الذرية الصالحة

علي عبد الرحمن الحذيفي
عناصر الخطبة
  1. الذرية الصالحة من أعظم النعم .
  2. مسؤولية الآباء في تربية الأبناء .
  3. تربية الأبناء على توحيد الله تعالى .
  4. تربيتهم على الاقتداء بالنبي -عليه السلام- .
  5. تعليمهم مسائل الدين .
  6. التربية على بر الوالدين وتوقير الكبار .
  7. التربية على لزوم جماعة المسلمين .

اقتباس

ويجمع الواجبات والحقوق التي طوّقت أعناق الكل تجاه الشباب، يجمعها أن يُرَبَّوْا تربية متكاملة، وأن يحيط الجميع الناشئة بالرعاية والعناية، وأن يهيئ الجميع للأولاد سبل الخير والاستقامة والفلاح والنجاة في دينهم ودنياهم، ويمهدوا الطرق التي توصلهم إلى الغايات النافعة لهم ولمجتمعهم، وأن يكون الجميع سدًّا منيعًا بين الشباب وبين الانحراف الفكري، والهدم الخلقي، والرذيلة البغيضة، والاهتمامات التافهة، وجلساء السوء، والمخدرات المدمرة، والتأثير الإعلامي الضار بكل أنواعه ..

 

 

 

 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يهد الله فلا مضل له، ومَنْ يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيدنا محمدًا عبْدُه ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه صلاةً وسلامًا كثيرًا. 

أما بعد: فاتقوا الله الذي أمدكم بالنعم، اتقوا الله الذي أمدكم بالنعم، ودفع عنكم الشرور والنقم، فالفوز والعقبى للمتقين، والخسران والوبال للعاصين المعرضين.

أيها المسلمون: إن من أعظم النعم على العباد الذرية الصالحة التي تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتؤدي الحقوق التي أوجبها الله -تعالى- على الخلق للخلق، وقد امتن الله على عباده بالذرية فقال -عزّ وجل-: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ) [النحل: 72]، وقال -عز وجل-: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) [الشورى: 49 – 50]، وأثنى الله تعالى على مَنْ رغب إليه بالدعاء في طلب صالح الذرية من الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام– والمؤمنين فقال –تعالى- مخبرًا عن الخليل إبراهيم –عليه الصلاة والسلام-: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) [الصافات: 99 – 101]، وقال -تعالى- عن زكريا -عليه الصلاة والسلام-: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِياًّ مِّنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 38 – 39]، وقال –عز وجل- عن المؤمنين: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان: 74].

والذُّرِّيَّة نعمةٌ من الله تعالى من وجوه كثيرة:

من حيث إنَّ هذه الذرية تعبد الله لا تشرك به شيئًا؛ فإن الله -تعالى- لم يخلق الجن والإنس إلا لعبادته كما قال -عز وجل-: (وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56]، وصلاح الكون بعبادة الله وحده لا شريك له، وفساد الكون بالإعراض عن عبادة الله أو بالشرك به، والذرية نعمة من حيث إنها امتدادٌ لعمر الوالدين، وحاملة لصفاتهما وصفات أصولهما، وتجديد لذكرهما.

والذرية نعمة من الله -عز وجل- من حيث تعاقبهم على هذه الأرض، يعمرونها ويصلحونها على مقتضى الشرع الحنيف، ويهيئونها لاستخدامها لطاعة الله -عز وجل- والاستعانة بها على مرضاته وعلى عبادته، وقال –تعالى-: (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [يونس: 14]، وقال -عزّ وجل-: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ) [الأنعام: 165]، وقال –عز وجل-: (وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ) [الأعراف: 56].

والذرية نعمة من الله من حيث إنهم قوة للأمة، ينصرون الدين، ويحمون حوزة الإسلام من عدوان المعتدين وعبث العابثين والمفسدين، فإذا تبين لنا عظيم نعمة الله على العباد بعطائه الذرية، وتفضله -عز وجل- بالأولاد على الآباء والأمهات وجب شكر الله على نعمه الظاهرة والباطنة، ووجب القيام بحقوق الأولاد ورعاية مصالحهم، والعناية بتربيتهم تربية متكاملة؛ ليكونوا لبنات قوية صالحة في بناء مجتمعهم.

والواجبات والحقوق التي تخص الأولاد موزعة على الدولة وعلى المجتمع، وعلى المدرسة وعلى البيت؛ فكلٌّ عليه واجبات مسؤولٌ عنها أمام الله –تعالى- كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيته". رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.

ويجمع الواجبات والحقوق التي طوّقت أعناق الكل تجاه الشباب، يجمعها أن يُرَبَّوْا تربية متكاملة، وأن يحيط الجميع الناشئة بالرعاية والعناية، وأن يهيئ الجميع للأولاد سبل الخير والاستقامة والفلاح والنجاة في دينهم ودنياهم، ويمهدوا الطرق التي توصلهم إلى الغايات النافعة لهم ولمجتمعهم، وأن يكون الجميع سدًّا منيعًا بين الشباب وبين الانحراف الفكري، والهدم الخلقي، والرذيلة البغيضة، والاهتمامات التافهة، وجلساء السوء، والمخدرات المدمرة، والتأثير الإعلامي الضار بكل أنواعه، وأن يوجهوا إلى ما يتلاءم ويتوافق مع استعدادهم وقدراتهم، فكلٌ مُيَسَّرٌ لما خُلق له.

وإذا كانت الواجبات موزعة على كل فرد من أفراد المجتمع حسب مسؤوليته وموقعه نحو الأجيال الحاضرة والمستقبلة، فإن البيت عليه مسؤولية عظمى، والأسرة نواة المجتمع وحاضنة أفراده، ولها تأثير كبير على أعضائها.

وأول ما تجب العناية به: تربية الأولاد على عبادة الله وحده لا شريك له، وإقامة الصلاة؛ قال الله -تعالى- عن العبد الصالح لقمان الحكيم: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13]، وقال -تعالى- عن هذا العبد الصالح أيضًا: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [لقمان: 17 – 18]، وقد قصّ الله علينا وصيته في كتابه لنقتدي بذلك، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما– قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا غلام: إني أعلمك كلمات: احفظِ الله يحفظك، احفظِ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ، وجفَّت الصحف". رواه الترمذي. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع".

فإذا أُمر الشباب بعبادة الله –تعالى- وألِفُوها فازوا في أمورهم كلها، وفي الحديث: "سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه..."، ومنهم: "شابٌ نشأ في عبادة الله...". رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.

ومما تجب العناية به: تشويق الأولاد إلى الاقتداء بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وحثهم على الاهتداء بهديه، وغرس محبته في قلوبهم؛ فهو القدوة المُثْلَى في كل شيء كما قال –عز وجل-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21]، وعن أنس -رضي الله عنه– قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين". رواه الشيخان.

ومحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرضٌ واجبٌ، والناس يتفاضلون في هذه المحبة، وقد كان السلف الصالح يعلِّمون أولادهم سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يعلمونهم القرآن الكريم؛ فتأثيرها لا يخفى على كل أحد درسها وعلمها.

ومما تجب العناية به والاهتمام: أن يتعلم الشباب مسائل الدين بالأدلة من الكتاب والسنة؛ ليكونوا على بصيرة في دينهم، وليأخذوا الإسلام قناعةً وحبًّا ورغبةً، لا تقليدًا وعادةً وسطحيةً؛ قال الله –تعالى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ) [يوسف: 108].

وما ضرَّ شبابَ المسلمين إلا الجهلُ بالدين بالغلوِّ فيه أو التقصير فيه، والاعتصام بالكتاب والسنة يجمع الخير كله، وأفضل ما أُفنيت فيه الأعمار تعلم الكتاب والسنة.

ومما يجب العناية به: تربية الناشئة على بر الوالدين، وتوقير الكبير، ورحمة الصغير، والإحسان وحفظ الأمانات، ورعاية حقوق الخلق؛ قال الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [الإسراء: 23]، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: "رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين". وفي الحديث: "ليس منا مَنْ لم يوقر الكبير، ويرحم الصغير".

ومما يؤثر في التربية الصالحة: قراءة سيرة الصالحين من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وسماع وصايا الحكماء والعلماء، فمن الوصايا النافعة وصيةُ علي بن أبي طالب أمير المؤمنين -رضي الله عنه– وفيها: أوصيك -يا حسنُ وجميع ولدي وأهلي- بتقوى الله ربكم، ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، انظروا إلى أرحامكم فصِلُوها يهوِّن الله عليكم الحساب، اللهَ اللهَ في الأيتام فلا تعنوا أفواههم، ولا يضيعن بحضرتكم، والله الله في جيرانكم؛ فإنهم وصية نبيكم -صلى الله عليه وسلم- والله الله بالقرآن؛ فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم، والله الله بالصلاة؛ فإنها عمود دينكم، والله الله في بيت ربكم؛ فلا تخلوه ما بقيتم، والله الله بالزكاة؛ فإنها تطفئ غضب الرب، والله الله في أصحاب نبيكم؛ فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى بهم، الصلاة الصلاة، لا تخافن في الله لومة لائم يكفكم مَنْ أرادكم وبغى عليكم، وقولوا للناس حسنًا كما أمركم الله، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولَّى الأمر شراركم، ثم تدعون فلا يُستجاب لكم، وعليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق... إلى آخر وصيته -رضي الله عنه-، وهناك وصايا جامعة كثيرة أيضًا سيجدها من تتبعها.

ومما يجب الاهتمام به حثّ الناشئين على لزوم جماعة المسلمين وإمامهم؛ فإن يد الله على الجماعة، ومَنْ فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، ومن شذ شذ في النار، ومما يهتم به ويجب العناية به وتحصين الشباب به هو الزواج للذكور والإناث والسعي لتيسيره؛ فإنه أمان من الانحراف وبركة على المجتمع.

ومما يجب القيام به العناية بالمرأة بتربيتها على الأخلاق الإسلامية، والتمسك بالحجاب الذي أمر الله تعالى به وأمر به رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولزوم الحياء والعفة والستر؛ فإن المرأة إذا صلحت أصلح الله بها، وإذا فسدت فسد المجتمع، فإذا بذل الوالدان أسباب صلاح الذرية وأسعف قدر الله ووفق الرب –عزّ وجل- صارت الذرية خيرًا وبركة ونفعًا للمجتمع، وعملاً صالحًا بعد موت الوالدين؛ قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين.

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، أحمد ربي وأشكره على فضله المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي المتين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فاتَّقوا ربكم وعظموا أمره، واجتنبوا ما نهى عنه تحمدوا عواقب أموركم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

واعلموا أنكم تعيشون لآجال محدودة وأنفاس معدودة وكأنكم بالأجل وقد انقضى، والعمر وقد انطوى، فيا بشرى للقائمين بالواجبات، ويا حسرة المضيعين المتبعين للشهوات، وهذا وقت صالح الأعمال، وغدًا جزاء الرب على الأعمال، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فمن أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه". رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.

والله سائلكم عن الأمانات ومنها تربية الذرية التربية الشرعية، وتذكروا أنكم على الله قادمون، ولكم أعظم العبرة في الموتى الذين تشيعون؛ فإنهم سابقون وأنتم بهم لاحقون، وفي الحديث: "أكثروا من ذكر هاذم اللذات.

 

عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال -تبارك وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا"، فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وسلّم تسليمًا كثيرًا.

اللهم وارض عن الصحابة أجمعين، وعن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم وارض عنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
 

  

 

 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي