شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)

محمد بن صالح بن عثيمين
عناصر الخطبة
  1. حث الشارع على النكاح وترغيبه فيه .
  2. اشتراط رضا الزوجين في عقد النكاح .
  3. اشتراط الولي في عقد النكاح وضابط الولي .
  4. اشتراط الإشهاد في عقد النكاح وتعيين الزوجة باسمها أو وصفها .
  5. بعض ما يجب على الزوج فعله تجاه زوجته قبل طلاقها .
  6. بعض أحكام طلاق السنة وبعض المسائل المتعلقة به .
  7. بعض الأحكام المتعلقة بالطلاق الرجعي والبائن .

اقتباس

الواجب عند الخروج من النكاح، فإن الزوج مأمور إذا رأى من زوجته ما يكره أن يعظها، ثم يهجرها في المضجع، ثم يضربها ضربا غير مبرح، ويصبر عليها، فلا يطلقها، فقد تستقيم حالها، وقد يرزق منها أولادا يكون فيهم خير كثير. فإذا لم يتمكن من الصبر؛ جاز له أن يطلقها، ولكن يجب عليه أن...

الخطبة الأولى:

الحمد لله: (الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا)[الفرقان:54]. والحمد لله الذي بين لعباده الحلال والحرام ليسيروا على حسب ما شرع لهم وكان الله سميعا بصيرا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة حين لا يجد الظالمون وليا ولا نصيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المرسل بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

أيها الناس: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1].

اشكروا نعمة الله عليكم بما شرعه لكم من الاتصال بعضكم ببعض، بسبب عقد النكاح الذي حث الشارع عليه، وأمر به، وأخبر أنه من سنن المرسلين، قال الله -تعالى-: (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء)[النساء:3].

وقال: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)[الرعد:38].

وقال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة؛ فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج"[البخاري (4779) مسلم (1400) الترمذي (1081) النسائي (2240) أبو داود (2046) ابن ماجة (1845) أحمد (1/378) الدارمي (2166)].

وقال صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"[النسائي (3227) أبو داود (2050)].

والنكاح له شروط عند الدخول فيه، وشروط عند الخروج منه، يجب على الإنسان مراعاتها.

فمن الشروط التي عند دخوله: أن يكون كل من الزوج والزوجة راضيًا بالنكاح، فلا يجوز إجبار الزوج على النكاح، ولا إجبار الزوجة، ولو كانت بكرا، ولا يجوز إجبارها على أن تتزوج بمن لا ترضاه.

فلو قالت: لا أرضى إلا بفلان، وكان غير كفؤ في دينه، فإنها تمنع ولا تزوج، حتى تختار كفؤا في دينه.

ومن الشروط: الولي، فلا نكاح إلا بولي.

والولي، هو العاصب، الأقرب فالأقرب فالأقرب.

إلا أن الآباء وإن علوا يقدمون على الأبناء وإن نزلوا.

وأما الأقارب غير العصبة، فلا ولاية لهم إلا أن يوكلهم من له الولاية من العصبة، وذلك مثل: الأخ من الأم والخال والجد من قبل الأم، فهؤلاء ونحوهم ليس لهم ولاية التزويج إلا بتوكيل من الولي العاصب.

وإذا لم يكن الولي الأقرب أهلا للولاية، فإنه يزوجها الولي الذي بعده.

وإذا لم يكن للمرأة أولياء من العصبة، فإن الذي يزوجها القاضي إما بنفسه أو يوكل من شاء.

ومن الشروط: أن يحضر العقد رجلان مقبولان في الشهادة.

قال الفقهاء: ولا يصح أن يشهد على عقد النكاح من كان من آباء الزوج أو أبنائه أو آباء الزوجة أو أبنائها أو آباء الولي أو أبنائه.

ومن الشروط: أن يعين الولي الزوجة باسمها أو وصفها الذي تتميز به.

فلو قال: زوجتك بنتي لم يصح إلا أن يكون ليس له بنت سواها، فلا بأس.

ويجوز العقد على المرأة ولو كانت حائضا أو صائمة أو غائبة عن البلد، إذا علم رضاها.

وأما الواجب عند الخروج من النكاح، فإن الزوج مأمور إذا رأى من زوجته ما يكره أن يعظها، ثم يهجرها في المضجع، ثم يضربها ضربا غير مبرح، ويصبر عليها، فلا يطلقها، فقد تستقيم حالها، وقد يرزق منها أولادا يكون فيهم خير كثير.

فإذا لم يتمكن من الصبر؛ جاز له أن يطلقها، ولكن يجب عليه أن يطلقها لعدتها، قال الله - تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)[الطلاق:1].

وذلك بأن يطلقها، وهي طاهر طهرا لم يجامعها فيه.

فلا يجوز طلاق المرأة، وهي حائض، ولا أن يطلقها في طهر وطئها فيه، إلا أن يتبين حملها أو تحيض بعد ذلك فيطلقها بعد الحيض قبل أن يطأها.

وإني أذكركم بمسألة من فروع تلك المسألة: إذا كانت لك زوجة ترضع، وقد جامعتها بعد نفاسها، وأردت أن تطلقها، فلا يجوز أن تطلقها حتى تحيض، ولو طال الزمن، فإذا حاضت وطهرت، فطلقها إن شئت.

وإذا أراد أحدكم الطلاق في الحال التي يجوز فيها، فليطلق مرة واحدة لا أكثر، ليكون في ذلك توسيع على نفسه إذا أراد أن يراجع.

ولأن ما زاد على الطلقة الواحدة، فهو طلاق بدعة، إما مكروه، وإما محرم.

وأنت إذا طلقتها واحدة، فماذا تخاف؟ أتخاف أن ترجع عليك؟

إنها لن ترجع عليك إلا باختيارك.

إذا، فلماذا تتجاوز الواحدة فتطلق أكثر منها؟

وإذا أراد أحدكم الطلاق، فليشهد رجلين على طلاقه.

وإذا طلقتموهن، فلا تخرجوهن: (مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)[الطلاق: 1].

فلا يحل للزوج أن يخرج زوجته إذا طلقها طلاقا له فيه رجعة من بيته، حتى تنقضي عدتها.

ولا يحل لها أن تخرج من بيت زوجها، حتى تنقضي عدتها، قال الله -تعالى-: (وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)[الطلاق:1].

هذا قضاء الله وحكمه: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)[الأحزاب:36].

أما إذا كانت الزوجة مطلقة طلاقا بائنا، وهي التي لا تحل لزوجها إلا بعقد، فإنها لا بأس أن تخرج من بيت زوجها، وتعتد في بيتها.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ... إلخ...


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي