شرح قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ‘الدين النصيحة‘

محمد بن صالح بن عثيمين
عناصر الخطبة
  1. النصيحة أساس الدين وقوامه .
  2. المقصود بالنصيحة لله .
  3. المقصود بالنصيحة لكتاب الله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- .
  4. المقصود بالنصيحة لأئمة المسلمين .
  5. المقصود بالنصيحة لعامة المسلمين .

اقتباس

النصيحة لأئمة المسلمين: صدق الولاء لهم، وإرشادهم لما فيه خير الأمة في دينها ودنياها، ومساعدتهم في إقامة ذلك، والسمع والطاعة لأوامرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، واعتقاد أنهم أئمة متبوعون فيما أمروا به؛ لأن ضد ذلك هو الغش والعناد لأوامرهم والتفرق والفوضى التي لا نهاية لها، فإنه لو جاز لكل واحد أن يركب رأسه، وأن يعتز برأيه، ويعتقد أنه...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، واعلموا: أن النصيحة هي أساس الدين وقوامه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة" قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم"[مسلم (55) النسائي (4197) أبو داود (4944) أحمد (4/102)].

فمتى نصح العبد في هذه الأمور؛ فقد استكمل الدين، ومن قصر في النصيحة بشيء منها؛ فقد نقص دينه بحسب ما قصر فيه.

أما النصيحة لله؛ فهي: الإخلاص له، وصدق القصد في طلب مرضاته، بأن يكون الإنسان عبدا لله حقيقة، راضيا بقضائه، قانعا بعطائه، متمثلا لأوامره، مجتنبا لنواهيه، مخلصا له في ذلك كله لا يقصد به رياء ولا سمعة.

وأما النصيحة لكتاب الله؛ فهي: تلاوته بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وتصديق أخباره، والذب عنه وحمايته من تحريف المبطلين، وزيغ الملحدين، واعتقاد أنه كلام رب العالمين، تكلم به، وألقاه على جبريل، فنزل به على قلب النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وأما النصيحة لرسوله؛ فهي: محبته واتباعه ظاهرا وباطنا، ونصرته حيا وميتا، وتقديم قوله وهديه على قول كل أحد وهديه.

وأما النصيحة لأئمة المسلمين؛ فهو: صدق الولاء لهم، وإرشادهم لما فيه خير الأمة في دينها ودنياها، ومساعدتهم في إقامة ذلك، والسمع والطاعة لأوامرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، واعتقاد أنهم أئمة متبوعون فيما أمروا به؛ لأن ضد ذلك هو الغش والعناد لأوامرهم والتفرق والفوضى التي لا نهاية لها، فإنه لو جاز لكل واحد أن يركب رأسه، وأن يعتز برأيه، ويعتقد أنه هو المسدد الصواب، وهو المحنك الذي لا يدانيه أحد، لزم من ذلك الفوضى والتفرق والتشتت؛ ولذلك جاءت النصوص القرآنية والسنة النبوية بالأمر بطاعة ولاة الأمور؛ لأن ذلك من النصيحة لهم التي بها تمام الدين، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)[النساء: 59].

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية"[لبخاري (6725) مسلم (1839) الترمذي (1707) أبو داود (2626) ابن ماجة (2864) أحمد(2/142)].

وقال صلى الله عليه وسلم: "من خلع يدا من الطاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له"[مسلم(1851) أحمد (2/93)].

وقال صلى الله عليه وسلم : "اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي"[البخاري (6723) ابن ماجة (2860) أحمد (3/114)].

وقال عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: "بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان"[البخاري (6647) مسلم (1709) ابن ماجة (2866) ، أحمد (5/325) مالك (977)].

وأما النصيحة لعامة المسلمين؛ فهي: أن تحب لهم ما تحب لنفسك، وأن تفتح لهم أبواب الخير وتحثهم عليها وتغلق دونهم أبواب الشر وتحذرهم منها، وأن تبادل المؤمنين المودة والإخاء، وأن تنشر محاسنهم وتستر مساوئهم وتنصر ظالمهم ومظلومهم، تنصر ظالمهم بمنعه من الظلم وتنصر مظلومهم بدفع الظلم عنه.

فمتى قام المجتمع على هذه الأسس: النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، عاش عيشة راضية حميدة، ومات ميتة حق سعيدة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران:102 - 103].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ... إلخ ...


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي