المسائل الخفية في الزكاة

راشد البداح
عناصر الخطبة
  1. الزكاة حق للفقير لا منة لأحد فيها .
  2. وجوب إخراج الزكاة عند تمام الحول .
  3. أربع حالات لا تجب فيها الزكاة .
  4. سبعة أسئلة في الزكاة وإجاباتها .
  5. أربع ركعات بعد صلاة العشاء بتسليمة واحدة تعدل صلاةً في ليلةِ القدرِ من رمضان .

اقتباس

عادةُ كثيرٍ من الناسِ أن يُخرِجَ زكاتَه في رمضانَ.. والواجبُ في الزكاةِ أن يدفعَها إذا تم الحولُ ولا ينتظرُ رمضانَ. فلو وجبتْ زكاتُك في رجبٍ فلا يجوزُ أن تؤخرَها إلى رمضانَ، لكن لك أن تقدِّم زكاتَك التي لا تحِلُّ إلا في ذي الحجة تُقدِّمُها في رمضانَ. والنفقةُ في رمضانَ أفضلُ، لكنْ أحياناً تكونُ الزكاةُ في غيرِ رمضانَ أفضلُ؛ لأن الفقراءَ في غيرِ رمضانَ قد يكونون أشدَّ حاجة.

الخطبة الأولى:

إن الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له.

وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وأصحابِه، ومن سارَ على نهجِه، واقتفى أثرَه إلى يومِ الدينِ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فاتقوا ربَكم فإنه-سبحانَه-أهلُ التقوى وأهلُ المغفرة، أهلٌ أن يُتقَى كما أنه أهلٌ أن يَغفِر.

لما أرسلَ محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- معاذًا إلى اليمنِ أوصاهُ بوصايا؛ منها: "أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ"(متفق عليه).

فالزكاةُ -أيُّها المسلمونَ- حقٌ للفقيرِ، ليس لأحدٍ فيها مِنَّةٌ؛ فالمنةُ للهِ وحدَه.

مسألةٌ مهمةٌ أشارَ إليها الشيخُ ابنُ عثيمينَ -رحمهُ اللهُ- حيث قال: "عادةُ كثيرٍ من الناسِ أن يُخرِجَ زكاتَه في رمضانَ.. والواجبُ في الزكاةِ أن يدفعَها إذا تم الحولُ ولا ينتظرُ رمضانَ. فلو وجبتْ زكاتُك في رجبٍ فلا يجوزُ أن تؤخرَها إلى رمضانَ، لكن لك أن تقدِّم زكاتَك التي لا تحِلُّ إلا في ذي الحجة تُقدِّمُها في رمضانَ. والنفقةُ في رمضانَ أفضلُ، لكنْ أحياناً تكونُ الزكاةُ في غيرِ رمضانَ أفضلُ؛ لأن الفقراءَ في غيرِ رمضانَ قد يكونون أشدَّ حاجة".

أيها المسلمون: إليكم أربعَ حالاتٍ لا تجبُ فيها الزكاة:

أولاً: الأرضُ التي يريدُ أن يبنيَ عليها بيتًا للسُّكنى فلا زكاةَ فيها، وكذلك مَن اشترى أرضًا؛ ليَحفظَ دراهمَه، ولا يَقصِدُ الفرارَ من الزكاةِ فلا زكاةَ عليه.

ثانيًا: راتبُ الموظفِ: إن كان أحد الأشهرِ لا يَبقى منه شيءٌ فلا زكاةَ فيه.

ثالثًا: بهيمةُ الأنعام التي تُعلَّفُ بالشعيرِ ونحوِه لا زكاة فيها، أما سَنَتُنا هذه فلا شعيرَ منذُ خمسِ شهورٍ سلَفَت، فالحمدُ للهِ على البركاتِ.

رابعًا: "الديونُ التي لكَ عندَ المعسِرين لا يجبُ عليكَ إخراجُ زكاتِها ما دمتَ لم تقبِضْها، فإذا قبضتَها تزكيْ عن سنةٍ واحدةٍ فقط".

أما الآنَ فإليكم سبعَ سؤالاتٍ مهمةٍ في الزكاة:

ما حكمُ تقسيطِ الزكاةِ على مستحِقٍ لا يُحسِنُ التصرفَ فيها؟

"إذا لم يكنْ لك ولايةٌ عليه فتعطيهِ ما يحتاجُه الآن، وتصرفُ الباقيَ إلى غيرِه من الفقراء".

سؤالٌ آخرُ: بعضُ الفقراءِ إذا أعطيتُه مالاً أفسدَه، فهل يجوزُ أن أشتريَ له بالزكاةِ حاجتَه؟

والجوابُ: أن ذلك لا يجوزُ إلا بتوكيلٍ من الفقير، لكن لك أن تقولَ له: اشترِ حاجتَك من السوقِ، ثم توفيَ عنه من الزكاة.

ما القولُ فيما يفعلُه بعضُ الناسِ من تجزئةِ زكاتهِ إلى مبالغَ قليلةٍ، كمائةٍ أو مائتينِ لمن يَعولُ أسرةً ببيتٍ مستأجرٍ -مثلاً-؟

الجوابُ: أهلُ العلمِ يقولون: يُعطَى الفقيرُ والمسكينُ تمامَ كفايتِهما، مع عائلتِهما سنةً كاملة، فالتجزئةُ تنافيْ هذا.

هل يُعطَى فقيرٌ لزواجهِ، أو طالبُ علمٍ فقيرٍ؛ ليشتريَ كُتبًا لدراستهِ، أو مَن له راتبٌ لا يكفيهِ وعائلتَه من الزكاةِ ما يُكَمِّلُ كفايتَهم؟

الجوابُ: نعم؛ يُعطَون..

ما حكمُ أخذِ الزكاةِ وطلبِها من التجارِ؟

مَن كان له كفايةٌ فلا يجوزُ له، وليخوِّفْ آخذُها نفسَه بقولِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ".

ما الأفضلُ في دفعِ الزكاةِ: للفقيرِ البعيدِ الأشدِّ حاجةً، أو القريبِ المستحقِ الأقلِّ حاجةً؟

القريبُ المستحقُ الأقلُ حاجةً هو الأفضلُ؛ لأن النبيَ -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصدقةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ" وقد تقتضيْ المصلحةُ تقديمَ البعيدِ الأشدِّ حاجة.

إذا اجتهدَ صاحبُ الزكاة، فدفَعَها لمن يظنُّ أنه من أهلِها، فتبينَ بخلافِه؛ فهل تجزِؤه؟

الجوابُ: نعم تجزؤه؛ لأنه اتقى اللهَ ما استطاع".

فأدوا زكاةَ أموالكم، وطِيبُوا بها نفسًا؛ فإنها غُنْمٌ لا غُرمٌ، وسلُوا اللهَ القبولَ لما أنفقتم، والبركةَ فيما أبقيتم. واجتهدوا أن تقعَ في مَحلِّها؛ لتُقْبَلَ منكم، ولتُبْرِئوا ذممَكم، وتُطَهِّروا أموالَكم، وتُنَفِّذوا أمرَ ربكم.

الخطبة الثانية:

هل أنتَ مشتاقٌ لقدومِ رمضانَ؟ شوقُك هذا عبادةٌ، فاحتسِبْها لتؤجرَ عليها.

أتنتظرُ رمضانَ حتى تتزودَ من الأعمالِ الصالحة؟ لا تنتظرْ، لا تنتظرْ.. إنها لحياةٌ طويلةٌ إن أنتَ انتظرتَ!

ألا أدلكَ على عملٍ صالحٍ يَعدِل صلاةً في ليلةِ القدرِ من رمضانَ؟!

إنها سنةٌ عظيمةٌ مهجورةٌ، إنها أربعُ ركعاتٍ بعدَ العشاءِ بتسليمةٍ واحدةٍ، وتشهدٍ واحدٍ، يعدلْنَ أربعَ ركعاتٍ من ليلةِ القدر، قالت عائشةُ وعبدُ الله بنُ عمروٍ وابنُ مسعودٍ: "مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ، لاَ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ: عُدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ" قال الألبانيُّ: "وهذا إسنادٌ صحيحٌ جدًا".

وهؤلاء الصحابةُ الثلاثةُ لا يمكنُ أن يقولوا هذا برأيِهم واجتهادِهم، وإنما سمعوهُ جَزْمًا منَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

وفَعلَه مِنَ التابعينَ: عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَابْنُ الْأَسْوَدِ وَمُجَاهِدٌ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ".

وصفتُها: أن تصلِّيَ أربعَ ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدةٍ بدونِ تشهدٍ أولٍ.

وهذه الأربعُ ليستْ من السننِ الرواتبِ، ولا من قيامِ الليلِ بالمعنى الخاصِ، وإنما هي نفلٌ مطلقٌ، ويستحبُّ أن يداوِم عليها؛ حتى يظفرَ بهذا الأجرِ العظيمِ.

اللهم يمِّنْ كتابَنا، ويسِّرْ حسابَنا، وثقِّلْ موازينَنا، وحقِّقْ إيمانَنا، وثبِّتْ على الصراط أقدامَنا، وأقرَّ برؤيتِك يومَ القيامةِ عيونَنا، واجعلْ خيرَ أعمالنا آخرَها، وخيرَ أيامنا يومَ لقاك.

اللهم لا تجعلْ بينَنا وبينَك في رزقنا أحدًا سواكَ، واجعلنا أغنى خلقِك بك، وأفقرَ عبادِك إليكَ.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي