لقد تمكَّن أعداء الإسلام في بعض القنوات والصحف ومواقع الإنترنت وغيرِها من وسائلِ الإعلام من نشرِ سمومِهم وعقائدِهم الفاسدة وتشكيكِ الناسِ في دينِهم وللأسفِ الشديدِ أنهم وجدوا من يستضيفُهم في بيته ويدخلُهم على أهله وأولاده، وإنَّ من العقائدِ الفاسدةِ عقائدُ الرافضة الذين يسبُّون أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- ويلعنون أبا بكر وعمر -رضي الله عنهم- من على منابرهم فما موقفنا عباد الله من مثل هذه القنوات، وما موقفنا من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: حديثنا معكم أيها المسلمون في هذه الخطبة عن أفضلِ جيلٍ عرفتُه البشريةُ عن جيلٍ اختارهم الله لصحبة نبيه -عليه الصلاة والسلام- عن جيلٍ وصفهم الله –تعالى- بأعلى الأوصاف وأحسنِها، قال -تعالى- في وصف أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ)[الفتح: 29]؛ فذكر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية ثلاث صفاتٍ للصحابة -رضي الله عنهم-:
ذكرَ صفتَهم مع أعدائهم من الكفار بأنهم أشداءُ عليهم، وذكر صفتَهم فيما بينهم وأنهم رحماءُ فيما بينهم، وذكر صفتهم فيما بينهم وبين ربهم، وأنهم يتقلبون في صلاتهم ما بين الركوع والسجود مخلصين لربهم يريدون فضلَه وثوابه.
وأخبر الله -سبحانه وتعالى- من فوق سبع سماوات أنه رضي عنهم قال -تعالى-: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)[الفتح: 18].
عباد الله: إن الحديثَ عن الصحابةِ -رضي الله عنهم- وتدارسَ أخبارِهم وسيرِهم فيه فوائدُ عظمية؛ منها: الاقتداء بهم، وازدياد الإيمان بذكرهم، ومحبتهم، وهذا من الإيمان كما جاء في الصحيحين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "حبُّ الأنصارِ آيةُ الإيمان وبغضُهم آيةُ النفاق"؛ أي: علامة النفاق، وكما قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يحبُهم إلا مؤمن، ولا يُبغضهم إلا منافق؛ من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله" (متفق عليه).
وأخرج أبو نُعيم في الحِلية عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: "مَنْ كَانَ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانُوا خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، أَبَّرَهَا قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ -صلّى الله عليه وسلم- وَنَقْلِ دِينِهِ، فَتَشَبَّهُوا بِأَخْلَاقِهِمْ وَطَرَائِقِهِمْ فَهُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ".
وكان عبد الله بن المبارك يكثر الجلوس في بيته فقيل له ألا تستوحش؟ فقال: "كيف أستوحش وأنا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه"؛ يعني أنه يقرأ في الكتب التي عنده سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيرة أصحابه.
وإليك شيء من أخبارهم ومواقفهم:
أولاً: إجلالهم للنبي -عليه الصلاة والسلام- ومحبتهم له وتقديم محبته على محبة كل أحد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأنصاري أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ عَلَيْهِ فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السُّفْلِ -أي في أسفلِ بيت أبي أيوب لأن هذا أسهل لخروجه ودخوله وللقاء من يأتيه - وَأَبُو أَيُّوبَ فِي الْعِلْوِ -في أعلى البيت- قَالَ فَانْتَبَهَ أَبُو أَيُّوبَ لَيْلَةً فَقَالَ نَمْشِي فَوْقَ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَنَحَّوْا فَبَاتُوا فِي جَانِبٍ - أي جانب البيت يريد أن لا يكون هو وزوجته فوق النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ثُمَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- -: كيف أكونُ فوقكم يا رسول الله؟ يريد أن ينتقل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى أعلى البيت وهو زوجته ينزلان في أسفل البيت- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السُّفْلُ أَرْفَقُ -أي أسهل لي في الدخول والخروج- فَقَالَ لَا أَعْلُو سَقِيفَةً أَنْتَ تَحْتَهَا فَتَحَوَّلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْعُلُوِّ وَأَبُو أَيُّوبَ فِي السُّفْلِ فَكَانَ يَصْنَعُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَعَامًا فَإِذَا جِيءَ بِهِ إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ فَيَتَتَبَّعُ مَوْضِعَ أَصَابِعِهِ -رجاء أن تُصيبه بركة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا خاصٌ بالنبي صلى الله عليه وسلم أما غيرهُ فلا يجوز التبرك بآثارهم-.
وعندما نزل قول الله -سبحانه وتعالى- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)[الحجرات: 2]، افْتَقَدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ- وكان ثابت خطيب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: شَرٌّ- أي: وقعتُ فيه - ثم تحدث عن نفسه فقال: كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ مُوسَى: فَرَجَعَ إِلَيْهِ الْمَرَّةَ الْآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: "إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَلَكِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ".
وفي صحيح البخاري في قصة صلح الحديبية أرسل المشركون عروة بن مسعود لكي يتصالح مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَيْنَيْهِ قَالَ: "فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ".
فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: "أَيْ قَوْمِ! وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحَمَّدًا؛ وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ".
ثانياً: من مواقفهم في بذل المال -وتعلمون عباد الله أن المال محبوب للنفوس ولا يُبذلُ المحبوبُ إلا لشيءٍ أحب- في صحيح البخاري عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ "كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)؛ قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَقُولُ: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)، وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ"؛ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ".
ثالثاً: ومن مواقفهم تقديمُ طاعةِ اللهِ ونبيه -عليه الصلاة والسلام- على طاعة كل أحد ولو كان أقربَ قريب؛ ففي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص قَالَ: حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ -يعني أمه وذلك عندما أسلم- أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا حَتَّى يَكْفُرَ بِدِينِهِ، وَلَا تَأْكُلَ وَلَا تَشْرَبَ قَالَتْ: زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيْكَ، وَأَنَا أُمُّكَ، وَأَنَا آمُرُكَ بِهَذَا. قَالَ: مَكَثَتْ ثَلَاثًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهَا مِنْ الْجَهْدِ، فَقَامَ ابْنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ عُمَارَةُ فَسَقَاهَا فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْدٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةَ: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[لقمان: 15].
وفي رواية عند الطبراني: "فلما رأيتُ ذلك قلتُ: يا أماه تعلمين والله لو كان لك مئةَ نفسٍ فخرجت نفسًا نفسًا ما تركتُ ديني هذا لشيء؛ فإن شئتِ فكُلِي، وإن شئتِ لا تأكلي" فأكلتْ.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه..
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
عباد الله: لقد تمكَّن أعداء الإسلام في بعض القنوات والصحف ومواقع الإنترنت وغيرِها من وسائلِ الإعلام من نشرِ سمومِهم وعقائدِهم الفاسدة وتشكيكِ الناسِ في دينِهم وللأسفِ الشديدِ أنهم وجدوا من يستضيفُهم في بيته ويدخلُهم على أهله وأولاده، وإنَّ من العقائدِ الفاسدةِ عقائدَ الرافضة الذين يسبُّون أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- ويلعنون أبا بكر وعمر -رضي الله عنهم- من على منابرهم فما موقفنا عباد الله من مثل هذه القنوات، وما موقفنا من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
أما موقفنا من هذه القنوات فإنه يحرم علينا إدخالها إلى بيوتنا؛ لأن سبَّ الصحابة -رضي الله عنهم- من المنكرات العظيمة، ولأنَّ المسلمَ ربما يتأثر بهذه الشبهات التي تُلْقَى فانظر أيها الأب إلى الذي في بيتك فكلُّ ما لا يرضي الله أخرجه من بيتِك؛ لأنك أنت ربُّ الأسرةِ والمسئول عنها؛ يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في صحيح مسلم من حديث معقل بن يسار: "ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً لم يُحطها بنصحه؛ إلا حرم الله عليه الجنة".
أما بالنسبة لموقفنا من الصحابة -رضي الله عنهم- فالواجب علينا محبتهم، وبغض من يبغضهم ويسبهم؛ ففي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري: "لا تسبُّوا أصحابي؛ فإن أحدَكم لو أنفقَ مثلَ أحدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه".
والواجب علينا الكفُّ عنهم والاستغفار لهم؛ لقد ذكر الله -عز وجل- في سورة الحشر المهاجرين، ثم ذكر الأنصار، ثم ذكر المؤمنين الذي يأتون بعدهم فقال: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)[الحشر: 10].
وأما بالنسبة لما شجر بين الصحابة -رضي الله عنهم- فأكثر ما يُذكر كذبٌ لا صحة له، ومنها ما زِيدَ فيه وبُدِّلَ، وأما ما كان صحيحًا فإنهم فيه معذورون؛ إما مجتهدون مصيبون أو مجتهدون مخطئون.
ولنعلم عباد الله أن سبّ الصحابةِ -رضي الله عنهم-: هو قدح في الله -سبحانه وتعالى- حيث اختار كما يزعمون أصحابًا لنبيه بهذه الصفة والعياذ بالله.
وكذلك قدح في النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث كان أصحابُه أناسًا بهذه الصفة المذمومة كما يزعمون.
وكذلك قدحٌ في شريعة الإسلام؛ حيث أن الذين نقلوا لنا هذا الدين وحدّثوا بالأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هم من يصفونهم بالردة والكذب، والعياذ بالله.
فنسألُ الله أن لا يجعل في قلوبنا غلاً على أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم أجمعين، وجعلنا ممن يسلكون طريقهم فيفوزون فوزًا عظيمًا.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي