أسباب النصر

حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ
عناصر الخطبة
  1. أسباب وقوع المصائِب والكوارِث بالمُسلمين .
  2. سُبُل العلاج والخرُوج من هذه البلايا .
  3. وجوب العودة إلى كتابِ الله تعالى وسُنَّة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم -. .

اقتباس

إن المصائبَ التي تُصيبُ المسلمين، والكُرباتُ التي تلحقُ بهم، ومُختلَف أنواع العذابِ التي تقَعُ بساحَتِهم، يجبُ أن تجعَلَهم في موقفِ مُحاسبةٍ، وموطِنِ تساؤلٍ عن علاقاتِهم بربِّهم، ومدَى تمسُّكهم بدِينهم، والتِزَامهم بهَديِ نبيِّهم - عليه أفضلُ الصلاة والتسليم -. إن هذه المصائِب لا يقدِر أحدٌ من البشر على دفعِها، فينبغي أن تكون أسبابًا دافعةً لهم حافزةً للمسلمين لتعقُّلِهم في مسالِكهم وتوجُّهاتهم، يجب أن يرفَعُوا عنهم الغفلةَ التي أصابَتهم فيما يتعلَّقُ بالتقصير في التِزامهم بشريعة ربهم وسُنَّة نبيِّهم - عليه أفضلُ الصلاة وأزكى التسليم -.

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ ذيِ القوةِ المتين، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له المُنتقِمُ العظيم، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبيُّ الكريم، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آلِه وأصحابهِ أجمعين.

أما بعدُ .. فيا أيها الناس: أُوصِيكم ونفسي بتقوَى اللهِ - جلَّ وعلا -، فهي وصيتُه للأولينَ والآخرين.

أيها المسلمون: إن المصائبَ التي تُصيبُ المسلمين، والكُرباتُ التي تلحقُ بهم، ومُختلَف أنواع العذابِ التي تقَعُ بساحَتِهم، يجبُ أن تجعَلَهم في موقفِ مُحاسبةٍ، وموطِنِ تساؤلٍ عن علاقاتِهم بربِّهم، ومدَى تمسُّكهم بدِينهم، والتِزَامهم بهَديِ نبيِّهم - عليه أفضلُ الصلاة والتسليم -.

إن هذه المصائِب لا يقدِر أحدٌ من البشر على دفعِها، فينبغي أن تكون أسبابًا دافعةً لهم حافزةً للمسلمين لتعقُّلِهم في مسالِكهم وتوجُّهاتهم، يجب أن يرفَعُوا عنهم الغفلةَ التي أصابَتهم فيما يتعلَّقُ بالتقصير في التِزامهم بشريعة ربهم وسُنَّة نبيِّهم - عليه أفضلُ الصلاة وأزكى التسليم -.

لقد حلَّ بالمسلمين من المصائب الاجتماعية والفردية، والإقليمية والدولية ما يجعَلُهم في ضرورةٍ إلى البحث عن الأسبابِ التي ترفَعُ عنهم البلوَى، وتكشف عنهم الضرَّاء.

إن أصلَ هذه الأسباب: هذا الأصلُ الذي يغِيبُ عن كثيرٍ، إنه تحقيقُ الطاعة الكامِلَة الصادِقة لله - جلَّ وعلا -، الاستِجابةُ لما شرَعَه لخلقِه، المُراقبةُ الدائمةُ له - سبحانه - في السراء والضراء، وفي العلَن والنجوَى، يقول ربُّنا - جلَّ وعلا -: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) [الطلاق: 2].

قال ابنُ عباسٍ - رضي الله عنها -: "أي: يُنجِّيه من كل كَربٍ في الدنيا والآخرة".

فمتى حقَّق المسلمُ هذا الأصلَ في نفسه ومُجتمعه، صار له مخرَجًا من كلِّ شيءٍ ضاقَ عليه، متى تمسَّكَت مُجتمعاتُ المسلمين بهذا الأصلِ تمسُّكًا كما كان عليه نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -، والثلَّةُ الأولين من سلَف هذه الأمة، متى تمسَّكُوا بهذا الأصلِ في شؤُونهم كلِّها، صلُحَت أحوالهم، وطابَت حياتهم، وتيسَّرت أمورهم، وتحقَّق أمنُهم وأمانهم، واندَحَر عدوهم.

متى تمسَّكَ بتقوَى الله - جلَّ وعلا - حاكمٌ من حكام المسلمين، أو مسؤولٌ بذلك تحقَّق عزُّه، وعلا شأنُه، وقوِيَ مُلكُه، ودام في الحياة سُؤدَدُه، وحسُن مُنقلَبُه ومآلُه، (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [يونس: 62].

فهم مهما أصابهم فإن معِيَّة الله الخاصَّةِ معهم، يحفَظُهم ويكلَؤُهم ويرعَاهم، إذا تقرَّر هذا الأصلُ القطعيُّ، فإن المسلمين اليوم وهم يُعانُون من أنواع البلاء في دينِهم وأنفسِهم، في أموالهم وأعراضِهم، في معايِشهم وأرزاقهم، يعيشُون بما لا تَطيبُ به حياتهم، ولا يسعَدُ به عيشُهم، ولا تُؤمَنُ به سُبُلُهم، ولا تستقرُّ به معه أحوالهم.

إن عليهم أن يستَفِيقُوا، إن عليهم أن يتعقَّلُوا، وأن يتَّخِذُوا من هذه المصائب أسبابًا للرجوعِ إلى خالقِهم، أن يعلَمُوا أنه مهما بلَغَت قسوةُ هذه المصائِبِ، فإنها ليسَت بشيءٍ عند مصائِبِ الآخرة حينما يلقَون ربهم، إذا أعرَضُوا عن دين الله، وتولَّوا عن شرعِه، وارتَكَبُوا نواهِيَه، وقارَفُوا معاصِيه، (وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ) [فصلت: 16]، (وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [السجدة: 21].

معاشر المسلمين: إن الله - سبحانه وتعالى - من كرمه وفضله، وجُوده ورحمته، يُذكِّرُنا بحقيقةٍ تغيبُ عن كثيرٍ من المسلمين، مع تعدُّد التحاليل السياسية التي موضوعُها دنيويٌّ لا دينيٌّ، يقول - سبحانه -: (وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف: 168]، ويقول - عزَّ شأنُه -: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41].

ألا وإنه ليس لما أصابَ المسلمين ويُصِيبهم من فُنون العذابِ، وألوان البلاء، إلا أن يرجِعوا إلى ربهم، ويتضرَّعُوا إليه، ويتُوبُوا إليه توبةً صادقةً نَصُوحًا من جميع الذنوب والموبِقات، وأن يُنيبُوا إليه - سبحانه -، مُعاهِدين ربهم بنبذ كل أنواع المعاصي وكافة السيئات، مُحاربين لكافة سُبُل القبائح والموبِقات في أنفسهم، وفي مجتمعاتهم، (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) [الأنعام: 42].

إخوة الإسلام: هذه المصائبُ ليس لها من دُون الله كاشِفة، ففِرُّوا إلى الله - يا أمة الإسلام -، أصلِحُوا بالطاعةِ ما فسَدَ بالمعصِيَة، بدِّلُوا ما أظلَمَ من حياتكم بالمعاصي والموبِقات، أبدِلُوه بنور التقوَى والتقرُّب لربِّ الأرض والسماوات، والالتِزام بسنَّة أفضلِ المخلُوقات - عليه أفضل الصلاة والسلام -.

يقولُ ربُّنا - جلَّ وعلا -: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31]، ويقول: (فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ) [التوبة: 74]، ويقول - جلَّ وعلا -: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهمْ إِلَى حِينٍ) [يونس: 98].

قال ابنُ كثيرٍ - رحمه الله -: "إنه عندما عايَنَ قومُ يونُس أسبابَ العذابِ الذي أنذَرَهم به يونُس، خرَجُوا يجأَرُون إلى الله، ويستَغيثُونه ويتضرَّعُون إليه، وأحضَروا أطفالهم ودوابهم ومواشِيَهم، وسأَلُوا اللهَ أن يرفعَ عنهم العذاب، فرحِمَهم الله، وكشَفَ عنهم العذاب، سألُوه بلسان المقال، وصدَّقُوه بلسان الحال".

يا أمةَ سيد الأنبياء وأفضل المرسلين: أنتُم خيرُ الأمم، كرَّمَكم الله بموعدٍ لا يُخلَف، وفضلٍ إلهيٍّ لا يُتخلَّف إن أنتم رجعتُم إلى ربكم عند الزَّلَل، وأنَبتُم إليه بعد الخلَل، فلن يدُوم بكم كربٌ، ولن يحِلَّ بكم عذابٌ، ربُّنا - جلَّ وعلا - يقول: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال: 33].

ومن مدرسة النبُوَّة: يقول عُمر - رضي الله عنه -: "لستُم تُنصَرون بكثرةٍ، وإنما تُنصَرون من السماء".

التَزِمُوا حدودَه - جلَّ وعلا -، تتحقَّق لكم رحمةٌ من الله تصلُح بها حياتكم، ويرتفِعُ بها شقاؤُكم، ويندحِرُ بها شرُّ أعدائكم، يقول - جلَّ وعلا -: (لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النحل: 46].

يا حُكَّام المسلمين: إن ما وقع بالأمة في كثيرٍ من مواطِنِها التي لا تخفَى، وما حلَّ بها جميعًا من مخاوِف ومخاطِر لا مُنتَهى لها إلا برحمةٍ من الله، إن هذه الأحوال تجعَلُكم أمام الله - جلَّ وعلا - في فرضٍ وواجبٍ تُحاسِبُون أنفسكم، تضَعُون أحوالَ الأمة في ميزان الشرع، تعمَلُوا بجدٍّ وصدقٍ وإخلاصٍ للإصلاح بما يُرضِي الله - جلَّ وعلا -.

الأمةُ أمانةٌ في ذِمَمكم، الأمةُ أمانةٌ في أعناقِكم أمام الله - جلَّ وعلا -، يوم لا ينفع مالٌ ولا بَنُون، في يومٍ يقولُ الجبَّارُ - جلَّ وعلا -: (لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر: 16].

سُوسُوا الناسَ بشرع الله، قُودُوهم بسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حكِّمُوا في المجتمعات شرعَ الله الواجِبَ على خلقه، حارِبُوا كلَّ ما لا يُرضِي اللهَ - جلَّ وعلا - في أحوال مُجتمعاتكم، كُونُوا كما أمرَكم الله: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج: 41].

قال الخليفةُ عُثمان - رضي الله عنه -: "إن الله يزَعُ بالسلطان ما لا يزَعُ بالقرآن".

أنتم بكم يُصلِحُ الله أحوال الأمة، إن أقَمتُموها على مُراد الله، فأصلِحُوا كل شأنٍ من شؤُونِ بُلدانكم بالإسلام، فبذلك تأمَنُ الأمةُ جميعًا من الشُّرُور، تنجُو من كافة المخاوِف والأخطار، تتخلَّصُ من الهوانِ والخزيِ والعارِ.

ليَكُن دستورُ الأمة كلِّها قاعدةَ النبُوَّة التي رسَمَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقولِه: «احفَظ الله يحفَظك، احفَظ الله تجِده تجاهك».

فاتَّقُوا الله، ثم اتَّقُوا اللهَ - يا حُكَّام المسلمين - في مُجتمعات المسلمين، اَّتُقوا الله في دين الإسلام، اعلَمُوا أن أعظمَ مسؤولية عليكم: حِفظ مصالح الناس في دينهم ودنياهم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأخذُ على يدِ المجاهرين بالعِصيان، والمُبارزين بالطغيان، وهكذا شأنُ كل مسؤولٍ في مُجتمعات المسلمين.

اسمَعُوا إلى هذا الحديث قبل أن تقِفُوا بين يدَي الله - جلَّ وعلا -، يقولُ - صلى الله عليه وسلم -: «ما من عبدٍ يستَرعِيه الله رعيَّةً، يموتُ يوم يموتُ وهو غاشٌّ لرعيَّته، إلا حرَّم الله عليه الجنةَ»؛ متفقٌ عليه.

وأعظمُ الظُّلم: صرفُ الناس عن دينهم، ثم ظُلمهم في معايِشِهم.

دافِعُوا عن بيضة الإسلام - يا حُكَّام الإسلام -، قِفُوا صفًّا واحدًا أمام كل عدوٍّ لَدُودٍ لا يأْلُوا في المسلمين إلًّا ولا ذمة، اتَّحِدُوا على درءِ الأخطار، تعاوَنُوا على الوقوف أمام كيد الأشرار، أعِدُّوا العدَّة لمكر الأعداء الحاقدين، والغُزاة الطامِعِين، (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) [الأنفال: 60]، وأعظمُ القوة: التوبةُ إلى الله - جلَّ وعلا -، وإصلاحُ الأمور وَفقَ شرعِ الله.

أقولُ هذا القولَ، وأستغفِرُ الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله وحده، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شَريكَ له، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه.

أما بعد .. فيا أيها الناس: اتَّقُوا الله - جلَّ وعلا -؛ يجعَل لكم من كل ضِيقٍ مخرجًا، ومن كل همٍّ فرَجًا، ويرزُقكم من حيث لا تحتَسِبُون.

يا أمة الإسلام: لقد أحزنَ كلَّ مسلمٍ ما أصاب المسلمين في حلَب الحبيبة؛ من مجازِر مُروِّعة، بلَغت في القسوةِ ما لا حدَّ له، ولكن لئِن طال المُصاب، فلنتضرَّع للعزيز الوهَّاب، وندعُوه خوفًا وطمعًا، ونُخلِص له العمل.

قال بعضُ السلَف: "عجِبتُ لأربعةٍ كيف يغفَلُون عن أربعٍ:

عجِبتُ لمن أصابَه ضرٌّ كيف يغفَلُ عن قولِه تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ) [الأنبياء: 38].

وعجِبتُ لمن أصابَه حزنٌ وغمٌّ كيف يغفل عن قوله تعالى عن يونُس: (أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 87].

وعجِبتُ لمن يمكُرُ به الناسُ كيف يغفَلُ عن قولِه تعالى: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا) [غافر: 44].

وعجِبتُ لمن كان خائِفًا كيف يغفَلُ عن قولِه - جلَّ وعلا -: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) [آل عمران: 173- 174].

ولتكُن - أيها المسلمون - وصيَّةُ الله لكم حاضِرةً في حياتِنا كلها: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) [النحل: 128].

وإن من أسباب دَفع البلاء، ورفع المصائِب: الإحسانَ بأنواعه المختلفة، ومنها: الصدقة، ومُعاونة المحتاج، لاسيَّما إخواننا المُستضعَفين في مواطِن الصراع التي أصابَت بلاد المسلمين؛ كحلَب، والموصل، واليمن، وفلسطين، وغيرها مما تسمَعُون.

فيا تجَّار المسلمين: عليكم مسؤوليةٌ عظيمةٌ تعُودُ عليكم بالخير في دينِكم ودُنيَاكم، فقدِّمُوا لأنفسكم، ساعِدُوا إخوانَكم، قدِّمُوا يدَ العَون لكل فقيرٍ ومسكِين، يحفَظ الله لكم أموالكم، ويُبارِك في تجاراتكم، ويدفَع عنكم وعن بُلدانكم كل سوءٍ ومكرُوه، فالله - جلَّ وعلا - يقول: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا وحبيبِنا محمدٍ، اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين، وعن الصحابَة وعن الآلِ أجمعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم فرِّج همَّ إخوانِنا في حلَب، وفي الموصِل، وفي اليمَن، وفي كل مكانٍ من أمكِنَة المسلمين يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم فرِّج همَّهم، اللهم نفِّث كُرباتهم، اللهم ادفَع عنهم البلوَى، اللهم ارفَع عنهم البلوَى، اللهم ارفَع عنهم الضرَّاء، اللهم ارفَع عنهم هذه الضرَّاء.

اللهم أطفِئ الفتنَ التي أصابَت المسلمين، اللهم أطفِئ الفتنَ التي أصابَت المسلمين، اللهم اشدُد وطأَتَك على الظالمين، اللهم اشدُد وطأَتك على المُعتَدين، اللهم اشدُد وطأَتَك على المُعتَدين، اللهم اجعَلها عليهم سِنِيًّا كسِنِيِّ يوسُف يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم من مكَرَ بالمسلمين فامكُر به، اللهم سلِّط عليه جُندَك، اللهم سلِّط عليه جُندَك، اللهم اجعَل تدميرَه في تدبِيره يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احفَظ جميعَ بلاد المسلمين من كل سوءٍ ومكرُوه، اللهم احفَظ بلاد الحرمين، اللهم احفَظها بحفظِك، واكلأها برعايتك وعنايتك.

اللهم وفِّق خادمَ الحرمين لما تحبُّه وترضَاه، اللهم اجعَله هاديًا مهديًّا، اللهم اجمَع به كلمةَ المسلمين، اللهم اجمَع به كلمةَ المسلمين، اللهم اجمَع به كلمةَ المسلمين لما فيه صلاحُهم يا حي يا قيوم.

اللهم اغفِر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين، الأحياء منهم والأموات.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

اللهم إنا نعُوذ بك من كل دعوةٍ مُضلَّة، اللهم إنا نعُوذ بك من كل دعوةٍ مُضلَّة، ومن كل سياسةٍ خَرقاء يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم يا حي يا قيوم، اللهم أصلِح أحوال المسلمين، اللهم ارحَمهم رحمةً تُغنِيهم بها عمَّن سِواك، اللهم ارحَمهم رحمةً تُغنِيهم بها عمَّن سِواك يا حي يا قيوم.

اللهم يا غنيُّ يا حميد، اللهم يا غنيُّ يا حميد، يا غنيُّ يا كريم، يا غنيُّ يا كريم، يا غنيُّ يا حميد، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا.

اللهم أغِث بلادَنا وبلادَ المسلمين، اللهم أغِث بلادَنا وبلادَ المسلمين، اللهم اسقِنا، اللهم اسقِنا، اللهم اسقِنا غيثًا مُباركًا يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أنزِل علينا برَكَتَك، اللهم أنزِل علينا برَكَتَك، اللهم أنزِل علينا برَكَتَك يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

عباد الله: اذكُروا الله ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحُوه بُكرة وأصيلاً.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي