إذا قال المحتفل بعيد ميلاده: إنَّ الاحتفال بعيد الميلاد ليس فيه تشبه بالكفار فقل: بلى إنَّ فيه تشبها بالنصارى؛ لأنهم هم أول من احتفل بعيد الميلاد ولم يكن ذلك من شريعتهم، بل هو مما أحدثوه وابتدعوه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح-: "فَالْمَسِيحُ لَمْ يَشْرَعْ لَهُمُ الصَّلَاةَ إِلَى...
الحمد لله الذي جعلنا خير أمة أخرجت للناس وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.
أما بعد: فاتقوا الله -أيها المؤمنون-، واحذروا من الأعياد المبتدَعة التي كثرت في هذا الزمن من عيد الميلاد وعيد الزواج وعيد الأم وعيد الحب وغيرها.
أيها المسلمون: إنَّ لأهل الكتاب من اليهود والنصارى أعيادهم الخاصة بهم فأعياد النصارى كثيرة جدا تربو على مئة وأربعين عيدا، ومنها عيد الميلاد وهو المعروف بالكريسماس، وقد نهانا الإسلام عن التشبه بالكفار قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ"؛ (أخرجه الإمام أحمد وأبو داود).
عباد الله: في آفة خطيرة غزتنا من خارج بلادنا؛ فنحن في هذه البلاد السعودية المباركة -ولله الحمد والمنة- لا ترى إقامة احتفال بعيد الميلاد أو بعيد الزواج إلا أنَّ هذه الآفة الخطيرة دخلت إلى البعض -وهم قلة ولله الحمد-، فأصبح بعضهم يهدي إلى الآخر في يوم ميلاده هدية ويبارك له بلوغه إياه ظنَّاً منه جواز ذلك وما هو بجائز، بل هو محرَّم؛ لأنَّه بدعة محدثة في الدين، ولأنَّ فيه تشبهاً بالنصارى.
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:"لم يشرع لنا سبحانه وتعالى عيدا للميلاد؛ لا ميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا غيره، بل قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين، ومن التشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم؛ فالواجب على أهل الإسلام ترك ذلك والحذر منه، وإنكاره على من فعله وعدم نشر أو بث ما يشجع على ذلك أو يوهم إباحته في الإذاعة أو الصحافة أو التلفاز؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"؛ (متفق عليه)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"؛ (أخرجه مسلم في صحيحه وعلقه البخاري جازما به)" انتهى ما قاله رحمه الله.
وفي سؤال وجِّه للجنة الدائمة للإفتاء عن حكم إقامة أعياد الميلاد فأجابت بأنَّ: "أعياد الموالد نوع من العبادات المحدثة في دين الله؛ فلا يجوز عملها لأي أحد من الناس مهما كان مقامه أو دوره في الحياة؛ فأكرم الخلق وأفضل الرسل -عليهم الصلاة والسلام- محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- لم يحفظ عنه أنه أقام لمولده عيدا ولا أرشد إليه أمته، وأفضل هذه الأمة بعد نبيها خلفاؤها وأصحابه ولم يحفظ عنهم أنهم أقاموا عيدا لمولده أو لمولد أحد منهم رضوان الله عليهم، والخير في اتباع هديهم وما استقوه من مدرسة نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، يضاف إلى ذلك ما في هذه البدعة من التشبه باليهود والنصارى وغيرهم من الكفرة فيما أحدثوه من الأعياد، والله المستعان".
أيها المسلمون: إذا قال المحتفل بعيد ميلاده: إنَّ احتفاله به من قبيل العادة وليس من العبادة في شيء. فقل له: إنَّ العيد عبادة وليس للمسلمين إلا عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى وهما بعد ركنين من أركان الإسلام؛ فعيد الفطر بعد صيام شهر رمضان الذي هو الركن الرابع من أركان الإسلام، وعيد الأضحى بعد وقوف المسلمين بمشعر عرفة الذي هو ركن من أركان الحج والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام؛ فمن لم يقف بعرفة في اليوم التاسع من ذي الحجة فلا حج له، وقد شرع الإسلام لهذين العيدين صلاة العيد وخطبتيها، والدليل على أنَّ الأعياد تعبُّدية حديث أَنَسٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ "؛ (أخرجه أبو دواد والإمام أحمد والنسائي والحاكم وصححه الألباني).
أيها المسلمون: إذا قال المحتفل بعيد ميلاده: إنَّ الاحتفال بعيد الميلاد ليس فيه تشبه بالكفار فقل: بلى إنَّ فيه تشبها بالنصارى؛ لأنهم هم أول من احتفل بعيد الميلاد ولم يكن ذلك من شريعتهم، بل هو مما أحدثوه وابتدعوه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح-: "فَالْمَسِيحُ لَمْ يَشْرَعْ لَهُمُ الصَّلَاةَ إِلَى الْمَشْرِقِ، وَلَا الصِّيَامَ الْخَمْسِينَ وَلَا جَعَلَهُ فِي زَمَنِ الرَّبِيعِ، وَلَا عِيدَ الْمِيلَادِ وَالْغِطَاسِ، وَعِيدَ الصَّلِيبِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أعيادهم".
أيها المسلمون: تبين لكم أنَّ الأعياد ليست عادات وإنما هي عبادة لها أحكام بينتها الشريعة المطهرة الكاملة، وتبين لكم أنَّ إقامة عيد الميلاد من التشبه بالكفار؛ فمن علم علماً فليبلغه إلى غيره؛ ليكون نفعه متعديا إلى غيره.
عباد الله: إنَّ على المحتفل بعيد ميلاده أن يتقي الله تعالى ويتوب إليه ويعود إلى الحق بعدما تبين له؛ فالعودة إلى الحق فضيلة، والتمادي في الباطل ذنب وخطيئة.
أيها المسلمون: إنَّ على كل مسلم يرى من يحتفل بعيد ميلاده أو يحتفل بغيره من الأعياد المبتدعة أن يناصحه وينكر عليه، قال الله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة:71] وقال -عز وجل-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران:104].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي