وبدلاً من أن تكون رياضةٌ -ككرة القدم وغيرها من ألوان الرياضات المختلفة- من وسائل الترويح المباح عن النفس وإعداد البدن وطرد الأدواء عن الجسد؛ صارت وسيلة لإلهاء الشعوب -لاسيما الإسلامية- عما يحاك ضدها من مؤامرات، ولإشغالها عن إحياء الهمم في الأمة الغافلة اللاهية..
إن الحمد لله...
حديثنا اليوم موجَّه في المقام الأول إلى أمل الأمة، إلى السواد الأعظم فيها، إلى الذين يضطلعون بمهامٍّ تنوء بها العصبة أولو القوة، إلى الشباب، القوة الأولى في المجتمع المسلم وفي أي مجتمع، الذين عليهم الاعتماد في نهضة الأمة من كبوتها، بعزيمتهم، وأخلاقهم، وتضحيتهم بالغالي والرخيص لتحقيق الازدهار والعودة إلى ريادة الأمم من جديد.
شبابٌ ذَلَّـلوا سُبـلَ المَعالي *** وما عَرفوا سوى الإسلامِ دينًا
تَعَهَّدَهـمْ فأنبتهـمْ نباتـاً *** كريمًا طابَ في الدنيا غَصوناً
إذا شهِدوا الوغى كانوا كُماةً *** يدكُّونَ المعاقلَ والحُصونـا
وإنْ جنَّ المساءُ فلا تراهـم *** مـن الإشفاقِ إلا ساجِدينا
شبابٌ لـمْ تُحطِّمهُ الليـالي *** ولمْ يُسلمْ إلى الخصمِ العرينا
فما عَرَفَ الخلاعَةَ في بناتٍ *** ولا عَرَف التخنُّثَ في بنينا
ولم يتشدَّقوا بقشورِ علـمٍ *** ولمْ يتقيّبوا فـي المُلحدينا
ولم يتبجحوا في كلِّ أمـرٍ *** خطيرٍ كـيْ يقـالَ مثقفونا
كذلكَ أخرجَ الإسلامُ قومي *** شبابًا مُخلصًا حـرًّا أمـينًا
وعلَّمهُ الكرامةَ كيـف تُبنى *** فيأبى أنْ يُقَّيدَ أو يـهونـا
هكذا كان الشباب، قويًّا بعقيدته، حرًّا بشريعته، متفانيًا في دعوته، دانت له الأرض يوم أن كان عقله لا يعمل إلا في حيّز الآخرة، فإن تعلّم فمن أجل الآخرة، وإن جاهد ففي سبيل الآخرة، وإن أكل وشرب فللآخرة، وإن عمل وجمع المال فمن أجل إنفاقه فيما ينفعه في الآخرة.. كانت الآخرة همّه فجمع الله عليه شمله، وكان العمل للدين يشغل عليه قلبه، ويسكن شغاف فؤاده، فحرّك دواخله نحوه، وملأها بحبه، حتى لم يكن شيء أحب إليه من البذل والعطاء والفداء.
ولكن نارًا تضطرم في قلوب المراقبين لأحوال الشباب عندما نشاهدهم باهتماماتهم الزائفة، وتوجهاتهم التي لا تليق بأبناء الإسلام، الذين كانوا قادة العالم، وأئمة الدنيا، رهبان الليل وفرسان النهار، أئمة الهدى ومصابيح الدجى، صار غاية أمل أحدهم أن يحادث فتاةً آخر الليل أو أول النهار، في غفلة من أهلها، وعلى تخوف من أبيها وإخوتها أن يفضحوا أمره، وباتت مشاهدة مباريات كرة القدم شغلهم الشاغل، وتبادل صور اللاعبين وحفظ أسمائهم وسيرتهم الكروية "الفذة" هي أقصى أمانيهم، وغاية سعيهم وكدِّهم، وتناسوا في زحمة الحياة مهامهم الجسام التي كلفهم الله تعالى بها، نسوا أن لهم إخوانًا في أماكن عدة من العالم يضطهدون ويعذبون ويقتلون بدم بارد، نسوا أن العالم يتقدم من حولهم وهم جالسون لمتابعة الدورات الرياضية التي باتت تشغل الحاضر والغائب بأخبارها المُسَيَّسة، رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، فصرنا بذلك في ذيل الأمم، وتقدَّم علينا آخرون، لا لقوتهم، ولكن لضعفنا وهواننا على الناس:
وما فتئَ الزمـانُ يـدور حتى *** مضى بالمجدِ قومٌ آخرونا
وأصبحَ لا يُرى في الركبِ قومي *** وقد عاشوا أئِمَّتَهُ سنينا
وآلمـني وآلمَ كـلِّ حـرٍ *** سؤالُ الدهرِ: أين المسلمونا
تُرى هل يرجعُ الماضـي فإني*** أذوبُ لذلكَ الماضي حنينًا
نعم: أين المسلمون؟! أين شباب الأمة، ماضيها وحاضرها ومستقبلها؟! إنهم خلف شاشات التلفاز، أو في ملاعب كرة القدم، أو في الأسواق وعلى النواصي في انتظار فتاة تمرّ من أمامهم فيصوِّبون إليها سهام أعينهم المسمومة، هذا ما آلت إليه اهتمامات الشباب في زمن تموج به التحديات التي تواجهها الأمة، ما بين الأخطار الداخلية، من علمانيين وصوفيين وملحدين ومستهدفين للشريعة، وبين الأخطار الخارجية، من يهود وصليبيين وشيوعيين ومحتلين، كل هذه التحديات الصعاب، والمؤامرات التي تحاك من الأعداء ليل نهار، والشباب حائر لاهٍ، لا همّ له إلا شهوة فرجه وبطنه وتضييع الأوقات فيما لا يفيد.
وبدلاً من أن تكون رياضةٌ -ككرة القدم وغيرها من ألوان الرياضات المختلفة- من وسائل الترويح المباح عن النفس وإعداد البدن وطرد الأدواء عن الجسد، صارت وسيلة لإلهاء الشعوب –لاسيما الإسلامية- عما يحاك ضدها من مؤامرات، ولإشغالها عن إحياء الهمم في الأمة الغافلة اللاهية. لقد جاء في البروتوكول الثالث عشر من بروتوكولات حكماء صهيون ما نصُّه: "سنعمل للحيلولة دون قيام الأغيار –أي غير اليهود- بأي تفكير حقيقي نابع من ذاتهم، على توجيه اهتماماتهم إلى مجالات اللهو والألعاب والتسلية والإثارة الجنسية والقصور الشعبية، وسرعان ما نبدأ الإعلان في الصحف، داعين الناس إلى الدخول في مباريات شتى من كل أنواع المشروعات: كالفن، والرياضة، وما إليه. إن هذه المتع الجديدة ستلهي ذهن الشعب حتمًا عن المسائل التي سنختلف فيها معه، ومثل هذا الاهتمام سيصرف عقولهم تمامًا عن القضايا التي نجد أنفسنا مضطرين إلى مكافحتهم فيها، وإذا ما غدوا شيئًَا فشيئًا أقل اعتبارًا للتفكير للمستقبل فإنهم سيعبرون عن أنفسهم بطريقة لا تختلف عن تعبيرنا نحن؛ لأننا نحن وحدنا نستطيع أن نعرض خطوطًا جديدة من الفكر، وبالطبع عن طريق أشخاص لا يعتبرونهم بأي شكل من الأشكال من ذوي العلاقة بنا".
فأمة اليهود والصهيونية العالمية تبذل شتى الوسائل لشغل المسلمين بأنفسهم، فلا يفكرون في تقنية ولا تقدم علمي ولا ازدهار دنيوي ولا بذل أخروي، ولا في مقاومة المحتلين، ولا دعوة غير المسلمين، بل يُشغلون أعمارهم ويملؤونها لهم بالتفاهات التي تستنفد الأوقات والطاقات في غير فائدة، حيث مجالات اللهو والألعاب والتسلية والمسلسلات والأفلام لا تكف عن البث ليلاً ونهارًا، فلا تكاد تنتهي دورة الألعاب الأوروبية حتى تبدأ الدورة الإفريقية، ولا تكاد تنتهي الأولمبية حتى تبدأ الآسيوية ثم دورة الأندية، ولا تكاد تنتهي هي الأخرى حتى تبدأ دورة كأس العالم، هذا فضلاً عن الدورات المحلية التي ترهق الدولة بالوقت والمال والتجهيزات، وهكذا يجد الإنسان نفسه أمام دوامة لا تنتهي من الدورات، كلما انتهت دورة بدأت أختها.
وإذا نظرنا إلى وضع الشوارع والميادين أثناء بث المباريات على شاشة التلفاز فإننا نرى حجم المأساة الحقيقة؛ فالشوارع خالية من المارة، وقد تجمّع المشجعون -وغالبيتهم من الشباب- في الساحات أمام شاشات العرض، أو على المقاهي، أو حتى في المنازل، متجمدين أمام الشاشات، قد تعطلت أدمغتهم عن العمل وأعضاؤهم عن الشعور، إلا فيما يتعلق بالمباراة والتشجيع، فإذا أرادت دولةٌ احتلالَ دولة أخرى فإنها لن تجد وقتًا أنسب من وقت بث مباريات كأس العالم لتقضي عليها من أول وهلة.
وإن تعجب فالعجب مما بعد المباراة، مسيرات بالآلاف، تجوب الشوارع وترفع الأعلام، وهتافات تهتزّ لها الأرض وتخر لها الجبال هدًّا!! لا إله إلا الله!! كل ذلك من أجل ماذا يا شباب الأمة، يا قادة المستقبل، يا بناة المجد وحماة العقيدة؟! من أجل الكرة؟! من أجل لعبة ليس أكثر ولا أقل؟! ويا ليتهم فعلوا ذلك من أجل شيء يستحق التعب، يا ليتهم فعلوه من أجل الدفاع عن عقيدة الأمة المنتهكة، أو شريعتها الغائبة، أو أخلاقها المختَرَقة! لقد ضحّوا بأوقاتهم وأموالهم من أجل الاحتفال، لا بفتحٍ للمسلمين مبين، ولا بطردٍ للأعداء المحتلين، ولا بوصول الحقوق إلى أصحابها من المستحقين، ولكن لأجل فوز الفريق النصراني، أو تألق اللاعب اليهودي، أو حتى انتصار فريق مسلم على غريمه، وهو ما يبث الشقاق والفرقة بين المسلمين والأحبة، في الوقت الذي تحتاج فيه الأمة لكل حبة عرق من أبنائها تذهب سدى، ولكل جهد يبذل في سبيل توحيد الأمة ونبذ الخلافات، إلا أننا نجد من بين أبنائها من يبذل الجهد؛ ليؤصل الخلافات والشقاق عن طريق الكرة والتعصب الكروي.
لقد نجح أعداؤنا في صرف همتنا عما هو نافع لنا ولأمتنا، وبتنا من السطحية بمكان، لا يجول في الخاطر أن نبتكر شيئًا ننصر به ديننا أو ننفع به أمتنا، أما الابتكارات المستخدمة في المشاهدة والاحتفالات بالفوز في الدورات فلا تعد ولا تحصى.
أيها الإخوة الأحباب: لا يتوقف الضرر الناتج عن هذه المبالغات الرياضية على ما ذكرنا، ولكن مبادئ التعصب للفريق صارت متأصلة في عقول المشجعين إلى حد سيئ، فأصبح هناك ما يشبه الموالاة والمعاداة على حسب الانتماء الرياضي، لاسيما في المباريات التي تكون بين الدول الشقيقة الإسلامية، والإعلام ينفخ في نار هذه الفتنة ويزيدها اشتعالاً، وتندلع الحروب الإعلامية بين الدول، وتقطع العلاقات الدبلوماسية بينها، ويُعتدى على المسلمين فيها من أجل أنهم من جنسية الفريق الهازم أو المهزوم، بل رأينا حرق جماهير كلا الدولتين لعَلَمِ الدولة الأخرى وكأنهم يحرقون علم "إسرائيل" أو أمريكا، ولا أدري: أين عقول هؤلاء القوم من كل هذا؟! بل أين عقيدتهم التي توجب عليهم الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين؟! ولكن الآلة الإعلامية التي تسيِّر هذه الفتن لا تألو جهدًا في بث الفرقة بين الإخوة، فليس الأمر مقتصرًا على مجرد التشجيع، ولكنها فتنة تأكل الأخضر واليابس ولا يعلم مداها إلا الله.
أيها المسلمون: إن الغلو في الاهتمام بمثل هذه الدورات الرياضية والمباريات الكروية يقتل في النفس مبدأ الولاء للمؤمن والبراء من الكافر، فصور اللاعبين من الأندية الأوروبية والغربية تنتشر في بلاد المسلمين، وعلى جدران غرفاتهم، بشكل لافت للنظر، فلا يكاد يخلو منزل من صورة للاعب يعلق الصليب على صدره، أو ينقشه وشمًا على ذراعه، أو يرسمه على شعر رأسه، وهذا أمر في غاية الخطورة، فتعليق مثل هذه الصور بما فيها من صلبان ورموز دينية شركية قد يعرّض عقيدة المسلم للضياع والعياذ بالله، وإن لم يكن في الصورة شيء من ذلك فيكفي مجرد تعلّق قلبه بمحبة من ينبغي له أن يبغضه في الله تعالى، فإن "أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله" كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-. هذا فضلاً عما في مجرد تعليق هذه الصور من محظور شرعي؛ لما فيه من تعظيم للشخص المصوّر، وهو ذريعة إلى الشرك والعياذ بالله.
أيها الإخوة الأحباب، يا شباب الأمة: إننا بحاجة إليكم، إلى بذلكم وتضحياتكم، بلادكم تناديكم: هلموا يا شباب، هلموا إلى تنمية أوطانكم، استفيدوا من أوقاتكم فيما ينفع، لا تهدروا أعماركم؛ فإنكم مسؤولون أمام الله تعالى عن كل ساعة تضيع؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع"، وذكر منها -صلى الله عليه وسلم-: "عَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ". فأعدوا -أيها المسلمون- للسؤال جوابًا: فيم أفنيت عمرك، وفيم أبليت شبابك؟! هل قضيتهما في تعلم العلم النافع، في العمل الصالح، في الدعوة إلى الله، في العمل لنهضة الأمة واستعادة قوتها وقيادتها للدنيا؟! أم في اللهو واللعب، أم في مشاهدة مباريات الكرة والتعصب الأعمى؟!
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
إن الحمد لله...
أيها الإخوة الأحباب: إن البطولة المتحققة من تلك المنافسات بطولة زائفة، والنجومية الناتجة للاعبيها نجومية مضللة، ومع ذلك صار يشار إليهم بالبنان، وتُسلَّط عليهم الأضواء في كل مكان، بل ويتحدثون في قضايا الأمة المصيرية فيَضِلُّون ويُضِلُّون، ونتج عن ذلك أن اتخذهم الشباب والأطفال قدوة، فقلدوهم في زيهم ولباسهم وقصات شعرهم وطريقة حديثهم، بل وأطلق بعضهم على نفسه أسماءً مشابهة لأسمائهم، سعيًا منه لتحقيق شيء من هذه البطولة والنجومية المحرَّفة، ما يجعل الشاب لا هم له في الحياة سوى تقليد فلان، أو التطلع ليكون نجمًا مثل علان، أما الاهتمام بالعلم والعمل والتمكين للأمة فهي أمور لا تشغل باله، ولا تعنيه، ولا يقدِّم في سبيل تحقيقها شيئًا، صغيرًا كان أم كبيرًا.
إن القدوة من أهم الوسائل التربوية في حياة الشباب والأطفال، وإن أعداءنا ليلعبون على هذا الوتر بشكل فعال جدًّا، فلاعبو الكرة، والممثلون، والمطربون، صاروا هم القدوة الأولى في حياة الشباب، هذه هي صنيعة يهود، فالمسيطر على أكبر صناعة للسينما في العالم هم اليهود، والذين يزرعون الفتن الكروية في بلاد المسلمين والعالم هم اليهود، فلا غرو إن قلنا: إن الشباب مستهدف ولا شك من الترويج لمثل هذه الصناعات، بوبالها والشقاق المترتب عليها، وضرب القدوات الحقيقة في الأمة من الأنبياء والسلف الصالحين والدعاة المخلصين: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ) [الأنعام: 90]، وقال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب: 21]، وقال: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) [الممتحنة: 4]، هؤلاء هم من يقتدى بهم في الأمة، أما أولئك اللاعبين من الكافرين والمشركين فإنهم أهل للاقتداء بهم في الفساد، وإني أذكر أن أحدهم في زفافه في الثمانينيات أقام حفلاً صاخبًا، وكان ممن يحملون ذيل فستان زوجته ولدُه منها الذي كان عمره آنذاك ثلاث سنوات!! أرأيتم؟! لقد أنجبا هذا الغلام سِفاحًا عيانًا بيانًا أمام العالم كله، وهذا اللاعب كان ذكره ملء الأسماع والأبصار، وكانت صورته في كل بيت من بيوت المسلمين في هذه الأيام. هذه أيها الإخوة الكرام- هي القدوة التي يقتدي بها شبابنا؟! إن هذا من شأنه أن يكسر الحاجز النفسي لدى الشباب من المعاصي والذنوب والكبائر التي يقترفها هؤلاء، فضلاً عن الشرك الذي يتلبسون به والذي لا يتورع أحدهم عن إخفائه عند نزوله إلى أرض الملعب.
في الأخير -أيها الأحباب- إننا نبحث عن رجال يضطلعون بالمهام التي أوكلها الله تعالى إليهم، من نشر الدين والعلم بين الناس، والإسهام في عجلة التقدم، واستشراف مستقبل أفضل لبلادنا وأوطاننا وأبنائنا القادمين، ليكونوا هم القدوات الحقيقيين في هذا العالم، ويسود ذكرهم في الآفاق، ويذكرهم التاريخ ويكتب سيرهم بماء الذهب:
مازلت أبحث في وجوه الناس عن بعض الرجال
عن عصبة يقفون في الأزمات كالشم الجبال
فإذا تكلمت الشفاه سمعت ميزان المقال
وإذا تحركت الرجال رأيت أفعال الرجال
أما إذا سكتوا فأنظار لها وقع النبال
يسعون جَهدًا للعلا بل دائمًا نحو الكمال
يصلون للغايات لو كانت على بُعد المحال
ويحققون مفاخرًا كانت خيالاً في خيال
هِمَمٌ لهم تسمو إذا ما رامها نجم الشمال
أفكارهم خطط تقود الكل نحو الاعتدال
لا يشتهون الدون أو أحوال أشباه الرجال
بل يشتهون الخوض في حرب المداولة السجال
يتعشقون الموت في أوساط ساحات القتال
ويرون أن الحر عبد إن توجه للضلال
من لي بفرد منهمُ ثقةٍ ومحمود الخصال؟!
من لي به يا قوم إن هموم وجداني ثقال؟!
سيطول بحثي إن سؤلي نادر صعب المنال
فمن الذي تحوي معًا أوصافه هذي الخصال؟!
لكن عذري أن في الدنيا قليلاً من الرجال
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي