وقف أمامه، وقال له: أنت نجس! فرد عليه قائلًا: أما تتقي الله! تقول لي: أنت نجس! وأنا أشهد أن لا إله إلا الله؟! والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن المؤمن لا ينجس؟!"، فرد عليه قائلًا: أنت في الحياة نجس، وبعد الممات جيفة، لا قيمة لها ولا كرامة! أنت أشبه ما تكون بالأنعام! قال له: تشبهني بالأنعام وقد أكرمني الله بالإسلام، فشهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؟! فرد عليه قائلًا: لكنك...
الحمد لله حمدًا يليق بجلاله وعظمته وكبريائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وصفاته وأسمائه, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله.
صلى عليك الله يا علم الهدى *** واستبشرت بقدومك الأيام
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأصفيائه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فيا عباد الله -أيها المسلمون-: وقف أمامه، وقال له: أنت نجس! فرد عليه قائلًا: أما تتقي الله تقول لي: أنت نجس، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله؟! والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن المؤمن لا ينجس؟!"، فرد عليه قائلًا: أنت في الحياة نجس، وبعد الممات جيفة، لا قيمة لها ولا كرامة، أنت أشبه ما تكون بالأنعام! قال له: تشبهني بالأنعام وقد أكرمني الله بالإسلام، فشهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؟! فرد عليه قائلًا: لكنك لست مسلمًا! قال له: تخرجني من الإسلام بعد أن شهدت أن لا إله إلا الله؟! فرد عليه قائلًا: لست أنا الذي أخرجتك من الإسلام، إنه الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى! قال: وكيف ذلك؟! قال له: أما سمعت قوله عليه الصلاة والسلام: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" [رواه مسلم عن جابر -رضي الله عنه-]؟!
أما سمعت قوله عليه الصلاة والسلام: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" [رواه أهل السنن عن بريدة -رضي الله عنه وأرضاه- وهو حديث صحيح]؟!
أما سمعت أن عمر -رضي الله عنه وأرضاه- لما طعن قالوا له: "الصلاة فإنك لم تصل" قال رضي الله عنه: "نعم الصلاة, ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة"؟!
عباد الله: لقد أجمع الصحابة على كفر تارك الصلاة، نقل إجماعهم عبد الله بن شقيق العقيلي، وأجمع السلف على كفر تارك الصلاة، نقل إجماعهم الإمام إسحاق بن راهويه، ونقل عدد من العلماء الإجماع على كفر تارك الصلاة، قال العلامة ابن باز -رحمه الله-: "انعقد إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة، ولا عبرة بخلاف من بعدهم".
قال الله -جل وعلا-: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ) [التوبة: 5].
وقال جل وعلا عن أهل النار لما قيل لهم: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) [المدثر: 42 - 43].
فتارك الصلاة نجس؛ لقول ربنا -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) [التوبة: 28].
تارك الصلاة لا كرامة له؛ لأنه لا يغسل ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، بل يخرج به إلى الصحراء، فيدفن، حتى لا يتأذى الناس برائحته، ولا أهله برؤيته.
إنها الصلاة أحب الأعمال إلى الله، قيل: يا رسول الله "أي الأعمال أحب إلى الله؟" قال: "الصلاة على وقتها" [متفق عليه].
ولعلو مكانتها عند الله لم تفرض في الأرض، بل فرضت في السماء وبلا واسطة, بل من الله مباشرة للنبي -عليه الصلاة والسلام-, ولمحبة الله لها فرضها خمسين صلاة في اليوم والليلة، ثم خففت إلى خمس في العمل وخمسين في الميزان، ففي حديث الإسراء والمعراج: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بموسى -عليه السلام- فقال له: "من أين؟ قال: من عند الله، قال: ما فرض عليك؟ قال: فرض علي وعلى أمتي خمسين صلاة في اليوم والليلة، فقال له موسى: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فخففها الله -جل وعلا- فأصبحت خمسًا في العمل وخمسين في الميزان".
وهي خير الأعمال وأفضلها، قال عليه الصلاة والسلام: "استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة" [رواه الإمام مالك وهو صحيح].
وهي قرة عين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وراحة قلبه، قال عليه الصلاة والسلام: "حُبب إلي من دنياكم الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة" [رواه النسائي عن أنس -رضي الله عنه- وصححه ابن حجر].
وكان عليه الصلاة والسلام يقول: "أرحنا بالصلاة يا بلال" [رواه أحمد وأبو داود وهو صحيح].
وهي عمود الإسلام، وشعار أهله، قال عليه الصلاة والسلام: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة" [رواه أحمد والترمذي والنسائي وهو صحيح].
وهي أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة، قال عليه الصلاة والسلام: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر" [رواه الترمذي وصححه الألباني].
وهي خاتمة الوصايا من رسول الله حين حضرته الوفاة، وهو يجود بنفسه الشريفة -عليه الصلاة والسلام- يوصي الأمة، ويقول: "الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم" [رواه ابن ماجة، وصححه الألباني].
وهي أكبر العون على الدنيا والدين، قال ربنا -جل وعلا-: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة: 45].
وهي المانع العظيم من الفواحش والمنكرات، قال ربنا -جل وعلا-: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) [العنكبوت: 45].
وهي سبب للفلاح في الدنيا والآخرة، قال الله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون: 1 - 2].
بها ترفع الدرجات, وتكفر السيئات, وتقال العثرات, قال عليه الصلاة والسلام: "أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟" قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَالَ: "إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ, وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ, وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ, فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ, فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ" [رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-].
وقال عليه الصلاة والسلام: "أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟" قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: "فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا والذنوب" [رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-].
وقال عليه الصلاة والسلام: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، أُتِيَ بِذُنُوبِهِ، فَجُعِلَتْ عَلَى رَأْسِهِ وَعَاتِقِهِ، فَكُلَّمَا رَكَعَ، أَوْ سَجَدَ، تَسَاقَطَتْ عَنْهُ" [أخرجه ابن نصر وأبو نعيم، وصححه الألباني].
وهي سبب لدخول الجنة، قال عليه الصلاة والسلام: "من صلى البَرْدين دخل الجنة" [متفق على صحته من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-].
وقال عليه الصلاة والسلام: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّى لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلاَّ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ" [رواه مسلم عن أم حبيبة -رضي الله عنها-].
والصلاة نور، نور للعبد يوم القيامة، قال عليه الصلاة والسلام: "بشر.." بشر الفنانين، بشر اللاعبين، بشر الغافلين؟ لا والله: "بشر المشائين.." يا من ضيعت صلاة الفجر: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" [رواه أبو داود وصححه الألباني].
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاَةَ يَوْمًا، فَقَالَ: "مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بُرْهَانٌ وَلاَ نُورٌ وَلاَ نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَهَامَانَ وَفِرْعَوْنَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ" [رواه الإمام أحمد، وهو حديث صحيح].
عباد الله: لقد أطفأ أقوام نورهم، وعاشوا في ظلمات, تتبعها ظلمات في القبر ويوم الحشر, لما ضيعوا الصلاة، لما فرطوا في الصلاة لما تهاونوا في الصلاة.
فمن أراد النجاة غدًا بين يدي الله، فليحافظ على هذه الصلوات جماعة: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [النــور: 36].
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَداً مُسْلِماً، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ -المكتوبة- حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا -أي صلاة الجماعة- إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ" [رواه مسلم].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 142].
بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى.
أما بعد:
فيا معاشر المسلمين: يقول الله -جل وعلا-: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4- 5]، هؤلاء لم يتركوا الصلاة تركًا تامًا، بل يصلون لكنهم لا يحافظون عليها، ضيعوها وفرطوا فيها، فكان مصيرهم إلى النار.
قال الله جل وعلا: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم:59] أضاعوا الصلاة! يا لها من حسرة إن كنت منهم.
أضاعوا الصلاة، يسهرون إلى منتصف الليل، ثم يضيعون صلاة الفجر، حتى الجمعة صاروا يضيعونها، مع أنها كانت معظمة، حتى من لا يصلي كان لا يفرط في الجمعة، أما اليوم فيضيعون الجمعة تلو الجمعة.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين" [رواه أحمد والنسائي وهو صحيح].
وقال عليه الصلاة والسلام: "من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين" [صححه الألباني].
وفي رواية للترمذي وغيره: "من ترك ثلاث جمع تهاونًا؛ طبع الله على قلبه" -عياذا بالله-.
أضاعوا الصلاة في الإستراحات، وخلف الشاشات، وعلى المدرجات, تركوا المساجد وصاروا يصلون في البيوت كالنساء, وتعاموا عن قول الله -جل وعلا-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ) [[النور: 36 - 37]، هؤلاء هم الرجال: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ) لماذا يا الله؟ (يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور: 37].
يا من ضيعت الصلاة: ألا تخاف من يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار؟ (يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور: 37].
يصلون في البيوت وهم يعلمون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأذن للأعمى بترك المسجد، وقال له: "تسمع النداء؟ قال: نعم، قال: "أجب فإني لا أجد لك رخصة" [والحديث في صحيح مسلم].
أضاعوا الصلاة، يصلون فرضًا ويتركون الآخر, ويصلون يومًا ويتركون اليوم الآخر.
أضاعوا الصلاة، فصاروا يجمعون الصلوات، إما لأجل النوم، وإما لأجل العمل كما يفعل بعض العمال الذي يخرجون للعمل، وإذا رجعوا في آخر النهار جمعوا الصلاة.
حنانيك: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) [النساء: 103].
أضاعوا الصلاة، فصاروا يخرجون للبرية، ثم يجمعون في أماكن قريبة، أو يتيممون مع وجود الماء والقدرة على تسخينه.
تساهلوا في شروط الصلاة ووجباتها، لا يتمون ركوعها ولاسجودها، بل ينقرونها نقر الغراب، وقد قال عليه الصلاة والسلام للذي لم يطمئن في الصلاة: "ارْجِعْ فَصَلِّ, فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ" [رواه البخاري ومسلم].
عباد الله: واقع مؤلم لشباب وشابات، لرجال ونساء، مع الصلاة، كتب أحدهم قبل أيام يقول: إنه ما دخل المسجد من عشر سنين!
وكتبت إحداهن قبل فترة بسيطة، تقول: إن أباها جاوز الخمسين وهو لا يصلي!
وكتبت إحدى الأمهات تقول: ابنتي لا تصلي منذ كانت في المرحلة الثانوية، وهي الآن متخرجة من الجامعة من سنوات!.
كيف طابت لهؤلاء الحياة؟ كيف طابت لهؤلاء الحياة؟ كيف طابت لهؤلاء الحياة؟ يعيشون بلا صلاة! يا الله! يا الله!
اللهم إنا نعوذ بك من موت القلوب.
هؤلاء يعيشون في مجتمعنا، أين الآباء والأمهات؟ أين الإخوة والأخوات عنهم؟ لماذا لا يهجرون؟ لماذا لا يزوجون؟ لماذا يقدمون للناس للصلاة عليهم؟
إنهم شركاء في الإثم إن سكتوا وقبلوا بالواقع الذي أمامهم.
عباد الله: الصلاة قدرها عظيم، لذا أمر الله بأخذ الزينة لها، فقال جل وعلا: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف: 31] أي عند كل صلاة.
فتجملوا لها، واحذروا القدوم إليها بألبسة متسخة، أو برائحة كريهة، فأنتم تقفون أمام الله، وإني أنبه الذين يصلون في المحلات والشوارع إلى خطورة فعلهم، فكثير من العلماء يرون صلاتهم باطلة، فليحرصوا على القرب من المسجد، واتصال الصفوف.
عباد الله: إن الأمة لن تبلغ المجد حتى تعود إلى المساجد، فمن قطع العلاقة مع الله، سلط الله عليه عدوه, ومن خان: "حي على الفلاح" خان: "حي على الكفاح".
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النور: 56].
هذا، وصلوا وسلموا على خير الورى، امتثالًا لأمر الله -جل وعلا-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
قال عليه الصلاة والسلام: "من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا".
اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، وتابع التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر المجاهدين، اللهم كن لجنودنا في الحد الجنوبي، اللهم انصرهم وأيدهم وأعنهم، اللهم كن لهم نصيرًا ومعينًا.
اللهم كن لإخواننا في بلاد الشام، اللهم كن لإخواننا في العراق، اللهم كن لإخواننا في الأحواز، اللهم كن لإخواننا في بورما، اللهم كن للمستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم ألطف بحالهم يا خفي الألطاف، اللهم عجل لهم بالنصر والتمكين، اللهم احقن دماءهم، اللهم احفظ أعراضهم، اللهم أطعم جائعهم، اللهم اكس عاريهم، اللهم شاف مرضاهم، اللهم فك أسراهم، اللهم عافِ مبتلاهم، اللهم عجل لهم بالنصر والتمكين، يا قوي يا قادر.
اللهم إن ليلهم قد طال، اللهم فرجك يا ذا الأفراج، يا ذا الأفراج، يا ذا الأفراج.
اللهم أنت حسبنا وحسبهم، ونعم الوكيل، بك نصول، وبك نجول، وبك نقاتل.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين.
اللهم اجعل خير أعمالنا أواخرها، وخير أعمالنا خواتيهما، وخير أيامنا يوم أن نلقاك وأنت راضٍ عنا غير غضبان.
اللهم يسرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، واجمع لنا بين الدين والدنيا والأخرى.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهما كما ربيانا صغارًا: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر: 10].
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات: 180 - 182].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي