إن أفضل العبادات ما كان فيها الانكسار والذل والخضوع لله هو المسيطر على العابد، ولا يتحقق ذلك إلا بالخشوع؛ ولذلك كان الخشوع ذا أهمية كبيرة، ومنزلة عظمى، ومما يدل على أهميته أن الله -جل وعلا- قد امتدح...
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب:70-71]، أما بعد:
أيها المسلمون: إن أفضل العبادات ما كان فيها الانكسار والذل والخضوع من العبد لله سبحانه، ولا يتحقق ذلك إلا بالخشوع؛ ولذلك كان الخشوع ذا أهمية كبيرة، ومنزلة عظمى، ومما يدل على أهميته أن الله -جل وعلا- قد امتدح الخاشعين المخبتين له، والمنكسرين لعظمته، الخاضعين له في آيات كثيرة، فقال تعالى: (وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً)[الإسراء:109]، وقال: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)[الأنبياء:90].
والخشوع -أيها المؤمنون- معناه: الخضوع والسكون، قال الله -تعالى-: (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا)[طه:108]؛ أي: سكنت.
وهو أيضًا: قيام القلب بين يدي الرب، وخضوعه وخوفه وذله، ولينُه ورقتُه، وسكونُه وانكسارُه وحرقتُه، وكل هذه الألفاظ والمعاني تدل على أنه شيء يقوم بالنفس يظهر عنه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة.
عباد الله: إن مما يدل على أهميته أنه يسهل فعل الصلاة ويحببها إلى النفس، قال تعالى: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ)[البقرة:45]؛ أي: فإنها سهلة عليهم خفيفة؛ لأن الخشوع، وخشية الله، ورجاء ما عنده؛ يوجب للعبد فعلها منشرحًا بها صدره، لترقبه للثواب، وخشيته من العقاب.
بل جعل -سبحانه وتعالى- الخشوع صفة من صفات أهل الفلاح من المؤمنين؛ فقال -جل ذكره-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)[المؤمنون:1-2].
والخشوع سبب مهم لقبول الصلاة التي هي أعظم أركان الدين بعد الشهادتين، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن العبد لينصرف من صلاته، ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها، إلا خمسها، إلا سدسها، إلا سبعها، إلا ثمنها، إلا تسعها، إلا عشرها"(حسنه الألباني).
وعن سعيد بن العاص قال: كنتُ عندَ عثمان -رضي اللهُ عنه-، فدعا بطهورٍ فقالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "ما من امرئٍ مسلمٍ تحضرهُ صلاةٌ مكتوبةٌ فيحسنُ وضوءهَا، وخشوعها وركوعها، إلَّا كانتْ كفارةً لِمَا قبلها من الذنوبِ ما لم يأتِ كبِيرَةً -أي: ما لم يعملها- وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ"(رواه مسلم)؛ أي: أن تكفير الذنوب بسبب الخشوع في الصلاة مستمر في جميع الأزمان لا يختص بزمان دون زمان.
ولما كان الخشوع صفه يمتدح الله -عز وجل- بها عباده المؤمنين، ويتعلق به قبول العبادة والصلاة؛ كان ذلك دالًا على فضله ومكانته وأهميته، ودالًا على حب الله الأهل الخشوع والخضوع؛ لأن الله لا يمدح بشيء إلا وهو يحبه ويحب من يتعبده به -تبارك وتعالى-.
والخشوع محله القلب، ولكن يظهر التعبير عنه بالجوارح؛ فمتى ما اجتمع في القلب صدق المحبة لله، والأنس به، واستشعار قربه، واليقين في ألوهيته وربوبيته، وحاجته وفقره إليه؛ أورث الله الخشوع للعبد، وأذاقه لذته ونعيمه، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)[العنكبوت:69].
فإذا خشع القلبُ تبعه خشوعُ جميعِ الجوارحِ والأعضاءِ؛ لأنها تابعةٌ له، كما قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ"(متفق عليه).
وإذا خشعَ القلبُ خشع السمعُ والبصر، والرأس والوجه، وسائر الأعضاء، وما ينشأ منها حتى الكلام؛ لهذا كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رُكُوعِهِ يَقُول: "... خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي، وَلَحْمِي وَدَمِي، وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي"(رواه مسلم).
معشر المؤمنين: قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بأن الخشوع في الصلاة واجب على كل مصلّ، ويدل على وجوبه قول الله -جل وعلا-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)[المؤمنون:1-2].
ومعلوم أن عدم الخشوع في الصلاة يقلِّل من أجر العبد، ويُضعِف ثمراتِ الصلاة، قال ابن القيم -رحمه الله-: "وفَوتُ الخشوع في الصلاة، وحضور القلب فيها بين يدي الرب -تبارك وتعالى-، الذي هو روحها، ولُبُّها، فصلاةٌ بلا خشوعٍ، ولا حضور كبدنٍ ميِّتٍ لا روح فيه، أفلا يستحي العبد أن يُهديَ إلى مخلوقٍ مثله عبداً ميِّتاً، أو جارية ميِّتة؟! فما ظن هذا العبد أن تقع تلك الهدية ممن قصده بها: من ملكٍ، أو أميرٍ، أو غيره؟ فهكذا؛ سواء الصلاة الخالية عن الخشوع، وجمع الهمة على الله -تعالى- فيها، بمنزلة هذا العبد -أو الأمة- الميِّت الذي يريد إهداءه إلى بعض الملوك".
عباد الله: الخشوع في الصلاة لا يحصل إلا لمن فرغ قلبَه للصلاة، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، وقد ذكر الله -تعالى- الخاشعين والخاشعات في عباده الأخيار بقوله: (أَعَدَّ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الأحزاب:35].
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ -رحمه الله-: "كَانَ الْعُلَمَاءُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ فِي الصَّلَاةِ يَهَابُ الرَّحْمَنَ أَنْ يشدَّ بَصَرُهُ، أَوْ يَلْتَفِتُ، أَوْ يَعْبَثُ بِشَيْءٍ، أَوْ يُقَلِّبُ الْحَصَى، أَوْ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ مِنْ شَأْنِ الدُّنْيَا إِلَّا نَاسِيًا مَا دَاَمَ فِي صَلاَتِهِ".
فالخشوع إنما هو من توفيق الله، يوفق إليه الصادقين في عبادته، المخلصين المخبتين له، العاملين بأمره والمنتهين بنهيه؛ فمن لم يخشع قلبه بالخضوع لأوامر الله خارج الصلاة، لن يذوق لذة الخشوع داخلها، ولن تذرف عيناه الدموع لقسوة قلبه وبعده عن ربه، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)[العنكبوت:45].
ومفهوم المخالفة لهذه الآية: أن الذي لم تنهه صلاته عن المنكر لا يعرف إلى الخشوع سبيلًا، ومن كان حاله كذلك فإنه وإن صلى لا يقيم الصلاة كما أمر الله، قال تعالى: (اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ)[البقرة:45].
أيها الإخوة المؤمنون: إن للتقصير في الصلاةِ مظاهر تسبِّبُ عدمَ الخشوع فيها، ومن أهمّها وأعظمها:
العجلة في الصلاة، وعدمُ الطمأنينةِ فيها.. والطمأنينةُ: هي التمهلُ والاستقرار بقدر القول الواجب في الركعة، وقد عَدَّ الرسولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المستعجلَ في صلاته أشد الناسِ سرقهً؛ فَقَالَ: "أَيُّ السَّرِقَةِ تَعُدُّونَ أَقْبَحُ؟ فَقَالُوا: الرَّجُلُ يَسْرِقُ مِنْ أَخِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أَقْبَحَ السَّرِقَةِ، الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ، قَالُوا: كَيْفَ يَسْرِقُ أَحَدُنَا صَلَاتَهُ؟ قَالَ: لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا، وَلَا سُجُودَهَا، وَلَا خُشُوعَهَا"(رواه أحمد وهو حديث صحيح).
وأشدُ من ذلك قَوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى صَلَاةِ رَجُلٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ بَيْنَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ"(رواه أحمد وصححه الألباني).
ومن أسباب ذهاب الخشوع: الالتفاتُ في الصلاة، وهو سرقةٌ أيضًا يسترقها الشيطان من صلاة العبد؛ فعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ، فَقَالَ: هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ العَبْدِ"(رواه البخاري).
وقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ -أي: في صلاته- مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ انْصَرَفَ عَنْهُ"(رواه ابن خزيمة والحاكم).
ومثل ذلك: رفعُ البصر إلى السماءِ في الصلاة؛ وهذا العمل ينافي الأدب مع الله؛ ولذلك كان حراماً، وحذر منه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تحذيراً بالغاً؛ فَقَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ -أي: في الإنكار على رفع البصر- حَتَّى قَالَ: لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ" أي: تعمى أبصارهم. (رواه البخاري).
وقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ" يعني: أبصارهم فيبقون بلا أبصار، (رواه مسلم).
قال النووي -رحمه الله-: "فيه النهيُ الأكيدُ والوعيدُ الشديد في ذلك، وقد نقل الإجماعَ في النهي عن ذلك".
فلنتجه إلى الله في الصلاة بقلوبنا قبل أجسامنا، ولنقبل عليه بكل جوارحنا حتى يقبل علينا، ويمتعنا بمتعة لقائه والوقوف بين يديه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
معاشر المؤمنين: قد يقول قائل: ما هي الأسباب التي تعين على الخشوعِ في الصلاة؟
وللجواب يقال: إن الأسباب المعينة على الخشوع في الصلاة كثيرة، ومن أهمها: البعدُ عن أسباب ذهاب الخشوع التي سبقَ ذكرها، والأخذُ بضدها من الطمأنينةِ، وقلةِ الحركةِ، وعدمِ الالتفاتِ يمينًا وشمالًا، وعدمِ رفع البصر إلى السماء، وقصرُ البصرِ على موضعِ السجود، وقد كان من هديه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قام إلى صلاته أن يطأطئ رأسه، وفي ذلك كله استكمالٌ للواجباتِ وبعدٌ عن المحرماتِ.
ومما يعين على الخشوع في الصلاة: استحضار العبد عند دخولِهِ في الصلاةِ أنه سيقفُ بين يدي ربِهِ وخالقه الذي يعلم سره ونجواه، ويعلم ما توسوسُ به نفسه، ويعلمُ أنه إذا أقبل على ربه أقبل الله عليه، وإن أعرض أعرضَ اللهُ عنه.
ومن أسباب الخشوع: استحضارُ المصلى معنى ما يقوله في صلاته؛ من تلاوة وذكر ودعاء، والإنصات إذا قرأ الإمامُ، والتأمل في معاني الآياتِ والتدبر فيها، وإذا تواردت الهواجس فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
ومن أعظمِ الأسباب المعينةِ على الخشوعِ: أداءُ الصلاةِ مع الجماعةِ، والسعيُ إليها مع الأذانِ، والمحافظةُ على الرواتبِ؛ لأن لها أثرًا كبيرًا في الإقبال على الصلوات المكتوبة وإتمامها.
قال عطاء بن السائب: أتينا إلى أبي عبدالرحمن السلمي، وهو مريض في مصلاه في المسجد، فإذا هو قد اشتد عليه الأمر، وقد بأت روحه تنزع، فأشفقنا عليه، وقلنا له: لو تحولت إلى الفراش؛ فإنه أوثر وأوطأ، فتحامل على نفسه وقال: حدثني فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال أحدكم في صلاة ما دام في مصلاه ينتظر الصلاة" فأنا أريد أن أقبض على ذلك؛ فمن أقام الصلاة، وصبر على طاعة مولاه ختم له برضاه.
ومن الأسباب المعينة على الخشوعِ: دعاء العبد ربه بفاقةٍ وافتقارٍ بأن يعينَه على إحسانِ العبادةِ، وسيستجيبُ له كما وعد فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)[غافر:60].
عباد الله: إذا فرَّغ العبد قلبه لله -تعالى- في صلاته حصل على ما ذكره النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في حديث عمرو بن عبسة السُّلمي -رضي الله عنه- الطويل، وفيه أنه قال بعد أن ذكر فضائل الوضوء: "فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ إِلاَّ انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"(رواه مسلم)، وهذا من أعظم ثمرات الخشوع في الصلاة.
ومن ثمراته: أنه يورث الخوف والرهبة من المولى -جل وعلا-، ويؤدي إلى خفض الجناح، وغض البصر، ولين القلب، وبه يتصف الإنسان ببعض صفات الأنبياء الكرام.
ومن أعظم فوائد الخشوع وثمراته: تكثير الأجر ومضاعفته، وأنه ينجي من العقوبة والعذاب الأليم، ويرفع صاحبه يوم القيامة ويدخله جنات النعيم.
نسأل الله أن يجعلنا من المحافظين على صلواتنا، والخاشعين فيها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
المصدر: خطبة روح الصلاة ولبها الخشوع؛ للشيخ عبد الله بن علي الطريف
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي