وهذه الكلمة هي كلمة استعانة لا كلمة استرجاع، فإذا أردت أن يعينك الله على شيء، فقل: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وقد جرت عادة الناس أن يقولوها عند سماع فاجعة، أو خبر مكروه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذه الكلمة كلمة استعانة؛ لا كلمة استرجاع وكثير من الناس يقولها عند المصائب بمنزلة الاسترجاع ويقولها جزعًا لا صبرًا"، وقال ابن القيم: "وهذه الكلمة لها تأثير عجيب في معالجة الأشغال الصعبة، وتحمل المشاق، ومن يخاف، وركوب الأهوال، ولها أيضا تأثير عجيب في دفع الفقر، ولها تأثير عجيب في دفع الشياطين".
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: فِي رِيَاضِ الذِّكْرِ تَنْشَرِحُ الصُّدُورُ، وَتَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ، وَتَنْزِلُ السِّكِّينَةُ، وَتَزُولُ الْهُمُومُ.
الذِّكْرُ أَسْهَلُ عِبَادَةٍ، لَا تَحْتَاجُ إِلَى جُهْدٍ وَلَا شُرُوطٍ كَبَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ، فَهُوَ كُلُّهُ خَيْرٌ، وَلَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ.
وَأَنْفَعُ الذِّكْرِ أَثَرًا مَا وَاطَأَ فِيهِ الْقَلْبُ اللِّسَانَ، فَالذِّكْرُ لَيْسَ كَلِمَاتٍ لَا مَعَانِيَ لَهَا، وَلَا تَمْتَمَاتٍ لَا أَثَرَ عَلَيْهَا، الذِّكْرُ الْحَقُّ يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى صَاحِبِهِ فِي سُلُوكِهِ وَخُلُقِهِ، وَاتِّزَانِهِ وَدِيَانَتِهِ، وَتَعَامُلِهِ وَأَمَانَتِهِ.
صِيَغُ الْأَذْكَارِ كَثِيرَةٌ، وَأُجُورُهَا عَظِيمَةٌ وَفِيرَةٌ، وَهَذِهِ وَقْفَةٌ مَعَ ذِكْرٍ جَمِيلٍ، وَتَفْوِيضٍ جَلِيلٍ، هُوَ ذِكْرُ وِقَايَةٍ وَكِفَايَةٍ، وَانْشِرَاحٍ وَهِدَايَةٍ.
هُوَ كَلِمَاتٌ مَعْدُودَاتٌ بَيْدَ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِالْمَعَانِي وَالْأُجُورِ الْوَافِرَاتِ، فِيهَا مَا فِيهَا مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْإِجْلَالِ، وَالتَّوْقِيرِ لِلرَّبِّ الْمُتَعَالِ.
نَعَمْ هُوَ كَلِمَاتٌ، لَكِنَّ مَكَانَهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، وَهُوَ عِبَارَاتٌ مُوجَزَاتٌ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ عَابِرَةً، بَلْ هِيَ تَغْرِسُ لِقَائِلِهَا غَرْسًا فِي الْجَنَّةِ، وَلِذَا فَقِيمَتُهَا كَالْكَنْزِ وَلَكِنْ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ.
"لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ"، مَا أَسْهَلَ النُّطْقَ بِهِ وَمَا أَعْذَبَهُ وَأَجْمَلَهُ.
أَوْصَى بِهَذَا الذِّكْرِ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَدَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْهُ. فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ " قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" "رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ".
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: مَرَّ بِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ؟ " قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" "أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ".
أَمَّا أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ فَقَدْ قَالَ: أَمَرَنِي خَلِيلِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَبْعٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا: وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ" "رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ".
(لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) كَلِمَةُ اسْتِسْلَامٍ وَتَفْوِيضٍ إِلَى اللَّهِ، وَاعْتِرَافٍ بِالْإِذْعَانِ لَهُ، وَأَنَّهُ لَا رَادَّ لِأَمْرِهِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنَ الْأَمْرِ، وَلَيْسَ لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِ شَرٍّ، وَلَا قُوَّةٌ فِي جَلْبِ خَيْرٍ إِلَّا بِإِرَادَةِ اللَّهِ، وَحَسْبُكَ بِهَذَا إِفْرَادًا وَتَوْحِيدًا.
هَذَا التَّفْوِيضُ وَالِاعْتِرَافُ، فِيهِ مِنَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي اسْتَحَقَّ أَنْ يُوصَفَ بِالْكَنْزِ، قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمَ: "وَلَمَّا كَانَ الْكَنْزُ هُوَ الْمَالُ النَّفِيسُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي يُخْفَى عَلَى أَكْثَرِ النَّاسِ، وَكَانَ هَذَا شَأْنَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ كَانَتْ كَنْزًا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، فَأُوتِيَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ".
(لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) فِيهَا تَحْقِيقٌ لِعِبَادَةِ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَلِذَا نَجِدُ الشَّرْعَ أَوْصَى بِذِكْرِهَا فِي مَوَاضِعِ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَتَعَالَى:
- فَعِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ، شَرَعَ لَنَا أَنْ نَقُولَ: (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) بَعْدَ (حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ)، أَيْ: لَا قُدْرَةَ لَنَا عَلَى الِاسْتِجَابَةِ لِهَذَا النِّدَاءِ، إِلَّا بِإِعَانَةِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ.
- وَإِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ، فَهُوَ مَدْعُوٌّ لِلِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ، وَتَرْدِيدِ (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)، رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ وَوُقِيتَ وَكُفِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟ " "رَوَاهُ أَبُو دَاوُودَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ".
- وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ الْعَظِيمَةُ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ أَسْبَابِ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ؛ فَفِي الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: "مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ؛ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ" "رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ".
- وَمِنْ فَضْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ: أَنَّهَا سَبَبٌ فِي مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا عَلَى الْأَرْضِ أَحَدٌ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِلَّا كُفِّرَتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ" "رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ".
- وَهِيَ مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَنْهَا: (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) [الْكَهْفِ: 46]، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ" قِيلَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ، وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" "رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ".
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ لَهَا تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي مُعَالَجَةِ الْأَشْغَالِ الصَّعْبَةِ، وَتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ، وَمَنْ يَخَافُ، وَرُكُوبِ الْأَهْوَالِ، وَلَهَا أَيْضًا تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي دَفْعِ الْفَقْرِ، وَلَهَا تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي دَفْعِ الشَّيَاطِينِ".
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ هِيَ كَلِمَةُ اسْتِعَانَةٍ لَا كَلِمَةُ اسْتِرْجَاعٍ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ يُعِينَكَ اللَّهُ عَلَى شَيْءٍ، فَقُلْ: (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولُوهَا عِنْدَ سَمَاعِ فَاجِعَةٍ، أَوْ خَبَرٍ مَكْرُوهٍ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ: "هَذِهِ الْكَلِمَةُ كَلِمَةُ اسْتِعَانَةٍ؛ لَا كَلِمَةُ اسْتِرْجَاعٍ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُهَا عِنْدَ الْمَصَائِبِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِرْجَاعِ وَيَقُولُهَا جَزَعًا لَا صَبْرًا" ا. هـ
وَبَعْدُ -أَيُّهَا الْكِرَامُ- فَلَا سَبِيلَ لَنَا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنٍ مِنَ اللَّهِ وَتَوْفِيقٍ، وَكَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ أَنْ نَجْأَرَ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْجُمَلِ الطَّيِّبَاتِ، لَا لِأَجْرِهَا فَقَطْ، وَلَكِنْ لِلِاسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَهِجْرَانِ الْمُحَرَّمَاتِ، فِي زَمَنٍ تَيَسَّرَتْ فِيهِ سُبُلُ الْمَآثِمِ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابٌ مِنْ فِتَنِ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ لَمْ يَعْرِفْهَا النَّاسُ فِي سَابِقِ أَيَّامِهِمْ.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْوَحْيَيْنِ، وَجَعَلَنَا مِنْ أَتْبَاعِ سَيِّدِ الثَّقَلَيْنِ...
أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَهْلَ الْإِيمَانِ:
فِي زَمَنِ الْغَفْلَةِ وَطُغْيَانِ الْمَادِّيَّاتِ رُبَّمَا نَسِيَ الْإِنْسَانُ الْمِسْكِينُ إِنْعَامَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَتَغِيبُ عَنْهُ مَعَانِي الْإِقْرَارِ، لِلْمَلِكِ الْجَبَّارِ، فَتُعْجِبُهُ نَفْسُهُ زَهْوًا وَغُرُورًا لِمَالٍ حَصَّلَهُ، أَوْ مَنْصِبٍ سِيقَ إِلَيْهِ، أَوْ صِيتٍ لَمَعَ بِهِ نَجْمُهُ، فَلَا يَرَى فِي كُلِّ ذَلِكَ إِلَّا ذَاتَهُ، وَيَغِيبُ عَنْهُ مِنَّةُ رَبِّهِ، فَيُفَاخِرُ الْخَلْقَ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَيَقُولُ: أَنَا أَكْثَرُ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا!
وَنَسِيَ أَوْ تَنَاسَى، أَنَّهُ لَا حَوْلَ لَهُ بِهَذَا، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ وَطَّنَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ عَلَى هَذَا الذِّكْرِ لَمَا تَبَاهَى وَفَاخَرَ بِهَذَا الِانْتِفَاشِ الْمُشِينِ.
فَحَرِيٌّ بِنَا أَنْ نَلْزَمَ هَذَا الذِّكْرَ وَنَتَشَبَّثَ، فَطَلَبُ عَوْنِ اللَّهِ يَحْتَاجُهُ كُلُّ إِنْسَانٍ، الطَّائِعُ وَالْعَاصِي، وَالصَّحِيحُ وَالْمَرِيضُ، وَالْمُعَافَى وَالْمُبْتَلَى، وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالْمَكْرُوبُ وَالْمَهْمُومُ، وَالْمَلْهُوفُ وَالْفَقِيرُ.
أَخِي الْكَرِيمَ: رَطِّبْ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ لِسَانَكَ، وَرَدِّدْهَا فِي صُبْحِكَ وَمَسَائِكَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِالْتِزَامِكَ، وَلَا بِأَيِّ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِكَ، وَلَكِنِ الْجَأْ إِلَى رَبِّكَ، وَتَضَرَّعْ إِلَيْهِ، وَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" وَفِي زُبُرِ الْقُرْآنِ أَنَّ الْمُتَّقِيَ قَدْ يَمَسُّهُ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَا بَالُ مَنْ دُونَهُ؟! فَالْعَبْدُ فِي دُنْيَاهُ فِي مَعْرَكَةٍ دَائِمَةٍ مَعَ الشَّيْطَانِ وَحَبَائِلِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَالْإِنْسَانُ خُلِقَ ضَعِيفًا فَهُوَ بِحَاجَةٍ إِلَى عَوْنٍ مِنَ اللَّهِ فِي اسْتِدْفَاعِ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ، وَمُقَاوَمَةِ مُغْرِيَاتِهِ، وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ الْعَبْدُ ذِكْرُ اللَّهِ، وَالَّذِي مِنْهُ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ".
اللَّهُمَّ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ عَطِّرْ أَلْسِنَتَنَا بِذِكْرِكَ وَقُلُوبَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ...
اجْعَلْنَا لَكَ ذَاكِرِينَ، لَكَ شَاكِرِينَ، لَكَ مُسْتَجِيبِينَ، يَسِّرْنَا لِلْيُسْرَى وَجَنِّبْنَا الْعُسْرَى، وَلَا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي