إذا أتى أحدكم الصلاة، فليسبغ الوضوء، ثم ليستقبل القبلة، فإن استقبال القبلة لا بد منه في الصلاة، قال الله -تعالى-: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)[البقرة: 150].
الحمد لله الذي وعد المحافظين على الصلاة أجرا عظيما، وأعد لهم جنات الفردوس نعيما مقيما.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فأنعم به ربا رحيما كريما، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل المصلين وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله، وحافظوا على الصلوات، وأقيموها في الجمع والجماعات، ولا تضيعوها، وتهملوها، فتقعوا في المهلكات، قال الله -تعالى-: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[مريم: 59].
فمن أضاع الصلاة، ولم يتب من ذلك لقي الغي في الدنيا والآخرة.
والغي هو الخسران المبين، وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "الغي واد في جهنم بعيد القعر، خبيث الطعم" فمن كان محافظا عليها فليحمد الله على نعمته، ويسأله الثبات على ذلك، ومن لم يكن محافظا عليها، فليتب إلى الله من ذنبه، وليرجع إلى ربه قبل أن يزيغ قلبه، فيكون من الهالكين.
حافظوا عليها بفعل شروطها وأركانها وواجباتها وسننها.
فإذا أتى أحدكم الصلاة، فليسبغ الوضوء، ثم ليستقبل القبلة، فإن استقبال القبلة لا بد منه في الصلاة، قال الله -تعالى-: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)[البقرة: 150].
ثم يستفتح الصلاة بما ورد عن النبي -رضي الله عنه- ثم يتعوذ، ويقرأ فاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها، ووجوبها على الإمام والمأموم والمنفرد؛ لعموم الحديث، وعدم المخصص الصحيح.
وينبغي للأئمة أئمة المساجد: أن يراعوا حال المأمومين في الركعتين بعد التشهد الأول، فيتأنوا في قراءة الفاتحة حتى يكملها المأمومون الذين خلفهم، فإذا قرأ الفاتحة قرأ بعدها ما تيسر من القرآن يكون في المغرب بقصار المفصل غالبا.
والسنة: أن يقرأ أحيانا بغير قصار المفصل بما لا يشق على المأمومين، فقد ثبت أن النبي -رضي الله عنه- قرأ فيها ب"سورة الأعراف"، وقرأ فيها ب"سورة محمد"، وقرأ فيها ب"سورة الطور"، وقرأ فيها ب"سورة المرسلات"، ويكون في الفجر من طوال المفصل، ويكون في الظهر والعصر والعشاء من أواسط المفصل إلا أن القراءة في الظهر تكون أطول من قراءة العصر.
فإذا فرغ من القراءة ركع، وقال: "سبحان ربي العظيم" الواجب مرة، وأدنى الكمال ثلاث.
ثم يرفع رأسه، قائلا: "سمع الله لمن حمده".
فإذا تم قيامه، قال: "ربنا ولك الحمد".
وإن كان مأموما، قال حين الرفع: "ربنا ولك الحمد".
ولا يقول: "سمع الله لمن حمده"؛ لقول النبي -رضي الله عنه-: "فإذا قال يعني الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد"[البخاري (657) مسلم (411) الترمذي (361) النسائي (1061) أبو داود (601) ابن ماجة (1238) مالك (306) الدارمي (1256)].
ثم يسجد على أعضائه السبعة: الجبهة، والأنف تبع لها، واليدين، والركبتين، وأطرف القدمين.
ولا يجوز أن يرفع رجليه عن الأرض، ولا أن يرفع أنفه، ولا شيئا من هذه الأعضاء عن محل سجوده، ولا يجوز أن يسجد بجبهته على كفيه.
فأما السجود على المنديل، أو غيره من الأشياء المنفصلة عن المصلي، فلا بأس به، لكن تركه أفضل.
وأما الأشياء المتصلة به كثوبه، وغترته، فيكره السجود عليه، إلا من حاجة، ويقول في سجوده: "سبحان ربي الأعلى".
ولا يجوز للمصلي أن يقرأ القرآن، وهو راكع، أو ساجد؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كشف النبي -رضي الله عنه- الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه، والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: "اللهم هل بلغت" ثلاث مرات" [مسلم (479) النسائي (1120) أبو داود (876) ابن ماجة (3899) أحمد (1/219) الدارمي (1325)].
"إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له، ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا وساجدا".
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه-: "نهاني رسول الله -رضي الله عنه- عن قراءة القرآن وأنا راكع أو ساجد"[مسلم (480) الترمذي (1737) أحمد (1/92) مالك (177)].
فأما إذا دعا في سجوده بآية من القرآن وهو لم يقصد القراءة، وإنما قصد الدعاء، فهذا لا بأس به مثل أن: (يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[آل عمران:16].
أو غيرها من آيات الدعاء، فهذا لا بأس به.
ثم يرفع من السجود، فيقول بين السجدتين: "اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني" ثم يفعل ذلك في صلاته كلها.
وعليكم بالطمأنينة في الصلاة، فإنه لا صلاة لمن لا يطمئن في صلاته.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[النور: 56].
بارك الله لي ولكم... الخ...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي