العزة

ناصر بن محمد الأحمد

عناصر الخطبة

  1. الحث على العزة
  2. شخصية المسلم الحقيقية ومحاولات القضاء عليها
  3. بعض آثار عِزّة المسلم
  4. بعض المفاهيم المغلوطة حول العزة
  5. نماذج رائعة في العزة
  6. مصادر استمداد العِزّة
  7. العزة الجوفاء
  8. عزة أطفال الحجارة في فلسطين
  9. الحاجة إلى العزة والتربية عليها
  10. أولى الناس بالتحلي بالعزّة
  11. مخاطر ضعف العزة

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله …

أما بعد:

قال الله -تعالى-: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾[المنافقون: 8].

وقال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾[فاطر: 10].

وقال سبحانه: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾[آل عمران: 139].

هذه النصوص القرآنية الكريمة تحمل توجيهاً للناس جميعاً: أن يطلبوا العزة من الله –سبحانه-، فمن آمن بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيناً ورسولاً، اعتز بعقيدته، وسما بشخصيته، وأعلن ولاءه لدينه، وتميز في سمته ولباسه، عزةُ العلم والإيمان، وليست عزة الإثم والعدوان.

إن الشخصية الإسلامية، هي الشخصية الإنسانية الوحيدة، التي توسم بأنها سوية في صفاتها، سوية في خصائصها، سوية في آمالها، سوية في طبائعها، سوية في مقاييسها وموازينها.

إن شخصية المسلم، هي الشخصية السوية التي لم تمسخ فطرتها، ولم تشوه جبلتها.

إن الشخصية الإسلامية الحقيقية، هي الشخصية التي تسعى في هذا الكون، لتكون الإنسان الذي شاءه خالق الكون، ومبدع الحياة، وفاطر الإنسان، وجميع الشخصيات الأخرى في هذا العالم غير شخصية المسلم، هي شخصيات منكسة القلب، مشوشة الفكر، لا تعرف طريقها ولا تهتدي سبيلها.

لقد تعرضت شخصية المسلم عبر القرون إلى حملات آثمة غادرة استهدفت إزالتها وتدميرها، كما استهدفت تشويهها ومسخها، وقاد هذه الحملة أعداء الإسلام بما ألقوه من شبهات، وبما جاؤوا به من فلسفات وثقافات، لعلمهم أن المسلم لو تزعزعت شخصيته واهتزت، لا يمكن أن يكون هو المسلم الحق الذي يريده الله.

فهناك حربٌ قوية جداً لإضعاف شخصية المسلم من عدد من الجهات، سخرت إذاعاتها وصحفها وبرامجها، وإليه وجهت الكتاب، وأصحاب الفكر والقلم، وأنفقت في سبيل ذلك أموالاً طائلة، تكفي لإثراء الفقراء، وإزالة أسباب التعاسة عن كثير من البشر، ومحاربة الجهل والمرض، لكن الإنسان يحرص على بث فكره، وحمل الناس عليه، ودعوتهم إليه، حرصاً يصغر أمامه أحياناً بذل نفسه فضلاً عن ماله، وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾[الأنعام: 108].

ولكن ومع كل هذه المحاولات، وكل هذه التخطيطات ستبقى شخصية المسلم هي الشخصية الفذة في هذا الكون، مهما بذلوا من أسباب، ومهما أَتَوا بوسائل: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف: 8].

إن المسلم عزيز ويجب عليه أن يعتز بإسلامه، وأن يشعر بهذه العزة وهذه الرفعة في قلبه: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون: 8].

مجرد أنك مسلم، هذه وحدها كافية لتكسبك العزة.

فلا اعتزاز بجنس، ولا اعتزاز بلون، ولا اعتزاز بنسب، ولا اعتزاز بلغة، فهي كلها عزة جوفاء، تقوم على شفا جرف هار، تقوم على تصورات خاطئة، وقيم زائلة.

إن اعتزاز المسلم بدينه الذي يحمله بين جنبيه تدعوه إلى إعلان هذا الدين على الملأ، تدعوه أن لا يسر إسلامه، ولا يسر صلاته، ولا يسر عبادته، بل يعلن ذلك على الملأ وعلى الناس: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾[فصلت: 33].

إن مجرد كون المسلم مسلماً، فإن إسلامه يكسبه هذه العزة؛ روى الحاكم وغيره بسند صحيح: أن حكيم بن حزام ذهب إلى السوق يوماً، فوجد فيها حلة تباع، وكانت حلة نفيسة جميلة، فقال: حلة من هذه؟ قالوا: هذه حلة ذي يزن ملك اليمن.

فاشتراها حكيم -رضي الله عنه-، بخمسين ديناراً، ثم ذهب وأهداها للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلبسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصعد بها المنبر، فما رُئيت حلة أجمل منها، وهي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فنـزل عليه الصلاة والسلام وألبسها، لحبه وابن حبه؛ أسامة بن زيد -رضي الله عنه-، وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام كان عازفاً عن الدنيا، فلبسها أسامة -رضي الله عنه-، وكان آنذاك فتىً صغيراً، وكان رضي الله عنه دميم الخِلقة، وكان أبوه مولى.

فلبسها ونزل بها السوق، فرآه حكيم بن حزام، ولم يكن قد أسلم بعد، فقال له: حلة من هذه؟ فقال: حلة ذي يزن ملك اليمن، فقال له حكيم: أو تلبس أنت حلة ملك اليمن؟ قال: نعم، أنا خير من ذي يزن، وأمي خير من أمه، وأبي خير من أبيه.

انظروا إلى هذه العزة، وكيف كان يشعر بها ذلك الفتى المسلم؟

كان يشعر بأنه أفضل من ذي يزن ملك اليمن؛ لماذا؟

لأنه مسلم وذاك كان كافراً، فأصغر رجل من المسلمين، هو أفضل من ملوك ورؤساء الدول الكافرة كلها، لا لشيء، سوى أن هذا مسلم، وذاك كافر.

إن مجرد كون الرجل مسلماً دون النظر إلى ما يملك، أو إلى ما عنده، أو إلى نسبه، أو إلى أي دولة ينتمي، كونه مسلماً فقط لا يعدله شيء، فهو عزيز عند الله -عز وجل-.

لماذا نريد من كل مسلم أن يشعر بهذه العزة؟

لأنه لو تملّك قلبه هذا الشعور، فهذه العزة كافية؛ لأن تجعله داعية للعالمين، يدعوهم إلى الهدى والرشاد، وهو موقن من جودة بضاعته التي يدعو إليها، ومن صلاحيتها لانتشال الناس، وانتشال الملل الكافرة من الأوحال التي تلطِخ نفوسهم، وتلطِخ قلوبهم ومجتمعاتهم.

إن هذه العزة، تجعله قائداً لركب الإنسانية وإماماً يُهتدى به، ويُقتدى به.

إن هذه العزة، تجعله في مرتبة متقدمة يحمل الراية، وينير الدرب للسائرين: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾[آل عمران: 110].

هذه العزة تجعله لا يخجل من انتمائه لأمة الإسلام، ولا يخجل من عقيدته وشريعته، ولا يخجل من أن يتحدث بلغته لغة القرآن، ولا أن يخجل من لباسه الشرعي، ولا أن يخجل من منظره الإسلامي، الذي يخالف به الكفر وأهله.

هذه العزة، ضرورية ومطلوبة للمسلم، السائر على درب الاستقامة، والدعوة إلى الله، وبدونها لا يستطيع أن يقدم منهجه، ودينه للعالمين، وسيبقى منـزوياً معزولاً عن الحياة، يخشى أن تسلط عليه الأضواء.

إن العزة والاعتزاز بالحق لا يعني الكبرياء والتعالي على الناس، فهذا شيء، وذاك شيء آخر.

بعض الناس قد يفهم أن العزة، هي أن تنظر للآخرين بعين الاحتقار والازدراء، وأن العزة تستلزم البعد عن الناس، وعدم مخالطتهم؛ لأنه يرى نفسه أرفع وأفضل منهم، وهذا خطأ.

بل إن المسلم يخالط الناس ويُعاشرهم، وإن كان فيهم أخطاء وتقصير، ويبقى هو عزيزاً، ولا يستلزم من ذلك أن يتنازل عن شيء من دينه وعقيدته.

فالعزة شيء، والتعالي والتكبر على الناس شيء آخر، فالأول مطلوب، والثاني مرض وإثم، ولا يجوز.

فمن العزة: أن يكون المسلم مع أخيه رحيماً متواضعاً، لا يفخر عليه، ولا يبغي، لكنه مع عدو الدين عزيز قوي، قال الله -تعالى-: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾[الفتح: 29].

إن المسلم إذا اعتز بدينه، وشعر بهذه العزة، وشعر بهذه القوة، والله لو تمكن منه أعداء الإسلام كلهم، فلن يستطيعوا أن يحصلوا منه على شيء؛ لأن هذه العزة موجودة في قلبه، ومهما فُعل به، فالوصول إلى قلبه أمر مستحيل، وإن تمكنوا من جسده، ولو قطعوه إرباً إرباً، أما دينه وعقيدته وعزته، فهي في قلبه، لا يخاف أحداً إلا الله -عز وجل-.

والأمثلة والأحداث في ذلك كثيرة؛ فهذه ماشطة بنت فرعون، كانت ابنة فرعون الصغيرة لها ماشطة، أي امرأة متولية أمر تمشيط شعرها، وكانت هذه الماشطة مؤمنة، ففي ذات يوم وهي تمشط بنت فرعون سقط المشط من يدها، فقالت: بسم الله، فقالت البنت الصغيرة: بسم أبي؛ لأنها كانت تعتقد أن أباها هو الرب، وهو الله؛ لأن فرعون قد رسخ هذه العقيدة عندها كما نشرها بين قومه: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾[القصص: 38].

وكان يدّعي الألوهية، فقالت الماشطة: لا، بل الله هو ربي وربك، ورب أبيك، فقالت الصغيرة: إذاً أخبر أبي بذلك، قالت: أخبريه، فأخبرت البنت أباها، فطلبها فرعون فسألها، قالت: نعم ربي وربك الله.

فجاء بها فرعون على ملأ من الناس هي وأبنائها الصغار، وقد أوقدت النار على قدر كبير، فأمسك بولدها الأول، وأخذه من فوق كتفها، وألقاه في القدر، فانمحى كالحبة، وسرعان ما تقطع وتمزق وذاب جسده، ثم أخذ بالثاني وهو يجر ويسحب ثوب أمه، وفعل به كالأول.

فقالت له الماشطة: لي عندك طلب، قال: وما طلبك؟ قالت: أن تجمع عظامي وعظام أولادي في قبر واحد!.

الله أكبر، أي قوة في إيمان هذه المرأة؟ امرأة ضعيفة، لكن باعتزازها بدينها، وبقوة إيمانها وعزتها، تتحدى أكبر طاغية في زمانه، ولم يستطع فرعون بكل ما أوتي من قوة، أن يصل إلى قلب هذه المرأة، وإن تمكن من جسدها وأحرقها؟

وهكذا الإيمان يفعل في النفوس، وهكذا عزة المسلم بدينه وعقيدته، تجعله يقف في وجه قوى الأرض كلها، تجعله يتحدى كل أعداء الله؛ لأنه يعلم أنهم لن يصلوا إليه إلا بأمر الله -عز وجل-، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه.

وقصة خبيب ابن عدي -رضي الله عنه- مشهورة، حين أمسك به المشركون من قريش، ثم جاءوا به ليصلبوه ويقتلوه على جذع نخلة في مكة.

التفت رضي الله عنه إلى الذين حوله من الكفار، وكان رضي الله عنه أعزل وحيداً مكبلاً بالقيود.

هل ضعف رضي الله عنه وهو في تلك الحالة، وكان يعلم أنه سيقتل، ويصلب بعد قليل؟

لا، ما ضعف أبداً.

إن عزته بدينه جعلته يقف ذلك الموقف البطولي في التاريخ.

التفت إليهم، واستأذن في صلاة ركعتين، فأُذن له، فقام رضي الله عنه، وصلى تلك الركعتين، ثم قام من صلاته، ونظر إليهم، وقال:

لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا *** قبائلهم واستجمعوا كل مجمع

وكلهم مبدي العداوة جاهرٌ *** عليّ لأني في وصالٍ بمضبع

وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم *** وقربت من جذع طويل ممنع

وكانت قريش قد جمعت له النساء والأطفال ليتفرجوا عليه، وهو يقتل.

وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم *** وقربت من جذع طويل ممنع

إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي *** وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي

فيا رب صبرني على ما يراد بي *** فقد بضعوا لحمي وقد يأس مطمعي

وقد خيروني الكفر والموت دونه  *** وقد هملت عيناي من غير مجزع

يقول رضي الله عنه أنه قد بكى وقد ذرفت عيناه، لكنه من غير خوف من الموت.

وقد خيروني الكفر والموت دونه *** وقد هملت عيناي من غير مجزع

وما بي حذار الموت إني لميت *** ولكن حذاري جسم نار ملفع

ولست أبالي حين أقتل مسلماً *** على أي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع

ولست بمبدٍ للعدو تخشعاً *** ولا جزعاً إني إلى الله مرجعي

هكذا تكون عزة المؤمن، وهكذا يفعل الإيمان إذا وقر في القلب.

والأمثلة والمواقف في تاريخنا الإسلامي لا عد لها ولا حصر.

وهذا ربعي بن عامر -رضي الله عنه- ضرب مثالاً عجيباً في العزة في معركة القادسية، عندما طلب رستم من سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن يبعث إليه رسولاً يتفاوض معه قبل أن يبدأ القتال، فأرسل إليه المغيرة بن شعبة، فكان مما قاله لرستم: إنا ليس طلبنا الدنيا، وإنما همنا وطلبنا الآخرة، ثم بعث إليه سعد رسولاً آخر، وهو ربعي بن عامر، فدخل عليه، وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والحرير، وأظهروا اليواقيت واللآلئ الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه، فقالوا له: ضع سلاحك، فقال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلاّ رجعت، فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق تلك النمارق، فخرقها، فقالوا له: ما جاء بكم؟

قال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسَلَنَا بدينه إلى خلقه، لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبداً، حتى نفضي إلى موعود الله.

قالوا: وما موعود الله؟

قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي.

هذا الصحابي الجليل عاش العزة في أسمى معانيها، ربّى الإيمان عزته، فغدت الدنيا حقيرة، ومباهجها صغيرة، والكبراء صغاراً لا يزنون مثقال ذرة.

من أين تُستمد العزة؟

مصادر العزة في ديننا عديدة:

منها: الصلاة: نعم، تُستمد العزة من الصلاة، وتبدأ بكلمات المؤذن وهو يردد على الملأ: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر من كل كبير، وأكبر من كل عظيم، وأكبر من كل قوي، وأكبر من كل غني، فهو وحده الكبير المتعال.

فيا من تطلب العزة من غني، فالله أكبر من الغني، ويا من تطلب العزة من عظيم، فالله أكبر منه مهما عظم.

في كل أركان الصلاة شرع الله أن نردد حال الانتقال من ركن إلى ركن قولنا: الله أكبر، فإذا ركعت تقول: سبحان ربي العظيم، فلا عظيم إلا الله.

وإذا سجدت، تقول: سبحان ربي الأعلى، فلا أعلى على الخلق إلا الله، وهذا يورث كمال العزة والكرامة التي يعرف الإنسان بها قدره، وأن العظمة لله وحده، وأنه لا استعلاء لأحد من البشر.

كل هذا لكي يوقن المسلم يقيناً لا يهتز ولا يزول: أن كل متكبر بعد الله فهو صغير، وأن كل متعاظم بعد الله فهو حقير: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾[فصلت: 15].

وتستمد العزة أيضاً: بالتربية الإسلامية، وترسيخ العقيدة: هذه العقيدة التي أقنعت العربي المسلم الذي كان يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويتبلّغ بالتمرات الجافة، أنه بالإسلام سيد الأرض ومن عليها، دون استكبار على الحق، وتعالٍ وطغيان بالظلم، وذل للشهوة.

ومن أهم مصادر العزة: طاعة الله -عز وجل-: قال الله -تعالى-: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾[فاطر: 10].

قال ابن كثير -رحمه الله-: "من كان يحب أن يكون عزيزاً في الدنيا والآخرة فليلزم طاعة الله، فإنه يحصل له مقصوده؛ لأن الله -تعالى- مالك الدنيا والآخرة، وله العزة جميعاً".

قال الله -تعالى-: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[آل عمران: 26].

فأنت المعطي، وأنت المانع، وأنت الذي ما شئت كان، وما لم تشأ لم يكن.

وبهذا نعلم أن العز الحقيقي؛ إنما يكون بالقيام بطاعته سبحانه، واتباع رسله.

والذل الحقيقي؛ إنما يكون بعدم القيام بطاعته، وإن وُجد مع أهل المعاصي عزٌ ظاهر، وانتفاش دنيا، فإن ذلك محشوٌّ بالذل والهوان، قد يشعر به صاحبه، وقد تغلب عليه السكرة فلا يشعر؛ كما قال الحسن البصري -رحمه الله- في أهل المعاصي: "إنهم وإن طقطقت بهم البراذين، وهملجت بهم البغال، إن ذل المعصية قد علاهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه".

قال الله -تعالى-: ﴿وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ﴾[الحـج: 18].

فالعاصي له الذل والشقاء في الدنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾[طـه: 124].

ومن أطاع الله واجتنب معاصيه أعزه الله، فمع كل طاعة عز وتكريم، ومع كل معصية ذل ومهانة، وقد ربط الله سبحانه العز بالطاعة، فهي طاعة ونور، وربط سبحانه الذل بالمعصية، فهي معصية وذل وظلمة وحجاب بين العاصي وبين الله -تعالى-.

خرج عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى الشام ومعه أبو عبيدة، فأتوا على مخاضة، وعمر على ناقة له، فنـزل وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض في تلك المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا؟! ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك، فقال عمر: "أَوّهْ، لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالاً لأمة محمد، إنّا كنّا أذل قوم، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله".

فلا بد لنا أن ندرك أن من أسباب قوتنا وعزتنا، ونصر الله لنا، أن نستقيم على أمره، وأن نعلن الصلح مع الله -سبحانه وتعالى-، وأن نسير بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أوصى فأوجز، فقال: "قل آمنت بالله ثم استقم".

بارك الله لي ولكم …

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه …

أما بعد:

أيها المسلمون: العزة كلها لله، وليس شيء منها عند أحد سواه، فمن كان يريد العزة فليطلبها من مصدرها الذي ليس لها مصدر غيره؛ لأن الله -عز وجل- مالك الدنيا والآخرة، وله العزة جميعاً.

قد يتعزز الإنسان بقوة البدن، فيأتيه المرض فيهده هداً، وقد يتعزز بالمال فإذا المال غول قاتل، وقد يتعزز بالنسب والحسب فيأتيه الضياع من كل مكان، وقد يتعزز بالعلم فلا يزيده العلم إلا انحرافاً، وقد يتعزز بالمنصب والجاه والقوة والجبروت، فتدور عليه الدوائر فيصبح من أذل خلق الله.

اعتزاز البشر بأجناسهم وألوانهم ولغاتهم وأنسابهم وأموالهم عزة جوفاء على شفا جرف هار، تستمد زيفها من تصورات خاطئة وقيم زائلة.

أما الاعتزاز بالله، فباقٍ دائم، لا يحول ولا يزول، ولذلك قال الله -تعالى-: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾[المنافقون: 8].

هذه العزة هي الحصن القوي، والشِبع المعنوي أمام المتعالين بالثروة، أو المفاخرين بالنسب، أو المكاثرين بالعدد، أو المزهوين بالقوة، أو غير ذلك من أعراض الدنيا.

إن أخطر ما يصيب الأمة الإسلامية روح الهزيمة النفسية، وضعف الهمة الذي يولّد الانحطاط والتقهقر والتخلف.

إن الأمة الإسلامية، وهي تعيش في أعقاب الزمن هزيمة نفسية بحاجة إلى أن تبث في نفوس أبنائها معاني العزة، تعمقها في شخصياتهم، وتصقل بها فكرهم ورأيهم، وترفع بها ذكرهم، وتدفعهم بها نحو المعالي والسؤدد والشموخ.

يحسّ المؤمن الذي تعلق قلبه بالله أنه عزيز بتلك القوة المستمدة من العبودية الحقة لله، فهو الإله الخالق الرازق، الضار النافع، المحيي المميت، المالك للأمر كله بلا شريك، ومن ثم لا يعود يخشى الأشياء ولا الأشخاص ولا الأحزاب، يرفض المساومة على الشرف والكرامة؛ لأنه يعلم أن الله هو المدبر الحقيقي لكل ما في الكون، وأن أحداً في الكون كله لا يملك شيئاً مع الله، فعلام إذاً يذِل لغير الله؟! علام يبذل من كرامته وعزته لبشر مثله عاجز، ولو كانت في يده مظاهر القوة؟! علام يبذل من كرامته وعزته لبشر مثله ضعيف وإن كان جباراً في الأرض؟!

هذا الضعيف العاجز محتاج لما عند الله؛ لأن الله هو الحي القيوم، وكل ما عداه صائر إلى زوال.

إن لله سنناً لا تتخلف تجري على الأفراد كما تجري على الأمم، فيصيبهم الذل والهوان جزاء ما اقترفوا، ولقاء ما قدموا، يسلط الله عليهم ما لم يكونوا يحتسبون: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[يونس: 27].

كيف ترجى العزة؟ ومتى يؤمل النصر؟ وقد اهتزت في كثير من المواقع العقيدة، وفقد المثل الأعلى، وطمس التاريخ، بل لا تكاد ترى في الواقع إلا ما يصور الذلة والخنوع والتبعية، وما يجرد الأمة بأفرادها من كل معاني العزة والغيرة، وتماسك الشخصية، والبعد عن مواطن العهر النفسي والجسدي.

ولن تستعيد الأمة حقوقها، ولن تنتصر على أعدائها إلا حين تبتغي العزة، والعزة لن تكون عند الكافرين، العزة تطلب من رب العزة وحده لا شريك له: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾[فاطر: 10].

يعلق الإمام القرطبي -رحمه الله- على هذه الآية، وهو ممن عاش أيام سقوط الأندلس، وأفول شمس الحضارة الإسلامية هناك، يقول -رحمه الله-: "هذا تنبيه لذوي الأقدار والهمم من أين تنال العزة؟ ومن أين تُستحق؟ فمن طلب العزة من الله وحده وصدقه في طلبها بافتقار وذل وسكون وخضوع، وجدها عنده إن شاء الله غير ممنوعة ولا محجوبة عنه، قال صلى الله عليه وسلم: "من تواضع لله رفعه".

ومن طلبها من غيره وكلَه إلى من طلبها عنده، وقد ذكر قوماً طلبوا العزة عند من سواه، فقال: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا﴾[النساء: 139].

في ماضي تاريخ المسلمين مرت حوادث مستهم فيها البأساء والضراء وزلزلوا، فاجتاح التتار ديار المسلمين، فضج منهم السهل والجبل، وأريقت دماء، وسجل التاريخ هول المناظر، وبشاعة الأحوال، وقد وُقف زحفهم بعد ما رجع المسلمون إلى الأصل والمنبع إنه الإسلام، ولا شيء غير الإسلام الذي تردد في بطاح حطين، وعين جالوت والزلاقة، ولن يوقف التتار الجدد سوى هذا النداء نداء الإسلام: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾[المنافقون: 8].

والأمة اليوم أحوج ما تكون إلى الالتزام بالعزة والأخذ بمقوماتها على مستوى الحكومات والشعوب والأفراد، والاعتزاز بالدين من أقوى ما نواجه به أعداءنا في زمن تداعت فيه الأمم علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فهلم إلى طريق العزة والمجد والخلود.

لا تسقني ماء الحياة بـذلة *** بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

وفي هذا الوقت ضرب أطفال الحجارة في فلسطين أروع الأمثلة في العزة، لقد علّموا العالم كيف تكون العزة، كيف لا، ونحن نراهم صامدين ثابتين، كيف لا، ونحن نراهم مضحّين مجاهدين، نرى أمهات لهنّ قلوب أثبت من الجبال الرواسي، ونرى أطفالاً وهم يطاولون بقاماتهم الرجال الكبار، ويعلمونهم كيف تكون بطولة الصغار، ونرى كثيراً من صور العز والاستبشار، التي نحتاج إلى تأملها.

إن هذا الطفل بما يمارسه من تصرفات يعتبره العالم إرهاباً هو بتصرفه ليس ضائعاً، ولا تائهاً، ولا لاهياً، ولا عابثاً، بل هو ممن أدرك طريقه وعرف منهجه، واتضحت معالم سيره في هذه الحياة، فلا يميل مع الشرق، ولا يحاذي الغرب، ولا يكون مع النصارى في ولاء، ولا مع اليهود في سلام، بل هي العزة بإيمانه، يجعله بذلك مجدداً لما كان عليه الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-.

لا يصنع التاريخ إلا الرجال الأعزة، أهل الحق والإيمان يُغيّرون مجرى التاريخ بجهادهم المتواصل وعزائمهم التي لا تلين.

تسير الدنيا في ركابهم ولا يسيرون في ركابها.

وأول من يجب أن يتحلى بالعزة، ويمتطي صهوتها: رجال الأمة الذين، وكل إليهم تدبير شؤونها من العلماء والمعلمين والمربين، والقادة والسياسيين، قياداتها في جماعاتها ودولها.

العزة لأهل الحق والإيمان باقية ما استقاموا على النهج، وأصلحوا نفوسهم، وحافظوا على الصلاح، وأخذوا بدروب الاستقامة، ودروب الفضيلة.

ذلك أن العزة لا تجتمع مع السفاسف والدنايا، والبعد عن الله.

تذل الأمة وتفقد كرامتها حين تنحرف نفوسها عن غاياتها، وتزل أقدامها عن طريقها، حين يتلاشى الدين من مظاهر الحياة، فتتغير وجوهها وقلوبها؛ يحل محل عزة المؤمن، ورجولة المجاهد صور النساء، وعلائم الكفار تصطبغ ثيابهم بألوان أعداء الله.

أين العزة فيمن يرى في اتباع أوامر الله عبئاً ثقيلاً على كاهله، ويرى البهجة واللذة في سلوك المعاصي ودروب المخالفات؟

إنه الضعيف أمام كل قوة المنجرف مع كل تيار، يرتعش خوفاً ويرتعد فرقاً يقول: ﴿نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ﴾[المائدة: 52].

﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾[المنافقون: 4].

لن تبني أمة عزة بالانقياد خلف الملذات، أو بانتشار الفوضى والظلم وغياب الحق والعدل.

إن عِزّ هذه الأمة ورفعة أهلها لن تتم ولن يكون إلا بالعضّ على هذا الدين عقيدة وشريعة صدقاً وعدلاً، إحلالاً للحلال، وتحريماً للحرام، ثباتاً في المواقف لا يزعزعه تهديد ولا إغراء.

ومن فقد الجرأة ورضي بالحياة الهينة، واستثقل حمل الشدائد، فلن يحقق مجداً، أو يحرز عزاً، ولكنه سيسير في ركاب الآخرين، ويجرفه التيار، ويهلك في الغابرين: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾[محمد: 38].

كيف يمكن لأمة أن تنتصر وأن تقوى، وأن تعتز وهي تخالف أمر ربها، وتترك هدي رسولها -صلى الله عليه وسلم-؟ وكيف يمكن أن تستمد القوة من الله، وهي تحادّه وتواجهه مستعلنة بكثير من المعاصي؟ وتجاهره بكثير من الفسق؟ ألسنا نرى ذلك في كثير من مجتمعات المسلمين؟ ألسنا نعلم يقين ما أخبرنا الله -عز وجل- به من حقيقة أثر الصلاح والاستقامة وانعكاسها على حياة الأمة، في أمنها وطمأنينتها واستقرارها وقوتها، بل وفي رزقها ورغد عيشها؟ ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾[الأعراف: 96].

إن خير الله ونصره، وأمنه وطمأنينته التي يفيضها على عباده، لا تكون إلا بطاعته والاستقامة على أمره، فلئن عملنا لله ولدينه، استقامة على أمره، واتباعاً لنهجه، وخوفاً من معصيته، ومراعاة لمحارمه، فإن ذلك يؤذن -بإذن الله -عز وجل- أن تنتهي المشكلات فيما بيننا، وأن يكون ذلك عوناً وسبباً لتَنّزُل نصر الله -سبحانه وتعالى- علينا.

وأما أن تكون الأمة، قد أوغلت بعيداً عن منهج الله، وافترقت، وجعلت بينها وبين كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- بوناً شاسعاً، ومفارقة كبيرة، فإن ذلك بكل الأحوال لن تجني منه إلا ما نرى صوره الكثيرة في مجتمعاتنا، سواءً كان ذلك في العذاب والبلاء والمصائب التي تصب علينا بتسلط أعدائنا، أو بما فقد في كثير من مجتمعات المسلمين من الأمن والأمان والاستقرار، أو بما فشا فيها من الأدواء والعلل والأمراض، أو بما حلّ بها من الفقر والمسكنة والذلة والمهانة؛ وكما أخبر الحق -جل وعلا-: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾[طـه: 124].

فنسأل الله -تعالى- رحمة يهدي بها قلوبنا …


تم تحميل المحتوى من موقع