التشبه بالكافرين

محمد بن إبراهيم النعيم
عناصر الخطبة
  1. حرص الإسلام على تكوين شخصية متميزة للمسلم .
  2. النهي عن التشبه بالكفار .
  3. مخالفة الأمم الضالة عبادة .
  4. كثرة صور التشبه بالكفار في زماننا .
  5. ضوابط التشبه المحرم. .

اقتباس

لقد حرص الإسلام على تكوين شخصية متميزة للمسلم لا يشابه فيها أهل الكتاب أو أصحاب الديانات الأخرى الضالة، فكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يحرص على تعليم أصحابه ويربيهم على مخالفة أهل الكتاب في كثير من سلوكياتهم وتصرفاتهم وأقوالهم، حتى أغضب أهل الكتاب فقالتِ اليَهودُ: "ما يريدُ هذا الرَّجلُ أن يدعَ شيئًا من أمرنا إلاَّ خالفَنا فيهِ"! لقد انتشر في زماننا هذا سلوكيات غريبة، تم استيرادها من دول الكفر جرف سيلها كثير من الناس...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

لقد حرص الإسلام على تكوين شخصية متميزة للمسلم لا يشابه فيها أهل الكتاب أو أصحاب الديانات الأخرى الضالة، فكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يحرص على تعليم أصحابه ويربيهم على مخالفة أهل الكتاب في كثير من سلوكياتهم وتصرفاتهم وأقوالهم، حتى أغضب أهل الكتاب فقالتِ اليَهودُ: "ما يريدُ هذا الرَّجلُ أن يدعَ شيئًا من أمرنا إلاَّ خالفَنا فيهِ"!

لقد انتشر في زماننا هذا سلوكيات غريبة، تم استيرادها من دول الكفر جرف سيلها كثير من الناس، وهي أمراض قد لا تُلاحظ؛ لأن أغلبها يتعلق بالسلوك والعلاقات الاجتماعية بين الناس، لا سيما وقد أصبح عالم اليوم كالقرية الواحدة بسبب الانفتاح الإعلامي، فأصبحت ثقافة الجيل تتكون وتتشكل من تقليد ما يسمع ويشاهد، غير عابئ بمصدر ذلك السلوك، ولا يسأل إن كان هذا التقليد مباحًا أم غير مباح، ويا ليت لو كان هذا التقليد في العلم والاختراعات والصناعة والابتكار والجد في العمل، ولكنه في التوافه من السلوكيات.

فالأصل في المؤمن الذي يعتز بدينه ويؤمن أنه على الحق وأن دينه نسخ الشرائع السماوية السابقة، ينبغي أن يكون الأعلى: عقيدة وتصورًا وخُلقًا وسلوكًا وشريعة ونظامًا، فكيف يتناسب مع هذا الاستعلاء أن يكون مقلدًا لأهل الكتاب؟ لذلك حذَّرنا نبينا –صلى الله عليه وسلم- عن تقليد الكافرين في أي مظهر يميزهم، فقال "لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا لا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلا بِالنَّصَارَى" (رواه الترمذي).

والنهي عن التشبه بالكفار يعم كل ما هو من سمات الكفار وخصائصهم التي تعرف بهم، كأعيادهم أو مناسباتهم الوطنية وملابسهم القومية.

ولقد استفاضت الأدلة من الكتاب والسنة والآثار الصحيحة بالنهي عن مشابهة الكفار فيما هو من خصائصهم، فالله -عز وجل- أمر المسلمين بتحويل قبلتهم من بيت المقدس إلى المسجد الحرام حتى لا يوافقوا اليهود في قبلتهم.

وعندما اهتمَّ النَّبيُّ –صلى الله عليه وسلم- للصَّلاةِ كيفَ يجمعُ النَّاسَ لَها، فقيلَ لهُ: انصِب رايةً عندَ حضورِ الصَّلاةِ، فإذا رأوها آذنَ بعضُهُم بعضًا، فلم يعجبهُ ذلِكَ، قالَ: فذُكِرَ لهُ القُنعُ؛ - وهو البوق - يعني شبُّورُ اليَهودِ، فلم يعجبهُ ذلِكَ، وقالَ: "هوَ من أمرِ اليَهود"، قالَ: فذُكِرَ لهُ النَّاقوسُ، فقالَ: "هوَ من أمرِ النَّصارى"، فانصرفَ عبدُ اللَّهِ بنُ زيدِ بنِ عبدِ ربِّهِ وَهوَ مُهْتمٌّ لِهَمِّ رسولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-، فأُريَ الأذانَ في مَنامِهِ فأمر بلال أن يتعلمه.

واشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- ذات يوم من مرض فصلى قاعدًا والصحابة خلفه قياما فَالْتَفَتَ إليهم فَرَآهم قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهم فقعدوا فصلوا بِصَلاتِهِ قُعُودًا، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: "إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلا تَفْعَلُوا، ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ، إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا".

وقال أيضًا: "خالِفوا اليَهودَ فإنَّهم لا يصلُّونَ في نعالِهِم ولا خفافِهِم"، وأمر بتغيير الشيب فقال: "إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ"، وعندما خرجَ –صلى الله عليه وسلم- ذات يوم علَى مَشيخةٍ منَ الأنصارٍ بيضٌ لحاهم، قالَ: يا معشرَ الأنصارِ! حمِّروا وصفِّروا، وخالِفوا أَهْلَ الكتابِ، قالَ: فقُلنا: يا رسولَ اللَّهِ! إنَّ أَهْلَ الكتابِ يتسرَوَلونَ ولا يأتزِرونَ! فقالَ رسولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- : تسَروَلوا وائتزِروا وخالفوا أَهْلَ الكتابِ، قالَ: فقُلنا: يا رسولَ اللَّهِ! إنَّ أَهْلَ الكتابِ يتخفَّفونَ ولا ينتعِلونَ، قالَ: فتخفَّفوا وانتعِلوا وخالفوا أَهْلَ الكتاب قالَ: فقُلنا: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ أَهْلَ الكتابِ يقصُّونَ عثانينَهُم – أي: لحاهم- ويوفِّرونَ سبالَهُم –أي: شواربهم-، قالَ –صلى الله عليه وسلم- قصُّوا سبالَكُم، ووفِّروا عثانينَكُم، وخالفوا أَهْلَ الكتابِ" (رواه أحمد).

وروى أَنَس –رضي الله عنه- أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ، فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم- النَّبِيَّ –صلى الله عليه وسلم- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ"، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ فَقَالُوا: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلاَّ خَالَفَنَا فِيهِ" (رواه مسلم).

وكان –صلى الله عليه وسلم- يصومُ السبتَ والأحدَ ويقولُ: هما عيدانِ للمُشرِكينَ فأنا أحِبُّ أن أُخالِفَهم، وأمر بالتعجيل في الفطر مخالفة لأهل الكتاب فقال: "لا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ لأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ"، وحث –صلى الله عليه وسلم- على السحور مخالفة لأهل الكتاب فقال: "فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ".

وأمر بتكثير شعر اللحية وقص الشوارب مخالفة للمشركين فقال: "خالفوا المشركين: وفروا اللحى، وأحفوا الشواربَ"، وعندما صام –صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء أمر بصيام يوم قبله مخالفةً لليهود، وحتى في كيفية دفن الميت قال: "اللحدُ لنا، والشقُّ لغيرِنا مِنْ أهلِ الكتابِ"، مع أن الميت سيوارى ولن يراه أحد، ولكنها عبادة المخالفة للأمم الضالة.

وكان –صلى الله عليه وسلم- لا يدع في بيته شيئًا فيه شعار لأهل الكتاب كالصليب مثلا إلا أزاله، فقد ذكرت عائشة -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ –صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلاَّ نَقَضَهُ.

وحين رَأَى رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- على عبد بن عمرو بن العاص ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، َقَالَ له: "إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلا تَلْبَسْهَا" (رواه مسلم).

وبالرغم من هذه التحذيرات الكثيرة بعدم التشبه بالكافرين، إلا أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن الأمة ستتفلت من هذه الأوامر والنواهي وستقلد أهل الكتاب تقليدًا أعمى حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه، فقال: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاتَّبَعْتُمُوهُمْ"، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: "فَمَنْ" أي فمن غيرهم؟ (متفق عليه).

ولما خرج رسولَ اللهِ –صلى الله عليه وسلم- إلى حنينٍ مرَّ بشجرةٍ للمشركينَ يقالُ لها ذاتُ أنْواطٍ يعلِّقونَ عليْها أسلِحَتَهم، ويعْكُفونَ حولَها، قالُوا: يا رسولَ اللهِ اجعل لَّنا ذاتَ أنْواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ، فقالَ النبيُّ  -صلى الله عليه وسلم-: "سبحانَ اللهِ، اللهُ أكبرُ هذا كما قال قومُ موسى (اجْعَلْ لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌوالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ من كان قبلَكم سُنةً سُنةً" (رواه الترمذي).

وها نحن اليوم نرى بعض المسلمين يقلدون الغرب في التوافه من السلوكيات ويفخرون بذلك، وما إن تظهر ممثلة أو مغنية بقصة شعر أو فستان خالع، إلا رأيت بعض النساء يهرولن لتقليدها، وأصبحنا نرى محلات الملابس النسائية يعلنون أن لديهم أحدث الأزياء الأوروبية، وقد تكون هذه الملابس غير محتشمة، ومع ذلك يشتريها كثير من النساء بسبب جهلهن بدينهن وبما يحل لهن وما لا يحل من اللباس والزينة.

لقد فوجئنا منذ أكثر من عام انتشار مقطع فيديو بعنوان تحدي الثلج بدأ يقلده بعض المسلمين، وقصته بدأت من رغبة شخص من أحد الدول الغربية بجمع تبرعات للجمعيات الخيرية، فقام بسكب الماء المثلج على نفسه، ثم تحدى مجموعة من الأشخاص على فعل مثل ذلك، وأن من لا يستطيع تقليده فعليه التبرع للجمعيات الخيرية، ثم انتشرت هذه الطريقة انتشار النار في الهشيم بين بعض المشاهير في العالم الغربي من لاعبين وممثلين.

ثم بكل أسف انتقلت هذه العدوى سريعًا إلى عالمنا العربي الإسلامي فقام العديد من الناس شبابًا وكهولاً رجالاً ونساء من كافة دول العالم الإسلامي بتقليدهم تقليدًا أعمى، فقام هؤلاء بتصوير أنفسهم وهم يسكبون الماء المثلج على أنفسهم، جاعلين أنفسهم أضحوكة أمام العقلاء من الناس، ولا شك أن هذا تقليد أعمى ساذج، واتباع لسنن من كان قبلنا، وقد حذرنا نبينا –صلى الله عليه وسلم- عن تقليدهم، قائلاً: "من تشبه بقوم فهو منهم".

وكذلك انتشر مقطع فيديو موسيقي لرقصة غربية تسمى رقصة البطريق، فقام بعض سفهاء المسلمين رجالاً ونساء شبابًا وشابات بتقليدها والرقص على أنغامها في حفلاتهم وسمرهم دون خجل من الله، وصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الذي قال: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاتَّبَعْتُمُوهُمْ".

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في أمر ديننا، وأن يعصمنا من الزلل، ويوفقنا لصالح القول والعمل، وأن يكتب العزة للإسلام والمسلمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَأشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى حق التقوى واعتزوا بدينكم ولا تتشبهوا بغيركم، استمسكوا بسنة النبي –صلى الله عليه وسلم-، فهو أفضل مخلوق على وجه الأرض، أمرنا الله عز وجل باتباعه وجعله أسوة لنا في جميع شؤون حياتنا.

والخلاصة التي ينبغي أن نخرج بها من هذه الخطبة: أن نعلم بأن ديننا يأمرنا بمخالفة أهل الكتاب، وأن لا نتشبه بهم في زيهم وعاداتهم وسخافاتهم وما لا نفع فيه، وقد عرضت لكم أكثر من خمسة عشر حديثًا يدل على ذلك، وأما ما كان فيه نفع للمسلمين من المصالح العامة كالصناعات والمخترعات الحديثة فهذا ليس من التشبه؛ لأنه علم، والعلم مشاع نفعه ولا يميز شعوب دون أخرى، فمقياس التشبه كما قال ابن عثيمين: "أن يفعل المتشبِه ما يختص به المتشبَه به، فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئاً من خصائصهم، أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار فإنه لا يكون تشبهاً".

اللهم آت نفوسنا تقواها...


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي