قُرَنَاءُ الْسُوءِ واتِّبَاعُهُمْ، سَبَبُ الْخُسْرَانِ وَالهَلاكِ؛ لأنَّهُمُ زَيَّنُوا لَهُمْ كُلَّ بَاطِلٍ، فَسَوفَ يَكُونُوا منْ الخَاسِرِينَ؛ فَمَا بَالُ بَعْضِ الْنَّاسِ يَنْسَاقُونَ خَلْفَ الْكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ والعَابِثِينَ مَعَ يَقِينِهِمْ بِخُسْرَانِهِمْ.. ومِنْ أعْظَمِ الْخُسْرَانِ أَنْ يَتَعَامَلَ الْإِنْسَانُ مَعَ دِينِ الله تَعَالَىْ تَعَامُلًا مَصْلَحِيًّا؛ فَيُسَخِّرُ دِينَهُ لِخِدْمَةِ دُنْيَاهُ؛ فَيَا وَيَلَ...
الحمدُ لله خَلَق كُلَّ شيءٍ فَأَحكمَهُ خَلقًا، قَسَّمَ العِبادَ فَأَسْعَدَ بِرَحْمَتِهِ فَرِيقَاً، وَبِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ فَرِيقَاً أَشْقَى، وَهُوَ أَهْلُ المَغْفِرَةِ وَالتَّقْوَى، نَشْهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعَبُّدًا لَهُ وَرِقًّا، وَنَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ أَكْمَلُ الخَلْقِ خُلُقًا وَخَلْقًا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ وَمَنْ تَبِعهُم بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ وَمَنْ كَانَ لِرَبِّهِ أَتْقَى.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ الله- وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ، لقَدْ أَمَرَنَا اللهُ بِعِبَادَتِهِ، وَالْعَمَلِ بِشَرِيعَتِهِ، (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة:8].
أَيُّهَا الْنَّاسُ: إِذَا خَسِرَ الْإِنْسَانُ شَيْئًا ذَا قِيمَةٍ كَانَتْ خَسَارَتُهُ عَظِيمَةً، وَخَسَارَةُ ِشَيْءٍ قَلِيلٍ مِنْ المَالِه لَيْسَتْ كَخَسَارَتِهِ لِكُلِّ مَالِهِ، وَخَسَارَةُ الِمَالِ لَيْسَتْ كَخَسَارَةِ الِأَهْلِ وَالوَلدِ؛ وَعُمُومَاً فَالْخَسَارَةُ مُرٌّ مَذَاقُهَا، شَدِيدٌ وَطْؤُهَا، وَهِيَ مَجْلَبَةٌ لِلهَمِّ.
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ ذَاقَ أَكَثَرُنَا مُرَّ الْخَسَارَةِ، فِي مَالٍ خَسِرْناهُ أَوْ حَبِيبٍ فَقَدْنَاهُ، وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ قَدْ عَالَجَ وَأوضَحَ لَنَا مَعْنى الْخُسْرَانِ الحَقِيقيِّ، وَفَصَّلَ لَنَا أَنْوَاعَها، وَبَيَّنَ لَنَا أَسْبَابَهَا.
فَيَا مُؤمِنُونَ: اعْلَمُوا عِلْمَ اليَقِينِ أنَّ أَعْظَمَ خَسَارَةٍ هِيَ خَسَارَةُ الْدِّينِ؛ فَمَنْ رَبِحَ الْدِينَ سَعِدَ، وَمَنْ خَسِرَهُ شَقِيَ، (الَّذِينَ خَسِرُوَا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) [المؤمنون:103]، فَجَعَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ خَسَارَةَ الْنَّفْسِ فِي فَقْدِ الْإِيمَانِ.
وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى ضُمَّ إِلَى خَسَارِتِهِم لِأَنْفُسِهِمْ خَسَارَتُهُم لِأَهْلِيهِمْ، يَقُولُ تَعَالى: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوَا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ المُبِينُ) [الزمر:15]، فَلَمَّا قَصَّرَ الأَولِيَاءُ فِي إِيصَالِ أَعْظَمِ نَفْعٍ لِأَهْلِيهِمْ وَأَوْلادِهِمْ فِي الْدُّنْيَا وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الْصَّالِحُ كَانَتْ رُؤْيَتُهُمْ لَهُمْ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي الْنَّارِ هُوَ أَعْظَمُ الْخُسْرَانِ وَأَشَدُّهُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا سَبَبًا فِي أَلَمِهِمْ وَعَذَابِهِمْ وَإهْمَالِهِمْ!
عِبَادَ اللهِ: وَأَسْبَابُ الْخُسْرَانِ فِي الْآخِرَةِ كَثِيرَةٌ؛ فَطَاعَةُ الْشَّيْطَانِ هِيَ أَصْلُ الْخُسْرَانِ وَأَسَاسُ الْإِفْلَاسِ، قَالَ اللهُ تَعَالى: (وَمَنْ يَتَّخِذِ الْشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ الله فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) [النساء:119]؛ لأنَّهُ يَأمُرُنَا بالفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ. وَلِهَذَا كُلَّمَا دَعَتْكَ نَفْسُكَ لَلْمَعصِيَةِ فَخُذْ بِتَوجِيهِ اللهِ بَقَولِهِ: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الأعراف: 200].
وَلَقَدْ كَانَ مِن جُمْلَةِ أدْعِيَةِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ نَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِهِ". وَقَدْ أوصَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عِنْدَ اشْتِدَادِ الغَضَبِ أنْ يَقُولَ المُسْلِمُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
يا مُؤمِنُونَ: والشَّيطَانُ لَا يَكْتَفِي مِنْ أتبَاعِهِ أنْ يَضِلُّوا بِأنْفُسِهِمْ فَقَطْ، بَلْ لا يَزَالُ بِهِمْ حَتَّى يَجْعَلَهُمْ مِنْ دُعَاةِ الْبَاطِلِ المُحَارِبِينَ لِلْحَقِّ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِالله أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [العنكبوت:52].
وَمِنَ الْبَاطِلِ أَنَّهم يُزَيِّنُونَ لِلنَّاسِ عَبْرَ صُحُفِهِمْ وَكِتَابَاتِهِمْ أَنَّ الْأَدْيَانَ وَاحِدَةٌ، وَأَنَّ التَّهْنِئَةَ بِمُنَاسَباتِ اليَهَودِ والنَّصَارى وَأعْيَادِهِمْ لا تَدْخُلُ ضِمْنَ الاعْتِقَادَاتِ وَالعِبَادَاتِ، وَأنَّهَا أعرافٌ سَائِدَةٌ بَينَ الشُّعُوبِ، وَكُلَّهَا طُرُقٌ تُؤَدِّي إِلَى مَرْضَاةِ الله تَعَالَى، وَهَذِهِ مَعَ الأسَفِ مَوْجَةٌ، رَكِبَهَا دُعَاةُ وَحْدَةِ الْأَدْيَانِ، وَمُذِيبُوا الْوَلَاءِ وَالْبَرَاءِ! باسْمِ التَّعَايُشِ السِّلْمِيِّ وَنَحْوِهَا، رَغْمَ أَنَّ كُلَّ دِينٍ غَيْرَ الْإِسْلَامِ فَهُوَ طَرِيقُ الْخُسْرَانِ، قَالَ اللهُ تَعَالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران:85].
وَكَمْ مِنْ مُجْتَهِدٍ فِي بَاطِلٍ لَا يَنْفَعُهُ اجْتِهَادُهُ، وَلا يُعْذَرُ بِهِ الآنَ؛ لانْتِشَارِ العِلْمِ وَأهْلِهِ وَوَسَائِلِهِ، وَكَمْ مِنْ مُنْقَطِعٍ فِي مَعْبَدٍ أَوْ كَنِيسَةٍ يَتَعَبَّدُ فِيهَا لَا تُغْنِي عَنْهُ عِبَادَتُهُ شَيْئًا! لأنَّ اللهَ يَقُولُ: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) [الكهف:104].
وَالْشَّيْطَانُ -يَا مُؤمِنُونَ- يُزَيِّنُ لَنا تَرَكَ الطَّاعَاتِ، وَإِتْيَانَ المُحَرَّمَاتِ، حَتَّى نَخْسَرَ! (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ) [المؤمنون:103]، وَيُزَيِّنُ لَنَا كَذَلِكَ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا، وَإِهْمَالَ الْآخِرَةِ وَأَعْمَالِهَا؛ حَتَّى نَخْسَرَ..
حَقَّاً مَنِ اتَّبَعَ الْشَّيْطَانَ فَقَدْ حَقَّ عَلَيْهِ الْخُسْرَانُ، (أُولَئِكَ حِزْبُ الْشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الْشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [المجادلة:19].
الَّلهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الشَّيطَانِ وَشَرَكِهِ، وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ.
أقُولُ مَا سَمِعْتُمْ واسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِلمُسلِمِينَ فاستغْفِرُوهُ؛ إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْحَمْدُ لله حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، (وَاتَّقُوا الْنَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالْرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [آل عمران:132].
عِبَادَ اللهِ: قُرَنَاءُ الْسُوءِ واتِّبَاعُهُمْ، سَبَبُ الْخُسْرَانِ وَالهَلاكِ؛ لأنَّهُمُ زَيَّنُوا لَهُمْ كُلَّ بَاطِلٍ، فَسَوفَ يَكُونُوا منْ الخَاسِرِينَ؛ فَمَا بَالُ بَعْضِ الْنَّاسِ يَنْسَاقُونَ خَلْفَ الْكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ والعَابِثِينَ مَعَ يَقِينِهِمْ بِخُسْرَانِهِمْ، وَقَدْ حَذَّرَنَا اللهُ مِنْ ذَلِكَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) [آل عمران:149].
أيُّهاَ الأخُ المُسْلِمُ: احْذَرْ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِالمَالِ وَالْوَلَدِ عَنِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ الله وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [المنافقون:9].
ألا تَعْلَمُ أنَّ تَضْيِيعَ الصلاة خَيبَةٌ وَخَسَارَةٌ؟ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ"؛ (رَوَاهُ الْنَّسَائِيُّ وَالْتِّرْمِذِيُّ).
ألا فَلتَعْلَمُوا -يَا رَعَاكُمُ اللهُ- أنَّ مِنْ أعْظَمِ الْخُسْرَانِ أَنْ يَتَعَامَلَ الْإِنْسَانُ مَعَ دِينِ الله تَعَالَىْ تَعَامُلًا مَصْلَحِيًّا؛ فَيُسَخِّرُ دِينَهُ لِخِدْمَةِ دُنْيَاهُ؛ فَيَا وَيَلَ عَالِمٍ وَمَسؤُولٍ وَمَسْمُوعٍ يُزَيِّنُ لِبَاطِلٍ أو يَرْضَى بِظُلْمٍ أوْ يَسْكُتُ عنْ حَقٍّ وَنُصْحٍ، قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَوَّلُ النَّاسِ قَضَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ: وَمِنْهُمْ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنْ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحَبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ".
وَبَعْضُ النَّاسِ يَتَمَسَّكُ بِدِينِهِ فِي الْنَّعْمَاءِ! فَمُعَامَلَةُ الله تَعَالَى بِهَذِهِ الْطَّرِيقَةِ خُسْرَانٌ مُبِينٌ، (وَمِنَ الْنَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الْدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ المُبِينُ) [الحج:11].
عِبَادَ اللهِ: حِينَ يَأْمَنُ الْنَّاسُ مَكْرَ الله تَعَالَىْ، وَلَا يَتَّقُونَ غَضَبَهُ، وَلَا يَخَافُونَ عَذَابَهُ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ فَإنَّهُمْ سَيَخْسَرُونَ دِينَهُمْ وَأَمْنَهُمْ وَرِزْقَهُمْ، (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 99]. إِنَّهَا مَوْعِظَةٌ رَبَّانِيَّةٌ لَنَا لِنَحْذَرَ طُرُقَ الْخَاسِرِينَ، وَنُجَانِبَ أَفْعَالَ الْهَالِكِينَ؛ وَنَتَّبِعَ النَاصِحِينَ المُخْلِصِينَ.
نَعُوذُ بِالله مِنَ الْخُذْلَانِ وَالْخُسْرَانِ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ الْإِخْلَاصَ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَالثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ إِلَى المَمَاتِ؛ إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف:٢٣]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201].
اللهمَّ اِهدِنَا لِمَا اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِكَ إِنَّكَ تَهدِي مَن تَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ.
الَّلهُمَّ أَبْرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمْرَ رُشدٍ يُعزُّ فِيهِ أَهْلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ المعصيةِ ويؤمرُ فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر يا ربَّ العالمين.
اللهم أرنا الحقَّ حقاً وارزقنا إتباعه والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى، واجعلهم هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا ربَّ العالمين.
اللهم اغث قُلُوبَنَا بالعلمِ والإيمانِ وبلادنا بالخير والأمطار يا ربَّ العالمين.
عباد الله: اذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت:45].
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي