إن وفاء المسلم يا عباد الله، ليتجاوز أرضَه ووطنَه، إلى مقدسات وقضايا المسلمين في كل مكان؛ تحقيقًا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"..
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله الذي صدق وعده، وألهم الإنسان هديه ورشده، ومدح من عباده من حفظ أمانته وعهده، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أَوْفَى الخَلْق بالوعود والذمم، وأشكرهم للإحسان والنِّعَم، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
معاشر المؤمنين: فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله -عز وجل-، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].
أمة الإسلام: إن الله -تعالى- أخذ العهد على الخلق وهم في صلب أبيهم آدم -عليه السلام-، بأن يعبدوه وحده لا يشركون به شيئًا: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)[الْأَعْرَافِ: 172]، وأرسل سبحانه الرسل مبشرين ومنذرين، وجعل العلماء ورثةَ الأنبياء، وأخَذ عليهم العهد ببيان العلم وعدم كتمانه: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ)[آلِ عِمْرَانَ: 187].
وأمر –سبحانه- المؤمنين عامةً بالوفاء بالعهود فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)[الْمَائِدَةِ: 1]، فالوفاء -يا عباد الله- خُلُق كريم، وسلوك نبيل، وصفة من صفات المتقين، فيه أداء للأمانة، وصيانة للمودة، وحفظ للحقوق، ولا يكون التعاون قائمًا بين الناس إلا بالوفاء بالعهود؛ وهو مما يُسأل عنه العبدُ يومَ القيامة: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)[الْإِسْرَاءِ: 34].
فأهل الوفاء هم مَنِ التزموا بعهود ربهم، ووقفوا عند حدوده، وامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كلُّ ما أحل اللهُ وما حرَّم، وما فرَض في القرآن؛ فهو عهدٌ"؛ فإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والإحسان بالقول والعمل؛ كل ذلك عهد مع الله -تعالى- يجب الوفاء به: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)[الْبَقَرَةِ: 83].
وإن الوفاء يعظم لمن له حقٌّ على الإنسان، من أبناء وإخوان، وزوجة وخِلَّان، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أوفى الناس بقرابته وزوجاته وأصحابه؛ فهذه خديجة -رضي الله عنها وأرضاها- كانت خير مُعِين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- على تحمُّل أعباء الدعوة في أولها، فآزرته بنفسها ومالها، فكانت خيرَ زوجة لزوجها؛ ففي الصحيحين: "أتى جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَأَقْرِأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ".
قال السهيلي: "وهذا مناسِب لما كانت عليه خديجة -رضي الله عنها- من حُسْن الاستجابة والطاعة، فلم تُحْوِج زوجَها إلى رفع صوت ولا منازعة ولا تعَب؛ بل أزالت عنه كل نَصَب، وآنسته من كل وحشة، وهوَّنَت عليه كل عصيب، وكانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يُغضبه قط؛ فناسَب أن يكون منزلها الذي بُشرت به من ربها بالصفة المقابلة لفعلها؛ فهي لم تصخب عليه، ولم تتعبه يومًا من الدهر". انتهى كلامه رحمه الله.
فقابل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفاءها بوفاء أعظم منه؛ فعرَف حقَّها وقَدْرَها ومنزلتها، وظل -صلى الله عليه وسلم- بعد موتها، يُكْثِر من ذكرها وفضلها ومحاسنها، ويتفقد صديقاتها، وَمَنْ أحب شيئًا أحب محبوباته؛ ففي صحيح مسلم: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذبح الشاةَ يقول: "أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ"، وتقول الصِّدِّيقَةُ -رضي الله عنها- وعن أبيها-: ما غِرت على أحد من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- ما غرت على خديجة، وما رأيتها؛ ولكن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُكثر ذكرَها، وربما ذبح الشاة ثم يقطِّعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلتُ له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: "إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ"، (رواه البخاري).
وبلغ من وفائه -صلى الله عليه وسلم-، أنه لما دخلت عليه امرأة كانت تدخل عليه أيام خديجة، هشَّ لها وبش، وسُر لرؤيتها، ثم قال لأهله: "أَكْرِمُوهَا فَقَدْ كَانَتْ خَدِيجَةُ تُحِبُّهَا"، وفي مستدرك الحاكم بسند صحيح، عن عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- قالت: جاءت عجوز إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو عندي، فقال: لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟" قالت: بخير بأبي أنتَ وأمي يا رسولَ اللهِ، فلما خَرَجَتْ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، تُقْبِلُ على هذه العجوز هذا الإقبالَ؟ فقال: "إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ".
وسمع يوما صوت هالة أخت خديجة، فبرقت أساريره، وابتهجت نفسه، وقال: "اللَّهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ". قال النووي رحمه الله: "وفي هذا كله دليل لحسن العهد، ورعاية حرمة الصاحب والعشير في حياته ووفاته، وإكرام أهل ذلك الصاحب".
معاشر المؤمنين: لقد كان لنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة، فيما رأينا من عظيم وفائه وحفظه للعهود، وردِّه للجميل، وإن ذلك ليتأكد في حق الوالدين؛ حيث أوصى الله بحقهما بعد حقه فقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)[النِّسَاءِ: 36]، فَصِلَةُ الوالدينِ قُرْبَةٌ، وحديثهما طاعة، ودعاؤهما بركة؛ فهما أحق الناس ببرك ووفائك، وأولى الناس بحُسْن صحبتك وإحسانك، وخاصةً عند الكِبَر والضَّعْف ومظنة الحاجة، فقد كنتَ في صغرك زينةَ حياتهم، وريحانة قلوبهم، وغرس آمالهم، يَسعدان لفرحك، ويبكيان لمصابك، ولا يسأمان من الدعاء لكَ؛ فَبِرُّهما أعظم أجرًا من الهجرة والجهاد في سبيل الله.
ففي صحيح مسلم: أن رجلاً أقبل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله، قال: "فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟"، قال: نعم، بل كلاهما، قال: "فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ؟"، قال: نعم، قال: "فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا".
وكان سلفنا الصالح -رضي الله عنهم وأرضاهم- يرون بِرَّ الوالدين أعظم من نوافل العبادات، قال محمد بن المنكدر: "بِتُّ أغمزُ رِجْل أمي، وبات أخي يصلِّي، وما يسرني أن ليلتي بليلته". وفي الأدب المفرد بسند صحيح، أن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال لرجل: "أَتَفْرَقُ النارَ وتُحِبُّ أن تدخل الجنةَ؟ قال: إي والله، قال: أحيٌّ والدُكَ؟ قال: عندي أمي، فقال ابن عمر: فواللهِ لو ألنتَ لها الكلامَ، وأطعمتَها الطعامَ، لتدخلنَّ الجنةَ ما اجتنبتَ الكبائرَ".
والوفاء مع الوالدين لا ينقطع بموتهما؛ فالابن الوفي البارّ يُشرك والديه معه في صدقاته وبِرِّه وإحسانه، ولا ينساهما من دعائه واستغفاره؛ (ففي صحيح البخاري)، أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- تَصَدّق ببستان عن أمه وفاءً لحقها، فقال: يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، أينفعها شيءٌ إن تصدقتُ به عنها؟ قال: "نعم"، قال: فإني أُشهدك أن حائطي المخراف، صدقة عليها، (وفي سنن أبي داوود بسند حسن)، أنه حفَر بئرًا وقال: هذه لأم سعد، وقال عامر بن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهم وأرضاهم-: مات أبي؛ فما سألتُ اللهَ -عز وجل- حولًا كاملًا إلا العفوَ عنه.
فعلى نهج الكتاب والسنة تربَّى الصالحون الأطهار، من الصحابة والتابعين الأبرار، فهذه سِيَرُهُمْ في وفائهم مع آبائهم وأمهاتهم، قد فاح عبيرها وعلا ذِكْرُهَا، ولا يزال الوفاء في الأمة باقيا إلى يوم القيامة.
أمة الإسلام: إن أعظم الناس وفاء هم الأنبياء ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- بلَغ المنتهى في الوفاء وحفظ العهد، فمن كريم وفائه -صلى الله عليه وسلم- بأمته، أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، وادَّخَر دعوته المستجابة شفاعة لأمته يوم القيامة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، وَإِنِّي وَضَعْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهِيَ نَائِلَةٌ مِنْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا".
وفي صحيح البخاري من حديث الشفاعة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- فَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ لأَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهُ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ".
أمة الإسلام: إذا كان هذا حبه ووفاءه لأمته صلوات ربي وسلامه عليه فحريٌّ بنا أن نأتمر بأوامره ونجتنب نواهيه، ونعمل بسُنَّته ونذُبّ عن دينه، قال القاضي عياض في محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اعلم أن مَنْ أَحَبَّ شيئا آثرَه وآثَر موافقتَه وإلا لم يكن صادقًا في حبه، وكان مدعيا، فالصادق في حب النبي -صلى الله عليه وسلم- مَنْ تظهر علامة ذلك عليه، وأولها الاقتداء به، واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه في عُسْره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وشاهدُ هذا قولُه -تعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[آلِ عِمْرَانَ: 31].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بسُنَّة سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله -تعالى- لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله العظيم وصلوات ربي وسلامه على النبي الكريم، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: معاشر المؤمنين: إن وفاء الإنسان لوطنه ومجتمعه مما فُطرت عليه النفوس السليمة، وتعاهَد عليه أصحاب الأخلاق الكريمة، والأوفياء لمجتمعاتهم يرعون عهدَها، ويحفظون أمنَها، ويصونون ممتلكاتها، ويسعون لعمارتها، ويحرصون على جمع الكلمة، وطاعة ولاة الأمور، والوفاء ببيعتهم، والتعاون معهم؛ وبذلك يعم النفع، وتتحقق المصالح.
وإن وفاء المسلم -يا عباد الله- ليتجاوز أرضَه ووطنَه، إلى مقدسات وقضايا المسلمين في كل مكان؛ تحقيقًا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى بَعْضُهُ تَدَاعَى كُلُّهُ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" (رواه مسلم).
وإن بلاد الحرمين الشريفين؛ المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال –بحمد الله- وَفِيَّة لقضايا المسلمين الكبرى، وتقود زمامَ المبادَرَات للتضامن مع المسلمين وحماية مقدساتهم ورعاية أحوالهم، وقد تعاقَبَ ملوكُ هذه البلاد خاصةً على نصرة قضية فلسطين، والدفاع عن المسجد الأقصى؛ أُولَى القبلتين وثالث المسجدين الشريفين، ومسرى نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وكانت المملكة العربية السعودية -ولا تزال- تؤكِّد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الكريم.
ونسأل الله -تعالى- أن يوفِّق خادم الحرمين الشريفين وقادة بلاد المسلمين لِمَا فيه خير للإسلام والمسلمين، ثم اعلموا -معاشر المؤمنين- أن من الوفاء لرسولنا -صلى الله عليه وسلم- الذي هدانا الله به من الضلالة، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور؛ أن نُكْثِرَ من الصلاة والسلام عليه؛ استجابةً لأمر ربنا -تبارك وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا، رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم أصلح أحوال إخواننا المسلمين في كل مكان، برحمتك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدَّيْنَ عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم انصر جنودَنا المرابطينَ على حدود بلادنا، اللهم أيِّدْهُم بتأييدك واحفظهم بحفظك، اللهم كن لهم معينا ونصيرا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم انصر إخواننا في اليمن، اللهم انصر إخواننا في اليمن، اللهم عليك بعدوك وعدوهم، يا قوي يا عزيز، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم احفظ نساءهم وأموالهم وأعراضهم، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أصلح حال إخواننا في فلسطين، اللهم أصلح حال إخواننا في فلسطين، اللهم اجْبُرْ كسرَهم، وقوِّ ضعفَهم واجعل العاقبة لهم، اللهم احفظ مسرى نبيك -صلى الله عليه وسلم-، اللهم اجعل المسجد الأقصى شامخا عزيزا إلى يوم القيامة برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم احفظه من كيد الكائدين وظلم الظالمين يا ذا
الجلال والإكرام، يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق خادم الحرمين لما تحب وترضى، وَاجْزِهِ عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، اللهم وَفِّقْهُ ووليَّ عهده لما فيه خير للبلاد والعباد. اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين لما تحبه وترضاه.
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا مبتلى إلا عافيته ولا ضالا إلا هديته، ولا ميتا من أمواتنا إلا رحمته برحمتك يا أرحم الراحمين.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصَّافَّاتِ: 180-182].
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي