اغرس شجرة

عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي
عناصر الخطبة
  1. عميق صلة الإنسان بالشجرة وارتباطه بها .
  2. حاجة الإنسان العظيمة إلى الشجر المثمر وغير المثمر .
  3. وصف شجر الجنة .
  4. استخدام القرآن والسنة للأشجار في ضرب الأمثال .
  5. الحث على زراعة الأشجار المثمرة وغيرها. .

اقتباس

الإسلامُ منهجٌ متكاملٌ وتشريعٌ شاملٌ لكلِّ مجالاتِ الحياة.. إِيمانٌ وعملٌ.. عقيدةٌ وشريعةٌ.. عبادةٌ ومعاملةٌ فكرٌ وعاطفةٌ.. أخلاقٌ وعمرانٌ.. ومسكينٌ من يعتقدُ أنَّ الإسلامَ صلاةٌ وعباداتٌ ومسجدٌ ويُهمل في الصلاة ثم الحياة والاقتصاد والسياسة، وحماية البيئةِ وعمارةُ الأرضِ حَجراً وشَجراً

الخطبة الأولى:

الحمد لله، خلق فسوى وقدَّر فهدى، وسع كل شيء رحمة وعلمًا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، عالم السر والنجوى، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى كلمة التقوى، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، أئمة العلم والهدى.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله..

الإسلامُ منهجٌ متكاملٌ وتشريعٌ شاملٌ لكلِّ مجالاتِ الحياة.. إِيمانٌ وعملٌ.. عقيدةٌ وشريعةٌ.. عبادةٌ ومعاملةٌ فكرٌ وعاطفةٌ.. أخلاقٌ وعمرانٌ.. ومسكينٌ من يعتقدُ أنَّ الإسلامَ صلاةٌ وعباداتٌ ومسجدٌ ويُهمل في الصلاة ثم الحياة والاقتصاد والسياسة، وحماية البيئةِ وعمارةُ الأرضِ حَجراً وشَجراً والنظافةُ مما يشمل البلاد والعباد ويُقيم الدين والدنيا؛ هذا هو الإسلام (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)[المائدة: 3].

أرضٌ أنشأَها الله (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[الملك: 15]، وأوصانا بعمارتها وعدم الإفساد فيها بعد إصلاحها لا بحروب ولا دمار ولا بقطعٍ للأشجار ولا فساد..

ولذلك أَمرنا الله ووجهَّنا دينُنا أن نكونَ إيجابيينَ في هذه الحياة ليس مع الناس في التعامل الأمثل والخلق الحسن بل وحنى مع الحيوان فلا نعذب وكذلك مع الأرض نزرعها والجماد نحميه من الإفساد!!

خلق الله أشجاراً نراها ونتفيؤ ظلالها ونستروحُ من عبيرها، منها ما يثمر فيكون نفعها مما نأكل منها (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)[النمل: 60].

وأشجارٌ لحماية البيئة وللظل والزينة (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)[لقمان: 11]، والأشجارُ في بعض جوانبها لها شبه بالإنسان، فهل نشعر بإحساسها؟!

وتنتقل من حالٍ إلى حال؛ فتبارك الله رب العالمين أحسن الخالقين؛ تراها حطباً قائماً عارياً لا كسوة عليها فيكسوها ربها وخالقُها من الزهرِ أحسنَ كسوةً، ثم سلبها تلك الكسوة وكساها من الورق كسوةً أثبتَ من الأولى، ثم أطلع فيها ثمرةً وأخرج ورقها صيانةً وثوباً لتلك الثمرة الضعيفة لتستجنّ به من الحر والبرد والآفات.

ثم ساق إلى تلك الثمار رزقها عبر عروقها وأغصانها حتى استوت وكملت من حطبةٍ صماء اسمها شجرة!! لها عروق ممتدة في الأرض منتشرة لتمسكها وتقيمها، وكلما طالت نحو السماء، امتدت في الأرض.. وهكذا النخيلُ الطوال الباسقات والشجر الثمرات.. طوال ومخضرات وصابرات على الرياح والعواصف؛ فسبحان الله أحسن الخالقين!!

أيها الإخوة: ضرب -صلى الله عليه وسلم- بهذا الشجر أمثلةً عدّة وتشبيهات.. فشبَّه المسلمَ بالنخلة بكثرة بركته وخيره وعطائه قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ. فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي" قَالَ ابن عمر: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ"(رواه البخاري).

وشبَّه -صلى الله عليه وسلم- هذه الدنيا وسرعة زوالها بظل شجرة فقال: "ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم راح وتركه"، وشبَّه -صلى الله عليه وسلم- الشجر وهي تُسِقْطُ ورقَها، فقال فيما صح عنه "سبحان الله، والحمد لله، ولا اله إلا الله، والله أكبر تنفض الخطايا، كما تنفض الشجرة ورقها".

وكذلك شبهها بسقوط الخطايا قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها، إلا حط الله له به سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها".

ولما قيل له -صلى الله عليه وسلم- فِي مَرَضِهِ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وذَاكَ لَكَ به أَجْرَان؟ قَالَ: "أَجَلْ. مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلَّا حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ"(رواه البخاري).

وشبَّه -صلى الله عليه وسلم- بالشجر المؤمن في قوة صلابته وثباته بالأشجار القوية التي لا تهزها رياح الفتن وأعاصير الضلالة فقال -عليه الصلاة والسلام-: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ, لا تَزَالُ الرِّيحُ تُفِيئُهُ, وَلا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلاءُ, وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الأَرُزِّ , لا يَهْتَزُّ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ"(رواه مسلم).

ومثل الله بها (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ)[إبراهيم: 24- 26]، وكانت أمنا عائشة -رضي الله عنها- تفتخر بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتزوج بكراً غيرها فتقول: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا.. فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: "فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا"(رواه البخاري).

كل هذه التشبيهات للشجر بأنواعه تدلُّ على عميق صلة الإنسان بالشجرة وارتباطه بها بل وحاجته العظيمة إليها المثمر منها وغير المثمر.. ولذلك أوصانا -صلى الله عليه وسلم- حتى عند قيام الساعة فقال: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فليَغرِسْها"(رواه أحمد).

أيها المسلمون: الشجرُ كباقي المخلوقات يسبِّحُ بحمد ربه (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)[الإسراء: 44]، (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ)[الرحمن: 6]، وقد تعجب إذا علمت بأن الشجر أيضاً يُلبيِّ مع المسلمين في حجهم وعمرتهم، يقول -عليه الصلاة والسلام- في حديث صحيح رواه الترمذي: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ".

نعم هذا الشجر الذي نراه ونتعامل معه ويقسو عليه البعض بالقلع والاحتطاب الجائر بل إن الشجرَ يستريحُ إذا أهلك الله فاجراً من فجّار الأرض مُرَّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِجِنَازَةٍ فَقَال: "مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: "الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ. وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ"(رواه البخاري).

بل الشجر يتكلم وينطقه الله عز وجل بقدرته آخرَ الزمان قال -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ! هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ"(رواه مسلم).

ومن جملةِ نعمِ اللهِ على عبادهِ في الجنةِ الأشجارُ، ففي الجنةِ شجرةٌ يسيرُ الراكبُ الجوادُ المُضمَّرُ السريعُ في ظلِّها مائةَ عام ما يقطعها، وهي شجرةُ طوبى، قال بعض العلماء: إنها شجرة الجوز في الخبر الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم-: "إن أرواحَهم في طيرٍ خُضْرٍ تُعلَّقُ بشجرِ وهي الجنَّة حتى يبعث الله هذه الأجساد يوم يبعثها"..

الله أكبر.. كل هذا ذكرٌ للشجرة في الجنة قال ابن القيم -رحمه الله- ليصفها:

أشجارها نوعان منها ما له *** في هذه الدنيا مثالٌ ثان

كالسدرِ أصلُ النبق مخضودٌ مكان *** الشوك من ثمر ذوي ألوان

هذا وظل السدر من خير الضلال *** ونفعه الترويح للأبدان

والطلح وهو الموز منضود كما   *** نضدت يد بأصابع وبنان

أو أنه شجر البوادي موقراً *** حملاً مكان الشوك في الأغصان

وكذلك الرمان والأعناب *** التي منها القطوف دوان

هذا ونوع ما له في هذه الدنيا *** نظير كي يرى بعيان

يكفي من التعداد قول إلهنا *** من كل فاكهة بها زوجان

يا عبد الله: هل تريد أن يكون لك شجر في الجنة؟ إذاً فليكن لسانك دوماً رطباً بذكر الله، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أدلك على غراس، هو خير من هذا؟ تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا اله إلا الله، والله اكبر، يغرس لك بكل كلمة منها شجرة في الجنة". الله أكبر.. حتى العبادة وذكر الله شُبِّهَ بالشجرة.

أمّا أهلُ النار -عياذاً بالله- فلهم شجر الزقوم طعامهم: (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ)[الدخان: 43- 44]، وفي الإسراء: (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ)[الإسراء: 60]، وفي الصافات: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ)[الصافات: 62- 65].

وكذلك هناك من أشرك بالشجر وعظَّمها شركاً وإثماً في الحديث أن الصحابة في حنين مروا على شجرة سدر يقال لها ذات أنواط كانوا يعكفون عليها ويمجدونها؛ قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "قُلْتُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه، كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَإِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حتى لو دخلوا جحرٍ ضبٍ لدخلتموه"(رواه أحمد).

كل هذه التشبيهات للشجرة لنحترمها قال البخاري -رحمه الله-: بَاب لَا يُعْضَدُ شَجَرُ الْحَرَم. ثم ساق الحديث أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ وَقَالَ الْعَبَّاسُ.. يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا".

وكذلك إبراز جمالِ الشجر وروعته برسمه جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي فِيهَا. فَقَالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، قَالَ: أأُنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، سَمِعْتُه يَقُولُ: "كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ"، وقَالَ: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ".

هذه هي الشجرة تأملوها واستمتعوا بها واغرسوها واحموها من كلِّ يدٍ باطشة متجبرة.. (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)[النجم: 17- 24].

يا رب متعنا بالشجر والورد في الدنيا، وأظلّنا يوم القيامة لا ظلّ إلا ظلُّك وأسكنا الجنة بروحها وريحانها يا أرحم الراحمين أقول ما تسمعون..

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إلاَّ كانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْه لَه صدقَةً، وَلاَ يرْزؤه أَحَدٌ إلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً"(رواه مسلم).

أخي كن صديقاً للشجر والثمر اغرسه وتمتع به وكُل من ثمره، ولا تؤذه ولا تقطعه لا بمُبيد أو كيماوي ضار لثمر يأكله الناس ولا باحتطابٍ جائر..

اليوم تعاونوا معنا -جزاهم الله خيراً- جهات عدّة ليجعلوا الدنيا خضراء فرع وزارة الزراعة والبيئة والمياه بمشروع غابة عنيزة، وكذلك حماية الأشجار ومشاريع الاستزراع وتوزيع الشتلات وكذلك بلدية عنيزة التي تزرع شوارعنا ومتنزهاتنا شاركونا اليوم رابطة عنيزة الخضراء.

شبابٌ همُّهم التطوّعي الحث على حماية البيئة ونشر ثقافة التشجير وهناك غيرهم من المهتمين كلُّهم يدعوننا لنهتم بهذه الشجرة وزراعتها وحمايتها والتمتع بها، واليوم ساندونا بتوزيع شجيرات لنكسب الأجر بغرسها في بيوتنا واستراحاتنا والأرض حولنا.

فاستحضر أخي الأجر بغرسها كما أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

نسأل الله -عز وجل- أن يأجر الجميع ويوفِّقهم ويسعدهم.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي