الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم قبل قراءة الفاتحة في الركعة الأولى، والتسمية قبل الفاتحة في كل ركعة وعند افتتاح كل سورة، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "الاستعاذة سنة في الركعة الأولى، أما التسمية فسنة في كل الركعات، يسمي إذا افتتح سورة، أما إذا كان يقرأ بعض آيات...
الحمد لله العزيزِ الوهاب، خالق خلقه من تراب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، بعثه الله بشيراً ونذيراً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً.
أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، والمحافظة الصلوات الخمس، ومدارسة شروط الصلاة وأركانها وواجباتها وسننها، قال تعالى: (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنعام:72]؛ فاحرصوا على الصلاة، وعلى إقامتها كما أمركم الله، والطمأنينة والخشوع فيها، والمحافظة على إقامتها جماعة في المساجد.
معاشر المسلمين: إنَّ السنن في الصلاة من مكمِّلاتها؛ فكلما حرص المصلي على تطبيق سننها كلما كانت أكمل، وكلٌ منَّا يتمنى كمال صلاته ويسأل اللهَ قبولَها.
ومن السنن في الصلاة -يا عباد الله-:
الأول: رفع اليدين إلى المنكبين عند تكبيرة الإحرام وعند التكبير للركوع والرفعِ منه، وعند القيام من التشهد الأول، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ؛ (متفق عليه).
الثاني: قراءة دعاء الاستفتاح، وقد ورد بعدة صيغ، يأتي المصلي بصيغة واحدة منها، وينوِّع في أدعية الاستفتاح التي أصحُّها ما رواه الشيخان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ القِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً -قَالَ: أَحْسِبُهُ قَالَ: هُنَيَّةً- فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ: "اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ".
وقال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: "أفضل أدعية الاستفتاح ما كان ثناء محضاً مثل: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ"؛ أخرجه أبو داود والترمذي وصححه الألباني)".
الثالث من السنن في الصلاة: وضع اليد اليمنى على اليسرى حين القيام، عَنْ طاووس، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى؛ (أخرجه أبو داود وصححه الألباني).
الرابع: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم قبل قراءة الفاتحة في الركعة الأولى، والتسمية قبل الفاتحة في كل ركعة وعند افتتاح كل سورة، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "الاستعاذة سنة في الركعة الأولى، أما التسمية فسنة في كل الركعات، يسمي إذا افتتح سورة، أما إذا كان يقرأ بعض آيات فلا حاجة إلى التسمية، تكفي التسمية الأولى عند قراءته الفاتحة".
الخامس: قراءة ما زاد عن الفاتحة من القرآن حال قيامه.
السادس: أن يقول المصلي: آمين بعد قراءة الفاتحة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ، فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "آمِينَ"؛ (متفق عليه).
السابع: الجهر بالقراءة في الصلوات الجهرية؛ لحديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَرَأَ فِي المغْرِبِ بِالطُّورِ؛ (متفق عليه).
الثامن: الإسرار بالقراءة في صلاتي الظهر والعصر.
التاسع: القبض على الركبتين مع تفريج الأصابع في الركوع؛ لحديث: ثم ركعَ فوضعَ يَدَيهِ على رُكبَتَيهِ كأنَه قابِضٌ عليهما؛ (أخرجه أبو داود والترمذي وصححه الألباني).
العاشر: أن يمد المصلي ظهره مستوياً مع رأسه في الركوع؛ لما ورد في حديث أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه-: وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ؛ (أخرجه البخاري). والهصر بأن يكون مستقيما من غير تقويس حال الركوع.
الحادي عشر: ما زاد عن واحدة في تسبيح الركوع وفي تسبيح السجود.
الثاني عشر من السنن في الصلاة: أن ينظر المصلي إلى موضع سجوده، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ" فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ: "لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ؛ (أخرجه الشيخان).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "السنة النظر إلى محل السجود، هذا هو السنة ما دام قائما يصلي...ولا ينظر لا يمينا ولا شمالا، ولا إلى الأمام ولا فوق".
الثالث عشر من السنن في الصلاة: ما زاد عن واحدة في الدعاء بالمغفرة بين السجدتين.
الرابع عشر: أن يرفع المصلي ذراعيه عن الأرض حين السجود.
الخامس عشر: الجلوس على رجله اليسرى ونصب اليمنى بين السجدتين وفي التشهد الأول.
السادس عشر: التورك في التشهد الأخير، وللتورك ثلاث صور:
الأولى: أن يفرش رجله اليمنى ويُدخلَ رجله اليسرى بين فخذ وساق الرجل اليمنى.
الثانية: أن يُخرج المصلي رجله اليسرى من الجانب الأيمن مفروشة، ويجلس على مقعدته، ورجله اليمنى منصوبة.
الثالثة: أن يفرش القدمين ويخرجهما من الجانب الأيمن.
السابع عشر من السنن في الصلاة -يا معاشر المسلمين-: وضع اليدين على الفخذين مبسوطتين مضمومتي الأصابع بين السجدتين وفي التشهد، وفي التشهد يقبض الخنصر والبنصر من يده اليمنى، ويحلِّق الإبهامَ مع الوسطى، ويشير بالسبابة عند ذكر الله، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُمْنَى الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، فَدَعَا بِهَا وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ بَاسِطَهَا عَلَيْهَا؛ (أخرجه مسلم).
الثامن عشر من السنن في الصلاة: الدعاء بالأدعية الثابتة بعد التشهد الأخير وقبل السلام، ومن تلك الأدعية: أن يستعيذ بالله من أربع، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ"؛ (أخرجه مسلم).
معاشر المسلمين: هذه بعض السنن في الصلاة، وهي مبسوطة في كتب أهل العلم، اعملوا بها وعلموها أبناءكم، والله أسأل أن يفقهنا في دينه، وأن يرزقنا العمل بسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي