أقبلوا على رمضان بقلوبكم – حرب المخدرات

خالد القرعاوي
عناصر الخطبة
  1. منزلة القلب بين الجوارح .
  2. أهمية حياة القلب .
  3. خطورة أمراض القلوب .
  4. من مظاهر قسوة القلب .
  5. مفاسد انتشار المخدرات .
  6. وجوب التصدي لمروجي السموم. .

اقتباس

من أَخْطَرِ أَمْرَاضِ القُلُوبِ مَرَضُ القَسْوَةِ واللهُ تَعَالى يَقُولُ: (فَوَيلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)، فَمَا هِيَ القَسوَةُ؟ وَمَا أبْرَزُ مَظَاهِرِهَا؟ وَكَيفَ نُعَالِجُها؟ قَسْوَةُ القَلْبِ غِلْظَتُهُ وبعدهُ عَنِ إتِّبَاعِ الحَقِّ وَإِعْرَاضُهُ عَنْهُ، وَهِي عِقَابٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى للمُعْرِضِينَ عَنْ شَرْعِهِ المُبْتَعِدِينَ عَنْ هَدْيِهِ وَدِينِهِ. قَالَ مَالِكُ بنُ دِينَارٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "مَا ضُرِبَ عَبْدٌ بعُقُوبَةٍ أَعْظَمُ مِنْ قَسْوَةِ قَلْبٍ، ومَا غَضِبَ اللهُ عَلَى قَوْمٍ إِلاَّ نَزَعَ الرَّحْمَةَ مِنْ قُلُوبِهِم".

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله علاَّمِ الغُيُوبِ، المُطَّلعِ على أسرارِ القُلُوبِ، نَشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وحده لا شريكَ له، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، ونشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إمامُ المتقين وسيِّدُ الْمُخلِصين صلَّى الله عليه وسلَّم وباركَ وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهم بِإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ الدِّين.

أَمَّا بَعْدُ: فَيا عباد الله: أوصِيكُم وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تعالى حَقَّ التَّقْوَى، وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خيرَ الزَّاد التَّقوى.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: القَلْبُ أَشْرَفُ أَعْضَاءِ الجسدِ، فقد جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى وِعَاءً للخَيرِ وَالرَّشَادِ، قَائِدًا للجَوَارِحِ وَالأَرْكَانِ، أَوْ لا قدَّرَ اللهُ وعَاءً للشَّرِّ وَالفَسَادِ، غَافِلاً عَنِ اللهِ، عَامِلاً للشَّيطَانِ، لِذَا كَانَ مِنْ دُعَاءِ النبيِّ –صلى الله عليه وسلم- في أعْظَمِ مَوطِنٍ: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ".

وَسُبْحَانَ اللهِ: للقُلُوبِ حَيَاةٌ أَعْظَمُ من الجَسَدِ وَأَجْمَلُ، وَلَهَا أَمْرَاضٌ أَقْسَى من الجسَدِ وأَعْتَى، وَعَلَى قَدْرِ حَيَاةِ القَلْبِ تَكُونُ سعادةُ الجَسَدِ وَالرُّوحِ، وَبِقَدْرِ فَسَادِهِ وَأَمْرَاضِهِ تَكُونُ العِلَلُ والأسقام! يَجْمَعُها قَولُ المُصْطَفى –صلى الله عليه وسلم-: "أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ".

أيُّها المُؤمِنُونَ: من أَخْطَرِ أَمْرَاضِ القُلُوبِ مَرَضُ القَسْوَةِ، واللهُ تَعَالى يَقُولُ: (فَوَيلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الزمر: 22].

فَمَا هِيَ القَسوَةُ؟ وَمَا أبْرَزُ مَظَاهِرِهَا؟ وَكَيفَ نُعَالِجُها؟ قَسْوَةُ القَلْبِ غِلْظَتُهُ وبعدهُ عَنِ إتِّبَاعِ الحَقِّ وَإِعْرَاضُهُ عَنْهُ، وَهِي عِقَابٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى للمُعْرِضِينَ عَنْ شَرْعِهِ المُبْتَعِدِينَ عَنْ هَدْيِهِ وَدِينِهِ. قَالَ مَالِكُ بنُ دِينَارٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "مَا ضُرِبَ عَبْدٌ بعُقُوبَةٍ أَعْظَمُ مِنْ قَسْوَةِ قَلْبٍ، ومَا غَضِبَ اللهُ عَلَى قَوْمٍ إِلاَّ نَزَعَ الرَّحْمَةَ مِنْ قُلُوبِهِم".

وسُنَّةُ اللهِ في قُلُوبِ العِبَادِ جاريةٌ؛ بأَنَّ مَنِ اسْتَغْرَقَ في المَعَاصِي وَالآثَامِ ونَقَضَ مَوَاثِيقَهُ مَعَ اللهِ طَرَدَهُ اللهُ مِنْ صُفُوفِ أَهْلِ التَّقْوَى وَأَبْعَدَهُ، حَتَّى يَقْسُوَ قَلْبُهُ ويَعْلُوهُ الرَّانُ والظُّلْمَةُ، (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [القيامة: 14].

أيُّها الكرامُ: كثيرٌ منَّا مَنْ يَشْتَكي وَيَقُولُ: أُحِسُّ بِقَسْوَةٍ فِي قَلْبِي! أو لا أجد لذةً العِبَادةِ! أو سَرِيعَاً مَا أَسْتَغْفِرُ ثُمَّ أقعُ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالى! وغيَرها من العِبَارَاتِ التي تَدُلُّ عَلى ضِيقِكَ وَضَجَرِكَ!

وَهَذا يَا عبدَ اللهِ عَلامَةٌ على حياةِ قَلْبِكَ، وأنَّ فيكَ خيراً كَبِيراً لأنَّ لَكَ نَفْساً لَوَّامَةً. نَعَمْ يَا مُؤمِنُون: عَدَمُ الخُشُوعِ لآيَاتِ اللهِ وَهِي تُتلى علينا، مَظْهرِ يَدُلُّ عَلى قَسوةِ قُلُوبِنَا. حتى واللهِ إنَّا لَنُحِسُّ أحيناً أنَّ قُلُوبَنا صَلْدًا كَالْحِجَارَةِ! لا نَتَأَثَّرُ بِآيَةٍ وَلا بِسُورَةٍ! ولا بِمَوعِظَةٍ، ولا بِوَعْدٍ ولا وَعِيدٍ! لِذا كَانَ مِنْ جُمْلةِ دُعَاءِ نَبِيِّنا –صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا".

مِن مَظَاهِرِ قَسْوَةِ قُلُوبِنَا: عَدَمُ إتْقَانِ عِبَادَاتِنا، وَعَدَمُ التَّلذُّذِ بها! حتى بَاتَ بَعْضُنَا يَتَحَيَّنُ مَتى نَنْتَهِي! وَكَأَنَّها حِمْلٌ ثَقِيلٌ! وَقَدْ كَانَ نَبِيِّنا –صلى الله عليه وسلم- قُولُ: "يَا بِلَالُ أَرِحْنَا بالصَّلاةِ". ويقولُ: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ"، وَقَد وَصَفَ اللهُ قُسَاةَ القُلُوبِ بِأَنَّهم : (إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى) [النساء: 142].

عباد اللهِ: أَهلُ القُلوبِ القَاسِيَةِ قَد تَجِدُهم يُصلُّون وَيَصُومونَ وَيَتَصدَّقونَ بَل وَلَرُبَّمَا لَهم أَعْمَالٌ خَيريَّةٌ! وَلَكنَّهم إذَا خَلَوا بِمَحَارِمِ اللهِ انْتَهَكُوهَا! ثُمَّ هُم بَعدَ ذَلِكَ فِي حَيْرَةٍ كَيفَ سَتَكُونُ تَوبَتُنَا؟ وَمَاذا لَو عَلِمَ النَّاسُ بِحَالِنا؟! وَلِلهِ دَرُّ ابنُ المباركِ حينَ قالَ:

رَأيتُ الذُّنوبَ تُميتُ القلوبَ *** وقد يورِثُ الذُّلَّ إدمَانُهَا

وتَركُ الذُّنوبِ حياةُ القلوبِ *** وخيرٌ لنفسِكَ عصيانُها.

فَنَقُولُ لِمَنْ هَذِهِ حَالُهُ: إنَّنا في زمنٍ عَصِيبٍ، الشَّرُ فيه قريبٌ!

والغفلةُ والدُّنيا قد أخذت منَّا مأخذها! فَلْنَتَذَكَّرْ أنَّ اللهَ (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19]. وَلْنَتَذَكَّر "أنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ"، وَنَحنُ مُقْبِلَونَ على شَهرٍ عَظِيمٍ، فَلنُبَادِرْ بِالتَّوبَةِ وَإصْلاحِ قُلُوبِنَا! (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].

عبادَ اللهِ: مِنْ مَظَاهِرِ قَسْوَةِ القَلْبِ الغَفْلَةُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالى! فَالمُنَافِقونَ: (لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 142]، وَاعْلَمُوا -رَحِمَنَا اللهُ جَمِيعَاً-: أَنَّ قَسْوَةَ القَلْبِ إِنَّمَا تُلَيَّنُ بِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، وَبِالعَمَلِ الصَّالِحِ تَخْشَعُ النُّفُوسُ لِخَالِقِهَا، (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) [الرعد: 28- 29]، وَوَصِيَّةُ رَسُولِنَا –صلى الله عليه وسلم- لِرَجُلٍ سَأَلَهُ عَن شَيْءٍ يتَشَبَّثُ بِهِ لَمْ يَزِدْ عَنْ قَولِهِ: "لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ".

فَلا تَغفُل يَا مُسْلِمُ عَن ذِكرِ اللهِ أَبَدًا، بَل أُذْكِرَ اللهَ عَلى كُلِّ أَحْيَانِكَ، فِي بَيتِكَ وَسُوقِكَ وَسَيَّارتِكَ، فَهُوَ عَمَلٌ يَسِيرٌ رتَّبَ اللهُ عليه أَجْرَاً كَبِيراً!

فاللهُمَّ اجْعَلْنَا مِن الذَّاكِرِينَ لَكَ الشَّاكِرِينَ لَكَ، اللهُمَّ طَهِّرْ قُلُوبَنَا مِنْ النِّفَاقِ، وَأعْمَالَنا مِن الرِّيَاءِ، وَألسِنَتَنا مِن الكَذِبِ، وَأعْيُنَنا مِن الخِيَانَةِ. وَأسْتَغفِرُ اللهَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على نَعْمَائِهِ، نَشهدُ ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، ونشهد أنَّ نَبِيَّنا محمداً عبدُ الله ورسولُه الدَّاعي إلى جنَّتِهِ ورضوانِهِ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّينِ.

أمَّا بعدُ: فَيَا عِبَادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِه ولا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنتم مُسلِمُونَ، ولا تَكُونُوا مِمَّنْ اسْتَولَتْ عَليهمُ الغَفْلَةُ، وَاستَحْوَذَ عَليهم الشَّيطانُ فَأَنْسَاهُم ذِكْرَ اللهِ والدَّارَ الآخرةَ، وغَرَّتُهم الأمانِيُّ الباطلةُ! حَتى غَدَوا: (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الروم: 7] .

أيُها المُؤمِنُونَ بِالله وَرَسُولهِ: هي دَعْوَةٌ لإصْلاحِ قُلُوبِنا، فَنَحنُ فِي زَمَنٍ مُخيفٍ تَلُفُّنا الفِتَنُ وَالشُّبَهَاتُ وَالشَّهواتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَمَعَ الأَسَفِ قَلَّ النَّاصِحُ، وَأُضْعِفَ المَسؤولُ! وَقَدْ وَصَفَ لَنَا رَسُولُنَا الكَرِيمُ عليهِ أفْضَلُ صَلاةٍ وَأزْكى تَسْليمٍ، تِلْكَ الفِتَن بِأَبْلَغِ وَصْفٍ، وَأَدَقِّ تَعْبِيرٍ! فَقَالَ: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا، عُودًا"!

وَهَذِه الأَعْوَادُ عِبَارَةٌ عَن ذُنُوبٍ مُخْتَلِفَةٍ: فَهذهِ نَظْرَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَسَمَاعٌ مُحَرَّمٌ، وَحُضُورٌ وَتَصْفِيقٌ لِمُنْكَرٍ عَلَنِيٍّ ظَاهِرٍ، وَأُخْرَى لِمُعامَلةٍ مُحَرَّمةٍ، وَكُلُّ ذَنْبٍّ يَكُونُ نُقْطَةٌ سَودَاءُ فِي قَلْبِكَ! "فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ"، حتى يكونَ القلبُ "أَسْوَدَ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا"؛ كالكأسِ المَقْلُوبِ لا يُنتَفَعُ مِنهُ بِشَيءٍ "لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ".

فَيَا مُؤمِنُونَ أَقْبِلُوا على ربِّكم مع إقْبَالِ شَهْرِ الرَّحمَةِ والغفرانِ، وَاسْتَغْفِروا اللهَ قَولا وَعَمَلاً، وَاستَعِيذوا بِالله مِن شَرِّ الشَّيطَانِ وَشَرَكِهِ فلَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ.

عِبَادَ اللهِ: تُطالِعُنا وسائلُ الإعلامِ بِكَثْرةٍ عن إحْبَاطِ رِجَالِ أَمْنِنَا البَوَاسِلِ تَهريبَ كَميَّاتٍ مَهُولَةٍ من الْمُخدِّراتِ والْمُسكراتِ بأشكَالِها وأعدادِها وكَمِّياتِها والقبضِ على عددٍ هائِلٍ من المواطنينَ والمقيمينَ الذين مُسِخَت نُفُوسُهُم، وَسَفُلَت أُمُورُهم، فَبَاعُوا دِينَهم وَأَهلَهمْ وَوَطنَهُم بِثَمَنٍ بَخْسٍ! لقَدْ ضَبَطُوا خِلالَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَقَطْ واحْدَا وَعِشْرُينَ مِليُونَ قُرْصٍ ، وَأكْثَرَ مِن تِسْعَةَ عَشَرَ طَنٍّا مِن الحَشِيشِ!

فَيا تُرى كَمْ سَتُفْسِدُ تِلكَ الْمُخدِّرَاتُ مِن شَبَابِنا؟ وَكَمْ سَتَهْدِمُ مِن بُيُوتِنا؟ يَا تُرى مَنْ ورائَها؟ وَمَنْ هُم أَدَوَاتُها؟ قُولوا لي بِاللهِ رَبِّكُمْ مَنْهُمْ ضَحَايَاها؟ وَلِمَ فِي وَقْتِ الاخْتِبَارَاتِ بِالذَّاتِ؟ فجَزىَ اللهُ خيراً كُلَّ من شاركَ وَفَضَحَ، وَأَحْبَطَ وَأَخْبَرَ، عَن مثلِ هَذِهِ الأَوكَارِ، وَنَسألُهُ أنْ يَرُدَّ كيدَ الأعداءِ في نُحورِهم، وأن يحميَ بلادَنا وشبَابَنا وجميعَ المسلمين عن كلِّ شَرٍّ ومكروهٍ.

يا مؤمنون: أنَّ آفةَ المجتمعاتِ اليومَ، هي الْمُسكِراتُ والمخدِّرات؟ !فهي أمُّ الخبائث، وأصلُ الشُّرور، لُغمٌ خطيرٌ، يُفسدُ الشُّعُوبَ وَيهَدِّدُ القِيَم والأخلاقَ، هِيَ دَوَّامةُ الضَّيَاعِ والحرمانِ، وضياعُ الحياءِ والإيمانِ، مَعَها الجَرَائِمُ وَالمَآسِيَ، نسيَ الْمُخدَّرُ ربَّه، فَظَلَمَ نفْسْه، ومزَّق حياءَه، وأيتمَ أطفالَه، وَأَرْمَلَ زَوجتَهُ، وَفَضَحَ أهلَه، وَصَدَقَ اللهُ جَلَّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) [المائدة: 91- 92].

والْخَمْرُ كلُّ ما خامرَ العقلَ وغطَّاهُ مهما كان نوعُه وأيًّا كان اسمُه وجسمُهُ وجنْسُهُ ، فقد قالَ –صلى الله عليه وسلم-: "كلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ". وقَالَ –صلى الله عليه وسلم-: "كلُّ مُسكرٍ حرامٌ، إنَّ على الله عزَّ وجلَّ عهدًا لِمَنْ يشربُ الْمُسكرَ أن يسقيَه من طينةِ الخبالِ"، قالوا: يا رسولَ الله، وما طينةُ الخبالِ؟ قَالَ: "عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ" أو "عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ".

إنِّها نصوصُ زجْرٍ ووعيدٍ، وتخويفٍ وتَهديدٍ. (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).

مَعَاشِرَ الشَّبَابِ: يَا َفَلَذَاتِ أَكبادِنَا، أدركتم أَنَّ طَرِيقَ المُخَدِّرَاتِ مُوحِشٌ ومظلمٍ وعالمٌ كئيب، خِزْيٌ في الدُّنيَا وَخسارَةُ الآخِرَةِ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ شَبَابَنَا، وَكُونُوا أَقوِيَاءَ بِدِينِكُم مُتَوَكِّلِينَ عَلَى رَبِّكُم وَلا تَجعَلُوا أَنفُسَكُم عَبِيدًا للمُسكِراتِ واِلمُخَدِّرَاتِ، ورَهَائِنَ في أَيدِي المُرَوِّجِينَ وَالمُفسِدِينَ.

واعلموا يا شَبَابُ، أنَّ الذِّئاب البشريَّةَ يَستَغِلُّونَ أَيَّامَ الاختباراتِ والإجازاتِ لِتَّروِيجِ بضاعاتِهم فلا تكونوا ضحاياً لإجْرَامِهم!

فاللهم احفظنا واحفظ علينا دِينَنَا وأخلاقَنا، وعافِنَا في أنفسِنَا وأهلِينا، وقِنَا والمسلمينَ شرَّ هذه البلايا، ورُدَّ ضالَّ المسلمين إليك ردًّا جميلاً.

اللهم احفظ بلادَنا وشبَابَنا والمسلمينَ من كلِّ شرٍّ ومكروه. اللهم وفِّق ولاةَ أمرِنَا للقضاءِ على الفسادِ والمفسدينَ واجعلهم لشرعِك مُحَكِّمينَ.

اللهم قوِّ عزائِمَهُم على الْحقِّ والهدى والدِّينِ. ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النَّار، (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي