غزا الناس في زمان معاوية -رضي الله عنه- الروم، فسرق رجل من المسلمين مائة دينار رومية غلَّها من الغنائم، فلما رجع ندم الرجل على فعله وأتى أمير الجيش ليسلمه مائة الدينار فأبى أن يقبلها، وقال: قد تفرق الناس ولن أقبلها منك حتى تأتي الله بها يوم القيامة، فجعل الرجل يستقرئ الصحابة، فيقولون له مثل ذلك، فلما قدم دمشق ذهب إلى معاوية ليقبلها منه فأبى عليه فخرج الرجل باكيًا حزينًا يسترجع
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد.. فاتقوا الله يا عباد الله وربوا هذه النفوس على قبول الحق والرضا متى ما تبين واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه..
أيها المسلمون لا يخفى شرف التواضع وفضله، وأنه يعني قبول الحق والرضا به، وانشراح الصدر إليه، وأداء حقوق الخلق إليهم، ألا وإن من معانيه العظيمة أن يرجع الإنسان إلى الحق وأن يروِّض نفسه عليه، وأن يقبل النصح، وأن يبتعد عن الإصرار عن الباطل والمكابرة.
ولاسيما ممن ينظر الناس إليهم نظرة اقتداء كأهل العلم وكبار السن والوجهاء والولاة ومن لهم مكانة في قومهم، فهؤلاء هم أولى الناس بالرجوع إلى الحق والتزامه.
عباد الله: الإنسان بطبعه يخطئ على كل حال، وفي كل مجال، فكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، قد يقول المرء قولاً يندم عليه، وقد يخطئ في حق والديه، وقد يسيئ في زوجته وأولاده، وقد يسيء إلى جيرانه فيندم، وقد يدلي بشهادة ثم يتبين له خطئه، وقد يمتنع من أداء الشهادة ثم يوفِّقه الله لقبول الحق وقوله، وقد يسرق مالاً ثم يتوب ويرجع الحق إلى صاحبه، وقد يعادي شخصًا سواءً كان قريبًا أم بعيدًا، ثم يراجع نفسه ويفكر في أمره فيتبين له أنه هو المخطئ والمغرور من يزكي نفسه.
قد يأخذ رشوة ثم يتوب إلى ربه، ويرجع ما أخذ إلى صاحبه، وهكذا في مئات من المواقف والقضايا يكون سبب الرجوع إلى الحق بعد توفيق الله للعبد آية قرأها أو حديثًا سمعه، أو خطبة أو موعظة حضرها، أو غير ذلك من الأسباب.
قال الله -عز وجل-: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات:55]، فإذا أردت الانتفاع بالمواعظ والتذكير والآيات؛ لأن الإيمان يحمل صاحبه على التزام الحق واتباعه علمًا وعملاً، والرجوع إلى الحق شهامة وشجاعة، وقوة وفتوة، ورجولة ورجاحة عقل وأمارة على صدق الإيمان، وتحري الحق؛ فالمؤمنون يتبعون أرشد الطرق وأهداها، قال -عز وجل-: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) [الزمر:18].
ولا يفعل هذا أي الرجوع إلى الحق إلا مُنصِف مؤمن وهم قليل، قال البخاري في صحيحه تعليقًا عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- أنه قال: "ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان؛ الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار".
ومن أخلاق المؤمن إقراره بالحق قبل أن يشهد عليه، وأنه يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواءً كان ذلك في موافقته أو مخالفته، وهذا من النصيحة لله، ولكتابه ولدينه وأئمة المسلمين وعامتهم، وذلك هو الدين كما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وعلى هذا جرى خلفاء الرسول -صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم-، وتبعهم أئمة المسلمين في العلم والحكم والقضاء، فهذا أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- لما تولى الخلافة خطب الناس خطبته المشهورة، وكان مما قال: "أيها الناس إنما أنا متَّبع ولست بمبتدع، فإن أحسنت فأعينوني، وإن زغت فقوِّموني".
وهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: "أحب الناس إليَّ من رفع إليَّ عيوبي" ورويت بلفظ "رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي".
وأما الأئمة الأربعة فأبو حنيفة -رحمه الله- يقول: "إذا صح الحديث فهو مذهبي"، ومالك رحمه الله يقول: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أُخْطِئُ وَأُصِيبُ، فَانْظُرُوا فِي رَأْيِي، فَكُلَّمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوا بِهِ, وَكُلَّمَا لَمْ يُوَافِقِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ, فَاتْرُكُوهُ".
وأما الشافعي -رحمه الله- فيقول: "كل مسألة تكلمت فيها بخلاف السنة، فأنا راجِعٌ عنها في حياتي وبعد مماتي".
وأحمد بن حنبل -رحمه الله- لما سئل عن مسألة، وألح السائل قال الإمام: "وإن قلت فإنما هو رأيي، وإنما العلم ما جاء من فوق، ولعلنا نقول القول ثم نرى بعده غيره".
أيها المسلمون: جاء في تاريخ بغداد أن الإمام أحمد قال: "بلغني أن الكوسج يروي عني مسائل بخراسان، اشهدوا أنى قد رجعت عَنْ ذلك كله".
وما زال الخيرون المقسطون قد تبدو من أحدهم هفوة أو ذلة أو اجتهاد، ثم سرعان ما يرجع إلى التوبة من ذنبه، ومحاسبة نفسه، وتصحيح ما بدر منه، وهذه من علامات التوفيق والفلاح.
ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره أن الناس في زمان معاوية -رضي الله عنه- غزوا الروم، فسرق رجل من المسلمين مائة دينار رومية غلَّها من الغنائم، فلما رجع ندم الرجل على فعله وأتى أمير الجيش ليسلمه مائة الدينار فأبى أن يقبلها، وقال: قد تفرق الناس ولن أقبلها منك حتى تأتي الله بها يوم القيامة، فجعل الرجل يستقرئ الصحابة، فيقولون له مثل ذلك، فلما قدم دمشق ذهب إلى معاوية ليقبلها منه فأبى عليه فخرج الرجل باكيًا حزينًا يسترجع، فمر بعبد الله بن الشاعر فقال له ما يبكيك؟ فذكر له الخبر وأنه سرق من الغنيمة مائة دينار وذكر ما جرى له مع من لم يقبلها.
فقال أومطيعي أنت؟ قال نعم، قال اذهب إلى معاوية، فقل: اقبل مني خمسك فادفع إليه عشرين دينار، وأما الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش؛ فإن الله يقبل التوبة عن عباده، وهو سبحانه أعلم بأسمائهم ومكانهم، ففعل الرجل ذلك، فقال معاوية -رضي الله عنه-: لئن أكون أفتيته بها أحب إليَّ من كل شيء أملكه.. أحسن الرجل.
وهكذا تفتح الأبواب لمن رجع إلى الحق وحاسب نفسه وندم على فعله، وهذا هو الإمام عبدالرحمن بن مهدي يقول: كنا في جنازة فيها قاضي البصرة عبيد الله العنبري، وله مكانته في قومه وقدره، فتكلم في أشياء فأخطأ وقلت يومها وأنا صغير حدث السن: ليس هكذا يا أبي عليك بالأثر، فتزايد الناس عليَّ –أي يلومنني- فقال عبيد الله: دعوه وكيف هو؟ فأخبرته، فقال: صدقت يا غلام إذاً أرجع إلى قولك وأنا صاغر.
وهكذا تكون تربية النفس على معرفة الحق وقبوله، وكذلك كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيرًا، ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في قول غيرهم.
وهذا لا شك في شدته على النفس كما يروى عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: "أشد الأعمال ثلاثة؛ إعطاء الحق من نفسك، وذكر الله على كل حال، ومواساة الأخ في الله".
لكن مع الصبر والصدق وطلب ثواب الله والتضرع إليه وتوفيقه سبحانه للعبد يسهل كل عسير.
إن من الناس من يظن دائمًا أنه هو المصيب وغيره هو المخطئ، وأنه هو الوحيد الذي على الحق وغيره على الباطل وذلك غرور لا يجدي شيئًا.
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيدًا، ومن أتاك بباطل فاردده وإن كان حبيبًا قريبًا".
وروى ابن عبدالبر في جامعه بسنده عن محمد بن كعب القرظي: سأل رجل علي بن أبي طالب عن مسألة، فقال فيها، فقال الرجل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كذا وكذا. فقال علي -رضي الله عنه-: "أصبتَ وأخطأتُ، وفوق كل ذي علم عليم".
أيها المسلم: لا يظنن ظان أن رجوع المرء إلى الصواب، وأن اعترافه بالحق يُنقِص من قَدْره أو يُزرِي به أو يضع من منزلته، فهذا ظن فاسد، وتلبيس من إبليس، بل العكس هو الصحيح ممن يقبل الحق ولو على نفسه تعظّمه النفوس وتحبه القلوب، ويعرفه الناس بالصدق والإخلاص بخلاف المكابر المعاند.
قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "ما كابرني أحد على الحق ودافع إلا سقط من عيني، ولا قبله إلا هبته واعتقدت مودته"، وقلوب العباد بيد الله تعالى، فمن علم الله من قلبه الصدق والنصح أقبل بقلوب العباد إليه، ومن التمس محمدة الناس في مخالفة الحق ردها الله عليه مذمة.
قال خالد بن معدان: " من اجترأ على الملاوم في موافقة الحق، رد الله تلك الملاوم حمدًا، ومن التمس المحامد في مخالفة الحق رد عليه الله تلك المحامد ذمًّا".
وقبول الحق واستعداد المرء للتصحيح علامة العقل الراسخ؛ إذ كل عاقل يوقن بأنه لن يكون كاملاً في جميع حالاته، وأنه لابد من سقطات وعثرات يجب أن تصحح والمعصوم من عصمه الله تعالى.
أيها المسلمون: الواجب علينا أن نفرح إذا أصاب غيرنا الحق، وأن نحزن إذا أعرض عنه غيرنا، وأن نتثبت من كل ما ينقل إلينا من أقوال وأفعال؛ كما قال ربنا جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات:6].
وأن نقدم حسن الظن بمن ظاهره الخير والعدالة، فإن هذا هو الأصل، وما أحسن ما ذكره الحافظ ابن رجب حول فرح المرء إذا أصاب خصمه قال: "وقد استحسن الإمام أحمد ما حكي عن حاتم الأصم أنه قيل له: "أنت رجل أعجمي لا تفصح، وما ناظرك أحد إلا قطعته, فبأي شيء تغلب خصمك؟ فقال: بثلاث؛ أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ لساني عنه أن أقول له ما يسوؤه. -أو معنى هذا- فقال أحمد: ما أعقله من رجل!".
ألا فاتقوا الله يا عباد الله، وانظروا في أحوالكم وحاسبوا أنفسكم وغيروا مواقفكم من الخطأ إلى الصواب، ومن المرجوح إلى الراجح، واستمسكوا بالدليل الواضح، فهذا سبيل المهتدين (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) [الأنعام: 153].
وفقني الله وإياكم لما يرضيه، وجنبنا أسباب سخطه ومناهيه، وجعل الحق رائدًا لنا في كل حال، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا مزيدًا.
أما بعد: فاتقوا الله أيها الناس، اتقوا الله حق التقوى واحذروا المعاصي والمخالفات فإن أجسامكم على النار لا تقوى، وتذكروا عباد الله أن الله أمرنا بالعدل ووعد القائمين به خيرًا فقال: (كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) [النساء:135].
وإن من العدل أن يعدل الإنسان مع نفسه بأن يلزمها الحق بعدما تبين، وأن يرجعها إلى الصواب إذا اتضح، وكما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في كتابه لأبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: "ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس ورأيت الصواب في غيره أن تراجعه اليوم، فإن الحق قديم، ومراجعته خير من التمادي في الباطل".
وهذا الخطاب للقضاة وغيرهم، نعم أيها المسلمون قد يقضي القاضي في مسألة فيخطئ، وقد يفتي عالم في مسألة فيخطئ، وقد يأمر مسئول بأمر فيخطئ، وقد يتصرف والد نحو ولده فيخطئ، وقد يخطئ رب الأسرة في حق زوجه وأولاده أو أمه والعكس كذلك.
قد يغر الشيطان بعض الناس فيأخذ ما ليس له فهنا عليه وعلى هؤلاء أن يسارعوا بالمبادرة إلى الرجوع إلى الصواب والابتعاد عن الخطأ حذرًا من القول على الله بغير علم، وبعيدًا عن الكبر والعُجب.
وفي حديث رواه البيهقي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ثلاث مهلكات؛ شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وهي أشدهن".
وقد عرف النبي -صلى الله عليه وسلم- الكبر بأنه "بطر الحق وغمط الناس" أيّ رده ودفعه على قائله "وغمط الناس" احتقارهم وازدرائهم.
ومن أضرار الإصرار على الخطأ وجود العداوة والبغضاء وحصول التفرق والشحناء، ومن أضرار إصرار المرء على رأيه وإن كان خطأ "التشبه باليهود"، وقد نهاهم الله -عز وجل- عن شيئين عن خلط الحق بالباطل وعن كتمان الحق فقال: (وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:42].
ومن أضرار العناد ومكابرة الحق ورفض الرجوع إليه وقوع هذا الشخص في الباطل، قال ابن تيمية -رحمه الله-: "وكذلك من أعرض عن اتباع الذي يعلمه تبعًا لهواه؛ فإن ذلك يورثه الجهل والضلال حتى يعمى قلبه عن الحق الواضح".
وقال ابن القيم: "وكل من أعرض عن شيء من الحق وجحده وقع في باطل مقابل لما أعرض عنه من الحق وجحده ولا بد".
وبمناسبة قرب الشهر الكريم نسأل الله أن يبلغنا وإياكم إياه في عفو وعافية فقد يمارس الإنسان في كل رمضان مضى بعض الأخطاء، ومنها الكسل عن الفرائض والنوافل، ومنها التفريط في تلاوة القرآن وتدبره، فلماذا لا يفكر الإنسان من الآن في تدارك الخطأ والاستعداد للتصحيح، لماذا لا يفكر في برنامج جادّ يحفظ عليه الوقت، ويجعل هذا الموسم القادم يمر به وقد ظفر بغنائمه، وأخذ من الخيرات والحسنات بأوفر حظ ونصيب.
اللهم بارك لنا في بقية شهر شعبان، وبلغنا شهر رمضان في عفو وعافية، وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط على طاعتك.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي