أثر القدوة السيئة

عبدالله بن حسن القعود
عناصر الخطبة
  1. اصطفاء أمة محمد عليه الصلاة والسلام .
  2. تحذيرها من القدوة السيئة وأثرها .
  3. النهي عن الائتمام بالشر والتسبب فيه .
  4. تقوى الله تعالى .

اقتباس

يا شباب الإسلام؛ يا من وُجدتم: لتكونوا قادة في الخير وهداة إليه؛ تتقدمون الناس وتتصدرونهم به في الدنيا وتشهدون به عليهم يوم يقوم الأشهاد -اتقوا الله وخافوه في نفوسكم في أمتكم في متبوعيكم فيما يؤول إليه الأمر في المحيا والممات. اتقوا الله فيما ألبستم إياه من لباس التقوى ..

 

 

 

 

 

 

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ إمام المتقين وقائد الغر المحجلين.

صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، أئمة الهدى ومصابيح الدجى (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً).

أما بعد: فيقول الله سبحانه وتعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2]

أيها الأخوة المؤمنون: لقد اصطفى الله واجتبى أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهيأها للإمامة في الدين والشهادة على الناس يوم وضع الموازين.

هيأها لذلك؛ بما أكرمها به من شمول وتعدي واستمرار كثير من أعمالها الخيرية؛ حتى بعد الوفاة.

وإن الذي اصطفاها وأكرمها بهذا الأمر؛ قد نهاها وحذرها من مقابله، حذرها ونهاها من تعاطي ما يجعلها قائدة وهادية إلى الشر في أي أمر، أو مشاركة فيه بأي مشاركة.

يقول سبحانه وتعالى -في إمام الشر وتلاميذه-: (إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:6] (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) [هود:98] وقال: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) [القصص:41]

ويقول سبحانه وتعالى -فيما يؤول إليه أمر الأتباع في الشر والمتبوعين فيه-: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ) [البقرة:166]، (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) [إبراهيم:22]

ويزداد أمر التبرؤ سوءاً؛ بانقلابه حسرة ولعنه من التابعين في الشر والمعاونين فيه للمتبوعين فيه حين لا ينفع متبوعاً في الشر أو تابعاً فيه نافع (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) [الأحزاب:67-68]

وكما جاءت نصوص القرآن محذرة من الائتمام في الشر والتسبب فيما يكون الإنسان به متبوعاً في الشر وداعياً وهادياً إليه؛ فقد جاءت نصوص السنة الصريحة الصحيحة بذلك.

يقول عليه الصلاة والسلام: "ليس من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه كان أول من سن القتل" رواه البخاري ومسلم. ويقول: "ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" ويقول: "رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، لأنه أول من سيب السوائب وغيّر دين إبراهيم" رواه البخاري ومسلم.

ويقول -في كتابه لهرقل عظيم الروم-: "أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين" رواه البخاري ومسلم. ويقول -لما قال له حذيفة-: "وهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها؛ قذفوه فيها".

فيا أمة الإسلام: يا شباب الإسلام؛ يا من وُجدتم؛ لتكونوا قادة في الخير وهداة إليه؛ تتقدمون الناس وتتصدرونهم به في الدنيا وتشهدون به عليهم يوم يقوم الأشهاد -اتقوا الله وخافوه في نفوسكم في أمتكم في متبوعيكم فيما يؤول إليه الأمر في المحيا والممات.

اتقوا الله فيما ألبستم إياه من لباس التقوى، وحليتم به من حلية الدعوة إلى الحق والإمامة فيه، لا ترخصوه فترخصوا، لا تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير فتَضِلُّوا وتُضِلُّوا، ولا تشتروا العاجل بالآجل، كونوا دعاة خير وهدى، أعواناً على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.

ليتق الله أولئكم الذين ولوا أمر الإعلام بتجنيبه ما يفسد السلوك، ويلوث الأخلاق، ويشكك في حكم الضرورات الخمس؛ فضلاً عن غيرها من أحكام الإسلام.

بل ويضعف التوحيد الذي خلق له الثقلان في النفوس، ومعلوم أن ما ضعف بعد قوة قلّ أن يقوى، بل قلّ أن يبقى.

ليتق الله أولئكم الذين يحاولون إخراج المرأة من حيز الاحتشام والعفاف المتلائم، مع وضعها الطبيعي وتكوينها البشري، وما جاء به الإسلام في حقها.

ليتق الله أولئكم المحاولون استحلال الربا المجمع على كفر مستحله، وعصيان فاعله، دون استحلاله عصياناً كبيراً؛ مؤذناً صاحبها بالذل والصغار والعار والنار.

ليتق الله أولئكم المنظمون لأمر ما أن يخرجوا بشيء منه عن شرع الله الذي تعبد الناس بتطبيقه والتزامه، ليتق الله من يسمون –اصطلاحياً- (سياسيين أو سريين) فيما يأتون وما يذرون بجعل لله ولحملة شرعه، لا لمن هم مظنة التبرؤ منهم يوم لا ينفع التبرؤ.

ليتق الله أولئكم وأمثالهم ممن هم على ثغرة من ثغر الإسلام؛ فإنهم بانحرافهم عن الحق وتعاونهم في الإثم ووفاتهم دون وضع لما حملوا وإصلاح لما أفسدوا؛ سيلقون الله أتباعاً وشركاء ونظراء لأئمة الشر والضلال الذين أنذر الناس تعالى من حالهم بقوله جل ثناؤه (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [العنكبوت:13] وقوله: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) [النحل:25]

رحماك اللهم يا رب، نستغفرك اللهم ونتوب إليك. ونسألك بأسمائك الحسنى أن تجعلنا ممن قلت فيهم وقولك الحق: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة:160].
 

 

 

 

 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي