مَن كانَ يَعبدُ رَمضانَ فإنَّ رَمَضَان قد فَاتَ، ومَن كانَ يَعبُدُ ربَّ رَمضَانَ، فإنَّ اللهَ حيٌّ لا يموتُ. فيا مَنْ عَهدناكَ في رمضانَ تَائِباً، نَقِيَّاً، خَلُوقاً تَقِيَّاً. باذِلاً سَخِيَّاً! أتُراكَ بعدما ذُقْتَ حلاوةَ الإيمانِ تعودُ إلى مَرارةِ العِصيانِ! فاستعذْ باللهِ مِن الحَورِ بعدَ الكَوْرِ، ومن الضلالةِ بعدَ الهدايةِ...
اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! الله أكبرُ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ. جَلَّ عن شَرِيكٍ وولدٍ، أفاضَ علينا وأجادَ، وخصَّنا بالأفراحِ والأعيادِ.
نشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريكَ له شَهَادَةَ مَنْ آمنَ به وأَسْلَمَ، وفوَّضَ أَمرَهُ واستَسلَمْ، ونشهدُ أنَّ نَبِيَّنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه حَرِصَ علينا فَعَلَّمَنا، وَجَعَلَ شَفَاعَتَهُ لنا، صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلهِ وأصحابِهِ؛ اتباعِهِم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم المَعَادِ.
أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ فَمَن سَلَكَ التَقوَى رَشَدَ، وَمَن جَانَبَها ضَلَّ وابتعد.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.
أيُّها المُسلِمُونَ: عِيدُنا جُزءٌ من شَرِيعَةِ الإسلامِ، أَصِيلٌ في نَفْسِهِ مُتَمَيِّزٌ في يَومهِ، أعيادُنا رَبَّانِيَّةٌ ليست كأعيادِ البَشرِ، وَلا هِيَ تَحَلُّلٌ مِن قُيُودِ الشَّرعِ، أعيادُنا فَرَحٌ بِإِكمَالِ العِبَادَاتِ، ودُعَاءٌ بقَبُولِها: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس: 57].
وللصائمِ فَرحَتَانِ: إذا أَفطرَ فَرِحَ بِفِطرِه، وإذا لَقِيَ ربَّه فَرِحَ بصومِهِ، فَنَحمدُ اللهَ على إتْمَامِ رَمَضَانَ، فقد أمَّدَ في أعمارِنا وَوَسَّعَ علينا فِي أرزَاقِنا، وأمَّنَنا في أوطَانِنِا، وعافانا في أبدَانِنا؛ فلهُ الحمدُ وَحدَهُ، ألم نَسْعَدْ بِنِعْمَةِ الأمْنِ والقَرَارِ، فَقَدْ أصْبَحْنا قَبْلَ أُسْبُوعٍ على قَرَارِ تَعْيِنِ وَلِيِّ عَهْدٍ جَدِيدٍ، وَمَا إنْ صَدَرَ الأمْرُ إلاَّ وَتَظْهَرُ الُّلحْمَةُ والتَرَابُطُ بَينَ الرُّعَاةِ والرَّعِيَّةِ وَيَهَبُّ النَّاسُ مُبَارِكِينَ وَمُبايعِينَ لِوَلِيِّ عهْدِ خَادِمِ الحَرَمَينِ الشَّرِيفِينِ على الكِتَابِ والسُّنَّةِ وعلى السَّمعِ والطَّاعَةِ بالمَعْرُوفِ، فِي المَنْشَطِ والمَكْرَهِ، قَاطِعِينَ بِمُبَادَرَتِهِمْ وَمُبَايَعَتِهِمْ، صَوتَ كُلِّ نَاعِقٍ، أو مُرجِفٍ مُتَرَبِّصٍ، فاللهمِ وَفِّقْ وَلِيَّ عَهْدِنا لِما تُحِبُّ وتَرْضى، وَأعنْهُ على البِرِّ والتَّقُوى، واجْعَلْهُ سَنَدَاً لِوالِدِهِ على الحَقِّ والدِّينِ والهُدى.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحمد.
عِبَادَ اللهِ: قَلبُ المؤمنِ دائِمَ التَّعلُّقِ باللهِ لا يَرجو ولا يخشَ إلاَّ اللهُ ولا يَتَوكَّلُ إلاَّ عليه وحدهُ: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) [إبراهيم: 12]، ألا وإنَّ من عَلامَاتِ ضَعْفِ التَّوكلِ على اللهِ أُنَاسٌ خَسِروا دِينَهم وعقيدَتَهم، بِتَرَدُّدِهم على السَّحرَةِ والمُشعوذِينَ يَرجونَ منهم رَفعَ بَلاءٍ وَكشفَ ضَراءٍ، فَفَسَدَتْ قلُوبُهم، وَوهَنَت أبَدانُهم، حالُهم أَنَّهُم: زَادُوهُمْ رَهَقًا! فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ: فإنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ».
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحمدُ.
يا مُسْلِمُونَ: الفَرَحُ بالعيدِ مِن سُنَنِ المُرسَلِينَ، فَلَقَدْ أَظهَرَ نَبِيُّنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ- الفَرَحَ والسُّرُورَ بِالأعيَادِ في شَرعِهِ وفِعْلِهِ، فَلَبِسَ أحسنَ ثِيابهِ، وأَذِنَ لِلمُسلِمِينَ بَأَنْ يَفرَحُوا، وأقرَّ الفَرَحَينَ على فَرَحِهم، فَحُقَّ لنا أنْ نَفرحَ بعيدِنا، فَنَحنُ في يوم الجَوائِزِ، فيا من أدَّيتم فرضَكم وأطعتم ربَّكم، وصُمتُم شَهركم، أحسنُوا الظَّنِّ بِرَبِّكم، وثِقوا بحسنِ جَزَائِهِ فالله يَقُولُ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ".
انشروا المَحبَّةَ بينَكُم، وتزاورُوا وتَبَادَلُوا التَّهاني والدَّعواتِ. اليومَ فَرَحٌ وَسُرُورٌ، لا نُرِيدُ أَحَدَاً حَزِينَا! نريدُكَ أنْ تعيشَ مُبتهجًا مُتفائلاً، بتلك الإنجازاتِ التي حقَّقتها في رَمضانَ!
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
أيُّها المُؤمِنُونَ: عِيدُنا يَربِطُنا بِدينِنا وأخلاقِنا وَعَقِيدَتِنَا ويُذَكِّرُنا بِنِعمَةِ اللهِ عَلينا أنْ خَلَقَنَا في أحسَنِ تَقويمٍ وَهَدَانا صِرَاطَهُ المُستقيمَ، فَلَقَدْ كَتَبَ لَنَا الخَيرِيَّةَ بِأَمْرِنا بِالمَعرُوفِ وِنَهيِنا عَن المُنكَراتِ! وإنَّ التَّلاومَ لِوجودِ مُنكراتٍ لن يُجديَ شَيئًا، وإنَّ السُّكوتَ سَيَزِيدُ الأمرَ سُوءاً، فالأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المُنكرِ مَسؤولِيَّةُ الجَمِيعِ وواجبٌ على الجميعِ، كما أنَّ نفعَه لِصَالِحِ الجَمِيعِ، ألم يقل مولانا:(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال: 25].
أيُّها المسْلِمونَ: تَودِيعُ رَمَضَانَ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ حَاسِمَاً لشَبَابٍ تَهَاوُنُوا في شَرْعِ اللهِ تَعالى! كَفى تَهَاوُناً في الصَّلواتِ، كفى تَشْكِيكَاً في شَرْعِ اللهِ المُطَهَّرِ، وانسِيَاقَاً خَلْفَ مَلاحِدَةٍ لا يَقْدُرُونَ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ، أَسْمَاؤهُم عَربِيَّةٌ، وَتَوَجُهَاتُهم رَافِضِيَّةٌ بَاطِنِيَّةٌ: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [آل عمران: 101].
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
لقد كشفَ لنا رمضانُ، أنَّ في نُفُوسِنَا خَيراً كَثِيراً، وأنَّنا قادِرُون بإذنِ الله على فِعْلِ الكَثِيرِ لأنفُسِنَا وَلِأُمَّتِنَا، فلقد عشنا مع القرآنِ الكريمِ تلاوةً وتدبُّرا، فأدركنا أنَّ القرآنَ الكريمَ هو النَّجاةُ والنُّورُ، فهل يسوغُ لنا بَعْدَ ذَلِكَ أن نبتعدَ عن كتابِ ربِّنا ونَتَّخِذَهُ وَرَاءَنَا ظِهرِيَّا!
لَقَدْ علَّمنا رمضانُ أنَّ في شَبَابِنَا خيراً كثيراً فَعَشَرَاتٌ مِنْهُمْ بِحَمْدِ اللهِ اعتَكَفُوا وانقطَعُوا للعبادةِ رَغْمَ الصَّوارِفِ والمُلهياتِ. فهُمْ أمَلُ الأُمَّةِ وَعِزُّها وَتَاجُها فَلْنَحْرِصْ على تَرْبِيَتِهِمْ وَتَشْجِيعِهِمْ.
لَقَدْ علَّمنا رمضانُ الجودَ والبِرَّ والإحسانَ فهذا مُتَصَدِّقٌ بِمَالِهِ، وآخرُ مُفَطِّرٌ لإخوانِهِ، رَغْمَ كَثْرَةِ المُخَذِّلينَ والمُشَكِّكِينَ! إلَّا أنَّكَ تَرى باذِلونَ مُحتَسِبونَ! فهل نَدَعُ تلكَ الصِّفاتِ العاليةِ والأخلاقِ الحميدَةِ؟ واللهُ يقولُ: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39].
لقد كشف لنا رمضانُ عن قوةِ صَبْرِنا وعَزِيمَتِنا على شَهَواتِنا! فَأدركنَا أنَّا قادرون على التَّغلُّبِ على أنفسنا وعلى الشَّيطانِ الرَّجيم، فَهَجَرنا بِحَمْدِ اللهِ القَنَواتِ والمُسَلسَلاتِ والشَّبكاتِ وانْقَطَعْنا عن استِرَاحَاتِ الَّلهو التي تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ!
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
أيُّها المؤمنون: يَومُنا عَظِيمٌ وَعِيدُنا كَريمٌ، اعفُوا وَاصفَحُوا (أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغفِرَ اللهُ لَكُم). استقبلوا عيدَكم بِصَفَاءِ القُلُوبِ ونَقَائِها من الشَّحناءِ والبَغضَاءِ والتَّقَاطُعِ.
فيا أحبابَنا! قبلَ حُسْنِ مَلْبَسِنا دَعوةٌ أنْ نُنَظِّفَ قُلوبَنا اتركوا مَا مَضَى أنتم قلتم ونحن قلنا، وأنتم فعلتم وفعلنا! ردِّدوا: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 10]، فَكَمْ سَمِعتُم وَسَمِعْنا والعِياذُ باللهِ! عَن أناسٍ امتلأت قَلوبُهُم حِقدًا عَلَى أَقَارِبِهِم وِإخْوَانِهِمْ، قَاطعُوهُم وخَاصموهُم، كُلُّ ذَلِكَ لأجلِ أَمرٍ تَافِهٍ، قَليلٍ مِن حُطَامٍ أَو وِشَايَةِ لِئَامٍ، أَو زَلَّةِ لِسَانٍ، فَرَحِمَ اللهُ عبدًا يصِلُ رَحِمَهُ وإنْ قَطَعُوه، وَيَتَعهَّدُهم بالزِّيارةِ والهديةِ وإن جَفَوه، وهَنِيئًا ثمَّ هَنِيئًا لِمَن أَعَانَ على الصِّلةِ بِقَبُولِ العُذرِ وَالصَّفحِ عَنِ الزَّلاَّتِ وَالتَّغَاضِي عَنِ الهَفَوَاتِ، وَذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ.
وأعظمُ العقوق ما كان من الولدِ لِوالِدَيه! فَاحْذَرْ غَضبَ الرَّبِّ عليكَ! فلن يُرفعَ لَكَ عندَ اللهِ عَمَلٌ! وَلَنْ تُوفَّقَ لأيِّ خَيرٍ! وَأنْتَ لَهُما عَاقٌّ! فَقَدْ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ثَلاثَةٌ لا يَقبَلُ اللهُ مِنْهُم صَرْفًا ولا عَدْلاً؛ العاقُّ لوالديه، والمنَّانُ، والمُكَذِّبُ بالقَدَرِ".
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
معاشر الأبناءِ: صلاتُكم عزِّكُم ونورُكم، وصِلَتُكم بربِّكم وهي سَبَبٌ لانشِرَاحِ صُدورِكُم، وَتَيسيرِ أُمورِكم وبالمقابل: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 124]، فلا يَغلِبَنَّكُم عن الصَّلاةِ شُغلٌ ولا هوىً، ولا شَيطَانٌ.
معاشر المُؤمِناتِ: أجبنَ اللهَ حيثُ قال: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [الأحزاب: 33]، آيةٌ عظيمةٌ لو عَمِلتِ بها لَحُزْتِ خَيري الدُّنيا والآخرة، فالأصلُ قَرَارُكِ في بيتِكِ؛ فاصبري على تَعَبِ المَنزِلِ، وكَلَفَةِ التَّربيةِ والزَّوجِ، واحذري الخضوعَ في القولِ ومخالطةَ الرِّجالِ وإبداءَ الزِّينةِ لهم، ابتعدي عن ذلك في الأماكن العامَّةِ كالأسواقِ والحدائقِ، وأماكنَ الْمُتَنَزَّهاتِ الْمُختَلَطةِ فقد قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-: «عَلَيكُنَّ بِحَافَاتِ الطَّرِيقِ».
أخَوَاتِي الكَرِيمَاتِ: تَجَمَّلنَ بِالحَيَاءِ وَتزَيَّنَّ بِالسِّترِ، وَاحذَرْنَ المَلابِسَ الفَاتِنَةَ، والعَبَاءَاتِ المُزَخْرَفَةِ، وَالثِّيابَ القَصِيرةَ، والأَنقِبَةَ الخَدَّاعَةَ، فَإِنَّ اللهَ عليمٌ خبيرٌ. احذرنَ الحَفَلاتِ المُخْتَلَطَةِ، وَتزْدَادُ إثْمَاً إذا كانتَ مَصْحُوبَةً بِغِنَاءٍ وَطَرَبٍ.
سُئلت اللجنةُ الدائمةُ للإفتاءِ عن حكمِ حُضُورِ وَإقَامَةِ مَهْرَجَانَاتٍ وَحَفَلاتٍ تَتَضَمَّنُ لَهْواً وَغِنَاءً وَطَرَباً وَدَعْوَةَ مُغَنِّينَ وَمُمَثِّلِينَ لَها؟ فَأَجَابَتْ بِمَا مَفَادُهُ بِأَنَّه: يَحرُمُ على المُسلِمِ إقَامَةُ حَفَلاتٍ مُشْتَمِلَةٍ على أُمُورٍ مُنْكَرَةٍ؛ كَالغِنَاءِ وَالمُوسِيقُى، وَاخْتِلاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَإحْضَارِ السَّحَرَةِ؛ فَإنَّهَا مِن أَسْبَابِ الوُقُوعِ فِي الفَوَاحِشِ وَالفُجُورِ، وَقَد تَوَعَّدَ اللهُ مَنْ أَحَبَّ شُيُوعَ الفَاحِشَةِ في المُؤمِنِينَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [النور: 21].
وَحُضُورُها مُحَرَّمٌ؛ لأنَّهُ مِن إضاعَةِ الوَقْتِ وَالمَالِ فِيمَا لا يُرضِي اللهَ سُبْحَانَهُ، وَمِن التَّعَاوُنِ على الإثْمِ وَالعُدوَانِ، واللهُ تَعَالى يَقُولُ: (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2]. وَفِي الصَّحِيحِ أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-: نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ المَالِ. وَبِاللهِ التَّوفِيقِ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
عِبَادَ اللهِ: لا تَنسَوا صِيَامَ سِتٍّ من شَوَّالٍ، «فَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»، واتْرُكُوا المُشَكِّكِينَ والمُخَذِّلِينَ، فَقَولُ الرَّسُولِ الكَرِيمِ كالشَّمْسِ فِي رَابِعَةِ النَّهارِ!
ثُمَّ استَقِيموا على العَمَلِ الصَّالحِ وَاثْبُتُوا على الطَّاعَةِ، وانطلقوا في عيدِكم مُبتهجينَ مُستَبشِرِينَ وَقَابِلوا أَهلِيكُم وأصحابِكم وجيرانِكم والعمَالَةِ الوافِدَةِ بالبِشْرِ والتِّرحابِ، ولا يعكِّرْ عليكَ الشَّيطانُ عيدَك!
أيُّها المُسلِمونَ: مَن كانَ يَعبدُ رَمضانَ فإنَّ رَمَضَان قد فَاتَ، ومَن كانَ يَعبُدُ ربَّ رَمضَانَ، فإنَّ اللهَ حيٌّ لا يموتُ. فيا مَنْ عَهدناكَ في رمضانَ تَائِباً، نَقِيَّاً، خَلُوقاً تَقِيَّاً. باذِلاً سَخِيَّاً! أتُراكَ بعدما ذُقْتَ حلاوةَ الإيمانِ تعودُ إلى مَرارةِ العِصيانِ! فاستعذْ باللهِ مِن الحَورِ بعدَ الكَوْرِ، ومن الضلالةِ بعدَ الهدايةِ، ردِّدْ: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهَّابُ) [آل عمران: 7]، فاللهم إنَّا نسألكَ بركاتِ هذا العيدِ وجوائِزَهُ. واجعل عيدَنا فوزاً برضاكَ والجنَّةَ.
اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامَه وقيامَه وأعمالَه. اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان، اللهم اغفر لنا ولِولِدِينا وجمع المسلمينَ، الأحياءَ منهم والميتينَ، ووفِّق ولاة أمورِنا لِما تُحبُّ وترضى. وأصلح أحوال المسلمين، وهيئ لهم قادَةً صالِحينَ مُصلِحينَ، اللهم احفظ حُدُودَنا وجُنودَنا وتقبَّل موتاهم في الصَّالحينَ. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأمواتِ.
اللهم واجعل مستقبلنا خيرًا من ماضينا، وتوفَّنا وأنت راضٍ عنا يا كريمُ، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار)، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي