إن الأدواء التي في القلوب قد حالت بين المسلمين وبين التأثر بالقرآن والاهتداء به، فليس التأثر بالقرآن مجرد البكاء عند وعده ووعيده مع بقاء حال صاحبه على ما هو عليه من الغفلة والعصيان، ولكن التأثر الحقيقي بالقرآن هو التأثر الذي يقود إلى الاهتداء به والعمل بأحكامه، فبمجرد تلاوة آياته يأتمر بأوامره، ويجتنب نواهيه ولو خالفت مرغوب النفس ومشتهاها.. فمن منا يفعل ذلك؟!
الحمد لله العليم الخبير؛ هدانا للإسلام، وعلّمنا القرآن، وجعلنا من أمة الصيام والقيام؛ نحمده على جزيل عطائه، ونشكره على وافر إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ انحنت له جباه الكبراء ذلاًّ وتعظيمًا، ونصبت له أركان العباد محبّةً وخوفًا ورجاءً، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله؛ كان يقوم من الليل يرتل آيات القرآن حتى تتفطر قدماه الشريفتان، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعتبروا بما مضى من الشهر الكريم لما بقي منه؛ فقد طويت صحائف أيامه السابقة بما استودعها العباد من خيرٍ وشرٍّ، فهنيئًا للمشمّرين، وعزاءً للمقصرين: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه) [الزلزلة:7-8].
أيها الناس: شهر رمضان هو شهر القرآن، فيه أنزل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان جبريل -عليه السلام- يعارضه بالقرآن في كلّ رمضانٍ، حتى كان آخر رمضانٍ صامه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عارضه فيه جبريل بالقرآن مرتين.
وفي رمضان يقرع القرآن الأسماع في صلاة التراويح، وتتحرك به الشفاه آناء الليل وآناء النهار، ويحصل من الحفاوة بالقرآن في رمضان ما لا يحصل في غيره، والحمد لله الذي أبقى هذه السّنة الحسنة في المسلمين إلى يومنا هذا.
إن القرآن الكريم له أوصافٌ قد بثها الله تعالى في آياته، لو عقلها الناس وتدبّروها وعملوا بموجبها لصلحت قلوبهم، واستقامت أحوالهم، واجتمع لهم نعيم الدنيا والآخرة، ولكن هجران القرآن قراءةً وفهمًا وتدبرًا أدى إلى حرمان كثيرٍ من المسلمين من بركة القرآن ونفعه وهدايته.
إن أهم وصفٍ للقرآن، وأكثره ورودًا في آياته، كونه هدىً يهدي البشرية أفرادًا ودولاً وأممًا لما يصلحها في كل شؤونها.
ذلكم الوصف الرباني الذي قُرن بتاريخ نزول القرآن على النبي -صلى الله عليه وسلم-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة:185]، وهو أول وصفٍ يقرع الأسماع عند الابتداء في قراءته؛ ففي مطلع سورة البقرة: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة:2].
وهداية القرآن جامعةٌ للمصالح العاجلة والآجلة، ومحققةٌ لمنافع الدنيا والآخرة: فأما ما يتعلق بالآخرة فالقرآن عرّف العباد بربهم -سبحانه وتعالى-، ودلهم عليه، وبيّن لهم أفعاله وأسماءه وأوصافه، وكشف لهم ما يحتاجون إلى العلم به من الغيب الذي يدفعهم للإيمان والعمل الصالح، وفصّل لهم بداية خلقهم ونهايته، وأعلمهم بمصيرهم بعد موتهم، وأوضح لهم طريق السعادة ليسلكوه، وسبل الشقاء ليجتنبوها، وما ترك شيئًا من دينهم إلا هداهم إليه: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة:15-16].
وأما ما يتعلق بالدنيا ومعاملة الناس بعضهم لبعضٍ؛ فقد هدى القرآن فيها إلى أحسن السبل وأيسرها وأنفعها، في السياسة والاقتصاد والأخلاق والمطاعم والمشارب واللباس والعلاقات الأسرية والاجتماعية والدولية، في أحكامٍ تفصيليةٍ لبعضها، وقواعد عامةٍ تنتظم جميعها، فلا يقع المهتدي بالقرآن في تخبطات البشر، ولا يجرّ إلى أهوائهم: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء:9]، وقد جيء بصيغة التفضيل (أَقْوَمُ) لتدل على أنه لا يمكن أن يساوى مع غيره أبدًا، وذكرت الصفة (أَقْوَمُ) ولم يذكر موصوفٌ لإثبات عموم الهداية بالقرآن للتي هي أقوم في كل شيءٍ.
لقد تكرر وصف القرآن بأنه هدىً في آياتٍ كثيرةٍ: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة:2]، (هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) [النمل:2] (هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ) [لقمان:3]، (هُدًى وَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ) [غافر:54]، (وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل:102]، (هَذَا هُدًى) [الجاثيةٌ:11]... ومثلها آياتٌ كثيرةٌ، لكنّ الملاحظ فيها جميعًا أنّ وصف القرآن بالهداية لم يحدّد في مجالٍ معينٍ ولا زمانٍ معينٍ، ولم يذكر له معمولٌ، وإنما كان بهذا الإطلاق والعموم؛ ليدل على أنه هدىً في كل شيءٍ، وأن من اهتدى بالقرآن في أي مجالٍ من مجالات الدنيا والآخرة فإنه يُهدى للأصوب والأقوم والأحسن.
وأكثر ما جاء وصف القرآن بالهداية خُص به المؤمنون أو المتقون أو المحسنون؛ لأنهم قبلوا هداه، وعملوا بمقتضاه، وإلا فالأصل أن القرآن هدىً للناس جميعًا، لكنّ الكفار والمنافقين لمّا لم يرفعوا به رأسًا، واستبدلوا به غيره في الاهتداء لم ينتفعوا باطلاعهم عليه، ولا بقراءتهم لآياته: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) [فصلت:44]، وفي آيةٍ أخرى ذكر الله تعالى جملةً من أوصاف القرآن، وتأثيره في القلوب، ثم قال سبحانه: (ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر:23].
لقد هدى الله تعالى بالقرآن بشرًا كثيرًا في القديم والحديث، ولا زلنا نسمع كل يومٍ قصص المهتدين بالقرآن ممن سمعوه، أو وقع في أيديهم فقرؤوه، ومنهم من قصد قراءته لنقده والطعن فيه، وصرف الناس عنه، فكان من المهتدين به. وللمستشرقين والمثقفين الغربيين أعاجيب في ذلك.
وعددٌ من أئمة الشرك في الجاهلية اهتدوا بالقرآن فصاروا من أنصار الإسلام، ومن أعلام الصحابة، ومن كبار هذه الأمة.
وكم من عاصٍ لله -عز وجل- مسرفٍ على نفسه بالعصيان، مؤذٍ للناس؛ هدته آيةٌ أو آياتٌ للتوبة النصوح، فكان بهداية القرآن إمامًا من أئمة المسلمين، كما وقع للفضيل بن عياضٍ -رحمه الله تعالى-؛ إذ كان قبل توبته يمتهن قطع الطريق وترويع المسافرين، وسبب توبته أنه سمع تاليًا يتلو: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) [الحديد: 16]، فقال: "بلى يا رب قد آن، اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام".
وجاء عن ابن المبارك -رحمه الله تعالى- أنه كان في شبابه مولعًا بضرب العود، وأنه تاب بسبب هذه الآية أيضًا.
وأخبار المهتدين بالقرآن من عصاة المسلمين كثيرةٌ جدًّا.
ولم يكن الاهتداء بالقرآن خاصًّا بالإنس، وقد أنزل القرآن على واحدٍ منهم -صلى الله عليه وسلم-، وإنما اهتدى به الجن أيضًا؛ وذلك أنهم تسامعوا بنزول القرآن، فطلبوا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حتى أدركوه ببطن نخلٍ بين مكة والطائف وهو يقرأ سورة الرحمن، ولم يشعر بحضورهم، فأنصتوا لقراءته، وتأثروا وآمنوا ودعوا قومهم إلى الإيمان: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِي اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الأحقاف:29-32].
وجاء تفصيل مقولاتهم وأخبارهم وموقفهم من النبي -صلى الله عليه وسلم- في سورةٍ سميت بهم، افتتحت بقول الله تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) [الجن:1-2].
فتأملوا -يا معشر الإنس- مقولة إخوانكم من مؤمني الجن -رضي الله عنهم- حين اهتدوا بالقرآن، وأخبروا أنه يهدي إلى الرشد، ثم صاروا يأتون إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أرسالاً أرسالاً، يتلو عليهم القرآن فيهتدون بآياته، بل يطلبونه ليقرأ عليهم؛ حتى افتقده الصحابة -رضي الله عنهم- ذات ليلةٍ، فإذا هو عند الجن قد طلبوه يعلّمهم القرآن؛ كما روى ابن مسعودٍ -رضي الله عنه- قال: "كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلةٍ، ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير أو اغتيل، قال: فبتنا بشر ليلةٍ بات بها قومٌ، فلما أصبحنا إذا هو جاءٍ من قِبَل حراءٍ، قال: فقلنا: يا رسول الله: فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلةٍ بات بها قومٌ، فقال: "أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن". رواه مسلمٌ.
فلنهتدِ –عباد الله- بالقرآن، ونحن نستمع إلى ترتيله في هذه الليالي المباركات، ولنتدبر ما نقرأ وما نسمع: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [ص:29].
اللهم اهدنا بالقرآن، اللهم اشرح به صدورنا، وأصلح به أحوالنا، ويسر به أمورنا، اللهم طهر به قلوبنا، ونوّر به بصائرنا، وارزقنا لذة قراءته وتدبره والمناجاة به، ووفّقنا للعمل به. آمين يا رب العالمين.
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، نحمده كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه، ونشكره على نعمه وآلائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأسلموا له وجوهكم، وعلقوا به قلوبكم، وأحسنوا له أعمالكم، وألحّوا عليه في دعائكم: (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف:56].
أيها المسلمون: قد أخبرنا ربّنا -سبحانه وتعالى- بأنّ القرآن كتاب هدايةٍ، لا يضل من اهتدى به في أي أمرٍ من أمور الدين والدنيا، بل كرر علينا أنّ أعظم حكمةٍ لإنزال القرآن علينا إنما هي للاهتداء به، وكل وصفٍ مدح به القرآن فهو راجعٌ إلى أنه كتاب هدايةٍ يهدي للتي هي أقوم، وربّنا -سبحانه وتعالى- حين يخبرنا بذلك فهو -عز وجل- أعلم وأحكم وأصدق: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً) [النساء:122].
وإنما لم ينتفع كثيرٌ من المسلمين بالقرآن لأنهم لم يهتدوا به، وقدموا غيره عليه، واعتنوا بكلام بشرٍ مثلهم، وأهملوا كلام ربهم، فضلوا في كثيرٍ من شؤونهم السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنيّة والاجتماعية، وآل أمرهم إلى ما نرى من التشتت والتفرق والضّياع، واستبيحوا من أراذل الناس وشذاذ الآفاق، وتسلّط عليهم أعداء الداخل والخارج..
كلّ ذلك كان بسبب تركهم لهداية ربهم سبحانه، واتّباعهم لأهوائهم وأهواء غيرهم: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) [البقرة:120].
إن الأدواء التي في القلوب قد حالت بين المسلمين وبين التأثر بالقرآن والاهتداء به، فليس التأثر بالقرآن مجرد البكاء عند وعده ووعيده مع بقاء حال صاحبه على ما هو عليه من الغفلة والعصيان، ولكن التأثر الحقيقي بالقرآن هو التأثر الذي يقود إلى الاهتداء به والعمل بأحكامه، فبمجرد تلاوة آياته يأتمر بأوامره، ويجتنب نواهيه ولو خالفت مرغوب النفس ومشتهاها.. فمن منا يفعل ذلك؟!
وكما أن القرآن لا يمسه إلا المطهرون، فكذلك معانيه العظيمة لا تتلقفها ولا تفقهها ولا تتأثر بها إلا القلوب الطاهرة من أدران المعاصي، الخالصة من التعلق بغير الله تعالى..
فلنطهر قلوبنا في هذه الليالي الفاضلة من أدرانها، لتحسن تلقي آيات القرآن، فينتج عن ذلك اهتداؤنا به، وصلاح أحوالنا في العاجلة والآجلة، ولا سيما أننا مقبلون على عشر ليالٍ مباركاتٍ، بوركت بليلة القدر: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر:3-5]، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف كل العشر التماسًا لها، وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله". رواه الشيخان. وفي روايةٍ لمسلمٍ: "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره".
فأروا الله تعالى فيها من أنفسكم خيرًا، واجتهدوا فيها أكثر من اجتهادكم في غيرها، وحركوا قلوبكم بالقرآن؛ فلعل نفحةً من نفحات ربّنا سبحانه تزيل صدأ القلوب، فتهتدي بكلامه -عز وجل-: (هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [الجاثية:20].
اللهم صل على محمدٍ وآل محمدٍ...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي