دعوة أدعو بها نفسي أولاً وإخوتي فأقول: لِمَ لا نواجه هذا الركود الاقتصادي والتخويف بالفقر بالصدقة والبذل، لا بالإمساك والتقتير؟! لِمَ لا نفكر بالصدقة اليومية ولو بقروش قليلة جداً أو بريال، وإن قل دخلنا فربنا يقول: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).. ويقال بأن الأعمال الصالحة تفاخرت، فكان للصدقة الفضل عليهن..
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله...
أما بعد: تظل السيرة النبوية، وما فيها من أحداث، مصدراً للدروس والعبر، تعالوا بنا أيها الإخوة اليوم نرتوي من معينها ونستلهم من توجيهها ونستجلي عبرها.. قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب:21].
ولقد كان للصدقة في سنته حديث من ذلك، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَدْرِ النَّهَارِ, فَجَاءَهُ نَاسٌ مِنْ الْأَعْرَابِ حُفَاةٌ عُرَاةٌ, مُجْتَابِي النِّمَارِ "أي: لابسيها، وذلك بخرق أوساطها، والنِّمَار جمع للنَّمِرَةُ وهي شملة مخططة من مآزر الأعراب كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض، وأراد الراوي أنه جاءه قومٌ لابسي أزر مخططة من صوف"، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ, كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ, فَتَمَعَّرَ "أَيْ: تَغَيَّرَ" وَجْهُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ "أي: الفقر" فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ "لَعَلَّهُ يَجِدُ فِي الْبَيْت مَا يَدْفَع بِهِ فَاقَتهمْ, فَلَم يَجِدْ".
فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ, فَصَلَّى الظُّهْرَ, ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرًا صَغِيرًا, فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ, فَإِنَّ اللهَ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ, وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا, وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً, وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ, إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].
ثُمَّ قَالَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَسَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، وَلَا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ، فَيَقُولُ لَهُ: أَلَمْ أُعْطِكَ مَالًا وَوَلَدًا؟, وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟, فَيَقُولُ: بَلَى, فَيَقُولُ لَهُ: أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَيُبَلِّغَكَ؟, فَيَقُولُ: بَلَى فَيَقُولُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا؟, فَيَقُولُ: بَلَى, فَيَقُولُ: أَيْنَ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟, فَيَنْظُرُ قُدَّامَهُ, وَبَعْدَهُ, وَعَنْ يَمِينِهِ, وَعَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَجِدُ شَيْئًا يَقِي بِهِ وَجْهَهُ حَرَّ جَهَنَّمَ" "أي: أنه اِلْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا يَطْلُبُ الْغَوْثَ, أَو أَنَّهُ يَتَرَجَّى أَنْ يَجِدَ طَرِيقًا يَذْهَبُ فِيهَا لتَحْصُلَ لَهُ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ, فَلَا يَرَى إِلَّا مَا يُفْضِي بِهِ إِلَيها، إلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، ثُمَّ يَنْظُرُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ".
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اتَّقُوا النَّارَ, ثُمَّ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ "نَحَّاهُ عَنْهُ"، ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ, ثُمَّ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ, ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ, ثُمَّ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ, حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا" "ثُمَّ قَالَ: "تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ, مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ "الْبُرّ: القمح" مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ, حَتَّى قَالَ: "مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّ تَمْرَةٍ" "فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ" هذا الحديث مجموع من ألفاظ متعددة (أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما).
وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ عَشِيَّةً إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ فِي ثِيَابٍ مِنَ الصُّوفٍ مِنْ هَذِهِ النِّمَارِ، قَالَ: فَصَلَّى وَقَامَ فَحَثَّ عَلَيْهِمْ، "أي على الصدقة لهم"، ثُمَّ قَالَ: "وَلَوْ صَاعٌ وَلَوْ بِنِصْفِ صَاعٍ وَلَوْ قَبْضَةٌ وَلَوْ بِبَعْضِ قَبْضَةٍ يَقِي أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ حَرَّ جَهَنَّمَ أَوِ النَّارِ، وَلَوْ بِتَمْرَةٍ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَاقِي اللَّهَ وَقَائِلٌ لَهُ مَا أَقُولُ لَكُمْ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالًا وَوَلَدًا؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ، أَيْنَ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ فَيَنْظُرُ قُدَّامَهُ وَبَعْدَهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ لَا يَجِدُ شَيْئًا يَقِي بِهِ وَجْهَهُ حَرَّ جَهَنَّمَ، لِيَقِ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، فَإِنِّي لَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الفَاقَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكُمْ وَمُعْطِيكُمْ حَتَّى تَسِيرَ الظَّعِينَةُ فِيمَا بَيْنَ يَثْرِبَ وَالحِيرَةِ أَوْ أَكْثَرَ مَا يُخَافُ عَلَى مَطِيَّتِهَا السَّرَقُ" (رواه الترمذي وقال الألباني حديث حسن).
وروى البخاري عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: نحو هذا المعنى.
أيها الأحبة: إذا تأملنا هذه المواقف النبوية الشريفة خرجنا منها بدروس وعبر منها: الحث على الصدقة مهما كان مقدارها.. وأن الصدقة تكون بالقليل والكثير؛ فمن منا معاشر الإخوة الحاضرين في هذا المسجد لا يستطيع أن يتصدق بشق تمرة أي نصفِ تمرة الذي يساوي قرشاً أو أقل.!..
ولنعلم علم يقين أن بذل القليل يكون دافعاً لبذل الكثير؛ فالذي يُقْدِمُ على بذل القليل سيُقْدِمُ على بذل الكثير إذا ذاق طعم الصدقة..
ثم إن قليل الصدقة من المال الطيب الحلال، يقع موقعاً عظيماً عند الله تعالى، ففي الصحيحين: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ -ما يعادلها وزنا أو قيمة- وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ» (رواه البخاري).
ولفظ مسلم «مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً، فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ "أي: تزيد" حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ "كما لو كان تصدق بمقدار الجبل"، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ "أي مُهره، وهو الصغير من الخيل" أَوْ فَصِيلَهُ "والفصيل ولد الناقة"». عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فاللهم لك الحمد.
وفي هذه الآثار حثٌّ لجميع أفراد المجتمع على الصدقة مهما قلَّ دخلهم، وأن بركتها عظيمة، فمتى ما تغلب المسلم على الشيطان وأرخى يده ولو بالقليل فليبشر بالخير يقول الله تعالى محذراً من كيد الشيطان: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 268].
أحبتي: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» المقصود بالنار نار جهنم التي بين الكتاب والسنة عظمتها فمن ذلك: يَقُوُلُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ "أي: يوم القيامة" لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا. (رواه مسلم والترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ).
أي: أن عددَ الملائكة الذين يَجُرُّونَهَا مع عظيم خلقهم أكثر من نصف سكان العالم اليوم عدداً.. وهذه بفضل الله تتقى بشق تمرة.!
وهي النار التي وصف النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرَهَا بقوله: نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ. قَالُوا: وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ.! قَالَ: فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا. (رواه البخاري ومسلم واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-).
ومع ذلك تُتَقى بشِقِّ تَمْرَةٍ! فاللهم لك الحمد أولاً وآخراً.. يقول الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:261].
بارك الله ..
أما بعد يقول الَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللهُمَّ، أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا.."، (الحديث رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-).
قال العلماء: هذا في الإنفاق في الطاعات ومكارم الأخلاق وعلى العيال والضيفان والصدقات ونحو ذلك بحيث لا يُذمُ ولا يسمى سرفا.
ويقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ:39]، فلا تتوهموا أن الإنفاق مما ينقص الرزق، بل وعد بالخلف للمنفق الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) فاطلبوا الرزق منه، واسعوا في الأسباب التي أمركم بها..
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ -أَوْ قَالَ: يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ-" "والمعنى: بأن تجسد الصدقة كالطود العظيم فيقف في ظلها"..
وقَالَ يَزِيدُ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ: "وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ "الراوي عن عقبة" لَا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إِلَّا تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَعْكَةً أَوْ بَصَلَةً أَوْ كَذَا" (رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني).
وبعد أيها الإخوة: يَقُولُ: الرَسُول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ، إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ» (رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ).
"ما نقصت صدقة من مال"، ذكروا فيه وجهين أحدهما معناه أن الله يبارك فيه ويدفع عنه المضرات فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفية، وهذا مدرَك بالحس والعادة، والثاني أنه وإن نقصت صورته كان في الثواب المرتب عليه جبر لنقصه وزيادة إلى أضعاف كثيرة..
دعوة أدعو بها نفسي أولاً وإخوتي فأقول: لِمَ لا نواجه هذا الركود الاقتصادي والتخويف بالفقر بالصدقة والبذل، لا بالإمساك والتقتير؟! لِمَ لا نفكر بالصدقة اليومية ولو بقروش قليلة جداً أو بريال، وإن قل دخلنا فربنا يقول: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ:39]؟!
وختاماً: يقال بأن الأعمال الصالحة تفاخرت، فكان للصدقة الفضل عليهن..
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي