ومع أن الجميع يستحق الشكر والدعاء إلا أن رجال الأمن ورجال الصحة يستحقون شكراً خاصاً لما يقدمون من عطاء يفوق الطاقات؛ فمع حساسية عملهم، وما يحتاجه من حزم ودقة إلا أنهم يغوصون وسط الحجيج، ويخاطرون...
الحمد لله الكريم الرزاق، الجواد الوهاب؛ يرزق بلا طلب، ويعطي بلا سؤال، ويهب من يشاء ما يشاء، ولا راد لقدره، ولا معقب لأمره، ولا مانع لعطائه، ولا دافع لقضائه، سبحانه وبحمده.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ دلت الدلائل على ربوبيته وألوهيته وكماله في أسمائه وصفاته، وحكمته في أفعاله وأقداره..
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه؛ فإن التقوى سبب للتوفيق والأرزاق، والخروج من المضائق والأزمات (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)[الطلاق:2-3].
أيها المسلمون: إن النماذج المشرقة تبث السعادة في النفوس، وتعيد الأمل للقلوب اليائسة، وتوقد جذوة العطاء والإبداع في النفوس المحطمة، وإذا أردت أن تلهب حماس الناس نحو النجاح فارفع من شأن الناجحين المبدعين، واجعل من شباب مخلص معطاء رمزاً من رموز الوفاء.
ونحن بدورنا نشكر كلَّ من يعطي ويبذل، ويقدم صورة جميلة لدينه ووطنه، والمستحقون للشكر والثناء كثيرون بفضل الله؛ من قادة مخلصين، ودعاة صادقين، وتجار محسنين، وشباب متألقين.
أخرج الترمذي في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن لا يَشكُر الناس، لا يَشكُر الله".
وحيث إن حديثنا عن الشكر، ونحن نودع موسمَ الحج المبارك -نسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم، ويحفظهم ويذيقهم بركات حجهم- وإذا ذكر الحج تبادر إلى أذهاننا تلك الجهود الجبارة التي تقدمها المؤسسات الرسمية وغيرُها، جهود حقيقة بالشكر والدعاء، وسؤالِ الله لهم الإعانة والقبول؛ فعامة القطاعات الحكومية تقدم خدماتها لحجاج بيت الله، وكذا الجهاتُ الخيرية تشارك غيرها في خدمة حجاج بيت الله، يواصلون ليلهم بنهارهم، ويجددون في عرض خدماتهم؛ مستغلين ما سخر من وسائل حديثة تعين الحجاجَ على قضاء نسكهم على أحسن حال، وفي مواسم الحج المتعاقبة تبرز تلك الجهود التي يبذلها الدعاة والمشايخ الذين يتصدون للإجابة على أسئلة الحجيج، ويزيلون ما يواجهونه من إشكالات؛ فكتب الله أجورهم، ونفع الله بعلمهم، وبارك لهم فيما آتاهم.
ومع أن الجميع يستحق الشكر والدعاء إلا أن رجال الأمن ورجال الصحة يستحقون شكراً خاصاً لما يقدمون من عطاء يفوق الطاقات؛ فمع حساسية عملهم، وما يحتاجه من حزم ودقة إلا أنهم يغوصون وسط الحجيج، ويخاطرون بأنفسهم، ويتحملون المشاق؛ تقرباً إلى الله تبارك وتعالى، وابتغاء وجهه ورضوانه؛ فهولاء هم أحق من يثنى عليه، وأولى من يدعى له، وأجدر من يقدم لأجيالنا؛ فهنيئا لنا جميعاً بهؤلاء الشرفاء؛ من رجال أمن يفارقون الراحة وتفارقهم في سائر أيام الحج.. يصبرون صبراً يخور دونه صبر الرجال، وتتحول شخصياتُهم العسكريةُ الحازمة إلى لطف ينساب في تلك المشاعر.
وهنيئا لنا برجال الصحة من أطباء وغيرهم ممن يعرضون خدماتهم على ضيوف الرحمن، ويجرون لهم أدق العمليات الجراحية، ويبدعون السبل من أجل أن يتم المرضى من الحجاج حجهم؛ فبيض الله تلك الوجوه، وأنار الله تلك الأفئدة، وأكثر الله من أمثالهم.. ولا يشكر الناس إلا من اكتمل خلقه، وطهر الله قلبه.. ولذا فالشاكرون قليل من عباد الله، وقليل من عبادي الشكور، ولا يترفع عن الشكر ويأنف منه إلا محروم قد جعل الشيطان إليه طريقا.. ولذا قيل: ولو علِم الشيطان أن طريقًا تُوصِّل إلى الله أفضلُ من الشكر، لوقَف فيها، ألا تراه قال: (ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)[الأعراف:17].
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم..
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه..
أما بعد: فاعلموا -يا عباد الله- إن من توفيق الله لعبده أن يسخره للخير، ويسهل عليه ذكره وشكره وحسن عبادته، ومن خير الذكر في هذا اليوم الشريف الصلاةُ والسلامُ على أشرف الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ امتثالا لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
اللهم اعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين..
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان، اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا..
اللهم انصر جنودنا المرابطين في الجنوب، اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا ارحم الراحمين.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة:201].
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي