شعبان آداب وأحكام

عبدالله بن عبده نعمان العواضي
عناصر الخطبة
  1. اغتنام الفرص سمة العقلاء .
  2. وجوب المبادرة بالأعمال الصالحة .
  3. صيام النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان .
  4. من صور العبادات التي يستحب التزود بها في شهر شعبان .
  5. من الأحداث التاريخية في شهر شعبان. .

اقتباس

شهر شعبان شهر للألفة والمحبة، والائتلاف والاتفاق، شهر يربي المجتمع المسلم على نزع كراهية المسلمين والحقد عليهم، ونبذ التشاحن والتباغض، ويحوطه بسياج من الود والدعوة إلى الاجتماع والقرب، فيا من تدنس قلبه بأدناس الغل والبغض، وولج أتونَ التفرق والنزاع والتشاجر...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1 ]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71]، أما بعد:

أيها المسلمون: إن الله -تعالى- كريم يتفضل على عباده بوجوه كثيرة من الإكرام، ويواتر عليهم أصنافًا عديدة من الآلاء والإنعام. فسبحان ربي ما أكرمه! وله الحمد على ما أعطى، وله الشكر على ما أنعم به وأولى، ألا وإن من عطاياه الجسام ونوائله العظام: اصطفاء أزمنة على أزمنة ليستغلها عباده في التقرب إليه، والمسارعة إلى ما يرفع درجتهم لديه.

والعاقل من الناس من ينتهز الفرص ويغتنم الفضائل، ولا يجعلها تفوت عليه، وتنطلق من بين يديه إلا وقد أخذ حظه منها؛ فالآجال مجهولة، والأعمار محدودة، والغنائم قد لا ترجع، والغاية التي يرجوها المسلم ثمينة، والدنيا دار التزود بعمر واحد فقط، (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)[البقرة: 197].

والإنسان لا يدري ما يعرض له في الدنيا فيشغله عن زاد الآخرة، فقد يهجم عليه المرض والبلاء، وتستولي عليه أعمال الدنيا وحاجاتها، وقد تأتي عليه شدائد وفتن لا يستطيع معها العمل الصالح. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بادروا بالأعمال؛ فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا".

عباد الله: من الأزمنة الفاضلة التي ينبغي أن تستغل في الخير: شهرنا هذا شهر شعبان؛ فشعبان دورة تدريبية بين يدي رمضان؛ لكي يدخل المسلم شهر الصيام وقد تمرن على المسارعة إلى العمل الصالح، وإنما تسهل الأعمال على من تعود أمثالها قبل مجيئها.

إن شهر شعبان شهر استعداد روحي لاستقبال ضيف الروح السنوي، لكن هذا الاستعداد الصحيح لا تعرفه كل النفوس، وإنما تعرفه النفوس المتألقة في سماء الطاعة، التي تصقل القلوب والجوارح حتى يدخل رمضان التحلية بعد رحيل شعبان التنقية.

يدخل شعبان على الأرواح الصالحة شهرَ تهيؤ واشتياق لموسم الخيرات الأكبر الذي تحلق فيه الروح في آفاق الفضائل والخير العظيم.

لقد دخل شعبان على أهل القلوب الحية فعمروه بالاستعداد الصالح في كسب الخيرات والمسارعة إلى القربات.

ودخل شعبان على المهتمين بالبطون على حساب الروح فاستعدوا لشراء أصناف المأكولات والمشروبات التي تكفي الفئام من الناس، وكأنهم مقبلون على موسم جوع لا ينجو فيه إلا أصحاب المطابخ الممتلئة.

أيها المسلمون: إن الحريصين على طاعة الله إذا رأوا الناس يجدّون من أجل بطونهم وما يلهيهم، فهم في شأن آخر؛ فشعبان عندهم شهر للقربات، ومن أعظم القربات فيه -بعد الفرائض- قربة الصيام، هذه القربة التي تصلح الأجساد والأرواح والعقول، فلا يخرج شعبان عنهم إلا وقد أخذوا نصيبهم من صيامه؛ حرصًا على الخير واقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم؛ فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان".

وعن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: "قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم"؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم شعبان كله، يصوم شعبان إلا قليلا"؛ ففي هذه النصوص الشريفة حث على الإكثار من الصيام في شعبان، غير أنه لا ينبغي أن يصام شعبان كله متصلًا برمضان؛ فعن عائشة وابن عباس -رضي الله عنهما- قالا: "ما صام النبي -صلى الله عليه وسلم- شهرًا كاملًا قط غير رمضان".

أما حديث أم سلمة -رضي الله عنها- الذي تقول فيه: "ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان"؛ فمقصودها أنه يصوم أكثر شهر شعبان لا كله؛ لأن لغة العرب قد يستعمل فيها الكل بمعنى الأكثر، وقد قال الترمذي في سننه: قال ابن المبارك في هذا الحديث: "وهو جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال: صام الشهر كله، ويقال: قام فلان ليله أجمع، ولعله تعشى واشتغل ببعض أمره".

إلا إذا كان المسلم معتادًا صيام الاثنين والخميس فوافق ذلك قبل رمضان بيوم أو يومين فيجوز الصيام، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم".

وعلى هذا يجوز الصيام بعد انتصاف شعبان لمن أحب ذلك، وعرف من نفسه النشاط والقوة، أما إذا أحس بالضعف مع طول الصيام؛ فالأولى أن لا يصوم بعد النصف من شعبان؛ حتى يتقوى بالفطر ويدخل رمضان قويًا نشيطًا، أما الحديث الوارد في النهي عن الصيام بعد انتصاف شعبان فهو حديث ضعيف غير صحيح.

أيها المسلمون: لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الصيام في شعبان لثلاث معانٍ-كما قال ابن القيم رحمه الله-:

أحدها: أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فربما شغل عن الصيام أشهرًا فجمع ذلك في شعبان؛ ليدركه قبل صيام الفرض.

الثانية: أنه فعل ذلك تعظيمًا لرمضان، وهذا الصوم يشبه سنة فرض الصلاة قبلها تعظيمًا لحقها.

الثالثة: أنه شهر ترفع فيه الأعمال، فأحب -صلى الله عليه وسلم- أن يرفع عمله وهو صائم.

أمة الإسلام: شهر شعبان شهر للألفة والمحبة، والائتلاف والاتفاق، شهر يربي المجتمع المسلم على نزع كراهية المسلمين والحقد عليهم، ونبذ التشاحن والتباغض، ويحوطه بسياج من الود والدعوة إلى الاجتماع والقرب، فيا من تدنس قلبه بأدناس الغل والبغض، وولج أتونَ التفرق والنزاع والتشاجر؛ فهذا شعبان مغتسل بارد وشراب.

شعبان أقبلَ بالمحبة والصفا *** ليذيب أحزان التشاحن والجفاء

شعبان أستاذ يعلمنا الإخاء *** ويقول للمتباغضين ألا كفى

شعبان مطهرةُ الذنوبِ ومطلع *** لنسيمِ شهر بالصيام تشرّفا

زمن لترويض النفوس لكي ترى *** رمضانَ بستانَ اللذاذة والصفا

يهديكمُ حلل الصيام وكل ما *** يجلو القلوب على طريق المصطفى

طوبى لعبد جدّ في خيراته *** وقضى مآرب روحه وتزلفا

هلموا -أيها الفرقاء- إلى كلمة؛ سواء في شهر المحبة والإخاء؛ لكي تجمعوا بها الشمل وترأبوا بها الصدع، وتداووا بها الجراح؛ فشعبان يدعو المتباغضين إلى خلع أسمال الكراهية والتناحر؛ لكي ينالوا مغفرة الله فيه، قال -صلى الله عليه وسلم-: "يطلع الله عز وجل على خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه الا لمشرك أو مشاحن".

فهل من سامع يعي، وطالب مغفرة ينتصر على نفسه وهواه؛ فيقبل على تصفية قلبه من الشرك والأحقاد -إن كانت فيه- ويمد يد المحبة إلى إخوانه المسلمين؟

عباد الله: من القربات التي ينبغي الحرص عليها والمبادرة إليها في هذا الشهر: الإكثار من قراءة القرآن الكريم، وترطيب الألسنة بآياته، وترقيق القلوب بحلاوة تلاوته، وتنوير العيون بالنظر إليه، وفتق العقول بتدبر معانيه.

قال سلمة بن كهيل -رحمه الله-: "شهر شعبان شهر القراء"؛ وذلك أن قراءة شعبان لها أثر على قراءة رمضان إكثارًا وسهولة، وحلاوة وفهما، وكان بعض السلف إذا دخل عليه شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.

أيها المسلمون: هناك ليلة من ليالي شعبان يدور حولها جدل كل عام، وهذه الليلة هي ليلة النصف من شعبان، حيث وقعت هذه الليلة بين غالٍ بالغ فيها حتى خرج عن المشروع، وجافٍ لم يعرف لها قدرًا ولم يجعل لها منزلة تخصها عن بقية الليالي؛ فحرم نفسه فضلها وخيرها، والحق خلاف هذين القولين.

فالغالون في هذه الليلة عظموها تعظيمًا غير مشروع، حتى خصوا نهارها بصيام دون بقية الأيام، وليلها بقيام دون سائر الليالي، مع احتفالات وأعمال دينية محدثة، ويستدلون على ما يفعلون بأحاديث موضوعة وأعلى درجتها-لو خرجت عن الوضع- الضعف.

ويزعمون أنها الليلة المباركة التي تكتب فيها الأرزاق والآجال. والصواب أن الليلة المباركة إنما هي ليلة القدر من رمضان، قال تعالى: (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[الدخان: 1-6].

وإنزال القرآن -كما هو معلوم- لم يكن إلا في ليلة القدر من رمضان، قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)[القدر:1].

وأما الجافون فزعموا أنها ليلة كغيرها من الليالي التي ليس لها مزية أو فضيلة تختص بها.

والصواب: أن هذه الليلة ليلة فاضلة لها ميزة على غيرها ورد فيها الحديثان السابقان اللذان بينا أن ليلة النصف من شعبان ميعاد لتفضل الله بمغفرة الذنوب لعباده الموحدين الذين طهروا قلوبهم من الشرك ومن الحقد والشحناء.

ولكن هذا الفضل لا يعني أن نحدث فيها ما لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا صحابته -رضي الله عنهم-، قال ابن تيمية ر-حمه الله-: "وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل، وكان من السلف من يصليها، لكن اجتماع الناس فيها لإحيائها في المساجد بدعة، والله أعلم"؛ إلا من كان معتادًا صيام الخامس عشر من كل شهر وقيام الليل فلا مانع من صيام نهارها وقيام ليلها.

عباد الله: يعد شعبان آخر فرصة في العام لمن كان عليه قضاء صوم ولم يقضه من رجل أو امرأة، فمن كان عليه دين لربه من صيام فليبادر به ولو إلى آخر يوم من شعبان، ولا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان ويخرج، فمن فعل فعليه التوبة والقضاء والإطعام، قالت عائشة -رضي الله عنها-: " كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان".

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أيها المسلمون، إن شهر شعبان شهر حافل بالأحداث الشرعية والوقائع التاريخية الإسلامية؛ فشهر شعبان من السنة الثانية للهجرة كان زمنَ تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، قال تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)[البقرة: 144].

وفي شهر شعبان من السنة نفسها فرض الله -تعالى- القتال على المسلمين بعد أن كانوا مأمورين بالصبر على أذى المشركين، وذلك بعد وقعة سرية عبد الله بن جحش، وأنزل الله في ذلك قوله تعالى: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ)[البقرة:190 - 193].

وفي شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة كانت غزوة بدر الآخرة أمام مشركي قريش، لكن الله قذف في قلوب المشركين الرعب فرجعوا على أعقابهم خائبين ولم يحدث قتال: (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) [الأحزاب: 25].

وفي شهر شعبان من السنة الخامسة أو السادسة للهجرة وقعت غزوة المريسيع أو بني المصطلق؛ فنصر الله المسلمين على المشركين، وكان من جملة خيرها تزوج رسول الله بأم المؤمنين جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها- بعد أن أعتقها حينما كانت في السبي.

وفي شعبان من السنة العاشرة للهجرة قدم وفد خولان من اليمن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانوا عشرة، وجرى بينهم وبين رسول الله حديث، ومن ذلك أنه كان لهم ببلادهم صنم يعبدونه؛ فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهدمه إذا رجعوا ففعلوا.

وفي السنة الثالثة عشرة للهجرة وقعت معركة الجسر بين المسلمين والفرس، وكانت معركة مؤلمة دامية، لكن الله انتصر للمسلمين فيما تلاها من معارك ضد الفرس حتى غدت الامبراطورية الفارسية أثرًا بعد عين.

فيا -أيها المسلمون- المسارعة المسارعة إلى خير هذا الشهر؛ فالتجارة رابحة، ورأس المال موجود، والأرواح مازالت في الأجسام، قبل ذهاب العافية وتصرم الأيام.

والموفق من سلك سبيل السابقين، وحاز قصب السبق في ميدان تجارة الآخرة التي تنجيه من الخسارة يوم الدين.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي