لا مكان للقوميات الجاهلية، ولا للتعصبات القبلية، ولا للتجمعات الحزبية، ولا للتمايزات العرقية، ولا للفوارق الجنسية؛ بل اجتماع المسلمين جميعا تحت راية الإسلام، وتحكيم القرآن، وأخوة الإيمان: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13].
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام وكفى بها من نعمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، جمع الله به بعد الفرقة، وأغنى به بعد العيلة، وأعز به بعد الذلة، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه الذين جمع الله قلوبهم على الهدى، وألف بينهم، فأصبحوا بنعمة الله إخوانا، وعلى من تبعهم بإحسان.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا ربكم، واعتصموا بحبله، وكونوا إخوانا كما أمركم الله؛ تفلحوا وتفوزوا فوزا عظيما.
عباد الله: من الأصول العظيمة الجليلة التي أرسى الإسلام قواعدها وثبت معالمها بين المسلمين: الأخوة في الله، والتوادد في دين الله جل ثناؤه، فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بينهم أقوى الروابط، إنها رابطة الدين، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10]، (فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانَاً) [آل عمران:103].
وأمر -جل ثناؤه- بالاجتماع، ونهى عن التفرق، فقال: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران:103]، وفي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا"، وشبك ين أصابعه.
وفي الصحيحين -أيضا- من حديث النعمان بن بشير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى".
الأخوة الإسلامية نزل تشريعها من فوق سبع سماوات، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، وتمثلها المسلمون واقعا عمليا؛ بل ضربوا بها أروع الأمثلة محبة وإيثارا، حتى خلد القرآن ذكرهم، وأثنى على صنيعهم، فقال -عز وجل-: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر:9].
وقال عن أهل الإيمان ودعائهم لإخوانهم في الله: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر:10].
أيها الإخوة في الله: أخوة الإسلام راسخة الدعائم، متينة البناء، قاعدتها الدين، ولبها التقوى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13].
الاسم واحد: (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ) [الحج:78]، والقبلة واحدة: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة:144]، والنبي -صلى الله عليه وسلم- واحد: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) [سبأ:28]، والأمة واحدة، أمة الإسلام: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:92].
والقرآن الكريم شرف للأمة وعز لمن تمسك به، صدق الله: (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [الأنبياء:10].
لا مكان للقوميات الجاهلية، ولا للتعصبات القبلية، ولا للتجمعات الحزبية، ولا للتمايزات العرقية، ولا للفوارق الجنسية؛ بل اجتماع المسلمين جميعا تحت راية الإسلام، وتحكيم القرآن، وأخوة الإيمان: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13].
وأوثق عرى الإيمان أن تحب المرء لا تحبه إلا لله، ومن أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-. وكل من زاد إيمانه وتقواه وخلقه فقد زاد عليك في المنزلة والمكانة عند الله -عز وجل-.
أيها الإخوة في الله: في تاريخنا نماذج عظيمة تدل على قوة الترابط والتآخي بين أبناء هذه الأمة الإسلامية، وما مؤاخاة رسولنا -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه من المهاجرين والأنصار إلا نموذج حي فريد في سبيل بناء المجتمع الإسلامي.
لقد جعل النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- أساس الأخوة التي جمع عليها أصحابه هي العقيدة التي تضمحل أمامها جميع فوارق اللون والمال والنسب، فتحولت هذه الأخوة إلى واقع عملي، ليس قولا باللسان، وحسبك دليلا على ذلك ما قام به سعد بن الربيع الأنصاري -رضي الله عنه- الذي آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- المهاجري، إذ عرض سعد على عبد الرحمن أن يطلق إحدى زوجتيه ليتزوجها عبد الرحمن، وعرض عليه كذلك أن يشاركه في ماله وبستانه، ولكن عبد الرحمن أبى ذلك وشكره على صنيعه، وطلب منه أن يدله على سوق المدينة ليشتغل فيه.
لقد برهن الأنصار -رضي الله عنهم- على صدق أخوتهم لإخوانهم المهاجرين، وقدموا أكبر الأدلة العملية على ذلك.
أخرج البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالت الأنصار للنبي -صلى الله عليه وسلم-: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل. فقال: "لا"، فقالوا: تكفونا المؤونة ونشرككم في الثمرة، قالوا: سمعنا وأطعنا.
وروى الإمام أحمد عن أنس -رضي الله عنه-: قال المهاجرون: يا رسول اللّه، ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل ولا أحسن بذلا من كثير، لقد كفونا المؤونة وأشركونا في المهنأ، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله. أي الأنصار، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا، ما أثنيتم عليهم، ودعوتم اللّه لهم".
ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأنصار: "لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق"، وغير ذلك مما جاء في فضلهم، رضي الله عنهم وأكرم مثواهم. وهكذا تفعل العقيدة في قلوب أهل الإيمان فيكونون كالجسد الواحد.
إن اجتماع المسلمين لا يكون إلا على عقيدة التوحيد النقية، إيمان بالله -جل ثناؤه- وإفراده بالعبادة، واثبات أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وإيمان برسول الله محمد بن عبد الله الذي جاءنا بالبينات والهدى والاجتماع على الخير -صلى الله عليه وآله وسلم-، وطاعته -صلى الله عليه وسلم- فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وألا نعبد الله إلا بما شرع لنا. وهكذا كان سلف الأمة يجتمعون على عقيدة صافية بريئة من محدثات الأمور والبدع المضلة.
أيها المسلمون: حافظوا على أخوة الإسلام فيما بينكم، وأدوا حقوق إخوانكم المسلمين، ومن ذلك حسن الظن بهم، ومجانبة الحسد، وحفظ العهد، وإقلال العتاب، والتغاضي عن الزلل، والتواضع للمسلمين، وحسن الخلق، وبشاشة الوجه، وسلامة القلب، وإسداء النصيحة، وبذل السلام، وتعليم الجاهل، وإعانة الضعيف، والشفاعة للمحتاج، وحسن الجوار، ونفع المسلمين، والدفاع عنهم، والدعاء لهم، ودفع الأذى والضرر عنهم، والبعد عن أسباب التنازع والفرقة بين أمة الإسلام، كالحسد، والطعن في الأنساب، والفخر بالأحساب، والتنابذ بالألقاب، والغيبة والنميمة والتجسس، والأثرة والأنانية وسوء الظن، فهذه الأعمال السيئة تهدم الأخوة وتقوض بنيانها.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَحَاسَدُوا، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، وَلا يَكْذِبُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا -وَيُشِيرُ إِلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ- بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكمل الناس إيمانا أحاسنهم أخلاقا، الموطؤون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف" رواه الطبراني.
وفي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة".
أيها المسلم: بالزيارة لأخيك في الله تنمو المحبة، وتتوثق الأخوة، مع ما فيها من أجر عظيم، ففي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي: "إذا عاد المسلم أخاه المسلم أو زاره قال الله تبارك وتعالى: طبت وطاب ممشاك، وتبوأت منزلا في الجنة".
وأخبر -صلى الله عليه وسلم- عمن زار أخاً له في قرية أخرى، فأرسل الله ملكا يسأله عن هذه الزيارة: هل هي من أجل غرض دنيوي؟ فقال الرجل: لا، غير أني أحببته في الله، فقال الملك: فإني رسول الله إليك أن الله أحبك كما أحبتته فيه. رواه مسلم.
الله أكبر يا عباد الله! هكذا يكون الصدق، وهكذا تكون المحبة في الله!.
وفيه -أيضا- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون في جلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي" رواه مسلم.
وفي الصحيحين أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه".
ومهما بذل المسلم مع إخوانه من أجر ومعروف فإنه يثاب عليه ويجده أحوج ما يكون إليه: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) [الزلزلة:7].
وفي الصحيح عند مسلم عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق"، أي: سهل منبسط.
أيها الإخوة: ما أعظم أخوة الإسلام! تنال بها الحسنات، وترفع بها الدرجات، ويرهب منها أعداء الإسلام الذين يتربصون بالمسلمين، يشعر المسلم وإن كان غريب الدار والنسب أنه بين أخص إخوانه حين يرى عيادة المسلمين من المسلمين، واتباع الجنائز، وتعزية المصاب، وتشميت العاطس، وإفشاء السلام، وإجابة الدعوة، ونصر المظلوم، وتفريج الكربة، والسعي لإصلاح ذات البين.
حين يرى هذا الأمر، حين يرى الدعاء للمسلمين من إخوانهم، وحين يرى حسن الظن بإخوانهم، هنا يصدق عليهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في الصحيح عند مسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ مثل ذَلِكَ".
وعند الطبراني: "من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله بكل مؤمن ومؤمنة حسنة".
واجب على أهل الإسلام الصفح والإغضاء والعفو عن الذلة، وحسن الظن، والتجاوز عن العثرة، ومن حاسب إخوانه عند كل خطأ أصبح وأمسى ولا إخوان له، وكل بني أدم خطاء، ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها؟ وما عاقبت من عصا الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
وإذا كان هذا مع عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فإنه أولى وأحرى مع الأقربين: (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].
وفقني الله وإياكم لما يرضيه، وجعلنا ممن حقق أخوة الإسلام، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فها قد سمعنا شيئاً مما ورد في فضل أخوة الإسلام، وبعضاً من آدابها، وسبل تقويتها، فما علينا إلا أن نربي أنفسنا، وأن نجاهدها على أن نحب للمسلمين ما نحبه لأنفسنا.
وليكن -أيها المسلم- أقل حظ لأخيك المسلم منك ثلاث: إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه، ومن لانت كلمته وجبت محبته، والدفع بالحسنى من صفات أهل العزائم: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت:34-35].
(وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر:10]. "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
أيها المسلمون: اجتمعوا على الحق والهدى، وتعاونوا على البر والتقوى، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وألينوا الكلام، وابذلوا المعروف، وحسنوا الظن، وتنازلوا عن كامل حقوقكم، واصفحوا عن الجاهل، وأعرضوا عن السفيه، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف:199].
انبذوا أسباب البغضاء، ودعوا ما يؤدي إلى الشحناء، لا تحاسدوا، ولا تقاطعوا، ولا تباغضوا، ولا تناجشوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا يخدع مسلم أحدا من إخوانه المسلمين.
أيها المسلمون: إننا ونحن نذكر بأخوة الإسلام يجب ألا ننسى إخوانا في الدين في مشارق الأرض ومغاربها ممن مستهم البأساء والضراء، واشتد عليهم الحروب والجوع والخوف، فلهم علينا حق الدعاء، وواجب بذل الطعام وأنواع الدواء، ولاسيما إخواننا في أرض الرافدين والشام واليمن وفلسطين، فهم يعانون الآن من حصار الأعداء، والتضييق عليهم في غذائهم، فلا تستقلوا شيئا تقدمونه لإخوانكم، ومن حرص على الأجر عرف السبيل إليه، ووفق لسلوكه، والدعاء للمسلمين بظهر الغيب له أثره، فأسرع الدعاء دعاء غائب لغائب.
وهكذا تكون أخوة الإسلام، والله المسؤول أن يفرج هم إخواننا في فلسطين واليمن والعراق والشام وغيرها، وأن يشبع جائعهم، وأن يؤمّن خائفهم، وأن يحقن دماءهم، وان يحفظ عليهم دينهم، وأن ينصرهم على عدوهم، وأن يجمع على الحق كلمتهم، وأن يجعلنا وإياهم آمنين هداة مهتدين.
اللهم انصر المسلمين في كل مكان...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي