الدين الحق؛ دين الكتاب والسنة الدين الذي فهمه الصحابة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الدين الحق الذي قدم للإنسانية صورًا ونماذج من الحضارة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين ودولة بني أمية وبني العباس وبني أمية في الأندلس، والدولة العثمانية؛ هذه الدول التي قدمت للعالم حضارة العلم والنور حضارة العدل والحق والرحمة والفضيلة، وقبل ذلك كله قدمت للإنسان حضارة الإيمان بالله -عز وجل- بالله الحق الإيمان برسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإيمان بدين الإسلام الذي خاطب الله به الديانات كلها.
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى ومصابيح الدجى ومن تبعهم واكتفى وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر عدد ما أحرم الحجاج من الميقات، وكلما لبى الملبون وزيد في الحسنات.
الله أكبر عدد ما دخل الحجاج مكة ومنىً ومزدلفة وعرفات.
الله أكبر عدد ما طاف الطائفون بالبيت الحرام وعظموا الحرمات.
الله أكبر عدد من سعى بين الصفا والمروة من المرات.
والله أكبر عدد ما حلقوا الرءوس تعظيماً لرب البريات.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكره وأصيلاً، وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا عباد الله: لا وصية في الدنيا أنفع للعبد وأسعد له في الدنيا والآخرة من الوصية بتقوى الله -عز وجل- ففي تقوى الله صلاح النفوس وتزكية القلوب وتهذيب الأخلاق وحسن العمل، بل الحياة الطيبة الهنية الرضية في الدنيا والآخرة إنما تكون بتقوى الله -عز وجل-، ألا فاتقوا الله عباد الله تقوى حقيقية تعظمون فيها أمر الله وتستقيمون بها على شرعه فلا يراكم إلا حيث أمركم ولا تفقدون إلا حيث نهاكم.
اتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه تسعدوا وتفلحوا وتفوزوا في الدنيا والآخرة، جعلني الله وإياكم من عباده المتقين الموعودين بوافر الثواب وجزيل العطاء (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا) [النبأ: 31- 36].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أيها الإخوة المسلمون: هذا يوم النحر هذا يوم الحج الأكبر، تشرق شمسه بعد أن أدى المسلمون من حجاج بيت الله الحرام ركن الحج الأعظم، فوقفوا في عرفات ملبين داعين ذاكرين يحدوهم الأمل في قبول حجهم وتكفير سيئاتهم، ومغفرة ذنوبهم، وعتقهم من النار.
فاللهم يا من رفع الحجيج إليك أكفهم حقِّق لهم سؤلهم، واجعل حجهم مقبولاً وذنبهم مغفورًا، وسعيهم مشكورا؛ إنك سميع مجيب.
هذا يوم الحج الأكبر يؤدي الحجاج فيه معظم مناسك حجهم، فيرمون جمرة العقبة، وينحرون ويذبحون هداياهم، ويحلقون ويقصرون، ويطوفون ويسعون، ولهذا سماه الله يوم الحج الأكبر.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها الإخوة المسلمون: يمر العالم الإسلامي اليوم بمرحلة حرجة من تاريخه حلقة من حلقات تاريخه تتجلى فيها مظاهر الصراع بين الحق والباطل بين الكفر والإيمان بين الخير والشر، بين العدل والظلم؛ حيث تكالبت قوى الشر المختلفة على أمة الإسلام يريدون النيل من عقيدتها وتعميق انقساماتها، والاستيلاء على خيراتها ومقدراتها، والحيلولة دون تقدمها ونهضتها.
وهذه سنة كونية في الصراع بين الحق والباطل منذ أن خلق الله آدم، وأمر إبليس بالسجود له، وعصيان إبليس للأمر، والصراع بين الحق والباطل مستمر؛ يقف في أحد طرفي الصراع المسلمون المتبعون للكتاب والسنة المقتدون بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته وسلف الأمة -رضوان الله عليهم أجمعين-.
ويقف في الطرف الأخر الكافرون بمختلف أديانهم وعقائدهم، والمنافقون بمختلف نحلهم ومسالكهم.
هذا الصراع أساسه اختلاف الدين واختلاف العقيدة مهما حاول الناس أن يضعوا له عنوانًا آخر، أو يلبسوه لباس آخر فلب الصراع وحقيقته وجوهره اختلاف الدين، وقد بيَّن الله -عز وجل- هذه الحقيقة في كتابه في مواضع كثيرة فقال -عز وجل-: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة:109]، ويقول تعالى: (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء) [النساء:89]، ويقول سبحانه وتعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)، ويقول سبحانه وتعالى: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) [البقرة:217].
هذه هي حقيقة الصراع الدائر في فلسطين والشام وبورما وغيرها من المواضع تارة يكون صراعًا مكشوفًا يكون الكفار أحد أطرافه، وتارة يكون مدارًا من قبل الكفار وينفذه أعوانهم وأتباعهم من المنافقين وأهل الأهواء المنحرفين عن عقيدة الكتاب والسنة ممن يسمون أنفسهم مسلمين ويسكنون أوطان المسلمين ويعيشون بينهم إلا أن عقيدتهم تختلف اختلافًا جذريًّا عن عقيدة المسلمين.
والعجب ممن ينفي حقيقة هذا الصراع من بعض أبناء المسلمين وحرصهم على تسميته بغير اسمه مع أن أطرافه الحقيقية الأخرى لا تتردد في وصفه بالصراع الديني متى ما سنحت لهم الفرصة وأحيانًا تتفلت الكلمات على ألسنتهم لتعبر عما في قلوبهم (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ)[آل عمران: 118].
وفئة ثانية من أبناء المسلمين يدركون حقيقة الصراع لكنهم يخطئون سبيل المواجهة الناجحة فتراهم يعمدون إلى العبث بأحكام الشرع وتزييف الوعي في الكلام في المسلَّمات والثوابت طعنًا وتشكيكًا وتمييعًا بأحكام الشريعة؛ ظنًّا منهم أن الكفار سيرضون عنهم بهذا التخليط أو التخلي عن بعض أحكام الشريعة ومظاهرها العامة، أو بسبب تميعهم بأحكام الدين والولاء والبراء، وما علم هؤلاء أن ذلك كله لن يرضي الأعداء، وإنما الذي يرضيهم التخلي عن الدين كله (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: 120]، (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء) [النساء: 89].
ولهذا حذَّر الله -عز وجل- نبيه ومصطفاه من هذا المنهج؛ منهج التنازلات للأعداء لتمييع أحكام الشرع والتحلل أو التخلص من بعضها، فقال تعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: (وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ) [المائدة: 49]؛ عن بعض وليس الأكثر أو الكل عن بعض ما أنزل الله إليك، وانظر كيف سمى الله -عز وجل- ذلك فتنة وحذَّر نبيه -صلى الله عليه وسلم- من الوقوع فيها.
وبيَّن -عز وجل- في آية أخرى العاقبة الوخيمة لمن اتبع الكفار ووافقهم في التنازل عن شيء من أحكام الشرع، وأنهم لم يغنوا عنه من الله شيئًا؛ فقال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) [الجاثية: 18- 19].
وطائفة أخرى من المنتسبين للإسلام سلكوا في مواجهة هذا الصراع عن جوهر الإسلام وحقيقته، وإن زعموا بأقوالهم برياتهم وشعاراتهم أنهم يواجهون الخطر بالإسلام، فسلكوا مسلك الغلو واستحلال الدماء وتكفير المجتمعات الإسلامية وهم بذلك لا للإسلام نصروا ولا لراية الكفر كسروا، بل اتخذ منهم الكفار شماعة يعلقون عليها تداخلاتهم في بلاد الإسلام، وحربهم على المسلمين بدعوى محاربة الإرهاب مع أنهم في الحقيقة هم صانع الإرهاب ومموله وداعميه؛ لأنه يحقق مصالحهم الاستعمارية.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها الإخوة المسلمون: مهم تحدث المتحدثون بأن الغرب والشرق الكافر إنما يقاتل ويحارب من أجل حماية مصالحه، وهذا أمر لا ينكر لكن الباعث الحقيقي لذلك كله الحرب على الإسلام الحق الحرب على الدين الذي أنزله الله -عز وجل- على نبيه ومصطفاه -صلى الله عليه وسلم-، الحرب على الدين الذي جاء به محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
الدين الحق؛ دين الكتاب والسنة الدين الذي فهمه الصحابة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الدين الحق الذي قدم للإنسانية صورًا ونماذج من الحضارة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين ودولة بني أمية وبني العباس وبني أمية في الأندلس، والدولة العثمانية؛ هذه الدول التي قدمت للعالم حضارة العلم والنور حضارة العدل والحق والرحمة والفضيلة، وقبل ذلك كله قدمت للإنسان حضارة الإيمان بالله -عز وجل- بالله الحق الإيمان برسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإيمان بدين الإسلام الذي خاطب الله به الديانات كلها.
ومن ثم فكيف يمكن أن تجتمع أو تلتقي هذه الحضارة الحقة مع حضارة الغرب الكافر مع حضارة الغرب الزائفة التي تنكر وجود الله ولا تبالي بالفضيلة بل تحاربها وتروج للرذيلة وتدعم الشذوذ والإباحية، حضارة الظلم والقهر والاستعباد وسفك الدماء.
إن العالم الإسلامي اليوم ينبغي أن يعي هذه الحقيقة المهمة التي من خلال الوعي بها وإدراكها يمكن أن نضع أيدينا على العلاج الناجح الذي يمكن أن نواجه به هذا الخطر الداهم على بلاد المسلمين والذي يتمثل في الرجوع الحق، الرجوع الحق إلى الدين ومزيد استمساك به واستقامة على هديه؛ تنفيذًا لأحكامه وإعلانًا وإظهارًا لشعائره واعتزازًا بذلك كله، وتسخيرًا لكل الإمكانات من أجل تربية الناس على الدين وتعاليمه وأطرهم على الحق أطرًا وقسرهم عن الشر قسرًا، وتعرية الباطل وكشفه لئلا ينخدع به السذج والعوام من المسلمين.
ولن يتأتى ذلك على الوجه الأكمل إلا بالتحام الشعوب المسلمة مع ولاة أمرهم الشرعيين الذين يجعلون من الكتاب والسنة المرجع في التصرفات والأحكام والمواقف.
وإننا في هذه البلاد المباركة لنحمد الله -عز وجل- على ما نحن فيه من ولاية شرعية تحكم بالكتاب والسنة، وإن واجبًا على الجميع من أبناء هذه البلاد وهم يدركون ويشاهدون المخاطر التي تهدد العالم، وتحيط بنا من جميع الجهات أن يزدادوا لُحمة وتماسكًَا وتعاضدًا مع ولاة أمرهم على الحق ونصرة وإعانة لهم على الحق والخير ونصحًا حقيقيًّا لهم في صغير الأمر وكبيره، وأن يغلقوا كل باب شر وفتنة يمكن أن يلج منه الأعداء ويبث شرورهم ومؤامراتهم ويغلب المصالح الكبرى المصالح العامة على المصالح الصغرى والمصالح الخاصة.
وأن يعلنوا القاعدة الشرعية في أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح، وأن المصالح الكبرى التي نعيشها في هذه البلاد المباركة كمصلحة ظهور الدين وإقامته ومصلحة تطبيق الشريعة، ومصلحة الأمن واستتبابه، وتحقق مصالح الناس المعيشية والتعليمية والصحية وغيرها، وتعميم السبل؛ كل ذلك مما لا يمكن لعاقل أن يضحي به تحت أي مسمى أو أن يعرضه للخطر تحت أي دعوة أو شعار.
الشرع والعقل والمنطق والمصلحة تدعو إلى المحافظة على الجماعة في هذه البلاد ومراعاة الولاية الشرعية، والقيام بحقوقها والوقوف صفًّا واحدًا أمام كل تحدي يواجهها.
وعلى من بسط الله يده بالولاية والسلطة من ذلك نصيبا وافر في الأخذ بعزم وحزم على يدي كل من يريد خرق السفينة من التغريبيين والمنافقين والمتطاولين على الثوابت والمحكمات ودين الأمة وشريعتها الساخرين من الأحكام الشرعية والمطالبين بالتحلل والتخلص منها، وكذا الشأن مع الغلاة والتكفيريين الذي يريدون إشاعة الفوضى وسفك الدماء وإضاعة الأمن ممن يتخذهم أعداء المسلمين ذريعة للعبث بمقدرات الأمة وأمنها واستقرارها.
وإننا على ثقة أننا متى التزمنا شرع ربنا واستقمنا استقامة حقيقية على ديننا في مختلف المجالات وتناصحنا وتعضدنا وتعاونا مع ولاة أمرنا فإن كل تلك المخاطر ستذهب أدراج الرياح والله -عز وجل- يقول في محكم كتابه: (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا)، ويقول سبحانه وتعالى: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال:46].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الحمد لله الذي شرع لنا دينًا قويمًا وهدانا صراطًا مستقيمًا، ومنَّ علينا باتباع دين محمد -صلى الله عليه وسلم- أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واحذروا المعاصي كلها صغيرها وكبيرها فإن أقدامكم ضعيفة على النار لا تقوى.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عباد الله: هذا يوم النحر هذا يوم عيد الأضحى المبارك يحيي المسلمون في مشارك الأرض ومغاربها فيه شعيرة التقرب إلى الله، والتعبد له بذبح النسائك والقرابين والأضاحي اقتداء بالخليلين إبراهيم ومحمد عليهما وعلى سائر أنبياء الله ورسله أفضل الصلاة وأذكى التسليم.
ما تقرب العباد في هذا اليوم بأحب إلى الله من الصلاة وذبح الأضاحي والقرابين تقربا إلى الله بالذبح وتعبدًا له بسفك الدم (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر: 2]، (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162- 163].
فأحيوا -رحمكم الله- هذه السنة والشعيرة فإنها سنة مؤكدة على الميسورين من المسلمين، ومن رحمة الله -عز وجل- أن أضحية واحدة تجزئ عن الرجل وأهل بيته عمومًا، وللرجل أن يدخل في ثواب أضحيته من شاء من المسلمين الأحياء والأموات مهما كان عددهم، فقد ضحى نبينكم -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أقرنين أملحين ذبح الأول وسمى الله وكبر وقال: "اللهم هذا عن محمد وآل محمد" وذبح الثاني وقال "اللهم هذا عمن لم يضحي ممن وحد الله من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ".
ولا تصح الأضحية إلا من بهيمة الأنعام أن تكون قد بلغت السن المعتبر شرعًا وهو ما تم له خمس سنين من الإبل، وسنتان من البقر، وسنة من الماعز وستة أشهر من الضأن، ويشترط أن تكون البهيمة سالمة من العيوب المانعة من الإجزاء فلا تصح الأضحية من العوراء البين عورها، ولا العرجاء البين عرجها، ولا المريضة البين مرضها، ولا الهزيلة التي لا مخ فيها لهزالها وضعفها.
وتجزئ الأضحية بمكسورة القرن ومشقوقة الأذن والسلامة منها أولا وتجزئ الأضحية بالخصي من النعم بل فضله أهل العلم على الفحل ولابد أن يكون ذبح الأضحية في وقتها المحدد شرعا وهو بعد الفراغ من صلاة العيد إلى غروب شمس رابع أيام العيد الثالث من ذي الحجة.
ويصح الذبح ليلاً ونهارًا، ويسن عند الذبح أن تقاد البهيمة قودًا هينًا وأن يوارى السكين عنها ولا يحدها وهي تنظر ثم يضجعها على شقها الأيسر أو الأيمن بحيث ما يكون أمكن له إن كان يذبح بيمناه أو بيسراه مستقبلا بها القبلة ويضع قدمه على رقبتها ويرفع رأسها ويمر السكين بقوة على رقبتها فيقطع الحلقوم والمريء والوجدين يقول عند الذبح: "بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك اللهم هذا عني وعن والدي وأهل بيتي"، أو يقول "اللهم هذا عن فلان أو فلانة" إن كان وصيًا ووكيلا في الذبح.
ولا يستحب بعد الذبح مسك قوائمها بل تترك على حالها ولا يشرع في سلخها حتى تسكن ويأكل من ذبيحة أضحيته ويتصدق ويهدي (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) [الحج: 36- 37].
فكلوا عباد الله واشكروا ربكم على أنعم به عليكم، واحذروا الإسراف والبطر وكفران النعم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله أحيوا سنة التكبير في أيامكم هذا في يوم العيد والأيام الثلاثة بعده؛ التكبير المطلق في جميع الأوقات حتى تغيب الشمس من رابع أيام العيد، والتكبير المقيد أدبار الصلوات حتى صلاة العصر من رابع أيام العيد، اجمعوا بين التكبير المطلق في جميع الأوقات والتكبير المقيد أدبار الصلوات.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إن أيامكم هذه أيام أكل وشرب وذكر لله -عز وجل- ولهذا يحرم صومها تطوعًا حتى ولو كان منها الخميس أو كان منها أيام الثالث عشر الذي هو أحد أيام البيض وربكم -عز وجل- يقول: (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ) [البقرة: 200] وهي أيام التشريق.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عباد الله: حافظوا على صلواتكم، أدوا زكاة أموالكم، بروا والديكم، صلوا أرحماكم واجتنبوا الكبائر والموبقات، واحترزوا من الصغائر والسيئات، ولازموا التوبة والاستغفار، مروا نساءكم وبناتكم بالتستر والعفاف والحذر من التبرج والسفور، وربوا أولادكم على كل خلق فاضل وأمروهم بالصلاة، وحذروهم من قرناء السوء واعمروا أوقاتكم بطاعة الله وذكره فعما قريب تودعون الدنيا ولا ينفعكم بعد الرحيل من الدنيا إلا العمل الصالح، فاستكثروا منه رحمكم الله ما استطعتم؛ فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل.
اللهم أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
صيروا هذا اليوم عيدًا للجميع عودوا المرضى، وصلوا الأرحام، وزروا الأصدقاء والأخوان، وأدخلوا البهجة والسرور على الصغير والكبير والضعيف والمسكين والمحزون والمغموم.
اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام..
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبدالله فقد أمركم ربكم بهذا في كتابه فقال عز من قائل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، وقال عليه الصلاة والسلام "من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا" اللهم صلِّ وسلم وبارك...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي