وأعظمنا فرحاً بالعيد هو ذلك المجتهد في رمضان المسابق فيه إلى الخيرات، فهنيئاً للمسابق الذي قام جميع ليالي رمضان واجتهد مزيداً في ليالي العشر الأواخر، وهنيئاً لمن ختم فيه القرآن كل ليلتين أو ثلاث مرة، هنيئاً لمن فرَّج فيه كربة أو أدخل سروراً على محزون أو أعان محتاجاً أو تصدَّق على فقير أو مسكين،..
الحمد لله على إتمام صيام رمضان وقيامه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.
أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله وتوبوا إليه واستغفروه.
معاشر المسلمين: إنَّ البهجة والسرور ترتسم على الوجوه في العيد، ذلك أنَّه يومُ فرح، يفرح فيه المؤمنون على إتمام صيام رمضان وقيامه، وأعظمنا فرحاً بالعيد هو ذلك المجتهد في رمضان المسابق فيه إلى الخيرات، فهنيئاً للمسابق الذي قام جميع ليالي رمضان واجتهد مزيداً في ليالي العشر الأواخر، وهنيئاً لمن ختم فيه القرآن كل ليلتين أو ثلاث مرة، هنيئاً لمن فرَّج فيه كربة أو أدخل سروراً على محزون أو أعان محتاجاً أو تصدَّق على فقير أو مسكين، وهنيئاً لذلك الذي أحسن إلى الناس فيه، وخالقهم بالخلق الحسن.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
معاشر المسلمين: إنَّ من صفة أهل الإيمان أنَّ أحدهم يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فهم كالجسد الواحد، بعضهم أولياء بعض في المحبة والموالاة والانتماء والنصرة؛ قال -تعالى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[التوبة:71] (تفسير السعدي ص: 344).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"(أخرجه مسلم).
ومن صفات المؤمنين والمؤمنات أنَّهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ"(أخرجه مسلم).
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.
معاشر المسلمين: في العيد يتواصل الناس فيما بينهم زيارةً واتصالاً، ويهنئُ بعضهم بعضاً بعيدهم ويدعو بعضهم لبعض بقبول العمل الصالح، تعلو البشاشة وجوههم وهم في مصافحتهم تقترب نفوسهم من بعضهم، مما يقوِّي أواصر الترابط والمحبَّة في المجتمع، وإنَّ الموفق منهم كلَّ التوفيق، ذلك الذي صفَّى قلبه على أخيه، ولم يجعل فيه موضعاً للسخيمة ولا للبغضاء والشحناء، ولقد كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: "واسلل سخيمة قلبي"(أخرجه الترمذي وصححه الألباني)؛ "أيْ: غِشَّهُ وَغِلَّهُ وَحِقْدَهُ وَحَسَدَهُ وَنَحْوَهَا مِمَّا يَنْشَأُ من الصدر ويسكن في القلب من مساوئ الأخلاق"(ينظر عون المعبود وحاشية ابن القيم 4/ 264).
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله: إنَّ كثرة الفتن وتلاطم أمواجها مزلَّةٌ مدحضة، لا يسلم منها إلا المتمسِّك بدينه الذي يملك زمام لسانه، فلم يخض في الفتن مع الخائضين، لسانه لا يقول إلا خيراً أو يصمت، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"(أخرجه البخاري).
إنَّ الواجب على المؤمن والمؤمنة حفظ اللسان عن القول المحرم من الكذب والغيبة والنميمة والبهتان وقول الزور، فكم من كلمة سبَّبت خلافاً، وفرَّقت بعد ائتلاف، وأحدثت خصومة بعد توافق، وجلبت بغضاً بعد محبَّة، وإنَّ مما ينبغي للمؤمن على المؤمن أن يخاطبه بالقول الحسن، قال -تعالى-: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا)[الإسراء: 53] قال الإمام السعدي -رحمه الله-: "القول الحسن داعٍ لكل خُلقٍ جميلٍ وعملٍ صالح، فإنَّ من ملك لسانه ملك جميع أمره"(تفسير السعدي ص: 460).
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.
معاشر المسلمين: أدوا زكاة أموالكم لمستحقِّها وحافظوا على الصلاة جماعة في المسجد قال تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)[البقرة:238]؛ قال الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله-: "أي: واظبوا على الصلوات المكتوبات في أوقاتهن، وتعاهدوهنَّ والزَمُوهنَّ، وعلى الصلاة الوسطى منهنَّ"(تفسير الطبري 5/ 167). وعلى الآباء والأمهات أن يأمروا أبناءهم بالصلاة في المساجد ويأمروا بناتهم بالصلاة في أوقاتها بلا تأخير لها.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: إنَّ العناية بتربية الأبناء وتقوية الوازع الديني في نفوسهم ووعظهم وإرشادهم من أهم الواجبات على الوالدين لأبنائهم وبناتهم، بتعاهدهم بالنصيحة وحسن التوجيه مع أهمية الرفق والحلم والصبر في ذلك، مع الدعاء لهم بالصلاح، وكذلك فعلى الأبناء والبنات البر بآبائهم وأمهاتهم وخدمتهم وإدخال السرور عليهم وعدم مخالفتهم مالم يأمروا بمعصية، ولتعلموا أنَّ البر بالوالدين من أعظم الأعمال الصالحة فجدُّوا واجتهدوا في ذلك.
معاشر المسلمين: صِلوا أرحامكم وأحسنوا إلى جيرانكم فإنَّكم بذلك مأمورون وعن القطيعة والإيذاء منهيون.
شباب الإسلام: احذروا الشائعات والأفكار المنحرفة والمناهج المخالفة التي ترمي بشررها فتناً كقطع الليل المظلم، ولا يُعصم منها إلا من تمسَّك بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وإنَّ من الفتن التي عمَّ شرُّها وعظُم خطرها فتنة الخروج على الولاة، فكم جرَّت من حروب ودمار وفساد وإفساد، والواجب طاعة ولي أمر المسلمين ما لم يأمر بمعصية، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي"(أخرجه الشيخان)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ، إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً"(أخرجه الشيخان) وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ"(أخرجه مسلم).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.
أمَّا بعد: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)[آل عمران:102، 103].
عباد الله: أظهروا فرحكم بالعيد، فرحٌ لا يتجاوز الحلال إلى الحرام، افرحوا فرحاً لا معصية فيه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ)[المائدة:2]، واحفظوا حقوق أمهاتكم وزوجاتكم وأخواتكم وبناتكم، فإنَّ لكل منهم حقاً، عاملوهن برفق وأحسنوا إليهن؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي"(أخرجه الترمذي وصححه الألباني).
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيتها النساء: أطعن الله ورسوله، وأكثرن من الصدقة والاستغفار وقمن بواجب تربية الأبناء والبنات واحفظن حقوق الزوج فإنَّ حقه عظيم والبسن الساتر الواسع من الملابس والبسن الحجاب الكامل فإنَّه عزٌّ وكرامة، واحذرن من الاختلاط بالرجال الأجانب (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[الأحزاب: 33].
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]؛ اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وارض عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة والتابعين وعنا معهم بكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل بلدنا أمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك.
اللهم أصلح ولي أمرنا وولي عهده وارزقهما بطانة صالحة ناصحة وأبعد عنهما بطانة السوء وأرهما الحق حقاً وارزقهما اتباعه وأرهما الباطل باطلاً وارزقهما اجتنابه اللهم أصلح أحوال المسلمين وول عليهم خيارهم واكفهم شرارهم اللهم أطفئ نيران الفتن والحروب في بلدان المسلمين.
اللهم عليك بأعداء الدين الذين يحاربون دينك ويكذبون رسلك مزقهم وزلزلهم واشدد وطأتك عليهم وخالف بين قلوبهم واجعل بأسهم بينهم وصُبَّ عليهم العذاب صبَّاً.
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود وانصر قوات التحالف العربي وأهلنا في اليمن ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على أعداء الدين اللهم عليك بالحوثيين ومن يعاونهم يا هازم الأحزاب اهزمهم بقوتك يا قوي يا عزيز.
ربنا اغفر لنا ولوالدين وللمؤمنين وأصلح لنا ديننا ودنيانا وآخرتنا وأصلح نساءنا وشبابنا وتقبل صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا وارزقنا الإخلاص في القول والعمل وأعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات:180-182].
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي