العشر الأواخر من شهر رمضان

صلاح بن محمد البدير
عناصر الخطبة
  1. قرب رحيل شهر رمضان .
  2. فضائل العشر وليلة القدر .
  3. هدي النبي –صلى الله عليه وسلم- في العشر الأواخر .
  4. الحث على اغتنام العشر الأواخر في الأعمال الصالحة. .

اقتباس

يا من طالَ أرَقُه، واشتدَّ قلَقُه .. يا من يلتمِسُ نسيمَ رجاء، ويبحَثُ عن إشراقَةِ أمل! هذه التوبةُ قد شُرِعَت أبوابُها، وحلَّ زمانُها، ونزلَ أوانُها، فلتكُن العشرُ الأواخِرُ من رمضان تباشيرَ فجرِك، وإشراقةَ صُبحِك، وعنوانَ توبتِك، وبدايةَ أوبَتِك. أكثِروا من السؤال والدعاء، واعمُروا قلوبَكم بحُسن الظنِّ وعظيمِ الرجاء، وسلُوا اللهَ العفوَ فإن الله عفُوٌّ غفور...

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله حمدًا يُوافِي نعمَه وعطاياه، وأشكرُه على ما أفاضَ من الخير وأسدَاه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له ولا معبُودَ بحقٍّ سِواه، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه، ونبيُّه وصفيُّه ونجِيُّه ووليُّه ورضِيُّه ومُجتَبَاه، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابِه صلاةً دائِمةً ما دامَ انفِلاقُ الصُّبحِ وإشراقُ ضِياه.

أما بعد، فيا أيها الصائِمون:

اتَّقوا الله بالسعي إلى مراضِيه، واجتِنابِ معاصِيه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].

أيها المسلمون:

هذا شهر رمضان يطوِي مراحِلَه، ويحدُو رواحِلَه، فبُورِكَت لكم فواتِحُه وخواتِمُه، وبواكِرُه وأواخِرُه، وغُرَرُه وغوابِرُه.

ويا فوزَ من غُفِرَت فيه زلَّتُه، وأُقيلَت فيه عثرَتُه، ومُحِيَت فيه خطيئتُه. ويا ضيعَةَ من قطعَه غافلاً ساهِيًا، وطواه عاصِيًا لاهِيًا.

أيها المسلمون:

هذه غُيُوم الغفلة قد تقشَّعَت .. وقلوبُ الصائِمين قد رقَّت لربِّها وخشَعَت .. وعيونُ المُتضرِّعين قد فاضَت خشيةً لله ودمعَت .. هذه أبوابُ الجنةِ قد فُتِحَت .. ونسَمَاتُ القَبولِ قد نفَحَت .. وهِباتُ الرِّضا قد مُنِحَت.

وربُّكم جوادٌ كريم، يفتَحُ بابًا، ويقبلُ متابًا، ويُعتِقُ رقابًا. فلا تقنَطُوا من رحمتِه، ولا تيأَسُوا من عفوِه ومغفرتِه، ولله ساعاتٌ لا يرُدُّ فيهنَّ سائِلاً، ولا يُخيِّبُ فيهنَّ طالِبًا.

فأكثِرُوا التوبةَ والاستغفَار، وأظهِروا التذلُّلَ والانكِسار، والنَّدَم والافتِقار، والحاجةَ والاضطِرار، فإنكم في مساقِط الرحمة، ومواطِنِ القَبول، ومظِنَّات الإجابة، ومواسِمِ المغفرةِ والعِتقِ من النار.

يا عبدَ الله! هذه العشرُ الأواخِرُ قد بدَت .. هذه ليلةُ القدر قد دنَت. فاستدرِك من رمضان ذاهِبًا، ودعِ اللهوَ جانِبًا، وأقبِل على مولاك تائِبًا، واجهَد جهدَك، وجافِ عن النومِ جنبَك، ووجِّه إلى الله تعالى وجهَكَ وقلبَك، وابلُغ غايتَك، وابذُل طاقتَك.

فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهِدُ في العشر ما لا يجتهِدُ في غيرِها" (أخرجه مسلم).

وعنها - رضي الله عنها - قالت: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلَت العشرُ شدَّ مئزَرَه، وأحيَا ليلَه، وأيقظَ أهلَه" (متفق عليه).

وعنها - رضي الله عنها - قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُجاوِرُ- أي: يعتكِفُ - في العشر الأواخِر من رمضان ويقولُ: «تحرَّوا ليلةَ القدر في العشر الأواخِر من رمضان» (متفق عليه).

أيها المسلمون:

ومن غفلَ منكم أولَ الشهر أو عجَزَ، فلا يُغلبَنَّ على هذه العشر. فاعمُروا نهورَها وليالِيها بما يُقرِّبُكم من رِضوان الله وجنَّته، ومغفرتِه ورحمتِه وكرامتِه.

اللهم أيقِظنا من الغفَلات، وارزُقنا الفوزَ في شهر الرحَمات، يا سميعُ يا قريبُ يا مُجيبَ الدعوات.

الخطبة الثانية:

الحمد لله آوَى مَن إلى لُطفِه أوَى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له داوَى بإنعامِه من يئِسَ من أسقامِه الدوا، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدنَا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه صلاةً تبقَى وسلامًا يَترَى.

أما بعد، فيا أيها المسلمون:

اتَّقوا الله وراقِبُوه، وأطيعُوه ولا تعصُوه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].

يا عبدَ الله:

يا من طالَ أرَقُه، واشتدَّ قلَقُه .. يا من يلتمِسُ نسيمَ رجاء، ويبحَثُ عن إشراقَةِ أمل! هذه التوبةُ قد شُرِعَت أبوابُها، وحلَّ زمانُها، ونزلَ أوانُها، فلتكُن العشرُ الأواخِرُ من رمضان تباشيرَ فجرِك، وإشراقةَ صُبحِك، وعنوانَ توبتِك، وبدايةَ أوبَتِك.

أيها المُسلمون:

أكثِروا من السؤال والدعاء، واعمُروا قلوبَكم بحُسن الظنِّ وعظيمِ الرجاء، وسلُوا اللهَ العفوَ فإن الله عفُوٌّ غفور.

فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: يا رسولَ الله! أرأيتَ إن علِمتُ أيَّ ليلةٍ ليلةَ القدر، ما أقولُ فيها؟ قال: «قُولِي: اللهم إنك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي» (أخرجه الترمذي وابنُ ماجه).

وصلُّوا وسلِّموا على أحمدَ الهادِي شفيعِ الورَى طُرًّا؛ فمن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائِه الأربعة، أصحاب السنَّة المُتَّبَعة، وعن جميعِ الآلِ والأصحابِ، والتابعين وتابعِيهم وعنَّا يا كريمُ يا وهَّاب.

اللهم أعزَّ الإسلام والمُسلمين، وأذلَّ الشركَ والمُشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، ومُنَّ على جميع أوطان المُسلمين بالأمنِ والرخاءِ والاستِقرار يا ربَّ العالمين.

اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفَين الملكَ سلمان بن عبد العزيز لما تحبُّ وترضَى، وخُذ بناصِيتِه للبرِّ والتقوَى، ووفِّق نائبَيه لما فيه عزُّ الإسلام وصلاحُ المُسلمين يا رب العالمين.

اللهم اجعَل شهرَنا شهرَ عزٍّ ونصرٍ وتمكينٍ للمُسلمين يا رب العالمين.

اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وارحَم موتانا، وانصُرنا على من عادانا.

اللهم اجعَلنا ممن قبِلتَ صيامَه، اللهم اجعَلنا ممن قبِلتَ صيامَه، اللهم اجعَلنا ممن قبِلتَ صيامَه، ومحوتَ عنه أوزارَه وآثامَه، وأصلحتَ قلبَه فاستعَدَّ لما أمامَه.

اللهم اجعَل دعاءَنا مسمُوعًا، ونداءَنا مرفوعًا، يا كريمُ يا عظيمُ يا رحيمُ.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي