الصلاة وصفتها

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
عناصر الخطبة
  1. صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم .

اقتباس

الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد التوحيد، وفي هذه الخطبة أورد كلمات موجزة في بيان صفة الصلاة مقتبسة من كتب بعض أهل العلم، ومُلَخِّصَةً لصفة صلاة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ ليجتهد...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عباد الله: إنَّ للصلاةِ من المنزلةِ والمكانةِ في الإسلام ما يعلمُهُ الخاصُّ والعام، وإنَّ لِمَنْ أقامها وأحسنَ أداءها من الأجر والفضل والإكرام ما أخبرنا به النبي عليه الصلاة وأزكى السلام، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ العبدَ لَيُصَلِي الصلاةَ مَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلاَّ عُشْرُها، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا"، وإن ذلك يختلف -زيادةً ونقصًا- بنسبة قربها أو بعدها من صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد التوحيد.

وسنورد في خطبتنا كلمات موجزة في بيان صفة الصلاة مقتبسة من كتب بعض أهل العلم، ومُلَخِّصَةً لصفة صلاة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ ليجتهد كل مسلم ومسلمة في التأسِّي والاقتداء به؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "صلُّوا كما رأيتموني أصلي".

يبدأ المسلم بإسباغ الوضوء وإتمامه، ثم يتوجه المصلي لصلاته التي يريدها فرضًا أو نفلاً، ويتجه إلى القبلة -وهي الكعبة- أينما كان بجميع بدنه، قاصدًا بقلبه فعل الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة، ولا ينطق بلسانه بالنية؛ لأن النطق باللسان غير مشروع.

ويجب على المصلي أن يكبر تكبيرة الإحرام قائلاً: الله أكبر، ناظرًا ببصره إلى محل السجود، رافعًا كفيه عند التكبير حذو منكبيه أو إلى حيال أذنيه، مستقبلاً براحة الكفين القبلة، وهكذا في كل رفع لليدين.

ثم يضع يديه على صدره، اليمنى على ظهر كفه الأيسر والرسغ والساعد، لثبوت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ومن السنة أن يقرأ المصلي دعاء الاستفتاح وهو: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد"(رواه البخاري).

وإن شاء قال بدلاً من ذلك: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك"(رواه أبو داود والحاكم).

وإن أتى بغيرهما من الاستفتاحات الثابتة عن النبي فلا بأس، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة؛ لأن ذلك أكمل في الاتباع.

ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ويقرأ سورة الفاتحة؛ لقول الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، ويقول بعدها: آمين؛ جهرًا في الصلاة الجهرية، وسرًّا في الصلاة السرية، ثم يقرأ ما تيسر له من القرآن.

ثم يركع مكبرًا رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه، وعليه أن يطمئن في ركوعه ويقول: سبحان ربي العظيم، أو يزيد عليها: وبحمده، والأفضل أن يكررها ثلاثًا أو أكثر، ويستحب أن يقول مع ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي.

ثم يرفع رأسه من الركوع رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً: سمع الله لمن حمده إن كان إمامًا أو منفردًا، ويقول حال قيامه: ربنا لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيءٍ بعد.

وينبغي ملاحظة المصلي لاعتداله التام في القيام بعد الرفع من الركوع، وكذلك الرفع من السجود للجلسة بين السجدتين حتى ترجع عظام الفقرات في اعتدال للظهر وطمأنينة في الفعل؛ لأن بعض المصلين ينقر صلاته ويسرع فيها خاصة في الرفع من الركوع والسجود والانتقال إلى الركن الذي بعد ذلك بسرعة متناهية.

ثم يسجد مكبّرًا واضعًا ركبتيه قبل يديه إذا تيسّر له ذلك، فإن شقّ عليه قدّم يديه قبل ركبتيه مستقبلاً بأصابع يديه ورجليه القبلة، ويكون على أعضائه السبعة؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم"، وفي رواية: "على سبع: الجبهة مع الأنف واليدين والركبتين والقدمين".

والأعضاء السبعة هي: الجبهة مع الأنف، وراحة الكفين، والركبتان، وبطون أصابع الرجلين.

وينبغي للمصلي أن يجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويرفع ذراعيه عن الأرض.

ويقول في السجود: سبحان ربي الأعلى، أو يزيد عليها: وبحمده، ويُسنّ أن يقول ذلك ثلاثًا أو أكثر، ويستحبّ أن يقول مع ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، ويكثر من الدعاء لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أما الركوع فعظّموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء؛ فَقَمِنٌ أن يُستجاب لكم"، ويسأل الله من خير الدنيا والآخرة، سواء أكانت الصلاة فرضًا أم نفلاً.

ثم يرفع رأسه مكبرًا، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى ويضع يديه على فخذيه وركبتيه ويقول: رب اغفر لي وارحمني، واهدني وارزقني، وعافني واجبرني، ويطمئن في هذا الجلوس.

ثم يسجد المصلي السجدة الثانية مكبرًا، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى.

ثم يرفع رأسه مكبرًا قائمًا إلى الركعة الثانية معتمدًا على ركبتيه إن تيسر له ذلك، وإن شقّ عليه اعتمد على الأرض بوضع يديه عليها، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسَّر له من القرآن بعد الفاتحة، ثم يفعل كما فعل في الركعة الأولى.

فإذا كانت الصلاة ثنائية -أي: ركعتين- كصلاة الفجر والجمعة والعيد، جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصبًا رجله اليمنى مفترشًا رجله اليسرى، واضعًا يده اليمنى على فخذه الأيمن، قابضًا أصابعه كلها إلا السبابة ليشير بها إلى التوحيد في التشهد، وإن قبض الخنصر والبنصر من يده وحلّق إبهامها مع الوسطى وأشار بالسبابة فحسنٌ لثبوت الصفتين عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة.

ويضع يده اليسرى على فخذه الأيسر وركبته، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس وهو: "التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"، ثم يقول: "اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد".

ثم يستعيذ بالله من أربع فيقول: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجّال"، ثم يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة، فإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس، لعموم قول النبي في حديث ابن مسعود لما علّمه التشهد: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو"، وفي لفظ آخر: "ثم ليختر من المسألة ما شاء"، وهذا يعمّ جميع ما ينفع العبد في الدنيا والآخرة.

ثم يسلم عن يمينه وشماله قائلاً: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد:

عباد الله: وإن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء يقرأ التشهد المذكور آنفًا مع الصلاة على النبي من غير الدعاء الأخير، ثم ينهض قائمًا معتمدًا على ركبتيه رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً: الله أكبر، ويضعهما -أي: يديه- على صدره كما تقدم، ويقرأ الفاتحة فقط، وإن قرأ في الثالثة والرابعة زيادة عن الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس؛ لثبوت ما يدلّ على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أيها الإخوة: في الجلوس بعد الركعة الثالثة من المغرب وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء يجلس كجلسته في الثانية من حيث الصفة، وأحيانًا يتورك أي: يعتمد على وركه أي: فخذه الأيسر مخرجًا قدمه اليسرى من تحت قدمه اليمنى وجهة القدم، ويتشهد كما تقدم في الصلاة الثنائية، يقرأ التشهد مع الصلاة على النبي والاستعاذة بالله من الأربع الواردة في الحديث، ثم الدعاء وسؤال الله بما يختاره المصلي ويريده، ثم يسلّم عن يمينه وعن شماله.

هذا ملخص لصفة الصلاة، ولم أورد الأدلة على كل قول أو فعل؛ لأن خطبة الجمعة لا تحتمل الإطالة.

اللهم فقهنا في ديننا، وزدنا علمًا وأعمالاً خالصة متقبلة يا رب العالمين.

هذا؛ وصلوا وسلموا على رسول الله...

المصدر: صفة الصلاة وما يتعلق بها للشيخ سعد بن عبد الله العجمة الغامدي


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي