لقد كشَّرَ معمَّمو إيرانَ عن أنيابِهم، وبانتْ أحقادُهم، وعداوتُهم هذهِ لأهلِ السُّنَّةِ ليستْ لأمورٍ دنيويةٍ، أو لأجلِ مصالحَ سياسية فحسْبَ؛ وإنما هي عداوةٌ دينيةٌ لكلِّ مَنْ تَمَسَّكَ بالسُّنةِ.. وقد باتَ واضحًا أن الحركةَ الحوثيةَ ذراعٌ من أذرعةِ الدولةِ الصَّفَويةِ الباطنيةِ، وما همْ إلا خَدَمٌ في مَعبدِ الثَّورةِ الخُمينيةِ...
الحمدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَينا فَأَفْضَلَ، والَّذِي أَعْطَانا فَأَجْزَلَ، والحمدُ للهِ على الإيمانِ والأمانِ والقرآنِ، والحمدُ للهِ الذي أحيانَا بفضلهِ على الإسلامِ، ونحن ما سألْناه، وسيُدخلُنا الجنةَ برحمتهِ، وقدْ سألْناه. أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا هوَ الحقُّ المبينُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوثُ رحمةً للعالمينَ، صلى اللهُ وسلم عليه، وعلى الآلِ، والصحبِ، والتابعين إلى يومِ الدينِ، أمّا بعدُ: فالزادَ الزادَ التقوى.
لقدْ خصَّ اللهُ بلادَنا بخصائصَ عظيمةٍ، ومزايا جسيمةٍ، جعلَتْها تتبوأُ مكانةً ساميةً سامقةً لا تُضاهيْها ولا تُدانيْها بقعةٌ من بِقاعِ العالمِ أجمَعِ:
بلادي بلادٌ قد ضَجَّ فيها ******* نداءُ الحقِّ صَدَّاحًا وغنَّى
ودوَّى ثَمَّ بالسَّبعِ المَثاني***** شبابٌ كانَ للإسلامِ حِصْنا
أنها حَرَمُ الإسلامِ، ودارُه الأُولى، وستبقَى هذهِ البلادُ قاعدةَ الإسلامِ دائمًا؛ كما كانتْ قاعدتَه أولاً، ومَعقِلَ الإيمانِ آخِرًا؛ كما كانتْ سابقًا.
"وجديرٌ بمواطنَ عُمِرَتْ بالوحيِ والتنزيلِ، وتَردَّدَ بها جبريلُ وميكائيلُ، وضجَّتْ عَرصاتُها بالتقديسِ والتسبيحِ، وانتشرَ عنها مِنْ دينِ اللهِ وسنةِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم- ما انتشَرَ، مدارسُ آياتٍ، ومَساجدُ وصلواتٌ، ومَناسِكُ الدينِ، ومَشاعرُ المسلمينَ، ومَواقفُ سيدِ المرسَلينَ؛ حيثُ انفجرتْ النبوةُ، وفاضَ عُبابُها..-جديرٌ بتلكَ البقاعِ- أن تُعَظَّم عَرَصاتُها، وتُتَنَسَّمَ نَفَحاتُها"( الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض 2/131).
إذا تبينَ هذا -أيُّها المسلمونَ- فاعلَموا أن المعتدينَ علينا في بقيقٍ وخريصٍ لا يَستهدفونَنا لأجلِ نفطِنا، بل لأجلِ أننا سُنةٌ مُوحِّدونَ، وهمْ مشرِكونَ مُبتدِعونُ. وإنَّ شِعارَ أذنابِهمُ الحوثيينَ مطابقٌ لعقيدةِ الأسيادِ ملاليِّ إيرانَ الفاسدةِ ومخططاتِهم الحاقدةِ: الموتُ للموحدينَ من أهلِ السُّنةِ، الموتُ للسعوديةِ، والنصرُ لإيرانَ. قاتلهمُ اللهُ أنَّى يؤفَكونَ.
وأولئكَ القتلةُ الفجرةُ لن يَدَعوا مجالاً إلا انتهزُوهُ، ولا مَقتلاً إلا أصابُوه. إنهم يَحسدُونَنا على نعمةِ التوحيدِ والأمنِ والإيمانِ، وهم أهلُ الشركِ والقلاقلِ والعدوانِ، إضافةً إلى ما أفاءَ اللهُ به على هذهِ المملكةِ الطاهرةِ مما يُجبَى إليها من ثمراتِ كلِّ شيء، ومن البركاتِ والذهبِ الأسودِ، مما زادَ أحقادَهم، وأَشعَلَ الحسدَ في قلوبِهم: (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[آل عمران:119].
وقد باتَ واضحًا أن الحركةَ الحوثيةَ ذراعٌ من أذرعةِ الدولةِ الصَّفَويةِ الباطنيةِ، وما همْ إلا خَدَمٌ في مَعبدِ الثَّورةِ الخُمينيةِ. وقد أعلَنَتْ إيرانُ أن حمايةَ حوثيةِ اليمنِ مسئوليةٌ إيرانيةٌ. ولكنَّ اللهَ خيَّبَ آمالَهم وأذلَّهم.
تحالَفتِ الأفاعي والعقارِب *** وأجلَبَتِ الذئابُ مع الثعالب
لقد كشَّرَ معمَّمو إيرانَ عن أنيابِهم، وبانتْ أحقادُهم، وعداوتُهم هذهِ لأهلِ السُّنَّةِ ليستْ لأمورٍ دنيويةٍ، أو لأجلِ مصالحَ سياسية فحسْبَ؛ وإنما هي عداوةٌ دينيةٌ لكلِّ مَنْ تَمَسَّكَ بالسُّنةِ. وصَدَقَ اللهُ ومَنْ أصدَقُ مِن اللهِ قِيلاً: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)[البقرة:217].
وهذهِ الحادثةُ تُوجِبُ علينا مزيدَ الالتفافِ حولَ ولاةِ أمورِنا، وقطعِ الألسنِ المفرِّقةِ، وإسكاتِ الإشاعاتِ، مُفْشِينَ بينَنا وبينَ وُلاتِنا مبدأَ التعاونِ على البرِّ والتقوى، والتناهيْ عن الإثمِ والعدوانِ.
وبرَغْمِ ذلِكُم؛ فإليكُم هذه البُشرى مِن نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم- حيثُ قالَ: "إذا هلَكَ كِسرَى فلا كِسرَى بعدَه، وإذا هَلكَ قَيصرُ فلا قَيصرَ بعدَه، والذي نفسي بيده لتُنْفَقَنَّ كنوزُهما في سبيلِ الله"(رواه البخاري 3027، ومسلم 2918).
فهذه بُشرى الصادقِ المَصدوقِ لنا أنَّ ديارَ الإسلامِ ستبقَى في أيديْ المسلمينَ، وأنه لا سبيلَ لأعدائهِم من الفُرْسِ والرومِ عليها، ولنْ تقومَ لهم في ديارِنا قائمةٌ، ما تَمَسَّكْنا بدينِنا واجتمَعْنا تحتَ رايةِ قادةِ بلادِنا، فمملكتُنا مأرِزُ الإيمانِ، بحجازِها ونَجدِها وغَوْرِها وخليجِها، باقيةٌ بالإسلامِ وللإسلامِ -بإذنِ اللهِ تعالى-.
فيا أيُّها المُجاهدِون والمُرابطون على ثغورِ بلادِنا: هنيئًا لكم ما يَنتظرُكم منَ الأجورِ الوفيراتِ، والحسناتِ المُضاعَفاتِ، متى ما صَلُحتْ نِيَّاتُكم، وابتغيتُمْ بجهادِكم وجهَ اللهِ والدارَ الآخرةَ.
وما مِن شكٍ أنَّ ما يقومُ به جنودُنا الأُباةُ هو جهادٌ إسلاميٌّ لا مثيلَ له، كيفَ لا وهوَ في سبيلِ حمايةِ جزيرةِ الإسلامِ، ومهدِ الرسالةِ -على صاحِبِها أفضلُ الصلاةِ والتسليمِ-. كيفَ لا وهم يَسهَرُونَ لحفظِ الأعراضِ والأموالِ والأنفُسِ؟
عبادَ اللهِ: إنَّ علَينا التوبةُ إلى اللهِ جميعًا، والتمسكُ بدينِه القِيَمِ، فلا عصمةَ من فتنةٍ، ولا خروجَ من أزمةٍ إلا بذلكَ: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الأنعام:82]. وما وقعتِ الفتنُ، ولا المصائبُ، إلا بسببِ ذنوبِ العِبادِ، بلِ الصحابةُ قالَ ربُّنا لهمْ: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[آل عمران:165].
فاللهمَّ مُنزِلَ الكتابِ، ومجريَ السحابِ، وهازمَ الأحزابِ، اهزِمْ إيرانَ وأذنابَهم، وآخرينَ مِن دُونِهم لا نَعلمُهم، أنتَ تعلمُهم.
اللهم احفظْ بلادَنا من الشرورِ والأخطارِ. ومن مكرِ الماكرينَ وغدرِ الخائنينَ.
اللهم احفظْ علينا أمنَنا واستقرارَنا واجعلْنا شاكرينَ لنعمِك، مُثنينَ بها عليكَ قابِليْها.
اللهم احفَظْ ثرواتِنا وثمراتِنا، واقتصادَنا وعتادَنا.
اللهم مَنْ أرادَ هذهِ البلادَ بسوءٍ فاشغِلْه في نفسِه، ورُدَّ كيدَه في نحرِه، وأدِرْ عليهِ دائرةَ السَّوءِ يا ربَّ العالمينَ.
اللهم وفَّقْ وليَّ أمرِنا ووليَّ عهدِه لما تحبُّ وترضَى، وخُذْ بناصيتِهما للبرِّ والتقوى.
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، واكتبْ لهم نصرًا وتمكينًا، ورخاءً وعزةً وأمنًا، يا ذا الجلالِ والإكرامِ.
اللهم ثبِّت جنودَنا، وأيِّدْهُم بتأييدِكَ، وأنزِلِ السكينةَ عليهِم. اللهم سدِّد رميَهم، واربِطْ على قلوبِهم، اللهم كنْ معَهمْ ولا تكنْ عليهم، اللهم احفظهُم من كل سوءٍ ومكروهٍ.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.
وأقمِ الصلاةَ إن الصلاةَ تَنهَى عن الفحشاءِ والمنكرِ، ولَذِكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعونَ.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي