لقد أعطاها الإسلام حقوقاً لم يعطها إياها أيُّ تشريع وضعي, حتى إنه لو اطَّلعت المرأة الغربية إلى حقوق المرأة على زوجها وأولادها وأبيها وإخوتها لعشقت هذا الدين. ولو أعطينا المرأة المسلمة حقَّها كما أمر الله -عز وجل- لبُهِرَت المرأة ولخرَّت ساجدة لله -عز وجل- على...
الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيا عباد الله: لقد ذكرت لكم في الأسبوع الماضي بأنه من الواجب الشرعي على الآباء أن يعلِّموا أبناءهم الواجبات التي عليهم تجاه أزواجهم قبل الزواج.
ويجب على الآباء أن يكونوا عوناً لأبنائهم على تطبيق والتزام هذه الواجبات؛ لأن مصدر هذه الواجبات من عند الله -عز وجل-, وليست من وضع البشر, لأنها لو كانت من وضع البشر واحتال الإنسان عليها وتفلَّت منها فربما أن ينجو من مشرِّعها.
أما هذه الواجبات فهي واجبات شرعية من التزمها تقرَّب إلى الله -عز وجل-, وربح حياة طيبة في الدنيا, وكافأه مولانا عليها يوم القيامة, قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].
ومن تفلَّت منها وجعلها خلف ظهره فإنه سيدفع ثمن ذلك عاجلاً أم آجلاً, قال تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) [طـه: 123 - 126]؛ فما دام العبد نسي واجباته نحو زوجته أو تناساها فإنه سيُنسى من رحمة الله -تعالى- يوم القيامة إذا لم يتب إلى الله -تعالى- أو لم تسامحه الزوجة.
فمصدر هذه الواجبات هو الله -تعالى-, فهو الذي شرع هذه الواجبات, وهو جلَّ جلاله رقيب على خلقه هل التزموا هذه الواجبات أم ضيَّعوها؟ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]، فخالقك هو المشرِّع, وهو الرقيب عليك, وهو المجازي بالإحسان إحساناً، وبالإساءة عقوبة وجزاءً.
أيها الإخوة: علِّموا أبناءكم هذه الواجبات وأن مصدِّرها هو: الله -تعالى-, ليست واجبات موضوعة من قبل الزوجات, ولا من قبل أولياء النساء, فالالتزام بها واجب شرعي متعبَّد به, الملتزم بها يسمَّى طائعاً لله -تعالى-, والمتفلِّت منها يسمَّى عاصياً لله -عز وجل-.
الآمر بهذه الواجبات من البشر يسمَّى آمراً بالمعروف, والمحارب لها والواقف ضدَّها يسمَّى آمراً بالمنكر يستحقُّ سخط الله -تعالى- والعياذ بالله -تعالى- إذا لم يتب إلى الله -تعالى- منها.
كيف يقف العبد من هذه الواجبات موقف المعرض عنها والمحتال على التفلُّت منها وقد أوجبها الله -تعالى- على الأزواج من فوق سبع سماوات؟ هل يظن أنه يُعجِز الله -تعالى-؟ هل يظن أنه يغيب عن نظر الله -تعالى-؟ قال تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُون) [الحجر: 92 - 93] فهل أدَّيت الواجب الذي فرضه الله -عز وجل- عليك أم ضيَّعته؟
أيها الإخوة الكرام: ربُّنا -عز وجل- من قدسه الأعلى جعل على الزوج واجبات تجاه زوجته, فأعطاها من الحقوق ما لم يعطها أيُّ تشريع وضعيٍّ, وجعل هضم هذه الحقوق معصية من المعاصي وكبيرة من الكبائر يحاسب عليها الزوج يوم القيامة.
لقد أعطاها الإسلام حقوقاً لم يعطها إياها أيُّ تشريع وضعي, حتى إنه لو اطَّلعت المرأة الغربية إلى حقوق المرأة على زوجها وأولادها وأبيها وإخوتها لعشقت هذا الدين.
ولو أعطينا المرأة المسلمة حقَّها كما أمر الله -عز وجل- لبُهِرَت المرأة ولخرَّت ساجدة لله -عز وجل- على نعمة هذا التشريع الذي أتمَّه الله وأكمله حيث قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: 3].
ومن هذا المنطلق حذَّرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من ضياع هذه الواجبات التي أُلقيت على كواهل الأزواج حتى لا يدع أحدنا المجال لأعداء هذه الأمة أن يطعنوا في دين الله -عز وجل-, فقال -صلى الله عليه وسلم-: "كل رجل من المسلمين على ثغر من ثغر الإسلام, الله الله أن يؤتى الإسلام من قبلك" [رواه محمد بن نصر المروزي في كتاب السنة].
وعندما ضيَّع بعض المسلمين هذه الواجبات التي هي حقوق للمرأة, استطاع الغرب عدوُّ الإسلام أن يدخل علينا من خلال المرأة التي هُضِمت حقوقها, فأفسدها -إلا من رحم الله- وهي بدورها أفسدت أبناءها وبناتها, وبذلك يكون فساد المجتمع -والعياذ بالله تعالى-.
أيها الإخوة: لقد ذكرت لكم في الخطبة الماضية الواجب الأول على الزوج الذي يجب عليه أن يعلمه, ألا وهو: المهر, الذي هو حقٌّ خالص للمرأة, تتصرَّف فيه كيف تشاء, وليس من حقِّ أحد أن يتدخَّل في تصرُّفها ما دامت تتصرَّف فيه ضمن دائرة الشريعة.
وعرفنا أنه ليس حبراً على ورق, بل هو دَين في ذمة الزوج إن كان غير مقبوض.
أما الحقُّ الثاني للزوجة الذي هو واجب شرعي على الزوج أن يقدِّمه لزوجته فهو: المسكن الشرعي, الذي قال فيه مولانا -عز وجل-: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ) [الطلاق: 6].
أيها الإخوة: السكنى للزوجة على زوجها واجبة شرعاً, وهذا لا خلاف فيه بين الفقهاء؛ لأن الله -تعالى- جعل للمطلَّقة حقَّ السكن على زوجها بقوله تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ)، فإذا كان هذا في حقِّ المطلَّقة, فمن باب أولى وأولى أن يكون لها هذا الحق إذا كانت في عصمة الرجل؛ لأن السكن الشرعي هو من المعاشرة بالمعروف بين الأزواج؛ كما قال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء: 19].
أيها الإخوة: علِّموا أولادكم قبل الزواج ماذا يترتَّب عليهم بعد عقد الزواج, اجعلوا أبناءكم على بصيرة من أمرهم قبل زواجهم؛ لأن هذه الواجبات كما قلت هي واجبات شرعية.
ذكِّروهم بحديث سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ, فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ, وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ" (رواه البخاري ومسلم) فمن الباءة -يعني المقدرة-: تأمين السكن.
هذا السكن له شروط حتى يكون سكناً شرعياً:
الشرط الأول: أن يكون بيتاً مستقلاً بجميع منافعه لا يشاركها في ذلك أحد, بحيث تأمن فيه على نفسها ومالها, وتأخذ فيه حريتها, وتستتر فيه عن العيون؛ كما قال تعالى في وصف الحور العين: (حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) [الرحمن: 72].
قد يقول أحدنا: نحن اشترطنا عليها وعلى وليِّ أمرها أن تكون سكناها في بيت أهل الزوج, وقد وافقت على ذلك, والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ" [رواه الترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح", وأورده البخاري تعليقاً].
أقول -أيها الإخوة-: يجب علينا أن نسلِّط أضواء الشريعة على عقودنا وعلى الشروط التي نجعلها في تلك العقود, حتى نعلم ما هو الشرط المُلْزِم وغير الملزم.
نعم قد تكون هناك شروط أثناء العقد, ولكن اعلموا -أيها الإخوة- بأنه ليس كل شرط في العقد يكون ملزِماً, وهذا من جملة الشروط غير الملزمة شرعاً للمرأة.
فمن حقِّها أن تطالب بهذا الحق وإن تنازلت عنه بداية؛ لأنها عندما تنازلت عنه تنازلت عن شيء قبل أن تستحقَّه, فهو تنازل في غير محله, ويتأكد هذا الحق لها إن ثبت وجود ضرر عليها من قبل أهل زوجها.
الشرط الثاني من شروط السكن الشرعي: ألا يُجمع فيه بين الزوجة وأقارب الزوج من والدين أو من أولاد الزوج من غير الزوجة, ولا تُجبَر على السكن مع أهل الزوج, وهذا من حقِّها إن وجد الضرر أم لم يوجد, إلا أن يكون ذلك برضاها.
كما هو الحق للزوج أن يمنع الزوجة من إسكانها أحداً من أهلها معها؛ لأن وجود الغير مع الزوجة في المسكن يمنع الزوجين من كمال الاستمتاع والمعاشرة بينهما. هذا في حقِّ السكنى مع أقارب الزوج أو الزوجة.
أما في حقِّ الزيارة, فلا يجوز للرجل أن يمنع أهل زوجته من زيارة ابنتهم إلا إذا ثبت الضرر منهم, كما أنه لا يجوز للمرأة أن تمنع أهل الزوج من زيارة بيت ابنهم إلا إذا ثبت الضرر منهم.
هذا إذا كان في حقِّ أقارب الزوج وأقارب الزوجة, فكيف إذا كان في حقِّ ضرَّة الزوجة؟ فمن باب أولى وأولى أن يكون سكن كل واحدة منهنَّ مستقلاً عن سكن الأخرى.
فاحذروا -يا عباد الله- الظلم, فإن الظلم ظلمات يوم القيامة, احذروا من إلزام الزوجة بالسكن مع أهل الزوج, وخاصة إذا ثبت الضرر منهم عليها, واحذروا من ظلمها في سكناها مع ضرَّتها, فإن الناقد بصير.
أيها الإخوة الكرام: هناك أمر آخر يتعلَّق في حقِّ السكن الشرعي للمرأة, ألا وهو: حقُّ تأمين السكن لها عند طلاقها, إن كان هذا الطلاق رجعياً أو كان بائناً بينونة صغرى أو كبرى.
أيها الإخوة: علِّموا أبناءكم هذا الحكم الشرعي قبل الزواج؛ لأن الالتزام بهذا الحكم كاد أن يكون معدوماً بين المسلمين، قال تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ) [الطلاق: 1] لا يجوز للرجل ولا لأهل الرجل ولا لأهل الزوجة أن يُخرِجوا الزوجة المطلَّقة من بيت الزوجية حتى تنتهي عدَّتها, كما أنه لا يجوز للمرأة المطلَّقة أن تخرج باختيارها من بيت الزوجية.
فإذا أُخرجت أو خرجت بالاختيار فقد تعدَّت وتعدَّوا حدود الله -تعالى-, والله -تعالى- يقول: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [الطلاق: 1] فالمتعدِّي ظالم, والظالم ليس ربُّنا -عز وجل- عنه بغافل, فسوف يجعل حياته شقاء وضنكاً إذا لم يتب إلى الله -تعالى- من ظلمه, قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) [طـه: 124]، وأما في الآخرة فيُنسى -لا قدَّر الله- في العذاب إلى ما شاء الله إذا لم يتب: (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) [طـه: 124 - 126]، لا تنسوا هذه الأحكام, تعلَّموها وعلِّموها.
أيها الإخوة الكرام: هناك البعض من يتضايق من هذه الأحكام, وربما أن يقول: هذا من الشطط في الأحكام: لماذا كلُّ هذا للمرأة؟
أقول: -أيها الإخوة- وبكلِّ أسف لو جاءت هذه الأحكام مقنَّنة لنا من الغرب لرأيت بعض الناس من يصفِّق لها ويعجب بها, ويدعو إلى تطبيقها والالتزام بها.
ولكن عندما جاءت عن طريق القرآن الكريم, عن طريق هذا الشرع الشريف يتزمَّت ويرفض, وكأنَّ لسان حاله يقول: لا أريد أن تكون هذه الأحكام جاءت عن طريق الإسلام الذي أعطى هذه الحقوق منذ أكثر من ألف وأربعمئة سنة؛ لأن هذا يدعو لأن يلتفت الناس إلى الإسلام, وهم لا يريدون الإسلام.
نعم -أيها الإخوة-: الإسلام أعطى المرأة هذه الحقوق, وجعلها واجبات على الزوج قبل الغرب, وقبل تشريعات الغرب, بل أعطاها للمرأة في زمن وأد البنات.
أيها الإخوة: أقول لمن يضيق صدره من هذه الأحكام: لا تنظر إلى هذه الأحكام بأنها واجبة عليك, بل انظر إليها على أنها حقٌّ لبناتك أو لأخواتك أو لبعض محارمك, ألا تعجبك هذه الأحكام؟ ألا تسرُّك هذه الأحكام؟
انظر إلى هذه الأحكام وأنت تطالب بها زوج ابنتك أو زوج أختك, ألا تطالب بها بملء فمك, وتطالب هذا الزوج أن يذهب معك إلى شرع الله؟
لماذا تطالب بهذه الحقوق لبناتك ولأخواتك ولمحارمك, ولا تطالب بها نفسك نحو زوجتك أو زوجة ولدك, أليس هذا من الكيل بمكيالين؟
تذكَّر -يا أخي- قول الله -تعالى-: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُون * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون * لِيَوْمٍ عَظِيم * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [المطففين: 6].
واعلم بعد ذلك بأن الواجب عليك نحو زوجتك هو عين الحق الذي لبناتك عند أزواجهنَّ, فإن طالبت بحقهنَّ فأنت على صواب, ولكن احذر أن تهضم حقوق الآخرين.
أيها الإخوة الكرام: قد ينظر أحدكم إلى هذا الموضوع بأنه تحريش للأولاد على طاعة أوامر زوجاتهم, وتحريش للزوجات على المطالبة بحقهنَّ في السكن.
أيها الإخوة: هذا الأمر ليس تحريشاً على التعدي والظلم, بل هو تبيان لحكم شرعي غفل عنه الناس ووقعوا بسبب الغفلة عنه في الظلم, وإضافة إلى هذا أقول: إن ظلم بعض آباء وأمهات الأزواج لحلائل أبنائهم هو الذي دفع حلائل الأبناء أن يطالبن أزواجهن بالسكن الشرعي, لماذا لا نتوجَّه إلى من ظلم حلائل الأبناء ونقول لهم: اتقوا الله في حلائل أبنائكم؟
لماذا لا نقول لأمهات الأزواج: إذا ظُلمتِ أنتِ من قبل أم زوجك لا يجوز لك أن تنتقمي من زوجة ابنك, ما علاقة هذه بهذه؟ اتقوا الله -يا عباد الله-.
نعم ربُّنا -عز وجل- يقول: (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) [الشورى: 40]، ولكن لمن أساء إليك, وزوجة الابن ما أساءت لأم زوجها, فلماذا تظلمها؟ هل ظلم الآخرين لكم يبيح لكم أن تظلموا الآخرين الأبرياء؟
أيها الأزواج: يقول الله -تعالى-: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ) [الطلاق 6] فالسكن واجب على الزوج حقٌّ للزوجة, الله يأمرك بهذا, وبعض الآباء والأمَّهات يأمرن بخلاف هذا, فلمن نقول: سمعنا وأطعنا؟
اللهمَّ ردَّنا إليك رداً جميلاً، آمين.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم, فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي