منطلقات الرافضة نابعة من ذلك الحقد الدفين الذي يلف عقول أولئك الضُّلاَّل؛ جراء تقويض الإسلام ورجالِه لحضارة الفرس الوثنية الضاربة في عمق التاريخ؛ فلم يترك لها من باقية إلاَّ ما زال قابعًا في نفوس أولئك القوم، ويجعلون منه وقودًا يؤججون به نار الحقد في نفوسهم على...
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون: ذكر الإمام ابن كثير -رحمه الله تعالى- في تفسيره، في سورة الجن، قال: "قال الأعمش -رحمه الله-: تروَّح إلينا جنيٌّ، فقلت له: ما أحب الطعامُ إليكم؟ فقال: الأرز، قال: فأتيناهم به، فجعلت أرى اللقم تُرفع، ولا أرى أحدًا، فقلت: فيكم من هذه الأهواء التي فينا؟ قال: نعم، فقلت: فما الرافضة فيكم؟ قال: شرنا".
سبحان ربي وربكم مقولة ذلك الجني عن الرافضة بأنهم شرنا رزقت من التوفيق الصدارة، واختزلت ما قيل وما يقال في حق تلك الفرقة الغالية الموغلة في الضلال، وقد لامست هذه الكلمة كبد الحقيقة.
لقد اتفقت كلمة الجن، وكذلك الإنس على بعد ضلال تلك الفرقة، وذلك مؤشر على المقت الشديد لها في النفوس، ونفرةِ القلوب من سننهم المعوج، وما حوته نفوسهم من الجهالات والحماقات؛ وإنك -مهما قلت وسطرت- لن تفي تلك الخشب المسندة حقها، وأنى لك ذلك وتلك المخازي منهم تستوعب الليل والنهار؟
وفوق ذا وذاك تلك البلادة التي تكتسي بها عقولهم، وإليها تأرز معارفهم ومعلوماتهم؛ حتى غدوا أضحوكة العالمين، وأمثولة للمتندرين، ومطمعًا لمن لا خلاق له من الأفاكين، من دهاقين الرجس والخراب والشرك المبين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والرافضة أجهل الناس بالمعقول، وأكذبهم بالمنقول".
ايها المسلمون: ومنطلقات الرافضة نابعة من ذلك الحقد الدفين الذي يلف عقول أولئك الضُّلَّال؛ جراء تقويض الإسلام ورجالِه لحضارة الفرس الوثنية الضاربة في عمق التاريخ؛ فلم يترك لها من باقية إلاَّ ما زال قابعًا في نفوس أولئك القوم، ويجعلون منه وقودًا يؤججون به نار الحقد في نفوسهم على الإسلام وأهله، مع أن الإسلام قد أخرج هؤلاء المجوس الفرس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، بل إن الإسلام بوَّأهم ما لم يكن لهم في الحسبان مكانة وكرامة؛ فأضحوا ملوكًا كما كانوا، ولكنه الحقد والحسد على كل ما هو إسلامي؛ فلا يدعون فرصة تسنح لهم إلا ويهتبلونها للنيل من الإسلام من إشراقه وصفائه؛ حسيًّا ومعنويًّا.
هؤلاء الفرس ظاهرهم الرفض، وباطنهم الكفر المحض، فهم بعبارة أكثرَ وضوحًا سلكوا سبيل التشيع؛ لزلزلة ثوابت الأمة ومسلماتها؛ لتكون سُلمًا للقضاء عليها، وقد مكن لهم من ذلك وآزرهم عليه اليهود؛ ممثلين في ابن السوداء عبد الله بن سبأ اليهودي عليه من الله ما يستحق، وقد اهتبلوا في ذلك الفرصة السانحة إذ ذاك، وهو خلاف الصحابة -رضوان الله عليهم- في مسألة الخلافة، حيث جعلوا من تعظيم علي ومناصرته سلمًا لذلك المشروع المجوسي اليهودي؛ فزعموا بداية أن عليًا إله؛ فما كان من علي إلا أن حرقهم ومزقهم كل مزق؛ إنكارًا عليهم.
فلما أحس أولئك المجرمون أن أمر تأليه عليّ لا تكاد تتقبله النفوس، تحولوا عنه إلى أحقية علي بالخلافة، وقاموا بتفضيله على وزيري النبي الكريم أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- وأن الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- بتسليمهم الخلافة لأبي بكر قد كفروا، ولم يفلت من ربقة الكفر إلا نفر قليل منهم يعدون على الأصابع، ثم توجهوا بعد ذلك إلى القرآن الكريم؛ فجعلوا منه محرَّفًا؛ حيث أخفي ثلثاه من قبل الصحابة إمعانًا في التآمر على علي؛ لئلا يفضحهم بما فيه من الآيات التي تثبت لعلي حق الولاية والخلافة.
أيها المسلمون: وقد ادعى هؤلاء الروافض محبة آل البيت وجعلوا حق أهل البيت دثارًا للمكر بالأمة وبدينها، وبذلك وصلوا لكثير من مبتغياتهم، حيث أحدثوا بذلك شرخًا كبيرًا في بناء الأمة ووحدتها منذ ذلك الزمن السحيق، وحتى زمننا هذا، ولن يهدأ لهم بال حتى يروا من الإسلام أثرًا بعد عين، لا مكنهم الله من ذلك.
وأهل البيت بما بصَّرهم الله من حقيقة هؤلاء الفرس بريئون منهم، وكلامهم يوقف على تلك الحقيقة الدامغة، قال الإمام موسى بن جعفر سابع الأئمة كاشفًا عن أهل الردة الحقيقيين فيقول: "لو ميزت شيعتي لم أجدهم إلا واصفة، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد".
ويقول الإمام الصادق: "إن ممن ينتحل هذا الأمر -أي: التشيع- لمن هو شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا".
عباد الله: ومن نظر في تلك الهرطقة التي أحدثها الفرس في بناء الأمة لم يكد يجد فيها إلا هدمًا لصروح الإسلام العظام، وهذا يكون ببعث الشبه في الرجال النقلة لتشريعاته، وذلك كائن بتكفير الصحابة الكرام، ويكون كذلك باطراح كتابها المبين بادعاء التحريف فيه، ولا تسل عن ضيعة الأمة بعد ذهاب هذين الركنين الجليلين.
وتلك الحقائق ظاهرة لكل باغٍ للحق راغبٍ فيه؛ وإن حاول أولئك القوم إخفاءها؛ لياذًا بمبدأ التقيَّة، التي يرون فيها دينًا لهم ومبدأ، كما قال أحد أئمتهم كذبًا وبهتانًا: "التقية ديني ودين آبائي".
فهم عندما يُقررون ويحجرون في القماقم يتبرءون مع أن كتبهم ناطقة بذلك، ومفصحة عنه، ولا زالت تلك الكتب تدرس، وهي عمادهم في حوزاتهم، ولا زال بعض معاصريهم يستشهد بها، ويجعل منها إمامًا له، ولكنه الكذب والنفاق.
ولذا لا يزال علماء أهل السنة على بصيرة من أمرهم؛ لأنهم ينطلقون في حكمهم عليهم من خلال ما تسطره أيديهم، وتتلفظ به ألسنتهم، وإن حاولوا التنصل منه ظاهريًا مع أن قلوبهم مطمئنة إليه.
عباد الله: وقد احتفظ لنا التاريخ الإسلامي بعشرات الأمثلة على خيانة الشيعة الرافضة للمسلمين ولأئمة وخلفاء المسلمين، بدأ من غدرهم وخيانتهم الأولى للجماعة المسلمة، حين أحدثوا القلاقل، من أجل زعزعة الدولة الإسلامية الفتية على عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فانتهت تلك القلاقل بقتل واستشهاد الخليفة الحيي، الذي تستحي منه الملائكة، وتم بذلك فتح باب من شر عظيم انتهى بالفتنة بين الصحابة وما جرى بينهم من قتال في يومي الجمل وصفين.
وهكذا أشعلوا الفُرقة بين المسلمين، وساعدوا التتار على تدمير بغداد وقتل آلاف المسلمين، وكذا تجدهم في صف كل أعداء أهل السنة، فلم يدخل الأعداء بغداد ولا أفغانستان، إلا بمساعدة الروافض.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
عباد الله: لقد جاءت أقوال علماء الإسلام في حقيقة هذه الفرقة المارقة ظاهرًا جليًا، لا يكاد يخفى على من له أدنى بصيرة أو علم، وما لُدغت الأمة يوم أن لدغت من هؤلاء القذرة إلا يوم أن اطرحت مقول أولئك الأعلام وتنكبت هديهم؛ تعللاً بأن حال الأخلاف من هذه الفرقة يختلف عن حال الأسلاف منهم، وما أدركوا أن سلسة الحقد واحدة، بل إنها عند الأخلاف المتأخرين أشدُّ منها عند أسلافهم، وها هم يرون ذلك حقيقة واقعة في العراق ولبنان واليمن والبحرين وأفغانستان وسوريا، ولا نريد للبقية الباقية في عالمنا الإسلامي نفس الواقع المؤلم، وهذا لن يكون إلا بإيقاف الأمة على حقيقة تلك الفرقة المجوسية عليها من الله ما تستحق، وإليكم بعضًا مما قال علماء السلف عن هذه الأمة الرافضية.
قال ابن كثير عند قوله -سبحانه وتعالى-: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)[الفتح: 29]. قال: "ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك -رحمة الله عليه- في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة -رضي الله عنهم- قال: لأنهم يغيظونهم، ومن غاظ الصحابة -رضي الله عنهم- فهو كافر لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء -رضي الله عنهم- على ذلك".
وقال القرطبي: "لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله، فمن نقص واحدًا منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين".
وعن الشافعي أنه قال: "لم أر أحدًا من أصحاب الأهواء أكذب في الدعوى، ولا أشهدَ بالزور من الرافضة".
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل -رحمه الله- عمن يَشتم أبا بكر وعمر وعائشة، قال: ما أراه على الإسلام.
وقال البخاري -رحمه الله-: "ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم".
وقال ابن حزم الظاهري: "وأما قولهم -يعني النصارى- في دعوى الروافض تبديل القرآن؛ فإن الروافض ليسوا من المسلمين، إنما هي فرقة حدث أولها بعد موت رسول الله بخمس وعشرين سنة.. وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر".
وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال في حق هذه الفرقة ما يشفي الصدور، ويذهب غيظ القلوب، قال -رحمه الله-: "من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة، فلا خلاف في كفرهم. ومن زعم أن الصحابة: ارتدوا بعد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- إلا نفرًا قليلًا لا يبلغون بضعة عشر نفسًا أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضًا في كفره؛ لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع؛ من الرضا عنهم والثناء عليهم.
بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الآية التي هي: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)[آلعمران:110].
وخيرها هو القرن الأول، كان عامتهم كفارًا أو فساقًا، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام".
وقال أيضًا عن الرافضة: "إنهم شر من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج".
بعد تلك النقول لا يبقى في قلب أحد من أهل الإسلام حرج في كفر هذه الفرقة وضلالها، والتحذير منهم ومن مكرهم من الدين، والله نسأل أن يقيض لهم ما يكون به هلاكهم.
نعوذ بالله من شرور الروافض، وبغيهم وحقدهم، ونسأله -تعالى- أن يحمي المسلمين من شرورهم، وينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
هذا وصلوا وسلموا على رسول الله ..
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي