لقد عشنا شهرا كاملا شهر رمضان، كان مليئا بالصلاة والصوم والتلاوة والذكر والصدقة وسائر القربات، فبم سنخرج من هذا البرنامج العظيم؟ هذا سؤال يجب أن يطرحه كل صائم على نفسه لينظر هل استفاد من هذا الشهر العظيم؟ أم أنه خرج منه كما دخل فيه؟!
إن الحمد لله...
أما بعد:
فيا أيها الناس: اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
عباد الله: يحق لكل مسلم أتم صيامه أن يفرح بالعيد، فهو يوم فرح، يوم فضل من الله ورحمة: (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ) [يونس: 58]، فيفرح المسلم بتمام عمله، وبلوغ العيد، ورجاء استفاء أجره.
أما بعد:
فيا أيها الصائمون القائمون: لقد عشنا شهرا كاملا شهر رمضان، كان مليئا بالصلاة والصوم والتلاوة والذكر والصدقة وسائر القربات، فبم سنخرج من هذا البرنامج العظيم؟
هذا سؤال يجب أن يطرحه كل صائم على نفسه لينظر هل استفاد من هذا الشهر العظيم؟ أم أنه خرج منه كما دخل فيه؟! يقول جل ذكره: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183] هذه أول فائدة من الصيام، بل هي الفائدة الكبرى التي من حصلها حصل كل الفوائد بعدها، ومن فرط فيها فلا يرجو الخير بعدها.
إن التقوى -عباد الله- عبادة قلبية تستقر في القلب لتؤثر على الجوارح في عمل الصالحات وترك المنكرات.
والصَّوم بلا شك يُوَرِّث الخشية، ويُنَمِّي مَلَكة المُرَاقبة، ويُوقِظ القلب، ويدفع بصاحِبَه إلى الامتثال لأوامِر الله ونَوَاهِيه.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله...
ومن الدروس التي يخرج بها المسلم من رمضان: الصبر عن المعصية والصبر على عمل الطاعة؛ فالصَّوم فيه مَشَقَّة منَ الجوع والعَطَش، وفيه مُقَاوَمة للشَّهوات والمَلَذَّات، وصَبْر عليها، وهذه الأمور تُقَوِّي الإرادة، وترفع مِن قُوَّة التَّحَمُّل والصَّبر.
ومنها: مراقبة الله؛ حيث إنَّ الصَّائم هو الرقيب على نفسه، فلا أحد يعلم بِكَوْنه صائمًا، أو غير صائم إلاَّ الله، ومِن هنا يصل المسلم إلى مرتبة الإحسان، وهي الرقابة الداخليَّة، في كل عَمَل يقوم به، ولا يحتاج إلى رقابة خارجيَّة، مِن سُلْطة، أو نظام.
ومنها: جِهاد النَّفس والشيطان؛ فالنَّفس عَدُوَّة لِصَاحِبها، وكذلك الشيطان، وهما يعتمدان في إِغْرائهما للإنسان على الشَّهوات، والصَّوم فيه امتناعٌ عن هذه الشَّهَوات، وكأنَّ المسلم حين يصوم، فإنَّه يسد أبواب النَّفس والشيطان إلى قلبه، وهنا يَتَحَقَّق معنى الجهاد.
ومنها: أن الصوم جُنَّة؛ تكون به الوِقاية منَ المنكرات والشُّرور، فالصَّوم الحقيقي فيه إمساكٌ عَنْ جميع المعاصِي والسَّيئات، حيث تصوم جميع الجَوَارِح، وتنضبط؛ لذلكَ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة عند البخاري: "الصِّيام جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يصخب، ولا يجهل، وإنِ امرؤٌ قاتَلَه، أوْ شَاتَمَه، فَلْيَقُل: إنِّي صائم".
وبِهذا يكون الصيام درسًا عَمَليًّا في أَخْذ النَّفس بِالفَضَائل، وحَمْلها على الاتِّصاف بِكُلِّ ما هو حسن وجميل، وبذلك تزكو وتطهر، ويصبح الإنسان مأمول الخير، مأمون الشَّر.
ومنها: التخلص الأعمال السيئة المتكررة؛ فَفِي بعض الأحيان يعتاد المسلم على عمل سيئةٍ، مثل: سيئة التدخين، ويُمَارِسها بِشَكْل مُتَوَاصل، فيأتِي الصِّيام ويَحُول بينه وبين هذه العادة بالتدريج، ويضعف سلطانها على نفسه، ويُسَاعده على التَّخَلُّص منها، وهنا نقول: إنَّ رمضان فرصةٌ ذهبيَّة للمُدَخِّنين؛ كي يُقْلِعوا عن هذه العادة الضارَّة بالنَّفس والمال. وقس عليها شرب المسكر ، والزنا والنظر المحرم وغيرها من عادات السوء .
ومنها: الشعور بحاجة الفُقَراء؛ إحساس الأغنياء بآلام الفقراء، فالفقير كالصائم في النهار والليل، فالصِّيام يُفَجِّر ينابيع الرحمة والعطف في قُلُوب الأغنياء، ويدفعهم إلى مُوَاساة الذين ضاقَتْ بِهِم سُبُل العيش، بعد أن أَحَسوا بِأَلَم الجوع، ولهذا كان يوسف -عليه السلام- يُكْثِر منَ الصِّيام، فقيل له: لماذا تَجُوع وأنت على خزائن الأرض؟ قال: أخاف أن أشبعَ، فأنسى الجائع".
وَحَوْل هذا المعنى يقول أحمد شوقي: "الصَّوم حِرْمانٌ مشروع، وتَأديب بالجُوع، وخُشُوع لله وخُضُوع، لكلِّ فريضةٍ حكمة، وهذا الحكم ظاهره العذابُ، وباطِنه الرَّحمة، يُعَوِّد الإنسانَ الصَّبْرَ، ويُعَلِّمه خِلال البِر، فإذا جاع مَن أَلِف الشَّبع، عَرَف الحرمان كيف يقع، والجوع كيف أَلَمُه إذا لَذَع" ا . هـ.
ومنها: تعلم الحلم والصبر، وكذا ترك البخل والجشع وبذل المال للفقراء، ومنها غض البصر، وحفظ الوقت.
ولا تَنْتَهي الدروس التي يَتَعَلَّمها المسلم من مدرسة الصيام عند هذا الحد؛ ولكن هناك دروسًا لا تُحْصى، فالصَّوم فيه معنى المُسَاوَاة بين الأغنياء والفقراء في الحرمان، وترك التَّمَتُّع بالشَّهوات، وفيه إشعارٌ بِوَحْدة المسلمينَ، حيث إنَّ كُلَّ المسلمين في جميع بقاع الأرض يصومون هذا الشهر العظيم.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله...
اللهم اجعلنا من المقبولين في هذا الشهر الكريم يا رب العالمين.
أقول قولي هذا...
أما بعد:
فيا أيها الناس: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله...
إن تهيئة النفس للبقاء على الخير الذي اعتادته في رمضان أسهل بكثير من ردها إليه بعد ترك الطاعات، والانغماس في الملذات، فبادروا أنفسكم -رحمكم الله-.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله...
معاشر النساء: أنتن نصف المجتمع الذي لا يقوم إلا به، اعلمن أن عملكن الأساس هو إدارة شئون المنزل، وتربية الأولاد، وإنها لنعمة عظيمة، لا يستطيعها إلا أنتن، فلا تلتفتن لغيرها: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب: 33].
وكن خير مربية للأجيال؛ ف
الأم مدرسة إن أعددتها *** أعددت جيشا طيب الأعراق
وهذه المهنة لا يوازيها عمل صالح إذا حسنت النية.
احذرن من دعاة الفتنة الذين يتلبسون بلباس الحرية للمرأة وهم يريدون فضح المرأة وانحرافها عن مملكتها الأساس.
كوني مصونة في لبسك وكلامك وعملك، احفظي نفسك فأنت درة مصونة لا تدنسك أيدي المجرمين.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله...
اللهم اغفر للمسلمين...
اللهم اجعل صيامنا وقيامنا ودعاءنا في عداد المقبولين...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي