خطبة استسقاء (1)

محمد بن صالح بن عثيمين
عناصر الخطبة
  1. نعمة المطر وحمد الله وشكره على ذلك .
  2. أضرار تأخر المطر أو قلته .
  3. حاجة الخلائق للمطر .
  4. رفع الأيدي وسؤال الله المطر .
  5. بعض سنن الاستسقاء وآدابه .

اقتباس

أنتم -أيها المسلمون-: مضطرون إلى المطر غاية الضرورة، ولا يستطيع أحد أن ينزل المطر إلا الله -تعالى- الذي: (يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ)[النمل:62]. فهو غياث المستغيثين، وجابر المنكسرين، وراحم المستضعفين، وهو على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم يعطي لحكمة، ويمنع لحكمة، وهو ...

الخطبة الأولى:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والحمد لله مغيث المستغيثين، ومجيب المضطرين، ومسبغ النعمة على العباد أجمعين، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا إله إلا الله الولي الحميد، لا إله إلا الله الواسع المجيد، لا إله إلا الله الذي عم بفضله وإحسانه جميع العبيد، وشمل بحلمه ورحمته ورزقه القريب والبعيد، فـ: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا)[هود: 6].

(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)[الأنعام: 59].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أفضل النبيين المؤيد بالآيات البينات، والحجج الواضحات والبراهين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بهديهم إلى يوم الدين، وسلم تسليما.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، واعرفوا نعمته عليكم بهذا الماء الذي يسره الله لكم، فأنزله من السماء، ثم سلكه ينابيع في الأرض، وخزنه فيها لتستخرجوه عند الحاجة إليه، ولو بقي على وجه الأرض لفسد وأفسد الهواء، ولكـن الله بحكمته ورحمتـه خزنه لكـم: (فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ)[الحجر: 22].

فاحمدوا الله -أيها المسلمون-: على هذه النعمة، واعرفوا قدر ضرورتكم إلى الماء الذي هو مادة حياتكم، وحياة بهائمكم وأشجاركم وزروعكم، وإنه لا غنى لكم عن رحمة الله إياكم به طرفـة عـين: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ)[الملك: 30].

أيها المسلمون: إنكم لتعلمون ما يحصل من الضرر بتأخر هذا الماء أو نقصانه في الزروع والثمار والبهائم.

ولقد شاهدتم ما حصل من نزول المياه الجوفية الذي لعله يكون من أسبابه قلة الأمطار.

فأنتم -أيها المسلمون-: مضطرون إلى المطر غاية الضرورة، ولا يستطيع أحد أن ينزل المطر إلا الله -تعالى- الذي: (يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ)[النمل:62].

فهو غياث المستغيثين، وجابر المنكسرين، وراحم المستضعفين، وهو على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم يعطي لحكمة، ويمنع لحكمة، وهو اللطيف الخبير.

أيها المسلمون: إذا علمتم أنكم مضطرون إلى رحمة ربكم وغيثه غاية الضرورة، وأنه لا يكشف ضركم، ولا يغيث شدتكم إلا الرحمن الرحيم، الجواد الكريم.

أيها المسلمون: إذا علمتم أن الدعاء مخ العبادة، وأن الله حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا، وأن من دعا الله بإخلاص وصدق، فلن يخيب، فإما أن يعطى مطلوبه، أو يدخر له ما هو أكثر منه وأعظم، أو يدفع عنه من السوء ما هو أشد وأكبر.

إذا علمتم -أيها المسلمون-: ذلك كله، فارفعوا قلوبكم وأيديكم إلى ربكم مستغيثين به، راجين لفضله، آملين لكرمه، وقدموا بين يدي ذلك توبة نصوحا، واستغفارا من الذنوب.

اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، نسألك أن تغيث قلوبنا وتحييها بذكرك، وتصلح باطننا بالإخلاص والمحبة لك، وظاهرنا بالاتباع التام لرسولك -صلى الله عليه وسلم-، والانقياد الكامل لشريعته، حتى لا نجد في أنفسنا حرجا مما قضى ونسلم تسليما.

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدارا.

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.

اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض.

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا عذاب، ولا هدم ولا غرق.

أيها الإخوان: اقتدوا بنبيكم -صلى الله عليه وسلم- بقلب العباء، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم-كان يقلب رداءه، تفاؤلا على ربكم أن يقلب حالكم إلى الرخاء، وإشعارا بالتزامكم تغيير لباسكم الباطن بلزوم التقوى، بدلا من التلوث بلباس المعاصي والردى.

ثم يستقبل القبلة، فيقلب رداءه ويدعو.

ثم يدعو الناس إلى التوبة، وبيان أن ما أصابهم فإنما هو بذنوبهم، وأنه ينبغي التوبة والإلحاح كل وقت ثم ينصرف.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي