ليس السعيد من أدرك العيد، وجمل ظاهره باللباس الجديد، وأتته الدنيا على ما يريد، ولكن السعيد -والله- من خاف يوم الوعيد، وراقب الله فيما يبدي ويعيد؛ السعيد من تقبل الله صيامه وقيامه، وغفر له ذنوبه، وصلى صلاة العيد في ختام صيامه، ورجع من مصلاه بجائزة الرب وإكرامه.
الحمد لله ذي العزة والجلال، والحمد لله الكبير المتعال، الحمد لله ذي الجبروت والملكوت والعظمة والكبرياء والكمال.
أحمده حمدا كثيرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وهو أحق أن يحمد ويشكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصمد المتفرد بالخلق والتدبير، وكل شيء عنده بأجل مقدر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أنصح من دعا إلى الله وبشر وأنذر، والصلاة والسلام عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان ما تعاقب الليل والنهار.
الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر كلما هل هلال وأبدر، الله أكبر كلما صام صائم وأفطر، الله أكبر كلما تراكم سحاب وأمطر، الله أكبر كلما نبت نبات وأزهر، الله أكبر كلما لاح صباح عيد وأسفر، الله أكبر كلما لاح برق وأنور، الله أكبر كلما رعد سحاب وأمطر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
أما بعد: فيا أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله -تعالى- فإنها أعظم وصية، وإنها وصية الله للأولين والآخرين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ) [النساء:131].
وهي وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته، فقد أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة بسند صحيح، عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: "وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع؛ فأوصنا". قال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي؛ فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".
عباد الله: إن أعظم نعمة أنعم الله -تعالى- بها علينا هي أن هدانا للإسلام الذي أكمله الله لنا، أكمله الله ورضيه لنا دينا: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ) [الحجرات:13].
هذا الدين الذي لا يقبل الله -تعالى- من العبد دينا سواه؛ (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران:85].
وان التمسك بهذا الدين العظيم يكفل الحياة الطيبة والأجر العظيم، الحياة الطيبة حياة النصر والعز والرخاء والكرامة، وأكبر شاهد على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث في قوم أميين ليس عندهم تقدم في العلوم ولا في الحضارة، فما لبث هؤلاء القوم حين تمسكوا بالإسلام أن صاروا قادة العالم في العلم وفي الحضارة وفي الأخلاق، وسادوا الناس، فنالوا عزة بعد ذل، وتقدما بعد تأخر.
ذكر أهل السير أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما قدم الشام حين فتح بيت المقدس عرضت في الطريق مخاضة فنزل عن بعيره وخاض الماء ومعه بعيره، والناس ينظرون إليه من بعيد، فقال له أبو عبيدة: "أنت أمير المؤمنين وتصنع هذا؟"، قال عمر: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نحن قوم أعزنا الله بالإسلام؛ فمهما ابتغينا العزة من غيره أذلنا الله".
وإن هذا الدين الذي تمسك به أولئك القوم لا يزال محفوظا في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فلو تمسك به المسلمون تمسكا صحيحا وطبقوه في جميع أمورهم لسادوا العالم كما حصل ذلك لأسلافهم: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج:40-41].
عباد الله: احمدوا الله -تعالى- واشكروه على نعمه العظيمة، وآلائه الجسيمة، فبعد نعمة الإسلام أنعم الله علينا بنعمة الأمن والاستقرار، والوحدة واجتماع الكلمة، ورغد العيش. انظروا لحال الناس في دول قريبة منا يعيشون في خوف وفقر واضطرابات وقلاقل وحروب.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال في تفسير قول الله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا)، قالوا كان الرجل من بني إسرائيل إذا كان له زوجة وخادم ودار سمي ملكا، وهذا معنى قوله: (وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا)، فكم منا من يعيش عيشة الملوك؟!.
إن بعض الناس يكون في نعمة ولا يعرف قدر هذه النعمة حتى تزول، فهذا مثله مثل حال بني إسرائيل الذين أنعم الله عليهم بالمن والسلوى لكنهم لم يعرفوا قدر هذه النعمة وطلبوا ما هو الأدنى من البقل والقثاء والبصل! (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ) [البقرة:61].
وكحال قوم سبأ الذين أنعم الله عليهم بالنعم العظيمة، ومن ذلك أن جعل في أسفارهم قرى متقاربة متواصلة مع كثرة أشجارها وثمارها بحيث إذا سافر الإنسان لا يحتاج إلى حمل زاد ولا ماء، لكنهم تململوا من هذه النعمة! (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [سبأ:18-19].
قال ابن القيم -رحمه الله-: "من الآفات أن يكون العبد في نعمة أنعم الله -تعالى- بها عليه فيملها العبد ويطلب الانتقال منها إلى ما يزعم بجهله أنه خير له، وربه برحمته لا يخرجه من تلك النعمة ويعذره بجهله وسوء اختياره لنفسه، حتى إذا ضاق ذرعا بتلك النعمة وسخطها وتبرم بها سلبه الله إياها، فإذا انتقل إلى ما طلبه ورأى التفاوت بين ما كان فيه وما صار إليه اشتد قلقه وندمه، وتمنى العودة إلى ما كان فيه".
ونحن في هذه البلاد نعيش في نعم عظيمة، في بلد آمن مطمئن يأتيه رزقه رغدا من كل مكان، تأتينا فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، تتسابق كبرى الشركات في العالم على تصدير أفضل منتجاتها إلينا.
فلنعرف قدر هذه النعم، ولنحمد الله -تعالى- ولنشكره عليها، وإلا فإن من سنن الله -تعالى- التي لا تتغير ولا تتبدل أن النعم إذا شكرت قرت وزادت، وإذا كفرت فرت: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم:7].
عباد الله: وإن من محاسن دين الإسلام هذا العيد الذي يفرح فيه المسلمون بما من الله -تعالى- به عليهم من إكمال شهر الصيام والقيام: (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58].
هذا اليوم يوم شكر وذكر، وأكل وشرب وفطر، ولذلك فإن صومه يحرم؛ لما فيه عن الإعراض عن ضيافة الله -عز وجل-، ومخالفة أمره، حيث شرع الإفطار فيه.
لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "إن الله قد أبدلكم بيومين خير منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى".
فنحن -معشر المسلمين- ليس لنا إلا عيدان في السنة: عيد الفطر، وعيد الأضحى؛ وليس هناك عيد غير هذين العيدين في السنة، فمن اتخذ عيدا آخر غيرهما فقد أحدث في دين الله، "وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".
الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد.
ليس السعيد من أدرك العيد، وجمل ظاهره باللباس الجديد، وأتته الدنيا على ما يريد، ولكن السعيد -والله- من خاف يوم الوعيد، وراقب الله فيما يبدي ويعيد؛ السعيد من تقبل الله صيامه وقيامه، وغفر له ذنوبه، وصلى صلاة العيد في ختام صيامه، ورجع من مصلاه بجائزة الرب وإكرامه.
عباد الله: وتذكروا من صلى معنا في مثل هذا اليوم من الأعوام الماضية من أقاربكم وإخوانكم المسلمين ممن رحلوا عن الدنيا ولم يستصحبوا منها سوى ما قدموا من أعمال، تركوا الدور والأموال، وهم الآن في قبورهم مرتهنون بأعمالهم لا يستطيعون زيادة الحسنات، ولا إنقاص السيئات، (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) [لقمان:33].
واقتدوا بأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الذين ملكوا الدنيا، ولكن الدنيا كانت في أيديهم ولم تكن في قلوبهم.
الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد.
أخلصوا الدين لله -عز وجل-، وحققوا التوحيد لله، واحذروا الشرك غاية الحذر؛ فإن الشرك بالله هو أعظم ذنب عصي الله به: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) [المائدة:72]، (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) [النساء:48].
الشرك هو أعظم الذنوب، ومن مات على التوحيد لم يشرك بالله شيئا، فمآله إلى الجنة حتى وإن دخل النار فإنه لا يخلد فيها، هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة، وهذا يدل على فضل التوحيد. وأما من مات مشركا فإنه مخلد في النار أبد الآباد.
وقد بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمره أربعون سنة، وتوفي وعمره ثلاث وستون سنة، أي أنه مكث في النبوة والرسالة ثلاثا وعشرين سنة، أمضى أكثر من النصف، أمضى ثلاث عشرة سنة في دعوة الناس إلى تحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله -عز وجل-، لم يدع الناس في تلك الفترة للصيام ولا للحج ولا للزكاة ولا لسائر شعائر الإسلام، وإنما دعاهم إلى تحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله؛ لأن الإنسان إذا لم يحقق التوحيد فإن الله -تعالى- يقول: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا) [الفرقان:23].
إن بعض الناس قد يقع في الشرك من حيث لا يشعر، وذلك بذهابه إلى المشعوذين والسحرة والدجالين الذين يقعون في الشرك الأكبر، وربما أمروا من يذهب إليهم بالشرك، كم يأمروه بالذبح لغير الله ونحو ذلك! و"من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-".
أقيموا الصلاة؛ فإن الصلاة هي عمود دين الإسلام، وآكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولا حظّ في الإسلام لمن ضيع الصلاة، ومن ضيع الصلاة فهو لما سواها أضيع، "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"، و"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر".
أدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم؛ فإن الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، فهي آكد أركانه بعد الشهادتين وبعد الصلاة.
واحمدوا الله -تعالى- على أن وفقكم لصيام شهر رمضان، ومن أفطر أياما من رمضان لعذر فينبغي له المبادرة لقضائها.
ومن لم يحج حج الفريضة فعليه المبادرة للحج؛ فإن الحج ركن من أركان الإسلام، وفريضة من فرائض الدين، ومن يؤخر الحج فما يدري ما يعرض له.
بروا بوالديكم؛ فإن رضا الله برضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء:23-24].
صِلوا أرحامكم؛ فإن الرحم معلقة بالعرش تقول: "من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". واعلموا أن الواصل ليس بالمكافئ؛ ولكن الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
وإن هذا العيد لفرصة عظيمة للتواصل بين الأرحام، وهو فرصة -كذلك- للتواصل بين الجيران، وبين المسلمين عموما، وهو فرصة -كذلك- لإزالة الشحناء والهجران والقطيعة بين المسلمين. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث".
ويقول: "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أَنْظِرُوا هذين حتى يصطلحا". وخير المتهاجرَيْن هو الذي يبدأ بالسلام، فهو خير له عند الله وخير له عند الناس.
الله اكبر! الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد.
ويا شباب الإسلام: اعلموا أنكم مستهدفون من قبل أعداء الإسلام، يعز عليهم أن تتمسكوا بدينكم، فاحذروا مكر وكيد الأعداء؛ فهم يريدون أن يجنح شباب الإسلام إلى الإفراط أو إلى التفريط، إلى الإفراط بالغلو في الدين الذي يقود إلى أن يستعدي الشاب المجتمع، وأن يقوم بأعمال إرهابية من تفجير وتدمير وتكفير باسم الدين.
وإن المسلم ليحزن عندما يرى شبابا أغرارا في عمر الزهور اختطفتهم يد الشر والعدوان ليكونوا أداة في أعداء الإسلام في الإضرار بأمتهم وبمجتمعهم، غسلوا أدمغتهم بأفكار ضالة جعلت هؤلاء الشباب يستعدون أمتهم ومجتمعهم وأسرهم؛ بل وحتى والديهم.
جاء في صحيح البخاري عن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية".
وإن أعداء الإسلام يريدون من شباب الإسلام الجنوح إلى التفريط، والتحلل من الدين، والوقوع في الإلحاد، أو في أوكار المخدرات، أو غيرها؛ فاحذروا مكر الأعداء! وتمسكوا بدينكم من غير غلو ولا تفريط.
الله اكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد.
الحمد لله معيد الجمع والأعياد، رافع السبع الشداد، عالية بغير عماد، ومد الأرض... جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد، أحمده على نعم لا يحصى لها تعداد، وأشكره وكلما شكر زاد.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: اتقوا الله -عز وجل- في أنفسكم وفي من ولاكم الله -تعالى- أمرهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم:6].
واعلموا أنكم مسؤولون عنهم يوم القيامة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، فينبغي أن يستحضر كل إنسان ما ولاه الله -تعالى- إياه من مسؤولية، وأن يعد للسؤال جوابا، وللجواب صوابا.
ويا أيتها الأخوات المسلمات: احذرن التبرج والسفور، وقرن في بيوتكن، ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى.
عليكن بالحشمة والستر، واحذرن الدعاوى المضللة التي عز على أصحابها أن يروا المرأة المسلمة عفيفة محتشمة محترمة فبثوا سمومهم ودعواهم المضللة تجاه المرأة المسلمة، يريدون المرأة المسلمة أن تكون مبتذلة سافرة تتقاذفها أيدي الذئاب من البشر.
واعتبروا بحال المرأة في المجتمعات الكافرة، لقد وصلت المرأة في تلك المجتمعات إلى حال يرثى لها من الضياع والانحلال والتفكك الأسري، وقارنوا بينها وبين حال الأسرة المسلمة في المجتمعات المسلمة وما يكون بين أفرادها من التواصل والاحترام، والذي يتجلى في مثل هذا اليوم كثيرا.
إن المرأة في الإسلام هي الأم الواجب برها، وهي الجدة الواجب برها، وهي الزوجة التي يجب على الزوج معاشرتها بالمعروف، وهي البنت الواجب صلتها والقيام برعايتها، وهي الأخت، وهي العمة، وهي الخالة الواجب صلتها، وكل هذا لا يمكن أن يوجد في أي مجتمع من المجتمعات إلا المجتمعات الإسلامية.
بل إن المرأة في المجتمعات غير الإسلامية إذا تقدم بها السن زهد فيها المجتمع وألقيت في دار العجزة، وأما المرأة في المجتمعات الإسلامية فإذا تقدم بها السن زاد احترامها وزاد إكرامها وزاد توقيرها.
فاحرصن -أيتها الأخوات المسلمات- على التمسك بالدين، احرصن على أن تكنّ من الصالحات القانتات، احرصن على الحجاب، ومن ذلك تغطية الوجه الذي هو مجمع المحاسن في الإنسان.
أقول هذا لأنه يلحظ تأثر بعض النساء ببعض ما يثيره بعض الناس من الشبه حول تغطية الوجه، وعامة النساء في هذه البلاد يغطين وجوههن، وعلى السنة وعلى الشريعة؛ ولكن برز في الآونة الأخيرة من يثير الشكوك والشبه، فاحذرن الخداع بمن يثير مثل هذه الشبه.
واعلمن أنه واجب على المرأة المسلمة أن تغطي وجهها عن الرجال الأجانب، جاء في الصحيحين الذين هم أصح كتابين بعد كتاب الله -عز وجل- عن عائشة -رضي الله عنها- في قصة الإفك قالت: "لما رأيت صفوان بن المعطل خمرت وجهي"، أي: غطيت وجهي.
والشريعة الإسلامية قد عنيت بشأن الحجاب عناية عظيمة، حتى إن الله -عز وجل- قال في شأن العجائز: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ)، ومع ذلك، انظر الشرط الذي ذكره ربنا: (غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ)، ومع ذلك أيضا (وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [النور:60].
فانظروا إلى عناية الشريعة الإسلامية بهذا الجانب واهتمامها به؛ لما له من عظيم الأثر في حفظ المرأة المسلمة.
الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد.
وأنتم يا أرباب التربية والتعليم عليكم مسؤولية كبيرة في غرس معاني الفضيلة في نفوس الناشئة وبيان محاسن الإسلام وعظمته، وألا ينخدع الشباب والشابات بزيف الحضارة الغربية التي تعنى بإصلاح الجسد وتهمل الروح: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الروم:7].
الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر! ولله الحمد.
لقد كان شهر رمضان ميدانا للتنافس في الطاعات، والمسارعة في الخيرات، فاحرصوا -رحمكم الله- على مواصلة العمل الصالح بعد رمضان؛ فإن رب رمضان هو رب شوال، وهو رب سائر الشهور.
ومن العجب أن ترى أقواما يقومون بعمل الطاعات والتزود بفرص الخيرات لكنك تجدهم بعد رمضان قد تغيرت أحوالهم... على أعقابهم نكصوا، فأين دروس الصلاح؟ أين دروس الاستقامة؟ أين دروس الطهر والتقى من هذا الشهر المبارك؟.
وإن من علامة العمل الصالح أن يتبعه عمل صالح، فإذا تبع العمل الصالح عمل صالح فهذه علامة على قبول ذلك العمل.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي