أيها المؤمنون: إذا كان الحجُّ هو فريضةَ الله على عباده؛ فقد بُنِيَ على الاستطاعة البدنية والمالية، وليس على عاجزٍ -عَلِمَ الله صدقَهُ- من حَرَج، وتعلمون -رعاكم الله- ما تقوم به هذه البلاد -شرفها الله- من خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، ومن ذلك...
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا؛ البطاءِ عمَّا أُمِرَتْ به، السراعِ إلى ما نُهِيَتْ عنه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أصدقُ شهادة، وهي سبيلُ العزةِ والسعادة، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، خير مُتَّبِعٍ لملةِ إبراهيم، وأكملُ من أسلمَ وجهَه للسميعِ العليم، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى إخوانه النبيين، وآله الطيبين، وأزواجِه أمهاتِ المؤمنين، وأصحابِه أجمعين، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله -عبادَ الله- لازموا تحقيقَها، يُجعَلْ لكم من بعد ضيقٍ سعة، ومن كل نَصَبٍ دعة، التقوى سِيَاجُ الصالحين، والمحاسبةُ دَأْبُ المفلحين، والدنيا إلى زوال: (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا) [مريم: 76].
ولا أحقَّ بالتأكيد، ولا أجدرَ بالطلبِ والحيازة؛ من تقوى الله، التي هي تعظيمُه، وخشيتُه حقَّ خشيتِه، الداعَّةُ إلى ابتغاء مرضاته، وإيثارِها على مرضاةِ من سواه.
إنها التقوى التي تسكُنُ القلبَ؛ فتصيِّرُهُ عصيّا على دواعي النفسِ الأمارةِ بالسوء، جسورًا على قولِ الحق، قائدًا للجوارح بالحكمة والرفق، رحيمًا بالخلق، وثَمَّةَ يكون القلب عن الأهواء خليّا، ولربه مخبتا.
وإنما شُرِعَتِ الأعمالُ لتحقيق التقوى، ومن كان عمله بلا تقوى كان كالجسد بلا روح، أو كان خِداجًا غيرَ تمام.
تأمّلوا -ملأ اللهُ قلوبكم تقوَى وإخباتًا- ما في آيات الحج من الحث على تقوى الله -سبحانه-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة: 197].
وقال جلَّ وتبارك: (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [البقرة: 203].
بل لقد بدأ تعالى سورةَ الحج بالأمر بتقواه، وبيّن فيها أن تعظيمَ شعائره إنما هو شعارُ التقوى.
وفي تأكيدٍ على علوّ منزلة التقوى من صالح الأعمال، يقول جلّ في علاه: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) [الحج: 37].
تُثْمِرُ تلكم التقوى لدى المؤمن إخباتًا لربه -سبحانه-؛ لينال بذلكم بشارةَ مولاه: (فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [الحج: 34، 35].
إنه التواضعُ مع الانقيادِ، والطاعةِ للهِ الواحدِ القهار.
ومن آياتِ التواضع: ذكرُ الله بقلبٍ حيٍّ وَجِل، وبخاصة في هذه الأيامِ الفُضْلَى؛ إذْ ينشغلُ الحجاجُ البررةُ بالتلبية العظيمة، التي تُنْبِئُ بالوحدانيةِ للكبيرِ المتعال، والبراءةِ من الحول والقوة، والبَوْءِ للهِ بالنعمةِ والفضل، ويشترك المقيمون والحجّاج بالتكبير لله وحده، التكبيرِ الذي أُمِرَ به النبي -صلى الله عليه وسلم- أَوَّلَ ما أُمِر، قرينًا لتوحيد الله، وإسلامِ الدينِ له، بسم الله الرحمن الرحيم: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) [المدثر: 1 - 5].
التكبير، الذي هو قرينُ تحميدِ الله وتنزيهِه عما سواه: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) [الإسراء: 111].
إنه الذكرُ الذي يملأُ النفسَ مهابةً وإجلالًا لله وحده، وأنَّ ما سواه حقيرٌ صغير، وهو السلاحُ الذي يملأُ قلوبَ أعداءِ الملةِ فَرَقًا، وَلَكَمْ ردّ اللهُ بتكبير المؤمنين من بأسِ الكافرين ما رَدّ، ولقد أخرج مسلم -رحمه الله- في صحيحه من حديثِ أبي هريرةَ -رضي الله عنه- أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟" قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا... " الحديث.
فالله أكبر، كم كان لكلمةِ: "اللهُ أكبر" من بالغِ الأثر؛ حينَ يواجهُ بها طفلُ الحجارة قواتِ الغدرِ والكُفْر؟! فلا ضيرَ ألَّا يحملَ بيده سوى الحجر؛ ما دام لاهجًا بأن الله أعلى وأجلُّ وأكبر.
إنه التكبير، إحدى الباقيات الصالحات، التي هي خيرٌ عند الله ثوابا وخيرٌ أملا من الذاهباتِ الفانيات.
هذا أَوَانُ التكبيرِ والتحميدِ والتسبيحِ والتهليل، فأحْيُوا بها مَوَاتَ القلوب، واغسلوا بها دَرَنَ الذنوب، وابتغوا بها عند الله زوالَ الهمومِ، وتفريجَ الكروب.
ألا قد سَبَقَ المُفَرِّدون، وفازَ المكبِّرون، وهُدِيَ الحامدون الشاكرون.
لقد وُقُوا شرَّ أنفسِهم وغَفَلاتِها، وأيقظُوا أرواحَهُم من عميقِ سُباتِها.
فيا مبتغينَ جزيلَ المثوبةِ حُجَّاجًا ومقيمين: أَلِظُّوا بتكبيرِ الكبيرِ المتعال، وارغبوا إلى ذي العزةِ والجلال، تَكْتُبُوا على صَفَحاتِ النعم بُرْهانَ شكرِكُم كما حَبَاكُمْ وَأَوْلَاكُم: (كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) [الحج: 37].
فما قطعتم واديا، ولا بَذَلتم نفيسًا وغاليا، ولا كبّرتم ربَّكم، ولا اقتديتم بسنة الخليلَين في ضحاياكم، ولا أقمتم على بطحاءِ المشاعر، ولا طُفْتُم ولا سعيتُم ولا رميْتُمْ؛ إلا بفضل الله ومنته ورحمته، وطوبى ثم طوبى لمن كان بفضل ربه معترفا: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء: 83].
فاللهمّ إنا نستهديك إقرارًا بوحدانيّتِك، ونستعينك فاقةً إلى كِفَايتِك، لا نقْدِرُ أن نأخُذَ إلا ما أعطيت، ولا أن نتقيَ إلا ما وَقَيْت، عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.
أيها المؤمنون: إذا كان الحجُّ هو فريضةَ الله على عباده؛ فقد بُنِيَ على الاستطاعة البدنية والمالية، وليس على عاجزٍ -عَلِمَ الله صدقَهُ- من حَرَج، وتعلمون -رعاكم الله- ما تقوم به هذه البلاد -شرفها الله- من خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، ومن ذلك: تلكم التوسعةُ الضخمةُ للمطافِ حول الكعبةِ الشريفة، والتي يواصل العاملون فيها الليلَ بالنهار حتى اكتمالها، ما أدَّى إلى قرارِ الدولة بتخفيضِ أعداد حجاجِ الداخل إلى نصفِ العدد قبل ذلك؛ إذْ لا يُمكِنُ استيعابُ المطافِ لما كان يستوعبه قبل ذلك، وهذا مما تقتضيه المصلحة العليا، ومقاصدُ الإسلام السامية، ورعايةُ هذه المصلحة أولى من ابتغاءِ الأجرِ بالتطوع، كما أن السلامةَ من الإثمِ الذي يكتسبه بعض الحجاج من مزاحمةِ الناس، والجلوسِ في الطرقات، أولى من طلب الأجر بالنفل، كما قد أفتى العلماء بوجوب الالتزام بالحصولِ على تصريح الحج؛ لما في هذا التنظيمِ من السياسةِ الشرعيةِ المبنيةِ على رعايةِ المصالحِ ودرء المفاسد.
وإذا علم الله حسن القصْد آتى من فضلِه وأجرِه العظيم؛ فمن لم يتهيأْ له الوقوفُ بعرفة؛ فَلْيَقُمْ لله بحقه الذي عرّفه، ومن لم ينحر هديَه بمنى، فلينحَرْ هواه حيثما كان وقد نال المُنى، ومن لم يطف بالبيت وبين المروة والصفا؛ فليظلَّ قلبُه على تعظيم ربه وخشيته ورجاء رحمته عاكفا، وحاله:
يا سائرين إلى البيتِ العتيقِ لقد *** سِرْتُمْ جسوما وسِرْنَا نحن أرواحَا
إنا أقمنا على عذر وعن قدر *** ومن أقامَ على عُذْرٍ فقد راحا
وأبواب الخير كثيرة بحمد الله، ولربما كان في هذه الظروف من خلف حاجا في أهله بخير له أعظم من أجره، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "لئن أعُولَ أهلَ بيتٍ من المسلمين شهرًا أو جمعة أو ما شاء الله أحبّ إليّ من حجةٍ بعد حجة".
وقال جابرُ بنُ زيد -رحمه الله-: "لئن أتصدّقَ بدرهم على يتيم أو مسكين؛ أحبُّ إليَّ من حجة بعد حجّة الإسلام".
والصدقة في العشر تعظم بفضل وقتها، فإذا اجتمع إلى ذلك قلة المنفقين، وكثرة الحاجَة؛ كان الفضلُ أعظم، والثوابُ من الله -تعالى- أكبر، وهي برهانُ الإيمان الصادقِ في الجنان.
أقول هذا القول؛ إن صوابا فمن الله وحده، وإن خطأ فمن نفسي والشيطان، وأستفغر الله؛ إنه كان غفارا.
الحمدُ للهِ ذي الفضلِ والمنة، الذي جعل الحجَّ المبرورَ سبيلًا موصِلًا إلى الجَنَّة، وصلى الله وسلم على معلِّمِ الكتابِ والحكمة.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: إن أجمعَ ما يُوصَى به الحاجُّ: تقوى الله -سبحانه-، فالاشتغالُ بما ينفعه، وتفقُّهُهُ في مناسكِه؛ فالحرصَ الحرصَ على إخلاصِ الحجِّ للهِ وحدَه، واتباعِ سنةِ رسول الله -عليه الصلاةُ والسلام- في حجتِه، ولْيحذَرْ من التفريطِ في عزيمةٍ من عزائمِ حجِّه، ومن التشديد على نفسه ومن معه فيما فيه أناةٌ وسعة.
ومن أعظمِ منافعِ الحجِّ: مغفرةُ الذنوب، كيف ورسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَنْ حَجَّ هَذَا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" [أخرجه البخاريُّ في صحيحِه].
كما أن الحجَّ المبرورَ ليسَ له جزاءٌ إلا الجَنَّة.
ومن منافعِ الحجِّ: كثرةُ ذكرِ الله واستغفارِه، وسؤالِهِ خيرَ الدارين: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [البقرة: 201 - 202].
كما أن أمامكم يومًا عظيما كثيرًا خيرُهُ وبِرُّه؛ إنه خيرُ يوم طلعت عليه شمسُ العام، يومُ عرفة، الذي قال فيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟" [أخْرَجَه مسلم].
ينزل سبحانه إلى السماء الدنيا، فيُباهي بأهلِ الموقفِ ملائكتَه، ويُشْهِدُهم أنه قد غَفَرَ لهم؛ فهنيئا لمن سيُرزقون الوقوفَ بعرفة، ويَجأرون إلى الكريمِ الرحيم بقلوبٍ محترقة، ودموعٍ مستبقة.
ومن كان مقيمًا استُحِبَّ له استحبابا شديدا صيامُ هذا اليوم العظيم الذي يكفر اللهُ بصيامه سنتين، كما أنبأ بذلكم رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-.
أيها المؤمنون: من أعظم العمل الصالح: دعاءُ من جعل الدعاء هو عبادته، والتضرعُ إليه، ورفعُ أكفّ الفقر رجاءَ رحمته ومغفرته، وابتغاءَ كفايته ووقايته، وأجلى مظاهرِ ضعفِ الإيمان وموتِ القلب: الإعراضُ عن الدعاء؛ فهذه أيامٌ عظيمة، ليس عند أحدنا ثقةٌ بما بعدها أن يُبَلَّغَها، فاجأروا إلى الله حجاجا ومقيمين بسؤاله حسنةَ الدنيا والآخرة، وما دعا مسلم لأخيه إلا قال الملك: ولك بمثل، وكيف يغفلُ مؤمنٌ يدعو ربه حالَ إخواننا المستضعفين في كل مكان، وأن يجعلَ اللهُ عاقبة الخائنين والظالمين إلى هوان، أم كيف له أن ينسى حال المسجد الأقصى المبارك، الذي باركه الله، وبارك حوله، والمرابطون يذودون عنه أذى الأنجاس الغاصبين، ويلاقون سوءَ العذاب المهين، وحالَ المضطهدين في سوريا وفي اليمن وفي العراق وفي غيرها من أرض الله.
ألا فاحرصوا على موجبات رحمة ربكم في هذه الأيام العظيمة، وقدّموا لأنفسكم؛ والصدقة برهان؛ فآتُوا المحتاجين وسُبُلَ الخير من مال اللهِ الذي آتاكم؛ رجاءةَ فوزِكم وسعادتِكم، والأضحيةُ شعيرة عظيمة، وهي سنةُ الخليلين: إبراهيم ومحمدٍ -عليهما الصلاة والسلام-، وكل معروفٍ صدقة: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [المائدة: 48].
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي