يونس بن متَّى عليه السلام

خالد القرعاوي
عناصر الخطبة
  1. توبة قوم يونس قبل نزول العذاب .
  2. دروس وعبر من توبتهم .
  3. يونس عليه السلام وابتلاء الله له .
  4. دروس وعبر من قصة يونس عليه السلام .

اقتباس

وَإليكُمْ -يَا مُؤمِنُونَ- قِصَّةَ قَريةٍ أَوغَلَتْ فِي الضَّلالِ وَالانْحِلالِ، فَأَنْذَرَهَاَ نَبِيُّهَا العَذَابَ وَالنَّكَالَ! ذَكَرَ أهلُ العِلْمِ أنَّ اللهَ -تعالى- بعثَ يُونُسَ بنَ مَتَّى -عليهِ السَّلام- نَبِيَّاً وَرسُولاً إلى أهلِ نَينَوَى من أرضِ الْمَوصِلِ في العراقِ، فدعاهم إلى الله، فكذَّبُوهُ وتَمَرَّدُوا عليهِ، فَلمَّا طالَ عليه ذلكَ خَرَجَ -عليهِ السَّلام- مِنْ...

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ أَنْزَلَ الكتَابَ تَبصِرَةً وذِكرى لأولي الألبابِ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، رَبُّ الأَرْبَابِ ومُسَبِّبُ الأَسبَابِ، وَأشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ؛ بَعَثَهُ اللهُ بِأَفْضَلِ كِتَابٍ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ المآبِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَأَعِدِّوا لِيومِ المَعَادِ عُدَّتَهُ، وَلْتَعْلَمُوا أَنَّ قَصَصَ القُرْآنِ أَحْسَنُ الْقَصَصِ وَأَبْلَغُها، وَفِي قَصَصِ المرسَلينَ دُرُوسٌ لِلمُؤمِنِينَ فِي مَقَامِ الدَّعوةِ والصَّبرِ والثَّباتِ واحتِسابِ الأجْرِ مِنَ اللهِ وَحْدَهُ لا يَطلبونَ من أحدٍ أجرًا ولا جزاءً ولا شُكُورًا.

وفيها منَ البَشَارَةِ بالفَرَجِ مِن بعدِ الشِّدَّةِ، وتَيْسِيرِ الأمورِ بعدَ تَعَسُّرِها، وحُسنِ العَوَاقِبِ بعدَ نَكَدِها، ما يكونُ زاداً للمتَّقِينَ وسُرُوراً للدَّاعينَ!.

وَإليكُمْ -يَا مُؤمِنُونَ- قِصَّةَ قَريةٍ أَوغَلَتْ فِي الضَّلالِ وَالانْحِلالِ، فَأَنْذَرَهَاَ نَبِيُّهَا العَذَابَ وَالنَّكَالَ! ذَكَرَ أهلُ العِلْمِ أنَّ اللهَ -تعالى- بعثَ يُونُسَ بنَ مَتَّى -عليهِ السَّلام- نَبِيَّاً وَرسُولاً إلى أهلِ نَينَوَى من أرضِ الْمَوصِلِ في العراقِ، فدعاهم إلى الله، فكذَّبُوهُ وتَمَرَّدُوا عليهِ، فَلمَّا طالَ عليه ذلكَ خَرَجَ -عليهِ السَّلام- مِنْ بَينِ أَظهُرِهِم وَتَوعَّدَهم حُلُولَ العذابِ بهم بعدَ ثلاثِ ليالٍ وغَادَرَهُم مُغَاضِبَاً! فَلَمَّا أيقنوا بنزولِ العذابِ ودارَ على رؤوسِهِم كَقِطَعِ الليلِ المُظلِمِ - قَذَفَ اللهُ في قُلُوبِهمُ التَّوبةَ والإنابةَ، وَنَدِمُوا على ما كانَ منهم لِنَبِيِّهم، فَلَبِسُوا ثيابَ الذُّلِ وَخَرَجُوا إلى الصَّحَرَاءِ وَفَرَّقُوا بينَ البَهَائِمِ وأولادِها، ثُمَ عَجُّوا إلى اللهِ بِالدُّعاءِ وَتَمسْكَنُوا بينَ يَدَيهِ، وبكى الرِّجالُ والنَّسَاءُ والبَنُونَ والبَنَاتُ في مَشْهَدٍ عَظِيمِ وَمَهَيبٍ! واللهُ -عزَّ وجلَّ- يَرى مكانَهم ويَسمَعُ أصواتَهم ويعلمُ حالَهم.

فسبحانَهُ أرحمُ الرَّاحمينَ سبحانَ من رَحْمَتُهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ؛ فَقد كَشَفَ اللهُ بِرحْمَتِه عَنْهُمُ العَذَابَ الذي تَغَشَّاهم، بَلْ وَأَثْنَى عَلَيهم فَقَالَ: (فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ)[يونس:98]؛ أي: لم يكن أحدٌ انتفعَ بإيْمَانِهِ، حينَ رأى العذابَ، إِلا قَوْمَ يُونُسَ بعدما رأوا العذابَ آمنوا فكَشَفَ اللهُ عَنْهُمْ العَذَابَ! ولا بُدَّ لِذَلِكَ من حِكمَةٍ! حَسْبُنَا أنْ نُدرِكَ أنَّ قَومَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا فِي الَّلحْظَةِ الأَخِيرَةِ كَشَفَ اللهُ عنهمُ العذَابَ، وتُرِكُوا يَتَمَتَّعُونَ بالحياةِ إلى أجلٍ؛ ولو لَمْ يُؤمنِوا لَحَلَّ بِهم العَذَابُ وِفْاقاً لِسُنَّةِ اللهِ -تعالى-.

يَكْفِينَا كَذَلِكَ أَنْ نُدرِكَ أَمرَينِ هامَّينِ: أوَّلُهُما: تنبيهُ الغَافِلِينَ أنْ يَتَدَارَكُوا أنفُسَهم قَبْلَ حُلُولِ العَذَابِ. وَهَذا دَرْسٌ عَظِيمٌ لَنَا أنَّهُ ما نَزَلَ بَلاءٌ إلا بِذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ ولا رُفِعَ إلا بِتَوبَةٍ وإنَابَةٍ، وأنَّ الإيمانَ باللهِ والتَّوبةَ الصَّادِقَةَ وَالاعْتِرَافَ بِالخَطَأِ مِن أَعْظَمِ أَسْبَابِ رَفْعِ غَضَبِ اللهِ وَمَقْتِهِ وانتِقَامِهِ؛ وَلِهَذا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ".

وَثَانِي الأُمُورِ: أنْ نُدرِكَ أنَّ سُنَّةَ اللهِ مَعَ الظَّالِمِينَ والمُفْسِدِينَ وَاحِدَةٌ: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)[الأحزاب:62]؛ فَحَاجَتُنَا إلى الدُّعاء فِي زَمَنِنَا أَكْثَرُ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى؛ فَالدُّعَاءُ -بِحَمْدِ اللهِ تَعَالى- رَافِعٌ لِلبَلاءِ وَدَافِعٌ للشَّقَاءِ، وَلَنْ يَهلِكَ مَعَ الدُّعاءِ أَحَدٌ؛ فَكَمْ مِنْ بَليَّةٍ رَفَعَهَا اللهُ بالدُّعَاءِ! وَكَمْ مِن مَعْصِيَةٍ غَفَرَهَا اللهُ بِالدُّعَاءِ! وَكَمْ مِنْ نَعمَةٍ ظَاهِرَةٍ وباطِنَةٍ كَانَتْ بِسبَبِ الدُّعَاءِ!

فِي الحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الدُّعَاءُ سِلاحُ الْمُؤْمِنِ وَعِمَادُ الدِّينِ وَنُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ"، وَعَنْ جَابِرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يُنْجِيكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَيُدِرُّ لَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ؟ تَدْعُونَ اللَّهَ فِي لَيْلِكُمْ وَنَهَارِكُمْ؛ فَإِنَّ الدُّعَاءَ سِلاحُ الْمُؤْمِنِ" فَسُبْحَانَ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.

أَقَولُ مَا سَمِعْتُم وَاستَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِلمُسْلِمينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ عَظِيمٍ، وَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.

الخطبةُ الثَّانية:

الحَمدُ للهِ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلمَاً، أَشْهُدُ ألَّا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صلَّى الله وسلَّم وَبَارَكَ عَليهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهم، ومن تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الإسراء:35].

مَعَاشِرَ المُؤمِنِينَ: بَعدَمَا عَرَفْنَا خَبَرَ القَومِ بَقِيَ أنْ نَتَعَرَّفَ على خبَرِ نبيِّهم -عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-؛ فَقَد قَصَّ نَبِيُّنا  خَبَرَهُ فَقَالَ: إنَّ يُونُسَ -عليهِ السَّلام- كانَ وَعَدَ قَومَهُ العَذَابَ، وَأَخْبَرَهُم أنَّه يَأْتِيهم إلى ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، فَجَأَروا إلى اللهِ واستغفَرُوهُ، فَكَفَّ اللهُ عنهم العذابَ، وَغَدا يُونُسُ يَنتظِرُ العَذَابَ فَلمْ يَرَ شَيئَاً، فانطلقَ مُغَاضِبَاً، حَتى أَتَى قَوْمَاً فِي سَفِينَةٍ، فَحَمَلُوه، فلمَّا رَكِبَ لَجَّت بِهم وَثَقُلَتْ بما فيها وَكَادُوا يَغرَقُونَ، فَقَالَ بَعْضُهم: مَا بَالُ سَفِينَتِكُمْ؟ قالوا: إنَّ فيها عَبداً أَبَقَ مِنْ رَبِّهِ، وإنَّها -واللهِ- لا تَسِيرُ حَتَّى تُلقُوهُ، فَتَشَاوَرُوا على أنْ يَقتَرِعُوا، فمن وَقَعَتْ عليه القُرْعَةُ أَلْقَوهُ مِن السَّفينَةِ لِيَتَخَفَّفُوا منه، فَوَقَعَتِ القُرْعَةُ عَلَى نَبِيِّ اللهِ يُونُسَ، فَأَعَادُوهَا ثَلاثَاً، فَوَقَعَت عَلَيهِ! قَالَ اللهُ -تعالى-: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ)[الصافات:139-142]؛ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلَّومِ؛ لأَنَّهُ تَركَ قَومَهُ مُغَاضِبَاً قبلَ أنْ يَأَذَنَ اللهُ لهُ.

فَوَقَعَ فِي بَطْنِ حُوتٍ قَدْ وُكِّلَ به، فَلَمَّا ابتَلَعَهُ وَأَهوَى بِهِ إلى قَرَارِ الأَرضِ، سَمِعَ يُونُسُ تَسْبِيحَ الحِيتَانِ وَالْحَصى، فَسَبَّحَ هُوَ: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء:87]، فَسَمِعَهُ المَلائِكَةُ وَقَالوا: رَبَّنا إنَّا نَسْمَعُ صَوتَاً ضَعيفَاً بِأَرْضٍ غَريبةٍ قَالَ: ذَاكَ عَبْدِي يُونُسَ، عَصَانِي فَحَبستُهُ، فَشَفَعُوا لَهُ، فَأَمَرَ اللهُ الحُوتَ فَقَذَفَهُ في السَّاحلِ (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ)[الصافات:145]؛ كَهَيئَةِ فَرْخٍ مَمْعُوطٍ لَيسَ عَلَيهِ رِيشٌ، وَأَنْبَتَ اللهُ عَليهِ شَجْرَةً مِن يَقْطِينٍ يُظَلِّلُهُ، فَلَمَّا اسْتَكمَل عَافيتَهُ رَدَّهُ اللهُ إلى قَومِهِ؛ فَاسْتَغْفَرُوا، وَطَلَبُوا مِنْهُ العَفوَ: (فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)[الصافات:148] وَكَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ أَو يَزِيدُونَ.

عبادَ اللهِ: القِصَّةُ تُبَيِّنُ عاقِبَةَ الذين آمَنُوا وتَابُوا وَأنَابُوا، مِنَ القِصَّةِ نُدْرِكُ أَهَميَّةَ الصَّبرِ فِي دَعْوَةِ الآخَرِينَ، وَقَدْ ذَكَّرَ اللهُ مُحَمَّدَاً -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لَهُ: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ)[القلم:48].

إخْوَانِي: مَا قَدَّرَهُ اللهُ على يُونُسَ -عليهِ السَّلام- لِحِكمَةٍ بَالِغَةٍ؛ فَلا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُقلِّلَ من شأنِهِ عليه السَّلامُ ولِذا قَالَ رَسُولُنا-صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى".

يَا مُؤمِنُون: مَا أَحوَجَنا فِي ظِلِّ ظُرُوفِنَا الرَّاهنَةِ، وكُرُوبِنا المُحِيطَةِ المُتَلاحِقَةِ أنْ نَعِيَ الدُّرُوسَ مِنْ قِصَّتِنا فَنَتَّجِهَ إلى رَبِّنا وَنَدْعُوهُ دُعَاءَ المَكرُوبِ، دُعَاءَ المُعترفِ بِخَطَئَهِ الوَاثِقِ بِنَصْرِ اللهِ وَوَعْدِهِ: أَلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنَّا كُنَّا مِنَ الظَّالِمِينَ. كَيفَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ".

عِبَادَ اللهِ: خُلاصَةُ القِصَّةِ تَكْمُنُ فِي صِدْقِ التَّوجُّهِ إلى اللهِ، والتَّسبيحِ بِحمدِهِ، وطلبِ الغَوثِ والنَّجاةِ منهُ وَحْدَهُ، -صلى الله عليه وسلم- (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ)[الأنعام:17]، وَحَاجَتُنا إلى التَّوبةِ وَالاسْتِغْفَارِ مُستَمِرَّةٌ؛ فَكَمْ تُصِيبُ أمَّتَنَا الأَزَمَاتُ ولا تُحسِنُ المَخرَجَ منها! وكم تَمْلِكُ مِن أَسْبَابِ القُوَّةِ الإلهيةِ، ولكنَّها -مَعَ الأَسَفِ- تُهَمِّشُها وَتَلْهَثُ وَراءَ السَّرابِ! تقرأُ في الكتابِ أنَّ الولاءَ للهِ ولرسولِهِ وللمؤمنين، ثم هي تَستَمرِئُ ولاءَ الكافرينَ وَتُعَانِقُ المُنَافِقِينَ!

فَاتَّقُوا اللهَ، وَانْتَفِعُوا بِقَصَصِ القُرْآنِ الحَكِيمِ؛ فاللهم اجعل القرآنَ ربيعَ قُلوبِنا، ونورَ صُدورِنِا، وجَلاءَ أحزَانِنِا، وذهابَ هُمُومِنا.

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ وأذلَ الشَّركَ والمشركينَ ودَمِّر أعداءَ الدَّينِ وانصر عبادَكَ المُوحِّدِينَ. لا إله إلا أنت لا إله إلا أنت سبحانَكَ إنَّا كُنَّا من الظالمينَ.

اللهمَّ إنَّا نجعلُك في نحورِ اليهودِ والنَّصارى والرَّافِضَةِ الحاقدينَ المُعْتَدِينَ ونعوذُ بك شرورهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم شديداً.

اللهمَّ شَتِّت شَملَهم وأنزل بهم بأسَكَ الذي لا يردُّ عن القوم الظالمينَ.

اللهمَّ آمنا في أوطاننا وأصلح ولاةَ أمورِنا.

اللهم سَدِّدهُم في أقوالِهم وأفعالِهم (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[آل عمران:147]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة:201].

عباد الله: اذكروا اللهَ الجليلَ يذكركُم، واشكروه على نعمه يزدكم (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت:45].


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي