لا يكون المؤمن مؤمنا حقا حتى يرضي للناس ما يرضاه لنفسه. فإن رأى في غيره فضيلة دينية، فاق بها عليه، فليتنمى لنفسه تلك الصفة الدينية، فإذ كانت دنيوية، فلا خير في تمنيها.. ومع هذا كله ينبغي للمؤمن أن يحزن لفوات الفضائل الدينية، ولهذا أمر أن ينظر في الدين إلى من هو دونه، فإذا رأى في غيره فضيلة دينية فاقه بها؛ اجتهد على لحاقه، وحزن على تقصير نفسه، وتخلفه عن لحاق السابقين، لا حسدا لهم على ما آتاهم الله، بل...
الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وهو الوالي الحميد، أحمده تعالى وأستغفره.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك، نبينا محمد وآله وصحبه.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-، واعلموا أنه ينبغي لكل مسلم أن يلتزم الآداب النبوية، وأن يتخلق بأخلاق أهل الفضل والدين، وأن يبادر إلى مراد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعليه أن يؤدي النصيحة لإخوانه في كل ما يلزم لهم في واجبات الدين، وليكن قدوة صالحة في الخير.
عباد الله: إن من جملة خصال الإيمان: أن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، ومع عدم ذلك يتحقق نقصان إيمان العبد لله، قال الرسول -صلى الله عليه سلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
وقال عليه الصلاة والسلام: "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر".
وهذا يدل على أن المؤمن يحزنه ما يسوء أخاه المؤمن، ويسره ما يسره.
وهذا كله يدل على كمال سلامة الصدر من الغش والحسد، فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في خير، أو يساويه فيه؛ لأنه يحب أن يمتاز على الناس بفضائله، وينفرد بها عنهم، والإيمان يقتضي خلاف ذلك، وهو أن يشركه المؤمنون كلهم فيما أعطاه الله من الخير، من غير أن ينقص عليه منه شيء.
وقد مدح الله -تعالى- في كتابه ما لا يريد العلو في الأرض ولا الفساد، فقال: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا)[القصص:83].
ولا يكون المؤمن مؤمنا حقا حتى يرضي للناس ما يرضاه لنفسه.
فإن رأى في غيره فضيلة دينية، فاق بها عليه، فليتنمى لنفسه تلك الصفة الدينية، فإذ كانت دنيوية، فلا خير في تمنيها.
ومع هذا كله ينبغي للمؤمن أن يحزن لفوات الفضائل الدينية، ولهذا أمر أن ينظر في الدين إلى من هو دونه، فإذا رأى في غيره فضيلة دينية فاقه بها اجتهد على لحاقه، وحزن على تقصير نفسه، وتخلفه عن لحاق السابقين، لا حسدا لهم على ما آتاهم الله، بل منافسة لهم وغبطة، وحزنا على النفس بتقصيرها.
وإذا رأى أحدا دونه في الدنيا؛ شكر الله على توفيقه، وسأله المزيد لأخيه من الخير، وهذا من تمام النصيحة بين المسلمين.
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ) [محمد:17].
أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي