الأعاصير

إبراهيم بن صالح العجلان
عناصر الخطبة
  1. الهدي النبوي في التعامل مع الظواهر الكونية .
  2. وقفة ادّكار واعتبار مع ظاهرة الريح والإعصار .
  3. أحكام شرعية مرتبطة بالرياح والأعاصير .
  4. أسباب تستدفع بها الأمة البلاء والكوارث عنها .

اقتباس

وَمِنَ الظَّوَاهِرِ الْكَوْنِيَّةِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ أَنْ نَقِفَ مَعَهَا وَقْفَةَ تَأَمُّلٍ وَادِّكَارٍ، وَعِظَةٍ وَاعْتِبَارٍ: ظَاهِرَةُ الرِّيحِ وَالْإِعْصَارِ... الرِّيحُ وَالْإِعْصَارُ رُسُلُ نُذُرٍ وَإِنْذَارٍ، مِنَ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ، وَآيَةٌ مِنْ آيَاتِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) [الْإِسْرَاءِ:59].

الخطبة الأولى:

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ حَقَّ التَّقْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ تَقْوَى اللَّهِ الْمَلِكِ الرَّحْمَنِ هِيَ الْعِصْمَةُ مِنَ الْبَلَايَا، وَالْمَنَعَةُ مِنَ الرَّزَايَا، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) [الطَّلَاقِ:2]، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطَّلَاقِ:4].

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: وَيَخْرُجُ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ مُسْرِعًا، يَجُرُّ إِزَارَهُ خَلْفَهُ، قَلِقًا فَزِعًا، وَيَأْمُرُ الْمُنَادِيَ فَيُنَادِي: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ! الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ! مَا الَّذِي أَفْزَعَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ مَا الْأَمْرُ؟ مَا الْخَبَرُ؟ لَقَدْ حَدَثَ شَيْءٌ غَرِيبٌ فِي هَذَا الْكَوْنِ؛ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ! تَغَيَّرَ شَكْلُهَا، ذَهَبَ ضِيَاؤُهَا.

وَيَجْتَمِعُ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- فِي الْمَسْجِدِ، وَيَصْطَفُّونَ خَلْفَ نَبِيِّهِمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلَاةٍ خَاشِعَةٍ، أَطَالَ فِيهَا الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، حَتَّى إِذَا قَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاتَهُ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ! وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ؛ فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا، وَصَلُّوا، وَتَصَدَّقُوا"، ثُمَّ قَالَ: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ؛ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ أَنْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ. يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ؛ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا".

عِبَادَ اللَّهِ: هَذِهِ إِحْدَى الظَّوَاهِرِ الْكَوْنِيَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهَذَا هُوَ مَوْقِفُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِي التَّعَامُلِ مَعَهَا، لَمْ يَتَعَامَلْ مَعَهَا تَعَامُلًا جَامِدًا، وَتَحْلِيلًا مَادِّيًّا؛ بَلْ رَبَطَ ذَلِكَ بِالْخَالِقِ وَتَدْبِيرِهِ فِي هَذَا الْكَوْنِ، ثُمَّ حَذَّرَ النَّاسَ -مَعَ هَذِهِ التَّغَيُّرَاتِ الْكَوْنِيَّةِ- مِنْ عِصْيَانِ رَبِّهِمْ، وَانْتِهَاكِ مَحَارِمِهِ.

وَهَكَذَا أَهْلُ الْإِيمَانِ؛ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ نَظْرَتُهُمْ تُجَاهَ هَذِهِ الظَّوَاهِرِ الْكَوْنِيَّةِ تَخْتَلِفُ عَنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ إِيمَانًا يَرْبطُهُمْ بِاللَّهِ -تَعَالَى-، وَلِأَنَّ لَهُمْ عَقِيدَةً تُخْبِرُهُمْ بِمَا يَجْرِي فِي هَذَا الْكَوْنِ كُلِّهِ، بِقَدَرِ اللَّهِ، فَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ إِرَادَتِهِ، وَلَا يَجْرِي شَيْءٌ بِدُونِ مَشِيئَتِهِ.

وَمِنَ الظَّوَاهِرِ الْكَوْنِيَّةِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ أَنْ نَقِفَ مَعَهَا وَقْفَةَ تَأَمُّلٍ وَادِّكَارٍ، وَعِظَةٍ وَاعْتِبَارٍ: ظَاهِرَةُ الرِّيحِ وَالْإِعْصَارِ.

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: الرِّيحُ وَالْإِعْصَارُ رُسُلُ نُذُرٍ وَإِنْذَارٍ، مِنَ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ، وَآيَةٌ مِنْ آيَاتِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) [الْإِسْرَاءِ:59].

خَوَّفَ الْعَظِيمُ الْجَلِيلُ عِبَادَهُ بِالرِّيحِ الْعَاتِيَةِ، وَأَنْذَرَهُمْ بِالْأَعَاصِيرِ الْقَاصِفَةِ، قَالَ -تَعَالَى-: (أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا * أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا) [الْإِسْرَاءِ:68-69].

وَلِعَظَمَةِ الرِّيحِ وَعِظَمِ شَأْنِهَا؛ أَقْسَمَ بِهَا رَبُّهَا، فَقَالَ -جَلَّ فِي عُلَاهُ-: (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا * وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا) [الْمُرْسَلَاتِ:1-3].

وَجَعَلَهَا اللَّهُ -تَعَالَى- بُرْهَانًا دَالًّا عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ، قَالَ -تَعَالَى-: (وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [الْجَاثِيَةِ:5].

وَحِينَمَا سَأَلَ نَبِيُّ اللَّهِ سُلَيْمَانُ رَبَّهُ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ؛ اسْتَجَابَ اللَّهُ لِطَلَبِهِ، وَسَخَّرَ لَهُ الرِّيحَ طَائِعَةً لِأَمْرِهِ، قَالَ -تَعَالَى-: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ) [الْأَنْبِيَاءِ:81]، وَقَالَ -سُبْحَانَهُ-: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ)[سَبَأٍ:12]، قَالَ قَتَادَةُ: "تَغْدُو مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، وَتَرُوحُ مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ".

هَذِهِ الرِّيَاحُ جُنْدٌ طَائِعٌ لِلَّهِ -تَعَالَى-: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ) [الْمُدَّثِّرِ:31]، فَإِذَا شَاءَ اللَّهُ صَيَّرَهَا رَحْمَةً، فَجَعَلَهَا رخَاءً وَلَقَاحًا لِلسَّحَابِ، فَكَانَتْ مُبَشِّرَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، وَنُزُولِ نِعْمَتِهِ، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) [الرُّومِ:46]، وَإِذَا شَاءَ اللَّهُ جَعَلَ هَذِهِ الرِّيَاحَ نِقْمَةً وَنَكَالًا، فَكَانَتْ صَرْصَرًا عَاصِفًا، وَعَذَابًا عَقِيمًا، قَالَ -تَعَالَى- عَنْ قَوْمِ عَادٍ؛ لَمَّا كَفَرُوا وَاسْتَكْبَرُوا: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) [الذَّارِيَاتِ:41-42].

هَذِهِ الرِّيحُ جَعَلَهَا اللَّهُ سَلَامًا لِنُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ، فَحِينَمَا زُلْزِلَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ زِلْزَالًا شَدِيدًا، وَزَاغَتِ الْأَبْصَارُ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ؛ نَصَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَأَوْلِيَاءَهُ، فَأَرْسَلَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ رِيحًا عَاتِيَةً؛ قَلَعَتْ خِيَامَهُمْ، وَأَطْفَأَتْ نَارَهُمْ، وَكَفَأَتْ قُدُورَهُمْ، فَارْتَحَلُوا بَعْدَ ذَلِكَ صَاغِرِينَ مُتَفَرِّقِينَ، قَالَ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) [الْأَحْزَابِ:9]، وَفِي هَذَا يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَ"الصَّبَا": هِيَ الرِّيحُ الشَّرْقِيَّةُ، وَالدَّبُّورُ: الرِّيحُ الْغَرْبِيَّةُ.

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: إِنَّ ظَاهِرَةَ الْأَعَاصِيرِ حَدَثٌ مَهِيبٌ، وَمَنْظَرٌ مَهُولٌ، يُوجِلُ الْقُلُوبَ، وَيُدْهِشُ الْعُقُولَ، فَحِينَمَا النَّاسُ فِي دُنْيَاهُمْ غَافِلُونَ، أَوْ فِي لَهْوِهِمْ سَادِرُونَ؛ إِذْ أَذِنَ اللَّهُ لِجُنْدٍ مِنْ جُنُودِهِ أَنْ يَتَحَرَّكَ؛ أَذِنَ لِلْهَوَاءِ السَّاكِنِ أَنْ يَضْطَرِبَ، وَيَهِيجَ وَيَمُوجَ، وَيَثُورَ وَيُزَمْجِرَ، ثُمَّ يَتَوَجَّهَ كَالْغَضْبَانِ إِلَى الْيَابِسَةِ، يَجُرُّ مَعَهُ الْأَمْوَاجَ الْعَالِيَةَ، وَالسُّحُبَ الْمُفَرَّقَةَ، لَا يَقِفُ أَمَامَهُ شَيْءٌ إِلَّا ابْتَلَعَهُ، وَلَا شَجَرٌ إِلَّا اقْتَلَعَهُ، وَلَا شَاخِصٌ إِلَّا صَرَعَهُ، وَرَمَاهُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ، عُرُوشٌ مُبَعْثَرَةٌ، وَبِنَايَاتٌ مُتَنَاثِرَةٌ، وَأَشْلَاءٌ مُمَزَّقَةٌ، وَجُثَثٌ مُتَحَلِّلَةٌ، هُنَا وَهُنَاكَ.

يَقِفُ النَّاسُ مَعَ لُجَّةِ الْإِعْصَارِ مَكْلُومِينَ مَشْدُوهِينَ نَازِحِينَ، لَا بُيُوتَ تُنْجِيهِمْ، وَلَا أَبْرَاجَ تُؤْوِيهِمْ، (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ) [الْأَنْبِيَاءِ:12-13].

يَحْدُثُ هَذَا الدَّمَارُ كُلُّهُ وَذَاكَ الْخَرَابُ فِي لَحَظَاتٍ سَرِيعَةٍ خَاطِفَةٍ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! مَا أَعْظَمَ قُدْرَةَ الْجَبَّارِ! مُدُنٌ عَامِرَةٌ تَدِبُّ فِي أَرْجَائِهَا الْحَيَاةُ لِجَمَالِهَا وَصِفَاتِهَا، وَفِي غَمْضَةِ عَيْنٍ وَانْتِبَاهَتِهَا يُغَيِّرُهَا اللَّهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، فَأَضْحَتْ أَوْطَانًا مُوحِشَةً، وَدِيَارًا خَاوِيَةً، وَأَطْلَالًا بَالِيَةً، (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هُودٍ:102].

مَا أَكْثَرَ الْعِبَرَ! وَمَا أَقَلَّ الِاعْتِبَارَ! فَهَذِهِ الْأَعَاصِيرُ -يَوْمَ تَعْصِفُ عَاصِفَتُهَا- كَأَنَّمَا تُخَاطِبُ أَهْلَ الْأَرْضِ، تُخَاطِبُهُمْ بِعَظَمَةِ الْخَالِقِ، وَعَجْزِ الْمَخْلُوقِ وَضَعْفِهِ، تَخَاطِبُهُمْ بِأَنَّ الْأَمْرَ لِلَّهِ، مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، وَأَنَّ الْمَخْلُوقَ مَهْمَا طَغَى وَبَغَى، وَمَهْمَا أُوتِيَ مِنْ قُوَّةٍ وَتَقَدُّمٍ؛ فَلَيْسَ بِمُعْجِزِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ.

لَقَدْ أَصَابَتْ هَذِهِ الْأَعَاصِيرُ دُوَلًا عُظْمَى، فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ قُوَّتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ. نَعَمْ! نَجَحَتِ الْبَشَرِيَّةُ فِي رَصْدِ هَذِهِ الْأَعَاصِيرِ، وَكَشْفِ وُجْهَتِهَا وَسُرْعَتِهَا؛ لَكِنَّهَا عَجَزَتْ، مَعَ قُوَّتِهَا الْعَسْكَرِيَّةِ، وَأَجْهِزَتِهَا الْعِلْمِيَّةِ، وَتِرْسَانَتِهَا الْحَرْبِيَّةِ؛ عَجَزَتْ عَنْ مُوَاجَهَةِ هَذَا الْجُنْدِيِّ الْإِلَهِيِّ، أَوْ تَغْيِيرِ وُجْهَتِهِ، وَتَقْلِيلِ خَسَائِرِهِ، وَصَدَقَ اللَّهُ، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا: (وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) [الرَّعْدِ:11].

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَمِنَ الْحَقَائِقِ الثَّابِتَةِ الَّتِي نَطَقَ بِهَا الْقُرْآنُ: أَنَّ هَذِهِ الْمَصَائِبَ الْعَامَّةَ الَّتِي تَنْزِلُ بِالْبِلَادِ وَالْعِبَادِ؛ إِنَّمَا هِيَ حَصَائِدُ ذُنُوبِهِمْ، وَجَزَاءُ مَا كَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الرُّومِ:41].

وَيَقُولُ اللَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَصَارِعَ الْأُمَمِ: (فَكُلًا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [الْعَنْكَبُوتِ:40]. وَيَقُولُ -تَعَالَى-: (وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) [الْقَصَصِ:59].

وَلَمَّا كَثُرَتِ الْمَعَاصِي فِي هَذَا الزَّمَنِ وَتَنَوَّعَتْ؛ كَثُرَتْ بِذَلِكُمُ الْمَصَائِبُ وَتَسَارَعَتْ، وَلَا زِلْنَا بَيْنَ فَتْرَةٍ وَأُخْرَى نَسْمَعُ عَنْ زَلَازِلَ، وَبَرَاكِينَ، وَفَيَضَانَاتٍ، وَأَعَاصِيرَ، وَأَوْجَاعٍ، وَأَمْرَاضٍ...

عِبَادَ اللَّهِ: وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ تَأْبَى نُفُوسٌ أَعْرَضَتْ عَنِ اللَّهِ، وَتَعَامَتْ عَنْ شَرِيعَتِهِ؛ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الْأَعَاصِيرِ آيَةً وَعِبْرَةً وَمُدَّكَرًا، فَيَنْسُبُونَ هَذِهِ الْأَعَاصِيرَ إِلَى ظَوَاهِرَ طَبِيعِيَّةٍ، وَأَسْبَابٍ مَادِّيَّةٍ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا عَلَاقَةَ لَهَا بِأَفْعَالِ النَّاسِ وَمَعَاصِيهِمْ، وَلِسَانُ حَالِهِمْ كَمَا قَالَ مَنْ سَبَقَهُمْ: (قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) [الْأَعْرَافِ:95].

وَيَعْظُمُ الْخَطْبُ حِينَمَا تَكُونُ هَذِهِ التَّحْلِيلَاتُ الْمَادِّيَّةُ وَالنَّظْرَةُ الْعَلْمَانِيَّةُ هِيَ الصَّوْتَ الْأَغْلَبَ لِلْإِعْلَامِ فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَتَزْرَعُ الشَّكَّ فِي عُقُولِ النَّاسِ، وَتُغَرِّرُ بِمَفَاهِيمِهِمْ بِهَذِهِ النَّظْرَةِ الْخَاطِئَةِ؛ فَيَضْعُفُ بِذَلِكَ اتِّعَاظُ الْعِبَادِ، وَيَقِلُّ اعْتِبَارُهُمْ، يَقُولُ اللَّهُ -تَعَالَى- ذَامًّا وَمُوَبِّخًا مَنْ لَا يَتَّعِظُ بِالْآيَاتِ وَالْمَثُلَاتِ: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الْأَنْعَامِ:43].

نَعَمْ! لِهَذِهِ الْأَعَاصِيرِ أَسْبَابٌ وَظَوَاهِرُ عِلْمِيَّةٌ، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَعْنِي التَّعَلُّقَ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ، وَنِسْيَانَ خَالِقِهَا وَمُسَبِّبِهَا، فَإِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- إِذَا أَرَادَ شَيْئًا؛ أَوْجَدَ سَبَبَهُ، وَرَتَّبَ عَلَيْهِ نَتِيجَتَهُ، كَمَا قَالَ -سُبْحَانَهُ-: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الْإِسْرَاءِ:16].

فَهَذِهِ الْأَعَاصِيرُ -وَغَيْرُهَا مِنَ الْكَوَارِثِ- هِيَ مِنْ أَقْدَارِ اللَّهِ، لَا تُسَيِّرُ نَفْسَهَا، وَإِنَّمَا تَسِيرُ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَلِشَيْءٍ أَرَادَهُ اللَّهُ.

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: إِنَّ هَذِهِ الْكَوَارِثَ الَّتِي تُنْذِرُ الْبَشَرِيَّةَ لَتُؤَكِّدُ لَنَا بِجَلَاءٍ وَوُضُوحٍ: أَنَّ حَيَاةَ الْإِنْسَانِ رَهْنُ مَشِيئَةِ اللَّهِ، وَأَنَّ الْآجَالَ مَحْجُوبَةٌ خَلْفَ سِتَارِ الْغَيْبِ، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا -فِي أَيِّ لَحْظَةٍ- عُرْضَةٌ لِلِقَاءِ رَبِّهِ، فَلَا يَدْرِي عَبْدٌ مَتَى تَأْتِيهِ مَنِيَّتُهُ، أَوْ يَحِينُ حِينُهُ، (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [لُقْمَانَ:34].

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ...

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَيَا عِبَادَ اللَّهِ، وَكَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ هَذِهِ الرِّيَاحِ شَأْنٌ آخَرُ، وَحَالٌ مُغَايِرَةٌ؛ كَانَ إِذَا رَأَى مُقَدِّمَاتِهَا؛ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَقَلِقَتْ نَفْسُهُ، وَتَبَدَّلَتْ حَالُهُ، وَلَا غَرْوَ فِي ذَلِكَ؛ فَهُوَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَعْلَمُ النَّاسِ بِرَبِّهِ، وَأَخْبَرُ الْخَلْقِ بِأَسْبَابِ الْعُقُوبَاتِ وَالْكَوَارِثِ.

تُصَوِّرُ لَنَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ حَالَهُ بِقَوْلِهَا: "كَانَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ؛ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، وَإِذَا أَمْطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الْأَحْقَافِ:24].

وَمِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَعَ الرِّيحِ وَالْأَعَاصِيرِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَبُّهَا أَوْ لَعْنُهَا، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ؛ فَإِنَّهَا تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَالْعَذَابِ، وَلَكِنْ، سَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا، وَتَعَوَّذُوا مِنْ شَرِّهَا" رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.

وَمِنَ الْأَحْكَامِ -أَيْضًا-: دُعَاءُ اللَّهِ -تَعَالَى- عِنْدَ هُبُوبِهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ؛ قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: حَرِيٌّ بِنَا -وَنَحْنُ نَرَى نُذُرَ الْجَبَّارِ هُنَا وَهُنَاكَ- أَنْ تَسْتَيْقِظَ نُفُوسُنَا مِنْ غَفْلَتِهَا، وَتَلِينَ قُلُوبُنَا مِنْ قَسْوَتِهَا، وَتَجْرِيَ مَدَامِعُنَا؛ تَعْظِيمًا وَإِجْلَالًا لِلَّهِ تَعَالَى.

حَرِيٌّ بِنَا -وَنَحْنُ نَرَى هَذِهِ الْفَوَاجِعَ- أَنْ نَتُوبَ مِنْ خَطَايَانَا، وَنُصَحِّحَ مَسَارَنَا، وَنَسْتَغْفِرَ رَبَّنَا، وَأَنْ نُذَكِّرَ أَنْفُسَنَا وَنُذَكِّرَ الْآخَرِينَ بِعُقُوبَةِ الْجَبَّارِ، وَشِدَّةِ بَأْسِهِ، وَغَيْرَتِهِ عَلَى مَحَارِمِهِ.

وَقَعَتْ زَلْزَلَةٌ فِي زَمَنِ الْخَلِيفَةِ الصَّالِحِ الْعَادِلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ بِالْأَمْصَارِ يَأْمُرُهُمْ بِالتَّوْبَةِ، وَيَحُضُّهُمْ عَلَى الضَّرَاعَةِ لِرَبِّهِمْ، وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ.

عِبَادَ اللَّهِ: وَمِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَسْتَدْفِعُ بِهَا الْأُمَّةُ الْكَوَارِثَ عَنْهَا: إِزَالَةُ رَايَاتِ الْفَسَادِ وَالْإِفْسَادِ الْمُسْتَعْلِنَةِ، وَإِنْكَارُ الْمُنْكَرِ، وَالْأَخْذُ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاءِ، الَّذِينَ يَخْرُقُونَ سَفِينَةَ مُجْتَمَعِنَا بِمَسَامِيرِ الشَّهَوَاتِ، أَوْ بِمَطَارِقِ الشُّبُهَاتِ.

الْأَخْذُ عَلَى أَيْدِيهِمْ، وَمَنْعُ فَسَادِهِمْ وَإِفْسَادِهِمْ، حَلْقَةٌ مِنْ حَلَقَاتِ الْإِصْلَاحِ، وَصِمَامُ أَمَانٍ مِنَ الْعُقُوبَاتِ الْإِلَهِيَّةِ، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) [هُودٍ:117].

أَمَّا إِذَا عَلَتِ الْمُنْكَرَاتُ، وَكَثُرَ وَرَاجَ سُوقُهَا، وَصَلُبَ عُودُهَا، وَلَمْ يُوجَدِ النَّكِيرُ؛ فَإِنَّ الْعُقُوبَةَ عَامَّةٌ؛ سَيُهْلَكُ الْأَخْيَارُ بِجَرِيرَةِ الْفُجَّارِ.

تَسْأَلُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَهْلِكُ، وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟! قَالَ: "نَعَمْ! إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ".

فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، وَانْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الْحَوَادِثِ بِعَيْنِ الْبَصَرِ وَالْبَصِيرَةِ، وَالْعَقْلِ وَالتَّعَقُّلِ، لَا بِعَيْنِ الشَّمَاتَةِ، أَوِ التَّزْكِيَةِ لِلنَّفْسِ، فَقَدْ يَصْرِفُ اللَّهُ الْعُقُوبَاتِ عَمَّنْ هُوَ أَفْجَرُ وَأَفْسَقُ؛ إِمْهَالًا وَمَكْرًا بِهِمْ، (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الْأَعْرَافِ:99].

وَلَسْتَ تَأْمَنُ عِنْدَ الصَّحْوِ فَاجِئَةً *** مِنَ الْعَوَاصِفِ، فِيهَا الْخَوْفُ وَالْهَلَعُ

عِبَادَ اللَّهِ: صَلُّوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي