موعظة رمضان

صلاح بن محمد البدير
عناصر الخطبة
  1. شكر نعمة بلوغ شهر رمضان .
  2. كثرة أبواب الخيرات في شهر البركات .
  3. الحث على اغتنام رمضان في الأعمال الصالحة .
  4. وجوب الحذر من اللسان والأخلاق المذمومة. .

اقتباس

يا مَن تسألُ عن غُبار الطريق، وغربلَة الدقيق، وابتِلاع الرِّيق هل تُفسِدُ الصومَ أم لا؟ يا مَن احترزَ من هذه الأمور اليسيرة! احترِز من كبائر الفواحِشِ والآثام، احترِز من أكل مالِ أخيك المُسلم، وفرْيِ عِرضِه، وغشِّه وظُلمِه، وخديعَته والاحتِيال عليه. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: «من لم يدَع قولَ الزُّور والعملَ به، فليس لله حاجةً في أن يدَعَ طعامَه وشرابَه» (أخرجه البخاري).

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله على بلوغ رمضان حمدًا يُوافِي نعمَه وعطاياه، وأشكرُه على ما أفاضَ من الخير وأسدَاه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له ولا معبُود بحقٍّ سِواه.

وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه، ونبيُّه وصفيًّا ونجِيُّه ووليُّه ورضِيُّه ومُجتباه، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابِه صلاةً دائِمةً ما دامَ انفِلاقُ الصُّبح وإشراقُ ضِياه.

أما بعد، فيا أيها الصائِمون:

اتَّقوا الله بالسعي إلى مراضِيه، واجتِنابِ معاصِيه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].

أيها المسلمون:

هنيئًا لكم بلوغُ شهر رمضان؛ فبلوغُه نعمةٌ جليلةٌ، وإحسانٌ كبيرٌ، وعطاءٌ عظيم. وكم من طامعٍ في بلوغِه وما بلغَه، وكم من مُؤمِّلٍ إدراكَه وما أدركَه!

أيها المسلمون:

أين من كانوا معنا في رمضان الماضِي؟!

أين مَن كان قبلَنا أين أينَا *** من أُناسٍ كانوا جمالاً وزَينًا؟!

إن دهرًا أتَى عليهم فأفنَى *** منهم الجمعَ سوفَ يأتي علينا

كم رأينا من ميتٍ كان حيًّا *** ووشيكًا يُرى بنا ما رأينا

ما لنَا نأمَنُ المنايا كأنَّا *** لا نراهنَّ يهتَدينَ إلينا!

يا غافِلاً يتمادَى.. غدًا عليه يُنادَى.. حتَّامَ لا ترعوِي وتنتهِي.. حتَّام سمعُك لا يعِي لمُذكِّرٍ.. وصميمُ قلبِك لا يَلينُ لعاذِلِ.

ألم يأنِ أن تخشَع وأين التهجُّدُ *** أفي سنةٍ كنَّا أم القلبُ جلمَدُ

تيقَّظ أخي واحذَر وإياك ترقُدُ *** أترقدُ يا مغرُورُ والنارُ تُوقَدُ

فلا حرُّها يُطفَى ولا الجمرُ يخمُدُ

فبادِرِ الموتَ.. وحاذِرِ الفوتَ.. وحاذِر ضياعَ رمضان بين العجز والكسل، وتصرُّم ساعاته بين أجهزة اللهو والغفلة، والشرِّ والفتنة، وذهابَ أوقاته في الإثم والحُوبِ.

يا عبدَ الله! هذا شهرٌ يُطلَقُ فيه العَاصِي، ويُفكُّ فيه العانِي، ويُعتَقُ فيه الجانِي، ولله عُتقاءُ من النار وذلك كل ليلة.

فلا تكُن ممن أبَى.. وخرجَ رمضانُ ولم ينَل فيه الغُفرانَ والمُنَى.

أيها المسلمون:

هذا نسيمُ القبول هبَّ.. هذا سيلُ الخير صبَّ.. هذا الشيطانُ تبَّ.. هذا بابُ التوبةِ مفتوحٌ لمن أحبَّ. فيا باغِيَ الخيرِ! أقبِل.. ويا باغِيَ الشرِّ! أقصِر.

أيها المسلمون:

هذا شهرُ التوبة قد أناخَ بساحتِكم، ونزل بباحَتِكم، وهو عن قريبٍ راحِلٌ عنكم، شاهِدٌ لكم أو عليكم. فاعمُروا نهارَه وليلَه بما يُقرِّبُكم من رِضوانِ الله وجنَّته، ومغفرتِه ورحمتِه وكرامتِه.

فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهِدُ في رمضان ما لا يجتهِدُ في غيره" (أخرجه مسلم).

اللهم أيقِظنا من الغفَلات، وارزُقنا التوبةَ والقبولَ في شهر الرحَمات، يا سميعُ يا كريمُ يا مُجيبَ الدعوات.

وأستغفِرُ الله فاستغفِرُوه؛ إنه كان للأوابين غفورًا.

الخطبة الثانية:

الحمد لله آوَى إلى من إلى لُطفِه أوَى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له داوَى بإنعامِه من يئِسَ من أسقامِه الدوا، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدنَا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه صلاةً تبقَى وسلامًا يَترَى.

أما بعد، فيا أيها المسلمون:

اتَّقوا الله وراقِبُوه، وأطيعُوه ولا تعصُوه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

يا عبدَ الله:

حصِّن صيامَك بالسُّكوتِ عن الخَنَا *** أطبِق على عينَيك بالأجفانِ

لا تمشِ ذا وجهَين بين الورَى *** شرُّ البريَّة من له وجهانِ

يقول عُمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه -: "ليس الصيامُ من الطعام والشرابِ وحدَه، ولكنه من الكذبِ والباطلِ واللغو".

وعن حفصةَ بنت سِيرين قالت: "الصيامُ جُنَّةٌ ما لم يخرِقها، وخرقُها الغِيبَة".

يا مَن تسألُ عن غُبار الطريق، وغربلَة الدقيق، وابتِلاع الرِّيق هل تُفسِدُ الصومَ أم لا؟ يا مَن احترزَ من هذه الأمور اليسيرة! احترِز من كبائر الفواحِشِ والآثام، احترِز من أكل مالِ أخيك المُسلم، وفرْيِ عِرضِه، وغشِّه وظُلمِه، وخديعَته والاحتِيال عليه.

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يدَع قولَ الزُّور والعملَ به، فليس لله حاجةً في أن يدَعَ طعامَه وشرابَه» (أخرجه البخاري).

أيها المسلمون:

أسرِعوا بالمتابِ، وأقبِلوا على الكريم الوهَّاب، فهذا زمنُ الإياب، (هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) [ص: 42].

وصلُّوا وسلِّموا على أحمدَ الهادِي شفيعِ الورَى طُرًّا؛ فمن صلَّى عليه صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن الآلِ والأصحابِ، والتابعين لهم وتابعِيهم وعنَّا معهم يا كريمُ يا وهَّاب.

اللهم أعزَّ الإسلام والمُسلمين، وأذلَّ الشركَ والمُشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، ومُنَّ على جميع أوطان المُسلمين بالأمنِ والرخاءِ والاستِقرار يا ربَّ العالمين.

اللهم نجِّ المُستضعَفين من المُسلمين من قبضَة الطُّغاةِ المُعتَدين يا رب العالمين.

اللهم وفِّق إمامَنا لما تحبُّ وترضَى، اللهم وفِّقه ونائبَيه لما فيه عزُّ الإسلام وصلاحُ المُسلمين يا رب العالمين.

اللهم اجعَل شهرَنا شهرَ عزٍّ ونصرٍ وتمكينٍ للمُسلمين يا رب العالمين.

اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وارحَم موتانا، وانصُرنا على من عادانا.

اللهم اجعَلنا ممن قبِلتَ صيامَه، اللهم اجعَلنا ممن قبِلتَ صيامَه، ومحوتَ عنه أوزارَه وآثامَه، وأصلحتَ قلبَه فاستعَدَّ لما أمامَه.

اللهم اجعَل دعاءَنا مسمُوعًا، ونداءَنا مرفوعًا، يا كريمُ يا عظيمُ يا رحيمُ.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي