ومن الأخطاء المنتشرة تسمية النصارى بالمسيحيين.. لقد سماهم الله –تعالى- وسماهم رسوله -صلى الله عليه وسلم- نصارى، فكيف نعدل عن تسمية الله ورسوله، ثم إن المسيح بريء منهم؛ لأنهم كفروا بالله -تعالى- بمعتقدهم الباطل فيه بجعله ابناً لله -تعالى- أو إلهًا من دون الله، ولو نزل المسيح لتبرأ منهم ونابذهم، ولهذا ينزل المسيح في آخر الزمان فيكسر الصليب رمز النصارى، ويقتل الخنزير، ويبطل الجزية، ولا يقبل إلا الإسلام.
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد فيا أيها الناس: في الخطبة الماضية تكلمنا عن العبارات الخاطئة التي انتشرت على ألسنة بعض الناس، ولقد سرني كثيرًا ما سمعته من بعض المحبين أنهم كانوا يجهلون ذلك، وأنهم بدءوا في التغيير، وأقول: إذا لم يكن المسلم يحضر الجمعة ليستفيد ويصلح من طريقه إلى الله، فحضوره حجة عليه والعياذ بالله.
عباد الله: كثيرة هي العبارات التي تحتاج إلى تنبيه، ولكن ننتقي منها ما يناسب المقام، فمن ذلك:
قول البعض: شاءت الأقدار – شاءت إرادة الله – شاءت الظروف – فالأقدار والظروف لا تملك شيئًا، وإنما الله تعالى هو الذي يقدّر ويشاء ويريد.
ومن الألفاظ الخاطئة قول البعض: "لا حولِ الله"، وهذا اختصار مخلّ ويفوّت فضل قولها، وقلب لمعنى الجملة، والبعض يقول "لا حول"، والواجب نطقها كاملة كما جاءت في السنة "لا حول ولا قوة إلا بالله"، ومعناها: اعتراف العبد بعجزه عن القيام بأيّ أمر إلا بتوفيق الله له وتيسيره، وأما حوله ونشاطه وقوته فمهما بلغت من العِظَم فإنها لا تغني عن العبد شيئا إلا بعون الله?تعالى.
وفضل هذه الجملة أنها كنز من كنوز الجنة؛ كما أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر فكنا إذا علونا كبرنا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس! أربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، ولكن تدعون سميعًا بصيرًا"، ثم أتى عليَّ وأنا أقول في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال: "يا عبد الله بن قيس قل: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها كنز من كنوز الجنة، أو قال: ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة: لا حول ولا قوة إلا بالله".
ثم لنعلم أن قول العبد "لا حول ولا قوة إلا بالله" مقامها عند القيام بالطاعات وسائر الأعمال العظام، وعند الذكر، لا عند المصائب،?فهي كلمة استعانة، وإنا لله وإنا إليه راجعون عند المصيبة.
ومن الأخطاء المنتشرة تسمية النصارى بالمسيحيين.
لقد سماهم الله –تعالى- وسماهم رسوله -صلى الله عليه وسلم- نصارى، فكيف نعدل عن تسمية الله ورسوله، ثم إن المسيح بريء منهم؛ لأنهم كفروا بالله -تعالى- بمعتقدهم الباطل فيه بجعله ابناً لله -تعالى- أو إلهًا من دون الله، ولو نزل المسيح لتبرأ منهم ونابذهم، ولهذا ينزل المسيح في آخر الزمان فيكسر الصليب رمز النصارى، ويقتل الخنزير، ويبطل الجزية، ولا يقبل إلا الإسلام.
ومن الدعاء المشهور على الألسنة قول بعض الناس: "اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه".
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: "لا نرى الدعاء بهذا، بل نرى أنه محرم، وأنه أعظم من قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت"؛ وذلك لأن الدعاء مما يرد الله به القضاء، كما جاء في الحديث: "لا يرد القضاء إلا الدعاء"، والله -عز وجل- يقضي الشيء ثم يجعل له موانع، فيكون قاضيًا بالشيء، وقاضيًا بأن هذا الرجل يدعو فيرد القضاء، والذي يرد القضاء هو الله -عز وجل-.
فمثلاً: الإنسان المريض، هل يقول: اللهم إني لا أسألك الشفاء، ولكني أسألك أن تهون المرض؟
لا، بل يقول: اللهم إني أسألك الشفاء، فيجزم بطلب المحبوب إليه، دون أن يقول: يا رب أبقِ ما أكره لكن الطف بي، فالله -عز وجل- أكرم الأكرمين وأجود الأجودين، وهو القادر على أن يرد عنك ما كان أراده أولاً بسبب دعائك، فلهذا نحن نرى أن هذه العبارة محرمة، وأن الواجب أن يقول: اللهم إني أسألك أن تعافيني، أن تشفيني، أن ترد عليَّ غائبي، وما أشبه ذلك" انتهى.
ومن العبارات الدارجة على الألسن خصوصاً في مثل هذه الأيام مع تغيرات الجو وتقلبات الطقس أن تسمع من يقول: "اليوم حر أو اليوم برد"، فإن كان وصفًا لليوم أو إخبارًا عنه فلا بأس، وأما على وجه التضجر والسخط، فهذا لا شك أنه نوع مسبَّة للدهر ومذمة بل فيه اعتراض على الله -تعالى-، فالله هو الذي جعل الحر والبرد والدفء، وهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه ولا راد لأمره.
اللهم علمنا ما ينفعنا.. أقول قولي هذا..
أما بعد فيا أيها الناس: لا يزال الحديث موصولاً عن العبارات الخاطئة على ألسنة بعض الناس فمن ذلك:
العبارات الخاطئة والمنتشرة خصوصًا على ألسنة الإعلاميين فيقولون عمن مات: "دُفن في مثواه الأخير"، وهذا من الجهالة والضلالة؛ فالقبر ليس آخر مثوى، بل بعده الآخرة إما جنة أو نار.
ومن العبارات الدارجة وصف تشريعات الإسلام بالعادات والتقاليد، فتسمع من الإعلاميين كثيرًا هذه العبارة فيقولون: "انطلاقًا من عاداتنا وتقاليدنا"، يقصدون قيمنا وأخلاقنا، وهذا غير صحيح فأخلاقنا وقيمنا دين نتمسك به.
ومن العبارات الباطلة قول: "إن الله موجود في كل مكان". وهذا الكلام على هذا الإطلاق قبيح وشنيع بل هو كفر بالله تعالى، وهو قول الحلولية الملاحدة؛ فالله -تعالى- مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، وهو مع خلقه بعلمه وإحاطته يقول سبحانه عن نفسه الكريمة (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) [الحديد: 4]، يعني بعلمه، ولهذا ختم الآية بقوله (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد: 4]، وإن كان قصد القائل أن الله معنا بعلمه واطلاعه، فهذا صحيح، ولكن لا بد من تقييد الجملة بكلمة بعلمه.
والبعض يقول: "يا وجه الله"، أو "يا رحمة الله".
وهذا دعاء للصفة ودعاء الصفة يحرم ولا يجوز، والدعاء يجب أن يكون لله -تعالى- فتقول يا الله – اللهم– يا رب".
أما التوسل بالصفة فجائز كما في الحديث "برحمتك أستغيث".
وكذا الاستعاذة بالصفة كقولك أعوذ بنور وجهك، أو أعوذ بكلمات الله التامات، فيجوز التوسل والاستعاذة بالصفة، ولكن لا يجوز دعاؤها.
ومن العبارات الخاطئة قول البعض "تجب الثقة بالنفس"، قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى- لما سُئل عن هذه العبارة: "لا تجب، ولا تجوز الثقة بالنفس في الحديث: "ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
وفي رواية: "إنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة".
لكن يقول الثقة بالله -تعالى- والاعتماد عليه، ثم الثقة بالنفس.
ومن ذلك أن بعض الناس يطلق اسم "المنتقم" على الله تعالى، وهو ليس من أسماء الله -تعالى- وإنما جاء في القرآن مقيداً (وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) [المائدة: 95].
ومن العبارات الشركية قول بعضهم: ما شاء الله وشاء فلان – وهذا من الله ومنك – وأنا بالله وبك - والله لي في السماء وأنت لي في الأرض – وهذا من صدقاتك وصدقات الله، ونحو ذلك، فلا بد من قول ثُمَّ؛ تفريقاً بين الخالق والمخلوق، وأما الواو فتفيد العطف والتسوية.
ومن العبارات المحذورة قول: "توكلت على الله ثم عليك".
فهذه لا تصح حتى ولو قال ثم، فالتوكل عبادة قلبية، بل قل توكلت على الله -تعالى- وحده.
ومن العبارات الخاطئة قول البعض: "الرأي لله ثم لكم"، وهذا لا يجوز؛ لأن الرأي يقال لمن لا يعلم الوجه الصحيح في الأمور المشكلة، والله سبحانه يعلم الأمور على وجهها.
معاشر المؤمنين: صونوا ألسنتكم من العبارات الخاطئة؛ خصوصًا ما كان في جنب الله تعالى، واعلموا أن تدريب اللسان على ذلك عبادة لله يُؤجَر عليها العبد، ويستقيم لسانه كما قال الأول:
عوِّد لسانك قول الحق تحظ به *** إن اللسان لما عُودِّت معتاد
اللهم حسِّن ألفاظنا وقوِّمها بالشرع يا رب العالمين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي