هُوَ ابْنَ الْعَلْقَمِيِّ الرَّافِضِيَّ؟ وَهَكَذَا بِالأَنْدَلُسِ يَفْتِكُ النَّصَارَى بِالْمُسْلِمِينَ وَيُعَذِّبُونَهَمُ بِأَلْوَانٍ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ تُعْهَدْ عَلَى مَرِّ العُصُورِ, يَتَعَجَّبُ مَنْ قَرَأَ التَّارِيخَ كَيْفَ يَصْدُرُ هَذَا مِنْ إِنْسَان!
وَفِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ يَتَفَنَّنُ أَعْدَاؤُنَا فِي التَّعْذِيبِ وَالْقَتْلِ وَإِزْهَاقِ الأَرْوَاحِ, فَيَسْتَخْدِمُونَ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الأَسْلِحَةِ لِتَدْمِيرِ الْمُسْلِمِينَ, وَلَوْ كَانَتَ مِمَّا يُسَمُّونَهُ [الأَسْلِحَةَ الْمُحَرَّمَةَ دَوْلِيَّاً], وَلَكِنَّهَا إِذَا كَانَتْ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ فَالأَمْرُ مُخْتَلِفٌ!
فَمَاذَا فَعَلَ الرُّوسُ فِي أَفْغَانِسْتَانَ؟ وَمَاذَا أَحَلُّوا بالشِّيشَان؟ قَتْلٌ وَتَرْوِيعٌ, وَتَخْرِيبٌ وَتَدْمِيرٌ, وَاسْتِخْدَامٌ لأَنْوَاعِ الصَّوَارِيخِ وَالْمُدَمِّرَاتِ! ثُمَّ لَمَّا قَامَ الْمُجَاهِدُونَ يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ, سَمَّاهُمُ الْعَالَمُ الْمُتَمَدِّنُ بِالْمُتَمَرِّدِينَ الأَفْغَان! فَيَا سُبْحَانَ اللهِ مَاذَا نَقُولُ؟
ثُمَّ هَاهُمْ أَخِيرَاً جَاؤُوا بِقُوَّاتِهِمُ الْمُدَمِّرَةِ الْجَوِيَّةِ وَالْبَحْرِيَّة وَالْجَوِيَّةِ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ لِمُحَارَبَةِ الدَّوَاعِشِ فِيمَا يَزْعُمُونَ, وَلَكِنَّنَا نَجِدُ أَنَّ دَاعِشَ سَلِمَتْ مِنْ ضَرَبَاتِهِمْ إِلَّا نَزْرَاً يَسِيراً, وَرُبَّمَا يَكُونُ مُخَطَّطَاً لَهُ وَمُتَّفَقَاً عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْقِيَادَاتِ الْعَمِيلَةِ التِي تَتَحَكَّمُ فِي دَوْلَةِ الدَّوَاعِشِ, وَلَكِنَّنَا نَجِدُ الضَّرَبَاتِ الرُّوسِيَّةِ تَتَوَجَّهُ إِلَى الْعُزَّلِ مِنَ الْمَدَنِيِّينَ, وَإِلَى الْأَطْفَالِ وَالْمُسِنِّينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَالْعَجَبُ أَنَّهُ لَمَّا أَعْلَنَتِ الْمَمْلَكَةُ اسْتِعْدَادَهَا لِلنُّزُولِ لِقِتَالِ دَاعِشَ عَلَى الْأَرْضِ ثَارَتْ ثَائِرَةُ دَوْلَةِ الرُّوسِ الْكَافِرَةِ, وَنَهَقَتِ النُّصَيْرِيَّةُ الظَّالِمَةُ وَدَوْلَةُ إِيرَانَ الْخَاسِرَةُ, وَقَامَتْ قِيَامَتُهُمْ وَتَهَدَّدُوا وَتَوَعَّدُوا وَزَمْجَرُوا وَأَرْعَدُوا, وَنَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ! أَلَسْتُمْ تُحَارِبُونَ دَاعِشَ؟ وَتُقَاتِلُونَ الْإِرْهَابِيِّينَ فِيمَا تُظْهِرُونَ؟ إِذَنْ لِمَاذَا غَضِبْتُمْ حِينَمَا جِئْنَا لِنُعَاوِنَكُمْ عَلَى حَرْبِ الدَّوَاعِشِ؟
أُمَّةَ الْقُرْآنِ وَالْعَقِيدَةِ: إِنَّنَا نَشْهَدُ مُؤَامَرَةً مَكْشُوفَةً وَمَذْبَحَةً مُمَنْهَجَةً لِإِخْوانِنَا أَهْلِ السُّنَّةِ فِي سُورِيَا, فَأَنْواعٌ مِنَ الْقَتْلِ وَالتَّعْذِيبِ, وَأَلْوَانٌ مِنَ النَّهْبِ وَالتَّشْرِيدِ, وَصُوَرٌ حَيَّةٌ تُبَثُّ لِلْعَالَمِ فِي قَتْلِ النَّسَاءِ الضَّعِيفَاتِ, وَالأَطْفَالِ الأَبْرِيَاءِ, وَالشُّيُوخِ الْعَجَزَةِ!!! فَأَيْنَ الضَّمِيرُ الإنْسَانِيُّ كَمَا يُسَمُّونَهُ؟ وَأَيْنَ حَقُّ الإنْسَانِ كَمَا َيَزْعُمُونَه؟
إِنَّها لُعْبَةٌ مَكشْوفَةٌ لِتَثْبِيتِ هَذَا النِّظَامِ الْخَاسِرِ وَهَذَا الْحِزْبِ الْجَائِرِ, وَمَا ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَّا لِأَنُّهُ يَحْمِي دَوْلَةَ الْيَهُودِ! نَعَمْ, إِنَّ حَسَنَةَ هَذَا النِّظَامِ عِنْدَ الْغَرْبِ عُمُوماً وَعِنْدَ الأمْرِيكَانِ خُصُوصاً أَنُّهُ صَارَ حِصْنَاً حَصِيناً, وَسَدَّاً مَنِيعاً لِدَوْلَةِ الْيَهُودِ الصَّهَايِنَةِ! فَتُغْتَفَرُ كُلُّ خَطِيئَةٍ وَيُتَعَامَى عَنْ كُلِّ سَيِّئَةٍ فِي سَبِيلِ أَنَّهُ يُوَفِّرُ لَهَا الْحِمَايَةِ هُوَ وَالْحِزْبُ الرَّافِضِيُّ الْمُسَمَّى جُورَاً (حِزْبُ اللهِ)!
وَلَكِنْ مَعَ هَذَا فَمِنْ أَجْلِ تَسْكِيتِ الأَلْسُنْ [وَذَرِّ الْمِلْحِ فِي الْعُيُونِ] فُهُمْ يَعْقِدُونَ الْمُؤْتَمِرَاتِ وَيُطْلِقُونَ التَّصْرِيحَاتِ وَيَتَبَادَلُونَ الأَدْوَارَ فِي الزَئِيرِ عَلَى هَذَا النَّظَامِ, وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ يُعِينُونَهُ وَيُقَوَّونَهُ, خَوْفَاً مِنْ سُقُوطِ هَذَا الشُّرِطِيِّ الْحَامِي لِدَوْلَةِ الْيَهُودِ!
فَهَلْ هَذِهِ هِيَ نِهَايِةُ الْمَطَافِ؟ أَمْ أَنَّهُ آخِرُ الْقِطَافِ؟ الْجَوَّابُ: كَلَّا وَاللهِ لَنْ يَزَالُوا يُحَارِبُونَ الْمُسْلِمِينَ مَا دَامُوا مُسْلِمِينَ, قَالَ اللهُ -تَعَالَى- (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) [البقرة: 217].
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ والصَّلاةُ والسَّلامُ على خَاتَمِ النَّبِيِينَ, وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ, نَبيِنَا محمدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: اتَّقُوا اللهَ وَأَفِيقُوا مِنْ غَفْلِتِكُمْ وَقُومُوا مِنْ رَقْدَتِكُمْ, وَاعْلَمُوا أَنَّ أَعْدَاءَ الإِسْلامِ لَنْ يَبْرَحُوا مُحَارِبِينَ لَنَا, حَرِيصِينَ عَلَى ضَرَرِنَا مَا دُمْنَا عَلَى هَذَا الدِّينِ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: 120].
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ هَذِهِ الأَحْوَالَ التِي نَحْنُ فِيهَا مِنَ ذُّلٍّ وَاسْتِضْعَافٍ, وَهَوَانٍ عَلَى النَّاسِ, سَبَبُهُ الأَوَّلُ نَحْنُ, حِينَ فَرَّطْنَا فِي جَنْبِ اللهِ وَقَصَّرْنَا فِي طَاعَتِهِ, وَيَجِبُ أَنْ نَقُولَ هَذَا وَنَعْتَرِفَ بِهِ لِكَيْ نُصَحِّحَ أَخْطَاءَنَا وَنَغْلِبَ أَعْدَائَنَا, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى: 30].
فَإِذَا عَرَفْنَا ذَلِكِ فَسَبِيلُ الْخَلاصِ هُوَ أَنْ نَعُودَ إِلَى رَبِّنَا حَقَّاً, وَنُصَحِّحَ طَرِيقَنَا صِدْقَاً, فَإِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ فَاللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِيَدِهِ مَقَالِيد ُالأُمُورِ, وَهُوَ القَادِرُ وَحْدَهُ عَلَى دَفْعِ الشُّرُور, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11], وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ, وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ, وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ, وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ, سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِي).
أُمَّةَ الإسْلامِ: وَإِنَّ مَا نَشْهَدُهُ مِنِ اسْتِعْدَادٍ لِقُوَّاتِنَا السُّعُودِيَّةِ مَعَ حَلِيفَاتِهَا مِنْ مُخْتَلَفِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ لِحَرْبِ الدَّوَاعِشِ وَمَنْ يُعَاوِنُهُمْ وَمَنْ زَرَعَهُمْ لَهُوَ أَمْرٌ يُثْلِجُ الصَّدْرَ وَيَرْفَعُ الرَّأْسَ, بَعْدَ أَنَّ كَلَّلَ اللهُ جُهُودَ مَلِكِنَا سَلْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ -حَفِظَهُ اللهُ- فِي عَاصَفِةِ الْحَزْمِ؛ حَيْثُ قَضَى عَلَى ذِرَاعِ إِيرَانَ فِي الْجَنُوبِ, وَهُوَ بِصَدَدِ قَصِّ خُيُوطِهَا فِي الشَّمَالِ.
وَإِنَّ وَاجِبَنَا أَنْ نَقِفَ مَعَ دَوْلَتِنَا وَوُلاةِ أَمْرِنَا قَلْبَا وَقَالِباً, فَنَدْعُو لَهُمْ بِالنَّصْرِ وَالتَّوْفِيقِ, وَنَدْعُو لِجُنُودِنَا بِالثَّبَاتِ وَالتَّسْدِيدِ, فَإِنَّ الدُّعَاءَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْلَحِةَ وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ, قَاَل اللهُ -تَعَالَى- عَنِ الْمُؤْمِنِينَ (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ) [البقرة: 250- 251].
فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَنْصُرَ دِينَهُ وَيُعْلِيَ كَلِمَتَهُ وَأَنْ يَنْصُرَ جُنَودَنَا وَيُسَدِّدَ رَمْيَهُمْ وَيُثَبِّتَ أْقَدَامَهُمْ, كَمَا نَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَحْفَظَ إِمَامَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ وَأَنْ يُوَفِّقَهُ وَأَعْوَانَهُ لِمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِنا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا وَأَصْلِحْ لِنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لِنا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِنا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللَّهُمَّ اكْفِنَا شَرَّ الأَشْرَارِ وَكَيْدَ الفُجَّارِ, اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ, اللَّهُمَّ أعطنا ولا تحرمنا اللَّهُمَّ أكرمنا ولا تُهنا.
اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ, وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ, وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ, وَمُرَافَقَةِ الأَنْبِيَاءِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي