التدخين يقتل سنويًّا أكثر من ستة ملايين إنسانًا، ويدمِّر صحة أضعاف أضعاف هذا العدد، ويستهلك قُوتَ الفقراء، ويعكِّر صفو أجواء الأصحاء، ويستنزف مليارات الدولارات، في الوقت الذي تموت فيه شعوب قهرًا وجوعًا وجهلاً. وقد كَثُرَ الحديث حول هذا الموضوع، ولذا فسأنقل لكم هذه الخطوات العشر للتخلص من هذه الآفة، الخطوة الأولى: الاقتناع التام من المدخن بأنه واقع في ذنب وبلاء، يجب أن يسعى للتخلص منه، فإذا اقتنع بذلك ساقه عقله وإيمانه إلى الخطوة الثانية؛ وهي:
الحمد لله الذي جعلنا خير أمة أخرجت للناس، اصطفانا لنكون حاملين أفضل دين، وخير شريعة، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصَح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله، فنعم الزاد التقوى، (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا) [النساء: 9].
عباد الله: لقد تفضَّل على هذه الأمة فأكمل لها دينها، وأتم عليها النعمة، فرضي لها أعظم دين عرفته البشرية، وأرسل لها أفضل مخلوق -صلى الله عليه وسلم-، إنه اصطفاء تكريم ونجاة، كان لزامًا معه أن تعرف به خصوصيتها، وتميزها عن غيرها من الأمم.
وقد تكاثرت صور التتبع للأمم من حولنا، وتزايدت؛ حتى بلغت مبلغًا لا يقوى على الحصر، وكان من أبرز الظواهر الشخصية التي انتشرت منذ بداية الاقتداء الخاطئ بالغرب، ظاهرةُ التدخين، ومع تطور الثقافة الصحية لدى الفرد، ومحاربة الدول لهذه الآفة؛ إلا أن ملوك التبغ في العالم، وأصحاب الشركات المتضخمة على حساب أرواح البشر، يبذلون جهودًا منظمة؛ لاستمرار بغيهم وظلمهم للناس، ولخداع الإنسان بترغيبه في هذه الحية الملساء التي تنفث نارًا على شفتيه، وتغرس سرطانًا في حلقه ورئتيه.
إن التدخين يقتل –سنويًّا- أكثر من ستة ملايين إنسانًا، ويدمِّر صحة أضعاف أضعاف هذا العدد، ويستهلك قُوتَ الفقراء، ويعكِّر صفو أجواء الأصحاء، ويستنزف مليارات الدولارات، في الوقت الذي تموت فيه شعوب قهرًا وجوعًا وجهلاً.
وقد كَثُرَ الحديث حول هذا الموضوع، ولذا فسأنقل لكم هذه الخطوات العشر للتخلص من هذه الآفة، وكلّي أمل أن يقول المدخن ما قاله الرب -عز وجل- عن أوليائه المؤمنين: (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) [البقرة: 285].
الخطوة الأولى: الاقتناع التام من المدخن بأنه واقع في ذنب وبلاء، يجب أن يسعى للتخلص منه، فإذا اقتنع بذلك ساقه عقله وإيمانه إلى الخطوة الثانية؛ وهي:
الرغبة الحقيقية الجادة، والعزيمة القوية الصادقة في التخلص من هذا الوباء، فإن الله تعالى –يقول-: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد:11]، فإذا وُجدت العزيمة والرغبة فعليه بالخطوة الثالثة:
وهي: التوبة النصوح لله -عز وجل-، عاجلة غير آجلة، الآن وليس بعد قليل، يقلع بعزيمة مؤمن صادق، وتوبة منيبٍ راغب، نيته خالصة لوجه الله –تعالى- في ترك هذا الوباء، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وهو أعظم معين، وخير حافظ، وليحذر أشدَّ الحذر من التسويف؛ فإنه الهلاك بعينه.
ومهما طال أمَد التدخين وسنيه العجاف، ومهما تعلقت نفس المدخن به، فإن التوبة الصادقة المخلصة لله –تعالى-، هي أقوى من كل الوساوس الشيطانية التي تحاول استعادة هذا المدخن إلى طابور المرض والموت البطيء. والتوبة تحفّز العزيمة الجادة، على عدم العود لهذا البلاء.
يُذكر أن ابنَ خليفة من الخلفاء كانت له عادة قبيحة؛ وهي أكل التراب وهو صغير، وشبَّ على تلك العادة الرذيلة، حتى كبر وتنقل في مناصبه حتى أصبح خليفة، وهو لا يزال على عادته فأتى بالأطباء والحكماء، فما أفلحوا في علاجه، يصفون له الدواء فيأخذ منه ثم ينكث، ويعود لما تعود عليه، حتى طال به البلاء، واستخفت به تلك العادة الرعناء، فعلم بدائه أحد الحكماء فجاء إليه ثم قال له: "يا أيها الخليفة عزمةً من عزمات الرجال، فهِمَم الرجال تُزِيل الجبال"، فأخذت هذه الكلمة منه مأخذها، وقال: صدق الحكيم، ثم عزم عزمة من عزمات الرجال، فأقلع عن تلك العادة القبيحة.
وإني لأنادي من هذا المنبر أخي المدخن وأهيب به: عزمةً من عزمات الرجال، تكفيك عن كل نصيحة ودواء، فأنت طبيب نفسك، ولعلك سمعت بمن كان يدخن عشرين سنة عجافًا فأقلع في يوم واحد، فهل يكون أقوى شكيمة منك؟ لا بل أنت لا تقل عنه قوة وبأسًا، ولذا فانتقل إلى الخطوة الرابعة لتزداد يقينًا بصحة عزيمتك وسلامة طريقك:
وهي: أن تتعرف على مخاطر وأضرار هذا البلاء، وتطلع على تلك الصور المأساوية التي تهتكتْ فيها الحناجر، واسودتْ فيها الرئتان، وتضخم فيها القلب، لترى بعينيك، ما رأى أحد الرجال في مصحة التدخين بالدمام، حين سألته ما الذي جعلك تترك التدخين؟ فأجاب: لقد كنت أدخن كذا وكذا عامًا، ولكني جئت إلى هنا وشاهدت هذه المناظر المأساوية، فصورتها في جوالي، فصرت أقلبها في عيني صباحًا ومساءً؛ حتى كرهت التدخين، وزرت هذه العيادة؛ لأكمل توبتي بنزع كل ما قد يرجعني إلى هذه العادة الكريهة (انتهى كلامه).
وقد أعجبني كثيرًا ما صنعته إحدى الدول من وضع مثل هذه الصور المفزعة على علب التدخين بحيث تغطي العلبة بأكملها، وكأن المدخن يشتري مرضه العضال، وعلته المستعصية، وموته بماله ويده.
اللهم أسألك أن تعافي إخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات من هذا البلاء المبين. توبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله الشافي المعافي، وأشهد ألا إلى الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله.. إن التدخين يؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة والتهابها المزمن، وتَصَلُّبِ الشرايين، ويؤدي إلى الإصابة بمرض السِلِّ الرئوي، والربو المزمن، ويؤدي إلى الإصابة بسرطان الحنجرة، والشفة، واللسان، والفم، ويؤدي إلى ضيق التنفس، ويزيد عدد ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وقرحة المعدة، والاثنا عشر، إلى غيرها من الأمراض الخبيثة. فإذا تعرفت على هذه المخاطر، وتلك المفاسد فعليك بالخطوة الخامسة:
وهي: استخدام البديل عن ذلك العود الرذيل، بعود السنة الطاهر، عليك بكثرة السواك، فإنه مطهرة للفم ومرضاة للرب، فرق بين وقارك وأنت تستاك، ومنظرك وأنت تدخن، رائحتك وأنت تستاك، ورائحتك وأنت تدخن! ومع استخدامك للبديل فعليك بالخطوة السادسة:
وهي: مجاهدة النفس على الثبات على الترك، فلا تدع لهواك ونفسك وشيطانك أن يعبث بعزيمتك، وليكن شعارك قول الحق تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت:69].
ولِتثبتَ على الخير عليك بالخطوة السابعة: وهي: الحذر ثم الحذر من صحبة المدخنين، فقد تضعف النفس إذا كانت وحدها تتمسك بالحق، وقد يعدي الصحيحَ الأجربُ.
فإن أردت الخلاص من هؤلاء الرفقاء فعليك بالخطوة الثامنة: وهي: صحبة الصالحين، فإن الصالحين لا يغشون مواطن الشبهات، ولا يأتون مواطن الريب، فمجالسهم ضياء وصلاح، ومصاحبتهم بر وفلاح، لا يَحُثُّون إلا على الخير، ولا يدعون إلا إلى البر.
وهم حرز -بإذن الله تعالى- من شياطين الجن والإنس، فصحبة أهل الغي والفساد من أعظم أسباب الانتكاسات، وضياع الأعمار، وفساد الخاتمة والعياذ بالله، وصحبة أهل الخير من أعظم المثبتات على صراط الله المستقيم. وعليك بالخطوة التاسعة:
الخطوة التاسعة: أشغل وقتك بالمفيد، واحذر الفراغ، فإن الفراغ يغريك بممارسة هذه العادة السيئة:
أهاج الفراغ عليه شغلاً *** وأسباب الفساد من الفراغ
وبعد هذه الخطوات التسع، ليكن أول أمرك وأوسطه وآخره ما في الخطوة العاشرة؛ الأخيرة:
وهي: كثرة الدعاء واللجوء إلى الله -تعالى-؛ بأن ينجيك ويخلصك مما أنت فيه، وأن يثبتك على الترك، فانطرح بين يدي الكريم المنان في طلب العون والثبات، فإن من قصد بابه رشد، وأفلح ونجا وهدي، ومن انحرف عنه ضل وانحرف.
ثبتنا الله وإياك على الهدى والفلاح، وإن أهلك وولدك لمنتظرون قرارك التاريخي الحاسم بعد هذه الصلاة بإذن الله –تعالى-، فأسعدهم بذلك، فإن من دخن سيدخن أولاده إلا أن يحفظهم الله، وسيكون أسعد الناس بك أحبابك، وقد سلمت لهم صحتك ورائحتك ومالك.
أسأل الله سبحانه أن يحبب إلى إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين.
اللهم أعز دينك، وأعل كلمتك، وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، اللهم اجعل خير أعمارنا أواخرها، وخير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك فيه، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم حرر المسجد الأقصى من براثن اليهود، وهدئ ثائرة المسلمين على ما تحب وترضى، اللهم خذ الظلمة القتلة الذين يسفكون دماءهم، ويستبيحون أعراضهم، أخذ عزيز مقتدر، اللهم كن مع إخواننا المستضعفين في كل مكان، وأصلح حالهم، واحقن دماءهم، وصن أعراضهم، واحفظ أموالهم.
اللهم -كما تحب- ردنا إليك، واجعل توكلنا عليك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين. اللهم وفّق ولي أمرنا إلى ما ترضاه، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة، التي تعينه على الخير، وتدله عليه، واجعل بلادنا آمنة مطمئنة وسائر بلاد المسلمين.
اللهم صلّ وسلم على نبينا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي