إن المطلوب من المسلم أن يحسن الظن بإخوانه المسلمين ما استطاع إلي ذلك سبيلا، وأن يحمل أقوالهم وأفعالهم على أحسن المحامل ما وجد إلى ذلك سبيلا، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيرا وأنت تجد لها في...
الحمد لله الكريم المنان، أمر عباده بتقواه ونهاهم عن كل ما يتنافى مع أخوة الإيمان، أحمده تعالى وأشكره حمدا وشكرا، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأحمده وأشكره حمدا وشكرا عدد خلقه وزنة عرشه ورضى نفسه ومداد كلماته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله تعالى بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا؛ -فصلوات الله وسلامه عليه- وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين، أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى؛ فإنها وصية الله للأولين والآخرين، (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70- 71].
عباد الله: نقف وقفات يسيرة مع آيات كريمة من كتاب ربنا -عز وجل-، تضمنت آدابا وبيانا لبعض الحقوق الواجبة للمؤمنين بعضهم على بعض، يقول ربنا -تبارك وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات: 11].
فنهى الله تعالى عباده المؤمنين في هذه الآية عن السخرية بالناس التي هي الاستهزاء بهم واحتقارهم؛ فقال: (لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ)، والمراد بالقوم هنا: الرجال، أي: لا يسخر رجال من رجال، ولذلك قال بعدها (وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ). فنهى الله تعالى الرجال والنساء جميعا عن السخرية، قال ابن جرير الطبري -رحمه الله- تعالى في تفسيره: "والمعنى أن الله تعالى نهى المؤمنين وعم بنهيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعض بجميع معاني السخرية". فلا يحل لمؤمن أن يسخر من مؤمن لفقره ولا لذنب ركبه ولا لغير ذلك. وقوله (عسى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ) وقال في النساء: (عسى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ )، أي: أن المسخور به من رجل أو امرأة قد يكون خيرا من الساخر وقد يكون أعظم قدرا عند الله منه، فكيف يسخر بمن هو خير منه ؟ .
وقد وردت آثار عن بعض السلف الصالح تدل على أن الإنسان إذا سخر بأحد؛ فإنه قد يعاقب ويبتلى بذلك الأمر الذي سخر به، والواقع شاهد بهذا، ثم قال -عز وجل-: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ)، أي: لا يلمز بعضكم بعضا، وإنما قال أنفسكم؛ لأن المؤمنين كالجسد الواحد؛ فمن عاب غيره؛ فكأنما عاب نفسه ومن لمز غيره؛ فكأنما لمز نفسه، وهذا كقول الله تعالى في سورة النساء: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ)، أي: لا يقتل بعضكم بعضا، واللمز يكون بالقول، والهمز يكون بالفعل، كما قال تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ)، والهمز واللمز يكون مواجهة ومباشرة لمن هٌمز أو لٌمزَ به، أما إن كان في غيبته؛ فهذه هي الغيبة، وقد نهى الله عنها كما في الآية التي بعدها، ثم قال -عز وجل- (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ) أي: لا يعير أحدكم أخاه ويلقبه بلقب ذم يكرهه، وقد كان التنابز بالألقاب شائعا في الجاهلية؛ فكان لكل إنسان لقب أو أكثر يكره أن ينادى به؛ فنهى الله تعالى عباده المؤمنين عن ذلك، ولهذا قال: (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ)، أي: بئس الصفة والاسم الفسوق: وهو التنابز بالألقاب كما كان أهل الجاهلية يفعلون، وختم الآية بقوله: (وَمَن لَّمْ يَتُبْ فأولئك هُمُ الظَّالِمُونَ)، وهذا فيه إشارة إلى أن السخرية واللمز والهمز والتنابز بالألقاب معاص يجب التوبة منها وأن من لم يتب منها فهو ظالم؛ لأنه ظلم الناس بالاعتداء عليهم.
ثم قال -عز وجل- في الآية التي بعدها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) [الحجرات:12]؛ فنهى الله تعالى عباده المؤمنين عن كثير من الظن وأخبر أن بعض الظن إثم، كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة وكظن السوء الذي يقترن به كثير من الأقوال والأفعال المحرمة؛ فإن بقاء ظن السوء في القلب لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك في الغالب بل لا يزال به حتى يقول ما لا ينبغي ويفعل ما لا ينبغي، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث" (متفق عليه).
إن من الناس من هو سيء الظن بالآخرين، ينظر إلى غيره باستعلاء؛ فهو في نظره هو الصالح وغيره أقل منه درجة وليسوا مثله، ومن آثار سوء الظن أنه يتعامل مع الناس بفضاضة وغلظة وسوء خلق وربما مر بجماعة من الناس ولم يسلم عليهم وربما وقع في أعراضهم، ولهذا كان بعض السلف الصالح يقول: "إذا رأيتُ الناس قلت: كل الناس خير مني".
إن المطلوب من المسلم أن يحسن الظن بإخوانه المسلمين ما استطاع إلي ذلك سبيلا، وأن يحمل أقوالهم وأفعالهم على أحسن المحامل ما وجد إلى ذلك سبيلا، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيرا وأنت تجد لها في الخير محملا".
إن أصعب ما يكون على النفس البشرية أن يُساء بها الظن وهي بريئة، ولذلك؛ فإن من يسيء الظن بغيره ليقدِر أنه قد سيء الظن به وهو بريء؛ فماذا سيكون موقفه ؟، ومن آثار سوء الظن: التجسس، ولهذا لما أمر الله تعالى عباده المؤمنين باجتناب كثير من الظن وأخبر أن بعض الظن إثم قال: (وَلَا تَجَسَّسُوا)، وإنما كان التجسس من آثار سوء الظن؛ لأن الظن يبعث عليه حين تدعو الظان نفسه إلى تحقيق ما ظنه سرا؛ فيسلك طريق التجسس لتحقيق ذلك الظن؛ فنهى الله تعالى عباده المؤمنين عن التجسس، والتجسس ضرب من الكيد والتطلع على العورات، ولهذا نهى الله تعالى عباده المؤمنين عنه، فقال (وَلَا تَجَسَّسُوا) أي: لا تفتشوا عن عورات المسلمين ولا تتبعوها واتركوا المسلمين على أحوالهم واستعملوا التغافل عن أحوالهم التي إذا فتشت ظهر ما لا ينبغي.
وقد ورد في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين؛ فإنك إن تتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت تفسدهم"، وفي سنن أبي داوود عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قيل له عن رجل إن فلانا تقطر لحيته خمرا؛ فقال: "إنا قد نهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به".
وهذه المقولة من ابن مسعود -رضي الله عنه- تبين لنا المنهج السديد في إنكار المنكر وهو الأخذ بالظاهر؛ فما ظهر لنا من المنكرات يجب علينا جميعا إنكاره، يجب على كل مسلم ومسلمة، "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فمن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، وأما مالم يظهر من المنكرات؛ فإنه لا يجوز التجسس على البيوت لأجل إنكار ما قد يكون منكرا داخل البيوت لأن المنكر الذي قد يضر المجتمع والمطلوب إنكاره هو المنكر الذي يظهر ويُعلن ولا ينكر، أما المنكر الخفي غير الظاهر فهذا لا يضر إلا صاحبه.
فاتقوا الله عباد الله وتأدبوا بما أمركم الله به واجتنبوا ما نهاكم ربكم عنه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) [الأنفال: 20].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المتقين، -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا-، أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة.
عباد الله: ثم إن الله تعالى في هذه الآية نهى عباده المؤمنين عن الغيبة؛ فقال: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) [الحجرات: 12]؛ والغيبة هي: "ذكرك أخاك بما يكره"، هكذا عرفها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس هناك تعريف أحسن من هذا التعريف؛ فهو تعريف جامع مانع "ذكرك أخاك بما يكره"، قيل يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول؛ فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته".
فذكر الإنسان غيره بما يكرهه وهو غائب، هذه هي الغيبة، سواء أكان ما قال فيه حقا أم كان باطلا؛ فإن كان ما قاله حقا وهو واقع فيه فهذه هي الغيبة، وإن كان كذب عليه ولم يكن ما قاله فيه حقا فقد جمع بين الغيبة والبهتان، وانظروا كيف أن الله تعالى لما نهى عباده المؤمنين عن الغيبة شبهها بصورة بشعة؛ فقال: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)؛ فهذا الإنسان الذي تغتابه، قدر نفسك أنك تأكل لحمه وهو ميت؛ لأن لما كان غائبا لا يستطيع الدفاع عن نفسه؛ فكان كالإنسان الميت الذي يؤكل لحمه وينهش عظمه وهو ميت، وهكذا أخوك المسلم إذا كان غائبا ووقعت في عرضه فكأنك أكلت لحمه وهو ميت؛ فهي صورة بشعة تنفر الإنسان من أن يقع في أعراض إخوانه المسلمين، وإذا نظرنا إلى الأسباب الدافعة إلى الغيبة نجد أن من أبرزها:
أولا: إرادة رفع نفسه بتنقيص غيره؛ فيغتاب غيره لأجل أن يرفع نفسه وأن يثبت أن نفسه أنها خير من هذا الذي اغتيب؛ فيقول: فلان جاهل، يريد بذلك أنه أعلم منه، أو فلان فهمه ركيك، يريد بذلك أن يبين للحاضرين أن فهمه جيد، ونحو ذلك من الأمور. وغرضه من هذا أنه يثبت فضل نفسه وأنه أرفع قدرا من ذاك الذي اغتيب.
ومن الأسباب أيضا: موافقة الأقران ومجاملة الأًصحاب عندما يتفكهون في أعراض الناس؛ فيقع إنسان في عرض إنسان غير حاضر للمجلس لأجل التفكه في عرضه، ولأجل مجاملة الحاضرين حتى يضحكوا، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له"؛ فإن كان قد كذب في ذلك فقد تُوُعٍد بالويل وبالوعيد الشديد، وإن كان صادقا ولم يكذب في ذلك؛ فقد وقع في عرض أخيه المسلم، والحاضرون في المجلس كلهم شركاء له في هذا الإثم مالم ينكروا ذلك المنكر.
ومن الأسباب أيضا: تشفي الغيظ في حق إنسان؛ فكل ما هاج غضبه تشفى منه ووقع في عرضه.
ومن الأسباب -أيضا-: الحسد عندما يسمع بأن شخصا أثني عليه في ذلك المجلس يقوم ويقع في عرضه ويقول: ولكن فلانا فيه كذا وفيه كذا وفيه كذا، والدافع لذلك هو الحسد.
ومن الأسباب أيضا: اللعب والهزل؛ فيغتاب غيره على سبيل العبث وعلى سبيل ملء فراغ المجلس ونحو ذلك.
وأما العلاج: فليستحضر هذا المغتاب أنه متعرض لسخط الله -عز وجل-، وأن حسناته تنتقل إلى هذا الشخص الذي قد اغتابه؛ فإن لم تكن له حسنات نُقل إليه من سيئات من اغتابه فطرحت عليه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ثم يأتي، وقد قذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا فيؤخذ لهذا من حسناته وذلك من حسناته فإن فنيت حسناته أُخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".
إن بعض الناس يجمع له كل يوم حسنات من صلوات ومن صدقات ومن أذكار؛ لكنه إذا أصبح قام ووزعها على الآخرين بوقوعه في أعراضهم وبسوء سلوكه، بسخريته وهمزه ولمزه، حتى يوزع هذه الحسنات التي جمعها؛ فيأتي يوم القيامة مفلسا وليس معه شيء، وربما يؤخذ من سيئاتهم فتطرح عليه؛ فيطرح في النار نسأل الله السلامة والعافية.
وهذا كله بسبب سوء سلوكه وبسبب عدم احترامه لهذه الآداب التي أدبنا ربنا -تبارك وتعالى- بها. وإذا أردت البرهان على ذلك فانظر إلى بعض مواقع التواصل الاجتماعي، عندما تدخل بعض هذه الوسائل تجد فيها العجب العجاب، تجد فيها سخرية وغيبة وهمزا ولمزا وقذفا، ويتعجب الإنسان هل هؤلاء مسلمون؟!. وهل هذه من أخلاق المؤمنين؟!. وما موقف هذا الإنسان إذا أُخذ لهؤلاء من حسناته وأتى يوم القيامة مفلسا ؟!.
فليتق الله المسلم وليستحضر هذا المعنى، وأن كل شخص تسخر به أو تهزأُ به أو تهمزه أو تلمزه أو تقع في عرضه، أنه يؤخذ من حسناتك، وتؤخذ هذه الحسنات وتنقل إلى رصيد حسناته هو، وهذا من أعظم ما يكون من الحسرات، عندما تأتي يوم القيامة بحسنات عظيمة ثم توزَع على الناس بسبب سوء السلوك وبسبب عدم التأدب بما أدبنا به ربنا -تبارك وتعالى-.
ثم ليستحضر المسلم أن كل إنسان فيه عيوب ولا أحد يخلو من العيوب، فليتفكر في عيوب نفسه وليسعى في إصلاحها وليستحي كيف يعيب غيره وهو مَعِيب، ثم لينظر إلى السبب الباعث إلى الغيبة فيسعى إلى قطعه؛ فإن علاج العلة يكون بقطع سببها؛ فينظر ما هو السبب الذي يدفعه للوقوع في أعراض الناس، هل السبب هو التفكه ومجاملة الأصحاب ؟ فليستحضر أن أصحابه لن يدفعوا عنه من عذاب الله شيئا، وأن حسناته التي يجمعها تنتقل إلى الآخرين، وهكذا لابد من أن يعرف السبب الذي يجعله يتفكه بأعراض الناس وأن يسعى لقطع هذا السبب وقطع الباعث والعلة التي تدفعه للوقع في عرض أخيه المسلم.
فاتقوا الله -أيها المسلمون- وتأدبوا بهذه الآداب التي أدبنا بها ربنا -تبارك وتعالى- ونادانا بوصف الإيمان؛ فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)؛ فعلينا أن نسمع وأن نطيع، وأن يسعى المسلم في أن يحفظ لسانه عن الكلام المحرم؛ فإن اللسان من أسباب دخول النار بل هو من أعظم أسباب دخول النار، ولو تأملت معظم المعاصي وجدت أن معظم أسبابها اللسان؛ فليحرص المسلم على أن يحفظ لسانه، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي