المراقبة منزلتها وثمارها

عبد الله بن علي الطريف
عناصر الخطبة
  1. فضائل مراقبة الله تعالى .
  2. ثمرات مراقبة الله تعالى .
  3. الوسائل المعينة على مراقبة الله .
  4. مجمل معاني المراقبة وحدودها .
  5. ضوابط مهمة في فهم مراقبة الله سبحانه. .

اقتباس

إن مراقبة العبد لربه دليل على خشية الله وتعظيمه، ومتى ما انفرط عِقْد المراقبة من حياة الإنسان وخلا منها قلبه؛ ضاع مصير هذا الإنسان، وضل عن الطريق، وتاه عن صراط الله المستقيم،.. منزلة المراقبة منزلة عظيمة جدّاً ومهمة في طريق السائرين إلى الله.. وهي سر بين العبد وربه يَعْظُمُ العبدُ ويَعِزُّ في عين الله –تعالى- وأعين المخلوقين على قدر عظمة هذه المنزلة وصِغَرِها في قلبه.. ومن الخطأ أن نقصر منزلة المراقبة فيما يتعلق بشهوة الفرج والسماع المحرمة؛ فمراقبة الله يجب أن تلازمنا في جميع أعمالنا الصالحة...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي وسِع كل شيء علماً، وقهَر كل مخلوق عزةً وحكماً (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا) [طه:110]، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وكفى به حسيباً.

وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه وتمسك بسنته وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال:29].

أيها الإخوة: لما خلق الله –تعالى- الخلق لم يخلقهم عبثاً، ولن يتركهم سدى يحيون ويموتون هكذا. وإنما خلقهم لغاية عظمى هي عبادته –سبحانه- برهان ذلك قوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56].

فقد أبان لنا سر الخلق وهدفه، ثم إنه -سبحانه- أخبرنا بمراقبته، واطلاعه علينا وعلى أعمالنا، وأنه لا يخفى عليه شيء من أعمالنا حتى ما تكنّه نفوسنا، وتختلج به ضمائرنا، وذكر ذلك في مواطن متعددة من كتابه من ذلك، قال الله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [البقرة:235].

وقال تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، وقال سبحانه: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا) [الأحزاب:52]، وقال: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر:19]، وقال تعالى: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد:4]، وقال تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) [العلق:14] إلى غير ذلك من الآيات.

وفي الحديث أن جبريل -عليه السلام- أتى إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وسأله عدداً من الأسئلة، وكان منها أنه قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، فَقَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (متفق عليه عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ).

قال النووي -رحمه الله- معلقاً على هذا الحديث: "هذا الحديثُ من جوامعِ الكلمِ التي أوتيها -صلى الله عليه وسلم-؛ لأننا لو قَدَّرْنا أن أَحَدَنَا قامَ في عبادةٍ، وهو يعاين ربه -سبحانه وتعالى- لم يترك شيئًا مما يَقْدِرُ عليه من الخضوعِ والخشوعِ، وحُسْنِ السمتِ، واجتماعِه بظاهرهِ وباطنهِ على الاعتناء بتتميمها على أحسن وجوهها إلا أتى به".

ومعنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "اعبد اللهَ في جميعِ أحوالِك كعبادتِك إياه في حال العيان؛ فإن التتميم المذكور في حال العيان إنما كان لعلم العبد باطلاع الله -سبحانه وتعالى- عليه؛ فلا يُقْدِمُ العبدُ على تقصيرٍ في هذا الحال للاطلاع عليه.

وهذا المعنى موجود مع عدم رؤية العبد لرؤية الله له، فينبغي أن يعمل بمقتضاه؛ فمقصود الكلامِ الحثُ على الإخلاصِ في العبادةِ، ومراقبةُ العبدِ ربَه -تبارك وتعالى- في إتمام الخشوعِ والخضوعِ وغيرِ ذلك.

ولأهمية المراقبة أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضَ أصحابِه فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِبَعْضِ جَسَدِي فَقَالَ: "اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَكُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ" (رواه أحمد وغيره وصححه الألباني).

وأوصى مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ -رضي الله عنه- لَمَا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِنِي, فَقَالَ لَهُ: "اعْبُدْ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ, وَاعْدُدْ نَفْسَكَ مِنْ الْمَوْتَى, وَاذْكُرْ اللهَ عِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ وَشَجَرٍ، وَإِذَا عَمِلْتَ السَّيِّئَةَ, فَاعْمَلْ بِجَنْبِهَا حَسَنَةً, السِّرُّ بِالسِّرِّ, وَالْعَلَانِيَةُ بِالْعَلَانِيَةِ" (رواه ابن أبي شيبه والطبراني والبيهقي وصححه الألباني).

وَقَالَ أَبَو الدَّرْدَاءِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعَتْهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتَى، وَإِيَّاكَ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا مُسْتَجَابَةٌ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَشْهَدَ الصَّلَاتَيْنِ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ وَلَوْ حَبْوًا فَلْيَفْعَلْ" أي مع الجماعة. (رواه البيهقي في شعب الإيمان والطبراني في الكبير، وحسنه الألباني).

وأوصى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ابن عمر -رَضيَ اللهُ عنْهُمَا- مرة أخرى بموقف آخر فقال: "صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ كأنك تراه؛ فإن كنت لا تراه فإنه يراك، وأيأس مما في أيدي الناس تَعِشْ غنيًّا، وإياك وما يُعتَذر منه" (رواه السيوطي في الجامع عن ابن عمر رَضيَ اللهُ عَنْهُمَا، وقال الألباني: صحيح بشواهده).

والمراقبة أيها الإخوة هي: دوامُ علمِ العبدِ وتيقنُه باطلاعِ الحقِ –سبحانه وتعالى- على ظاهرِهِ وباطنِهِ، وهي ثمرةُ علمِه بأن الله -سبحانه- رقيبٌ عليه ناظرٌ إليه، سامعٌ لقوله، مطلعٌ على عمله كلَ وقتٍ وكلَ لحظةٍ وكلَ نَفَسٍ وكلَ طَرْفَةَ عينٍ، والغافل عن هذا بمعزل عن حال أهل بدايات التدين، فكيف يصل إلى درجة الصديقين.

وقيل: إنَّ المراقبةَ هي التعبد لله باسمه الرقيب الحفيظ العليم السميع البصير، فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها حصلت له المراقبة.. والله أعلم.

أيها الإخوة: لنتأمل قول الله تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المجادلة:6]، شهيد على الظواهر والسرائر، والخبايا والخفايا. ومعنى الشهيد أي: "المطلع على جميع الأشياء سمع جميع الأصوات خفيها، وجليها وأبصر جميع الموجودات دقيقها، وجليلها صغيرها، وكبيرها، وأحاط علمُه بكلِ شيءٍ، الذي شهد لعباده، وعلى عباده بما عملوه..

ويقول سبحانه وبحمده مبينًا مراقبته قولاً يزلزل القلوب ويهزها: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [يونس:61]، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: "يخبر تعالى، عن عموم مشاهدته، وإطلاعه على جميع أحوال العباد في حركاتهم وسكناتهم، وفي ضمن هذا، الدعوة لمراقبة الله على الدوام..

فراقبوا الله في أعمالكم، وأدوها على وجه النصيحة، والاجتهاد فيها، وإياكم، وما يكره، فإنه مطلع عليكم، عالم بظواهركم وبواطنكم.

(وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ) أي: ما يغيب عن علمه، وسمعه، وبصره ومشاهدته (مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، أي: قد أحاط به علمه، وجرى به قلمه.

أقول ما تسمعون..

الخطبة الثانية:

أيها الإخوة: ما أحوجنا إلى مداومة مراقبة الله –تعالى- فإنه رقيب علينا وهو القائل: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، ومراقبة الله –تعالى- هي دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الله –تعالى- على ظاهره وباطنه، وأنه ناظر إليه، سامع لقوله، ومع ذلك قد وكل بعباده ملائكة يكتبون أقوالهم وأعمالهم: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق:18] أي: إلا وللكلمة أو الحركة من يراقبها مُعَدٌ لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة.. (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) [الانفطار:10-12].

وفي يوم القيامة سيقرأ العبد كل ما كتبته الحفظة من أقواله وأعماله، ويحاسب على ذلك (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [آل عمران:30]، ويحاسب كل إنسان لوحده كما قال ربنا: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) [الإسراء: 13، 14].

أحبتي: ما أحوجنا في خضم هذه الحياة المليئة بالمغريات المحرَّمة، والمزدحمة بالشهوات الميسرة، والتي تيسر فيها الوقوع بالخطأ في كل مكان وأوان، فيقع الإنسان بالخطأ في بيته وسوقه، وفي حِلّه وسفره، وفي نهاره وليله، عند وجود الناس أو في الخلوة عنهم.. فآلةُ الخطأ موجودة معه في يده، وإن بعدت عنه فهي في جيبه، لا يمنع الإنسان من الخطأ إلا هذا الخُلق العظيم "مراقبة لله".. ولقد لفت الباري أنظار المتفكرين في كتابه إليه، وحذرهم من اطلاعه عليهم فقال: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوب) [التوبة:78]، وقال في موضع: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) [الزخرف:80].

أيها الأحبة: إن مراقبة العبد لربه دليل على خشية الله وتعظيمه، ومتى ما انفرط عِقْد المراقبة من حياة الإنسان وخلا منها قلبه؛ ضاع مصير هذا الإنسان، وضل عن الطريق، وتاه عن صراط الله المستقيم، تأملوا معي هذه الحديث: عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَبَاءً مَنْثُورًا». قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا؛ جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ. قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).

أيها الإخوة: من استشعر خوف الله وتدثّر بمراقبته نال من خيري الدنيا والآخرة ما تكون به سعادته، ومن راقب الله في سره حفظه في علانيته.

وبعد أيها الإخوة: منزلة المراقبة منزلة عظيمة جدّاً ومهمة في طريق السائرين إلى الله.. وهي سر بين العبد وربه يَعْظُمُ العبدُ ويَعِزُّ في عين الله –تعالى- وأعين المخلوقين على قدر عظمة هذه المنزلة وصِغَرِها في قلبه..

ومن الخطأ أن نقصر منزلة المراقبة فيما يتعلق بشهوة الفرج والسماع المحرمة؛ فمراقبة الله يجب أن تلازمنا في جميع أعمالنا الصالحة بأن نستشعر رؤية الله لنا واطلاعه على ما في قلوبنا في عموم عبادتنا؛ لأن الإحسان «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه.. وأن نستشعر المراقبة فنتجنب الخطأ ونمتنع عنه..

وليست مراقبة الله قيدًا وهمًّا وتضييقًا على العبد بملذاته، إنها سرور وفرحة يبعثها الله في قلوب من يراقبه ويخشاه، وكلما زادت مراقبة لله في قلب العبد كلما زاد السرور والأنس بقرب الله –تعالى-، وليس لهذا الأنسِ والسرورِ نظيرٌ يقاسُ به في الدنيا؛ فهو حالٌ من أحوال أهل الجنة حتى قال بعض الصالحين: "إنه لتمر بي أوقات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب"..

 اللهم ارزقنا خشيتك ومراقبتك، ووفق ذريتنا والمسلمين لذلك.. وصلوا على نبيكم...


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي