تفسير سورة النبأ

صالح بن مقبل العصيمي
عناصر الخطبة
  1. تأملات في سورة النبأ .
  2. تفسير آيات السورة كاملة. .

اقتباس

أَلَا يَلْفِتُ أَنْظَارَكُمْ أَنَّ الشَّمْسَ مَعَ إِضَاءَتِهَا تَحْمِلُ حَرَارَةً تُسَاعِدُ عَلَى نُضْجِ الثِّمَارِ، وَتُجَفِّفُ الأَرْضَ إِذَا أَصَابَتْهَا الْمِيَاهُ، وَالأَوَانِيَ، وَالْمَلَابِسَ؛ فَهِيَ الْمُجَفِّفُ الأَوَّلُ لِعَامَّةِ الْبَشَرِيَّةِ. هَلْ تَسْتَطِيعُ دَوْلَةٌ مَهْمَا عَظُمَتْ أَنْ تَدَّعِيَ مِلْكِيَّتَهَا للشَّمْسِ أَوْ للقَمَرِ؛ فَتَحْجِبُهُمَا عَنْ غَيْرِهَا؟ لَوْ كَانَ هَذَا بِمَقْدُورِهَا لَفَعَلَتْ. فَهَلِ انقَطَعَتِ الشَّمْسُ، أَوْ تَوَقَّفَ الْقَمَرُ عَنِ الْخُرُوجِ يَوْمًا مِنَ الأَيَّامِ لِخَلَلٍ فَنِّيٍّ أَوْ لأَعْمَالِ صِيَانَةٍ؟..

الخطبة الأولى:

إنَّ الحمدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ، نَقِفُ مَعَكُمُ الْيَوْمَ لِنَتَدَبَّرَ سُورَةَ النَّبَأِ؛ حَيْثُ بَدَأَهَا اللهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ:

(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) أَيْ: مَا هُوَ الأَمْرُ الَّذِي أَصْبَحَ حَدِيثَ السَّاعَةِ عِنْدَ الْمُشْرِكِينَ؟ حَتَّى أَصْبَحَ لَا يَخْلُو مَجْلِسٌ مِنْ مَجَالِسِهِمْ مِنْ الْحَدِيثِ عَنْهُ.

(عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ): إِنَّهُ الْحَدِيثُ عَنِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنُبُوَّتِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ وَالْمِعَادِ، وَأَنَّ هُنَاكَ جَنَّةً وَنَارًا؛ لَقَدْ أَذْهَلَهُمْ ذَلِكَ النَّبَأُ.

(الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ): حَيْثُ تَبَايَنَتْ مَوَاقِفُهُمْ مِنْ هَذَا النَّبَأِ. وَاخْتِلَافُهُمْ يَدُلُّ عَلَى بَاطِلِ الْمُنْكِرِينَ فِي رَدِّهِ، فَهُنَاكَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ مَا يَقُولُهُ مُحَمَّدٌ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، سِحْرٌ، وَهُنَاكَ مَنْ قَالَ: كَهَانَةٌ، وَهُنَاكَ مَنْ قَالَ: كَذِبٌ.

(كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) جَاءَتْ هَذِهِ الآيَةُ بِأسلوبِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ الْقَوِيِّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الْمَعَادَ؛ وَأَنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ الْحَقِيقَةَ عِنْدَمَا يُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ. ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ الآيَاتِ الدَّالَةَ عَلَى قُدْرَتِهِ؛ فَمَا الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ بِشَيْءٍ أَمَامَ آيَاتِهِ الْعِظَامِ؛ فَذَكَرَ مِنْهَا:

(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا): أَلَا تَرَوْنَ هَذِهِ الأَرْضَ مُمَهَّدَةً، فَمَنِ الَّذِي مَهَّدَهَا؛ حَتَّى يَسْتَقِرَّ الإِنْسَانُ عَلَيْهَا، وَيَرْتَاحَ بِعَمَلِهِ وَنَوْمِهِ؟ وَهِيَ مُهَيَّأَةٌ للسُّكْنَى، وَالسَّيْرِ عَلَيْهَا؟ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خَالِقٌ مَهَّدَهَا؛ لَمَا كَانَ بِاستِطَاعَةِ أَحَدٌ الثَّبَاتُ عَلَى ظُهُورِهَا، وَتَثْبِيتُ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا.

 (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) وَانظُرُوا إِلَى عِظَمِ خَلْقِ الْجِبَالِ، الَّتِي لَابُدَّ مِنْهَا لِتَثْبِيتِ الأَرْضِ حَتَّى تَسْتَقِرَّ، وَلَا تَرْتَّجَ؛ فَمَنِ الَّذِي خَلَقَهَا؟

(وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا): أَلَا يُثِيرُ اِنْتِبَاهَكُمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ تَتَكَوَّنُ مِنْ زَوْجَيْنِ: ذَكَرٌ وَأُنْثَى؛ حَتَّى تَسْتَمِرَّ الْحَيَاةُ، وَتَتَعَاقَبَهَا الأَجْيَالُ بَعْدَ الأَجْيَالِ، فَلَوْ كَانْتْ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ إِنْسٍ وَحَيَوَانٍ ذُكُورًا فَقَطْ، أَوْ إِنَاثًا فَقَطْ؛ لَفَنِيَتْ سَرِيعًا. أَلَا يَلْفِتُ اِنْتِبَاهَكُمْ أَنَّ الَّتِي تُنْجِبُ هِيَ الأُنْثَى فَقَطْ؟ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْجِبَ إِلَّا بِتَلْقِيحٍ مِنْ ذَكَرٍ؟ هَلْ أَتَى هَذَا التَّقْسِيمُ مُصَادَفَةً فِي جَمِيعِ الأَجْنَاسِ؟ لَوْ كَانَ هَذَا بِفِعْلِ طَبِيعَةٍ- كَمَا تَزْعُمُونَ- لَحَدَثَتِ الأَخْطَاءُ، وَلَتَبَدَّلَتِ الأَدْوَارُ؛ وَلَكِنَّهُ صُنْعُ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ.

(وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا): فَالنَّوْمُ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ، لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا إِلَّا مَنْ حُرِمَ مِنْهَا، خَلَقَهُ اللهُ لإِرَاحَةِ الأَجْسَادِ الْمُنْهَكَةِ، وَالأَذْهَانِ الْمُتَشَتِّتَةِ، وَتَجْدِيدًا للنَّشَاطِ وَالْحَيَوِيَّةِ؟

(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا): حَتَّى يُغَطِّيَ الْكَوْنَ بِالسَّوَادِ، وَالظَّلَامِ الدَّامِسِ؛ وَيَسْتُرَهُ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَنْبَعِثَ الرَّاحَةُ وَالْهُدُوءُ؛ أَلَا تَرَونَ اللَّيْلَ يَأْتِي وَيَذْهَبُ فِي وَقْتٍ مُحَدَّدٍ؟ فَلَو كَانَ مِنْ غَيْرِ اللهِ؛ لاضطَرَبَتِ الأُمُورُ، وَلَتَصَادَمَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ؛ وَلَا يُمْكِنُ لأَيِّ قُوَّةٍ فِي الْعَالَمِ مَهْمَا بَلَغَتْ أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّ بِمِقْدَارِهَا تَصْرِيفَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، أَوِ الشَّمْسِ والقَمَرِ.

وَمَنْ حِكَمَ أَنَّ الظَّلَامَ فِي اللَّيْلِ: لأَنَّهُ الْوَقْتُ الطَّبِيعِيُّ للنَّوْمِ؛ حَتَّى يَرْتَاحَ الإِنْسَانُ. وَعَامَّةَ الْبَشَرِيَّةِ لَا يَنَامُونَ إِلَّا فِي الَّليْلِ، بَلْ وَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَنَامُوا بِالنِّهَارِ؛ حَوَّلُوا أَمَاكِنَ نَوْمِهِمْ إِلَى شَبِيهٍ بِالَّليلِ؛ بِإِغْلَاقِ جَمِيعِ الأَنْوَارِ وَالنَّوَافِذِ؛ حَتَّى يَعِيشُوا عِنْدَ نَوْمِهِمْ بِالنِّهَارِ بِظَلَامٍ دَامِسٍ.

(وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا): خَلَقَ اللهُ النَّهَارَ للعَمَلِ، وَكَسْبِ الْمَعَاشِ؛ وَمَيَّزَهُ بِضَوْءِ الشَّمْسِ، لأَنَّ غَالِبَ الْبَشَرِيِّةِ أَعْمَالُهُمْ بِالنِّهَارِ؛ وَيَحْتَاجُونَ إِلَى ضَوْءٍ فِي النِّهَارِ، الَّذِي لَا يُمِكِنُ للإِضَاءَاتِ الصِّنَاعِيَّةِ أَنْ تَبْلُغَ عُشْرَ مِعْشَارِهِ.

(وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا): أَلَا تَرَوْنَ عِظَمَ هَذِهِ السَّمَاءِ الْمَتِينَةِ، قَوِيَّةِ الْبِنَاءِ؟ لَا شُقُوقَ فِيهَا، وَلَا ثُقُوبَ، وَلَا أَعْمِدَةَ، مَعَ بُعْدِ اِرْتِفَاعِهَا، وَقُوَّةِ سَمَاكَتِهَا، مَنِ الَّذِي رَفَعَهَا؟ فَالْبَشَرِيَّةُ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرْفَعَ عَنِ الأَرْضِ مِلِّيمِتْرَاتٍ فِي سَنْتِيمِتْرَاتٍ بِدُونَ عَمَدٍ؛ فَكَيْفَ بِمِثْلِ حَجْمِ السَّمَاءِ؟! فَمَنْ قَدِرَ عَلَى رَفْعِ السَّمَاءِ مَعَ عِظَمِهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا، وَخَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ والأَزْوَاجَ؛ لَيْسَ بِعَاجِزٍ عَنْ إِعَادَةِ الْخَلْقِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ.

(وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا): فَمَنِ الَّذِي خَلَقَ الشَّمْسَ الْمُضَيئَةَ؛ الَّتِي تُضِيءُ الْجِبَالَ وَالْبِحَارَ، وَالْمَزَارِعَ، وَتَدْخُلُ الأَغْوَارَ وَالأَسْرَابَ بِقُوَّةِ إِضَاءَةٍ هَائِلَةِ؟ لَوْ أَنْفَقَتِ الَبْشَرِيَّةُ جَمِيعَ مُنْتَجَاتِهَا النِّفْطِيَّةِ لإِضَاءَتِهَا؛ لَمَا اِسْتَطَاعَتْ أَنْ تُضَيئَهَا، يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. فَكَيْفَ بِقُرُونٍ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ؟!

أَلَا يَلْفِتُ أَنْظَارَكُمْ أَنَّ الشَّمْسَ مَعَ إِضَاءَتِهَا تَحْمِلُ حَرَارَةً تُسَاعِدُ عَلَى نُضْجِ الثِّمَارِ، وَتُجَفِّفُ الأَرْضَ إِذَا أَصَابَتْهَا الْمِيَاهُ، وَالأَوَانِيَ، وَالْمَلَابِسَ؛ فَهِيَ الْمُجَفِّفُ الأَوَّلُ لِعَامَّةِ الْبَشَرِيَّةِ. هَلْ تَسْتَطِيعُ دَوْلَةٌ مَهْمَا عَظُمَتْ أَنْ تَدَّعِيَ مِلْكِيَّتَهَا للشَّمْسِ أَوْ للقَمَرِ؛ فَتَحْجِبُهُمَا عَنْ غَيْرِهَا؟ لَوْ كَانَ هَذَا بِمَقْدُورِهَا لَفَعَلَتْ. فَهَلِ انقَطَعَتِ الشَّمْسُ، أَوْ تَوَقَّفَ الْقَمَرُ عَنِ الْخُرُوجِ يَوْمًا مِنَ الأَيَّامِ لِخَلَلٍ فَنِّيٍّ أَوْ لأَعْمَالِ صِيَانَةٍ؟ إِنَّ الإِضَاءَاتِ الْبَشَرِيَّةَ تَعْمَلُ فَتَرَاتٍ مُحَدَّودَةٍ ثُمَّ تَتْلَفُ؛ فَيُرْمَى بَعْضُهَا، وَيُصَانُ الْبَعْضُ الآخَرُ، مَعَ كَثْرَةِ الانْقِطَاعِ فِي غَالِبِ دُولِ الْعَالَمِ، (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [لقمان: 10].

(وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا): ثُمَّ لَفَتَ اللهُ أَنْظَارَهُمْ إِلَى الْمَاءِ الْغَزِيرِ، الْمُنْدَفِعِ بِقُوَّةٍ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى يَشُقَّ الأَرْضَ؛ لِينْبِتَ بِإِذْنِ اللهِ هَذِهِ الْحُبُوبَ وَالنَّبَاتَاتِ، وَالْبَسَاتِينَ الْمُلْتَفَّةَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَإِحْيَاءُ الأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا؛ بُرْهَانٌ سَاطِعٌ عَلَى قُدْرَتِهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى إِعَادَةِ الْمَخْلُوقَاتِ بَعْدَ مَوْتِهَا.

(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا): وَبَعْدَ مَا بَيَّنَ اللُه الأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ عَلَى وُجُودِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ هُنَاكَ يَوْمًا لَهُ وَقْتٌ مُحَدَّدٌ، لَا يَتَقَدَّمُ عَنْهُ، وَلَا يَتَأَخَّرُ للفَصْلِ بَيْنَ الْعِبَادِ، لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللُه، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْمُنْكِرِينَ، أَوْ أَمْزِجَتِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ) [الشورى: 18].

(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا): فَهَذَا الْيَوْمُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ؛ وَإِنَّمَا هِيَ نَفْخَةٌ مِنْ إِسْرَافِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِأَمْرِ اللِه؛ فَتَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ رَغْمًا عَنْكُمْ، وَالْمُنْكِرُونَ يَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ أَذِلَّاءَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ).

(وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا): فَهَذِهِ السَّمَاءُ الْمُتَمَاسِكَةُ، الَّتِي لَا ثُقُوبَ فِيهَا، وَلَا شُقُوقَ؛ سَوْفَ تَتَحَوَّلُ إِلَى أَبْوَابٍ مِنْ أَجْلِ نُزُولِ الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا) [الفرقان: 25].

(وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا): وَسَيَأْتِي يَوْمٌ تُزَالُ هَذِهِ الْجِبَالُ مِنَ الأَرْضِ فَلَا حَاجَةَ لَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا) [طه: 105].

(إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلطَّاغِينَ مَآبًا): فَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلْكَافِرِينَ، الْمُكَذِّبَينَ لِلْبَعْثِ؛ تَنْتَظِرُهُمْ؛ لأَنَّهَا دَارُهُمْ، وَمَآلُهُمْ، وَمَصِيرُهُمْ.

(لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا): يَبْقَوْنَ فِيهَا دُهُورًا مُتَتَابِعَةً، يَتَلَقَّوْنَ فِيهَا أَصْنَافًا مُتَعَدِّدَةَ مِنَ الْعَذَابِ.

(لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا): فَلَا يَجِدُونَ فِي جَهَنَّمَ نَوْمًا وَلَا رَاحَةً، وَلَا مَاءً بَارِدًا؛ يُبَرِّدُ السَّعِيرَ عَلَيْهِمْ، وَيُزِيلُ الْحُرْقَةَ عَنْ بُطُونِهِمْ.

(إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا): فَهُنَاكَ شَرَابٌ سَيَشْرَبُونَهُ، نَسْأَلُ اللهَ الْعَافِيَةَ وَالسَّلَامَةَ، لَكِنَّهُ حَمِيمٌ (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ)، وَهَذَا الْمَاءُ لَيْسَ حَارًّا فَقَطْ، بَلْ هُوَ الْغَسَّاقُ الَّذِي تَكَوَّنَ مِنْ عَرَقِ وَصَدِيدِ وَقَيْحِ وَدِمَاءِ أَهْلِ النَّارِ؛ نَتِنٌ، كَرِيهُ الرَّائِحَةِ، قَالَ تَعَالَى: (يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ).

(جَزَاءً وِفَاقًا): فَهَذَا الْعَذَابُ هُوَ الْمُتَّفِقُ مَعَ كُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ لِرَبِّهِمْ وَإِيذَائِهِمْ لأَوْلِيَائِهِ.

(إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا* وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا): فَهَؤُلَاءِ الْكَفَرَةُ لَمْ يَكُنْ فِي مُخَيِّلَتِهِمْ وُقُوعُ هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ؛ مَعَ عِظَمِ الآيَاتِ الدَّالَةِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُمْ كَذَّبُوا بِهِ كِذَّابًا، وَبَالَغُوا فِي التَّكْذِيبِ.

(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا): فَكُلُّ مَا عَمَلُوهُ قَدْ أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ

(فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا): فَلَنْ تَنَالُوا أَيُّهَا الضُّلَّالُ بَعَدَ الْعَذَابِ إِلَّا الْعَذَابَ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أمَّا بَعْدُ.. فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

عِبَادَ اللهِ، فَإِذَا كَانَ مَا سَبَقَ مَآلَ الْمُكَذِّبِينَ؛ فَمَا جَزَاءُ أَهْلِ التُّقَى وَالصَّلَاحِ؟ قَالَ اللهُ عَنْهُمْ:

(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا* حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا): لَقَدْ فَازَ أَهْلُ التَّقْوَى بِهَذِهِ الْجَنَّةِ، وَنَعِيمِهَا الْمُقِيمِ، وَمُجَاوَرَةِ الرَّبِّ الْكَرِيمِ، وَبِهَذِهِ الْحَدَائِقِ الْعَظِيمَةِ، الْمُتَعَدِّدَةِ الثِّمَارِ، وَخَصَّ الْعِنَبَ مِنْ بَيْنِهَا؛ لأَنَّهُ أَكْثَرُ الْفَوَاكِهِ إِفَادَةٍ؛ فَيُؤْكَلُ طَازِجًا، وَمُجَفَّفًا، وَمَعْصُورًا، وَمَطْبُوخًا.

(وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا): وَسَيَفُوزُونَ أَيْضًا بِالْحُورِيَّاتِ فَائِقَاتِ الجمَالِ، ذَوَاتِ النُّهُودِ الْمُسْتَدِيرَةِ، غَيْرِ الْمُنْكَسِرَةِ، وَسِنُّهُنَّ وَاحِدٌ.

(وَكَأْسًا دِهَاقًا): وَسَيَشْرَبًونَ أَيْضًا أَنْوَاعَ الأَشْرِبَةِ فِي تِلْكَ الْكِيسَانِ الَّتِي لَا تَنْقُصُ أَبَدًا، وَتَفُورُ مِنْ جَوَانِبِهَا؛ مَزِيدٌ مِنَ الْمُتْعَةِ، لَكِنَّهُ شَرَابٌ لَيْسَ كَشَرَابِ أَهْلِ الدُّنْيَا، الَّتِي يُخَالِطُهَا اللَّهْوُ وَالْكَذِبُ، بَلْ طُهِّرَتْ أَسْمَاعُهُمْ وَأَلْسِنَتُهُمْ عَنِ التَّفَوُّهِ بِاللَّغْوِ وَالْكَذِبِ، أَوْ سَمَاعِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا قَالَ رَبُّنَا: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا): فَنَالُوا هَذَا الْعَطَاءَ الَكَثِيرَ الوَافِرَ الشَّامِلَ مِنْ اللهِ، بِلَا حِسَابٍ وَلَا حَدٍّ.

(رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا): فَهَذَا الْعَطَاءُ نَالُوهُ مِنْ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيهِ؛ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ.

(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا): وَانظُرْ إِلَى عِظَمِ هَذِهِ الآيَةِ، حَيْثُ سَيَقُومُ الْمَلَائِكَةُ، وَأَعْدَادُهُمْ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ، تَتَجَاوَزُ عَشَرَاتِ الْمِلْيَارَاتِ، إِنْ لَمْ تَزِدْ، وَيَقُومُ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ جَمِيعُ الْبَشَرِيَّةِ مِنْ خَلْفِهِمْ، وَقَدْ يَفُوقُونَ عَشَرَاتِ الْمِلْيَارَاتِ، وَمَعَ ذَلِكَ  لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ؛ إِجْلَالًا، وَتَعْظِيمًا للهِ، وَخَوْفًا مِنْهُ؛ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ، وَلَا يَأْذَنُ إِلَّا لأَهْلِ التَّوْحِيدِ، الَّذِينَ وُفِّقُوا لِقَوْلِ الْحَقِّ، وقَالُوا كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ (لَا إِلَهَ إِلَّا الله). قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا)

(ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا): فَهَذَا الْيَوْمُ يَوْمٌ حَقِيقِيٌّ، لَا مِرْيَةَ فِيهِ، وَلَا شَكَّ، وَالْفُرْصَةُ مَا زَالَتْ سَانِحَةً لِلْعَوْدَةِ إِلَى اللهِ مَا دَامَتِ الأَنْفَاسُ بَاقِيَةً، وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مَغِيبِهَا.

(إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا) فَسَوفَ تَرَونَ أَمَامَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا قَدَّمْتُمْ مِنْ أَقْوَالٍ، وَأَفْعَالٍ، وَنَوَايَا أَحْصَاهَا اللهُ ونَسِيَهَا النَّاسُ، وَعِنْدَمَا يُشَاهِدُ الإِنْسَانُ عَمَلَهُ يَتَمَنَّى الْكَافِرُ لَوْ أَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ فِي الأَصْلِ، وَكَانَ جَمَادًا مِنَ الْجَمَادَاتِ، أَوْ أَنَّهُ حُوِّلَ إِلَى تُرَابٍ كَمَا حُوِّلَتِ الْحَيَوَانَاتُ بَعْدَ بَعْثِهَا وَالْقَصَاصِ مِنْهَا. وَهَذَا الْيَوْمُ لَيْسَ بَعِيدًا؛ بَلْ هُوَ قَرِيبٌ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [النحل: 77].

وَقَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ شَرَّ الْحَاسِدِينَ، وَحِقْدَ الْحَاقِدِينَ! الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن.

الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَما يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

 وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي