وللشكر أركان ثلاثة، وهي: الأول: الاعتراف بالمنعم: ومعنى ذلك: أن تقر بقلبك وتوقن وتجزم أن الذي أسداك تلك النعمة وهو الله -عز وجل-، فلا يجوز أن تنسب النعمة إلى أحد من الناس، فقد يكونوا أسباباً لكن...
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد...
وبعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
قال الله -عز وجل-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[إبراهيم: 7] شكر الله -عز وجل- من مقامات العبادة التي يجب على المسلم القيام بها.
ومعنى الشكر: الاعتراف بنعمة المنعم على وجه الخضوع.
وقال ابن القيم: "الشكر ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناءً واعترافاً، وعلى قلبه شهوداً ومحبة، وعلى جوارحه انقياداً وطاعة".
وقيل: الشكر هو الثناء على المنعم بما أولاك من معروف.
وللشكر أركان ثلاثة، وهي:
الأول: الاعتراف بالمنعم: ومعنى ذلك: أن تقر بقلبك وتوقن وتجزم أن الذي أسداك تلك النعمة وهو الله -عز وجل-، فلا يجوز أن تنسب النعمة إلى أحد من الناس، فقد يكونوا أسباباً لكن صاحب الفضل الحقيقي هو الله -عز وجل-، وهو سبحانه وتعالى الذي سخر لك أشخاصاً حتى تحقق لك ما تريد.
ثم حتى يعلم المسلم نعم الله عليه لا تنظر إلى من هو أكثر منك في أي نعمة، بل تنظر إلى من هو أقل منك، حتى تعلم أن الله -عز وجل- فضلك على كثير من الناس، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهذا أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم"(صححه الألباني)، فكم من الناس لا يبصر وجعلك الله بصيراً، وهذه نعمة كم من الناس مقعد في المستشفى من سنوات وأنت تمشي على قدميك وفي بيتك وبين أولادك في خير وعافية؟
وكم من الناس ليس عنده قوت يومه وأنت لديك قوت يومك؟ وهكذا..
فانظر إلى من هو أقل منك حتى تعرف نعم الله عليك فتزيد شكرك لله -عز وجل-.
الثاني: من أركان الشكر: التحدث بالنعم باللسان، فتشكر الله -عز وجل- بلسانك دائماً، وخاصة إذا سألك أحد عن حالك وعن نعمة الله عليك، فلا تتذمر من نعم الله عليك، وتقول: فلان أحسن مني في النعم، بل قل: الحمد لله والشكر لله بقلبك وبلسانك.
الركن الثالث من أركان الشكر: أن تستخدم النعم في طاعة الله -عز وجل-، ولا تستخدمها في المعاصي، فإذا أكرمك الله بمال استخدمه في طاعة الله من زكاة وإنفاق، ولا تستخدمه في حرام ومعاصي، ومن رزقه الله ذرية عليه أن يربيهم على الدين.
وشكر الله -عز وجل- في الجوارح أن تستعملها في طاعة، فالعينين لا تنظر بها إلى حرام في التلفاز أو وسائل الإعلام الحديث أو الأسواق، فأنت قد عصيت في نعمة البصر؛ لأنك استخدمتها في حرام، وكذلك نعمة السمع لا تسمع بالأذنين إلا حلالاً، وهذا شكر لهذه النعمة، فإن استخدمتها في سماع الغيبة والنميمة والأغاني والمحرمات فأنت قد عصيت النعمة.
وهكذا اليدين والرجلين وغيرهما من هذه الجوارح.
عباد الله: من صفات المؤمنين: أنهم يشكرون في السراء ويصبرون في الضراء، أي البلاء، فقد بين في الحديث عن صهيب -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا لمؤمن أن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وأن أصابه ضراء صبر فكان خيراً له"(رواه مسلم).
ثم اعلموا أن الشكر سبب في رضا الله -عز وجل- عن الصابر: (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)[الزمر: 7].
والشكر أمان من العذاب: (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)[النساء: 147].
وسبب في حفظ النعم وزيادتها: (لئن شكرتم لأزيدنكم)[إبراهيم: 7].
نسأل الله أن يوقفنا لشكر نعمه ظاهرة وباطنة.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله، والصلاة على محمد...
وبعد: وإذا سألنا أنفسنا: كيف نكون شاكرين لله -عز وجل-؟
إن عليك -أخي المسلم- حتى تكون شكوراً لله -عز وجل- بأمور؛ منها:
أولا: تقوى الله -عز وجل-، والعمل بطاعته، قال تعالى: (فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[آل عمران: 123].
ثانيا: القناعة والرضا بما قسم الله لك، روي عنه صلى الله عليه وسلم: "كن قنعا تكن أشكر الناس".
ذهب رجل إلى أحد العلماء، وشكا فقره، فقال له العالم: أيسرك أنك أخرس ولك عشرة ألف درهم؟ قال الرجل: لا، فقال له العالم: أيسرك أنك أعمى ولك عشرة ألف درهم؟ قال الرجل: لا، فقال له العالم: أيسرك أنك مجنون ولك عشرة ألف درهم؟ فقال الرجل: لا، فقال له العالم: أيسرك أنك مقطوع اليدين والرجلين ولك عشرون ألف درهم؟ فقال الرجل: لا، فقال العالم: أما تستحي أن تشكر مولاك في فقرك وله عندك نعم بخمسين ألف، فعرف الرجل نعم الله عليه، وظل يشكر ربه، ويرضى بحاله، ولا يشتكي إلى أحد أبداً.
وعلينا أن نشكر الله، ونرضى بما قسم الله لنا.
وعلينا أن نهتم بصلاة الضحى؛ لأنها تكفي عن شكر المفاصل.
وأن نقول الدعاء: "اللهم أعن على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
وتقول: "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد والشكر" في الصباح والمساء.
نسأل أن يعينا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
ألا وصلوا وسلموا على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصبحه وسلم، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا ولوالدينا وجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وأقم الصلاة.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي